آخر تحديث :الخميس 09 يناير 2025 - الساعة:23:41:13
قصة قصيرة
(أنيس راشد الشعيبي)

كان لقاء  قصير وحدقات  كل منها تودع الأخرى، على وميض ساخن.

لم أكن أعرفه، إنه هو ذلك الشخص الذي  شربنا  الشاي  أنا  وهو في  كأس واحدة بالية الشكل.

جلسنا على مائدة الحديد، فكان لب اللقاء شيء مضحك مؤلم.

الرجل ما زال  غريب الشكل واللون حتى اللحظة، أشعث أغبر، تلمح على وجهه  عندما  تنظر إليه، مثل  الذي يبعث من على نقع البنية.

لكن ما جعلني أغير نظرتي إليه هي تلك الابتسامة  التي  لاحظتها  على شفتيه.

كم كنت أتمنى أن يطول الوقت لكي نستمتع بجلستنا التي تشبه جلسات الملوك.

كان  وقتا  ضيقا، حين صادفني  القدر بشخص نثرته الرياح قبل الوداع.

لقد  كانت  السماء تتلون -حينها- قبيل غروب  الشمس، والشفق  يكاد يقتلني بسيفه الصمصام.

رجل لا  يحمل  برد، ولكن  كان يرتدي معادن  الرجال، رائحة  مسك  الرصاص تفوح منه طيبا.

رغم  شكله  الدامس، أتاني مثل المطر الوابل، عندما كنت انظر محدقا  إليه لا أنظر إلى الشكل  الغاسق، ولا حركاته المضرجة الوامقة.

بل كنت أحدق إلى مقتضى الكلام الذي كان ينهمل منه مثل قطرات الغيث، حتى ظننت حينها أني أمام الأزهران.

كان  يحدثني" على  عجالة، وكانت  تلك الكلمات ليست حروفا، بل خرير ماء.

كان يقول: كلاما يجلجل الصدور وكأنه حفيف الهواء.

غادر بنفس اللقاء وكأنه طائر الشاهين بطريقة  غريبة  حتى أنني  ظننته مهر حصان سابح.

لم أفهم ما قام بسرده إلا وحي كليمات توجع صدور الجبال.

قال وقت رحيله: أتذكر عاصفة هلت علينا يوما ما،  أمطرت علينا  وابلا بشكل كرات مدورة مضيئة.

قال: خرجت من اجمتي وكنت  حينها أشتعل حسيسا؛ رغم صوت البارود..

لكن تعودنا...أن لا ننام إلا على صرير الأبواب ودوي المدافع.

فذهبت  مهرولا،  حيث  سقط  النجوم فأصبت  بالدهشة، حين  رأيت  القوم يتناثرون مثل دبيب النمل هناك.

كان  قلبي  وقتها ينحب نحب الباكين عندما  لاحظت صورة  رجل يخرج من حسيس النار، وصورة جمع تلهث وراء

بطونها وأصوات  مثل طنطنة الأوتار هناك.

قال: كم  كنت  أتمنى  أن  أرى  تلك الجموع-ا لتي  رأيتها اليوم في وجار الثعلب- أن تكون بجانبنا على أسطح قصور العرين هناك حيث اللهب.

 




شارك برأيك