آخر تحديث :السبت 25 يناير 2025 - الساعة:00:06:06
رواية هند
(الامناء نت.خاص)

رواية هند
بقلم د. أحمد عبدالله القاضي

 قبل 2 شهر, 29 يوم

هذا المسلسل الروائي من الواقع اليمني " بطلته " المرأة الفاسدة الشريرة الانتهازية  النفعية التي تسللت الى المناصب العليا  في الادارة العامة للدولة من دون خبرة ولا كفاءه ولا نزاهة ولا نظافة يد وإنما فقط بفضل طول لسانها وقدرتها على "اللعلعه" والملاسنه والتنطط كالضفدعة بين دوائر الحكومة ودوائر القضاء  ومنازل كبار النافذين للاختلاط بنسائهم  لاحتياطات نفعية قد ربما تلجأ اليها ، وكذلك بفضل وبحسبة " الكوته " العمياء التي فرضتها الديمقراطية الهشة في اليمن ؛ بمشاركة المرأة في 30% من كل المناصب العليا للدولة وهذا رقم مبالغ فيه وفي بلد تتفشى فيه أمية المرأة بنسبة عالية تقترب من الثمانين في المئة وهذا النوع من النساء اللواتي اغتنمن فرصه "الكوته" اغلقن الطريق امام المرأة اليمنية الكفوة وصاحبة الخبرة والنزاهة وافسدن الفرصة امام المجتمع اليمني والحكومة للاستفادة منها!

لقد اصاب الكاتب الانجليزي روبرت كابلان كبد الحقيقة حينما اشار في اطروحته ......

"بأن الديمقراطية لا تصلح دائما لبناء المجتمعات ولكنها وفي كل الأوقات "تفضح " سوءات هذه المجتمعات " .

الحلقة (1)

الـــمرأة الضـــبع

لمعت عيناها وهي ترسم في مخيلتها خطة نقل الخبر بأسلوب مثير؛ فقيمة الاثارة  عندها تفوق قيمة الخبر ذاته .

أنه صوت من الماضي البعيد يشُدها إليه يرافقه ذلك الإحساس الطفولي القوي الذي لطالما سيطر عليها وأشعرها بأن حياتها من دون شقاوة الطفولة ليست لها طعْم !

بسبب ذلك الإحساس الطفولي ترتكب الحماقة تلو الاخرى ولا تابه بالعواقب ، حتى وهي في هذا المنصب الرفيع ، فلا بأس من ارتكاب حماقات طفولية تشبع غريزتها مادامت الحكومة تفوت لها الإساءات والحماقات التي ترتكبها وأن تخللها عقوبات حزبية فهي لا تتعدى التوبيخ مع "الطبطبة" من قيادة حزبها المشارك في الحكم ، فالحزب بحاجة قصوى الى عضوات وليس الى اعضاء فهن "الندرة" في هذا المجتمع الذكوري خصوصاً من امثالها من العضوات المتحررات اللواتي يتميزن بسلاطة اللسان وبملاسنه لا تعرف حدوداً أخلاقية ولا يشعرن بالخجل عند مواجهتهن برذائلهن .... هذه كلها صفات حميده عند الحزب ومفيدة للتعبئة الحزبية وللترويج لبرامجه الفاشلة !

هند :  " دعوتك يا سعدان لأسلمك قراري بتعييني أبنتي سلمى مديراً لمكتبي خلفاً لمدير مكتبي عبد الرب .

أتفضل خذ القرار وخذ وقتاً كافياً قبل أن تستكمل الإجراءات النظامية للتعيين .... لأنني أريدك أن تجس نبض الموظفين بخصوص هذا التعين بأسلوبك الهادي وتوافيني بالنتيجة ، ولكن من دون "بهارات" !

تأملت هند وجه سعدان البارد الذي بدأ يتجمد فور سماعة الخبر فأيقنت بأن حرارة المعركة بدأت من هذا البرود، وقالت له بصوت رقيق " أتفضل اجلس يا أبو سُميه ( أبو سميه مناداة لها وقع خاص عنده ولا احد يخاطبه بابي سُميه الا هند فسعدان هو الاخر ابو البنات ) وقل لي هل صدمك الخبر؟

ذهب كالرجل الآلي إلى المقعد الذي أشارت أليه وقعد....ومن دون أن يحرك رأسه صوبها قال " نعم سيدتي"! سرح بعض الوقت محادثاً نفسه .... لقد ضاع كل الملق والتزلف والزندقة والمجاملة التي أحطت بها هذه المرأة الخبيثة اللئيمة التي جاءت إلى الوزارة جائعة " تتشمشم " مثل أنثى الضبع أن كانت هناك فريسة أو حتى جيفة لتلتهمها ولا زالت منذ أن تعينت تبحث عن جيفه هذه الجاحدة التي لا تذكر الخدمات التي احطتها بها وحتى تلك الخدمات المالية والمنافع واللقاءات  الخفية التي قمت بترتيبها لها دون علم زوجها  ... ضاع كل شيء كنت اخطط له حتى التعبئة الكاذبة ضد ذلك الرجل المثقف النزيه عبد الرب ضاع في لحظة ... لو كنت ألان واقفاً معها على ناصيه الطريق ورأيت باصاً مسرعاً لدفعتها تحت عجلاته من دون تردد.... موتها سيكون موت امرأة سيئة بلا دين وبلا مله  وبلا شرف تساوم  الموظفين في مستحقاتهم فمن يا ترى غير ابنتها سيأسف عليها ، حتى زوجها  الاطرش صاحب الحديث الممل لن يأسف عليها بل ولربما سيفرح لموتها ، فقد ابهتت شخصيته امام الناس فبات يعرف  بــــــ " زوج الست " مثل زوج أم كلثوم!

هند :" اشرب يا ابو سُميه .... الماء أمامك " ؛ ولا يزال في صوتها نعومه المداراة والملاطفه! 

سعدان يعرف الكراهية التي تكنها هند  لعبد الرب مدير مكتبها وكان يغذي هذه الكراهية فقد كان ينقل لها أخباراً من عبد الرب  عنها في معظمها كاذبة أو مبالغ فيها وهند تعرف ذلك ولكنها تبدي اهتماماً بالغاً بتلك الاخبار ، وتشعره باهتمامها لكي يأتي بالمزيد لعل وعسى تبلغ الحقيقة نسبة خمسة أو عشرة بالمئة مما ينقله .

وتكهن سعدان بأنها عما قريب ستُقصي عبد الرب من مكتبها ، وها هي قد فعلت ،ولكنه لم يتوقع ان يكون غيره من سيحل محل عبد الرب !

لعن سعدان نفسه على ما قدمه من خدمات احتياليه خارج اطار النظام والقانون لهذه المرأة اللئيمة التي بدت له في تلك اللحظات مثل انثى الضبع اشرس حيوان واكثرها شراهة في الغابة يالها من امرأة " كنود"  .

لم يشرب سعدان من الماء ولأول مرة يقطب جبينه ويواجهها باسمها.... 

سعدان :  " يا سيدة  هند ... البنت سلمى من دون خبره عمل ولا تحمل مؤهلاً جامعياً وقد تخرجت بدبلوم عادي هذه السنه وانتي من اتى بها الى الوزارة قبل اقل من شهر فقط .... فأين هي من شروط قانون الخدمة المدنية سواء شروط المؤهل والخبرة أو شرط الفترة الاختبارية وهي سنه في القانون وهل افهم من ذلك انك تريدين تثبيتها خلافاً للقانون ؟! وتعلمين بان درجة مدير مكتبك هي درجة مدير عام لا يستحقها الا من اكمل ثلاثة عشر سنه بعد الجامعة ، وسوف يستقبل الموظفون هذا الخبر بامتعاض شديد لأنه فساد ...وسوف.....

هند : " توقف سعدان ....أني عارفة أيش اعمل " ! تغير صوتها فجاه اصبح حاداً مثل صوت انثى الضبع وهي تحمس ذكور الضباع على ملاحقة "الطريدة "!

وبقوة شديدة مدت يدها في الهواء مقابل وجه سعدان وفتحت اصابعها الخمس الى الاخر .... ظلت اصابعها  مفتوحة في الهواء لمدة من الوقت وهو محدق فيها ويتسأل ..... "أين يا ترى رأيت مثل هذه اليد بهذه الفروج المفتوحة  للأصابع "؟

ولم تسعفه ذاكراته فاكتفى بالقول .... " ربما رايتها في الافلام " !!

 




شارك برأيك