آخر تحديث :الاحد 22 ديسمبر 2024 - الساعة:14:36:11
كلية اللغات بجامعة عدن.. الصرح الذي نهض من تحت ركام الحرب (تقرير وصور)
(استطلاع/ نصر باغريب – جهاد وادي- تصوير/ صقر العقربي)

كلية اللغات بجامعة عدن، كلية فتية لم يتجاوز عمرها بضع سنوات كانت وليدة موضوعية للحاجة المتزايدة للمتطلبات المعرفية ولاحتياجات التنمية في البلاد ولسد النقص المتزايد في سوق العمل، وهي إحدى الصروح الأكاديمية التي يراهن عليها لصناعة عقول الحاضر والغد.

غير أن هذه الكلية التي يفترض أن تكون مصدر إشعاع علمي، أضحت منذ مارس 2015م، هدفاً لمليشيات الحوثي وصالح الانقلابية التي دمرتها بحمم حقدها الأعمى وحولت الكلية إلى أثر بعد عين..، فدمرت مباني الكلية وتجهيزاتها وقاعاتها الدراسية..، وعندما تفقدانها بعد تحرير عدن، كان ظننا أن سنة دراسية ستضيع على الطلاب على أقل تقدير، لأن الدمار كان كبيرا، والبلد لم تتعافَ من جروحها بعد.

أول كلية تطبع عودة الحياة

وقبل زيارتنا كنا نظن أنها لا تزال على حالة الدمار تلك؛ لكن ظننا خاب وتجاوزت أقصى توقعاتنا بل وتحقق إنجاز ما لم يكن بالحسبان، فقد كانت كلية اللغات أول كلية في محافظة عدن تطبع الحياة العملية في المدينة، وتباشر أعمالها بعد التحرير مباشرة، ولم يأت يوم الـ23 من أغسطس 2015، إلا وقد أنهت كلية اللغات بجامعة عدن بعد أسبوعين من العمل المتواصل والكد وبجهود ذاتية من عميد الكلية وطاقمها، أعمال رفع الأنقاض وحطام المباني المدمرة من القاعات الدراسية ومكاتب الإدارات..، وتم رفع مخلفات المباني المنهارة وتجميع الأجهزة المحطمة، ونفذت جميع الأعمال بمبادرات طوعية من طاقم الكلية ممثلة في العمادة والنواب والطاقم الإداري بالكلية والطلاب أيضا.

كانت كلية اللغات قد تضررت كثير جراء الحرب، فقد دمرت بعض القاعات الدراسية بالكامل والبعض الآخر جزئي وتعرضت بقية القاعات والمكاتب لأضرار كبيرة وأتلفت مختلف الأجهزة الالكترونية منها 48 جهاز كمبيوتر مكتبي و 8 أجهزة محمول (لابتوب) و 6 شاشات ذكية و12 مسجل CD بلير متعدد الاستخدام و 4 أجهزة عرض (Data Show) و 10 طابعات و 3 أجهزة سكانر و 4 الات تصوير وتدمير عدد كبير من الكراسي المكتبية والطلابية والطابعات إضافة إلى تدمير جميع نوافد وأبواب القاعات والمكاتب الإدارية.

وبعد رفع المخلفات من الكلية لم يتوقف العمل للحظة إنما تواصل بهمة عالية وبمعنوية غير مسبوقة وكان المحرك والمايستروا  لهذا التصميم والاجتهاد هو عميد الكلية الذي عمل بصمت بعيدا عن الضوضاء والأضواء، رغم غياب الدعم والإمكانيات وفي ظل ظروف غاية في الصعوبة وهو إعادة إعمار الكلية من جديد فبدأت خطوات إعادة تأهيل المبان وتجهيزها بأحدث التقنيات وبناء قاعتين دراسيتين حديثة بطاقة استيعابية 250 طالب وطالبة..، وكل ذلك بتمويل ذاتي من الكلية.

وفي ذات يوم الانتهاء من عمليات رفع الانقاض من الكلية كان أيضا هو اليوم لبدء أعمال إعادة تأهيل المباني والصيانة (23/8/2015م)، والتي استمرت لمدة ستين يوما، وبهذا أعدت كلية اللغات بجامعة عدن أول مؤسسة حكومية تنهي أعمال رفع أنقاض المباني المدمرة وتبدأ أعمال إعادة بناء وترميم البنية التحتية وتجهيزها بالمعدات والتقنيات المطلوبة.

تواضع وحفاوة في الاستقبال

حزمنا أوراقنا وجُلنا في كلية اللغات وكان أول ما لمسناه هي الحلة الجديدة والألوان الزاهية التي اكتست بها الكلية، فشاهدنا قاعات جديدة، وبناء مشيد، وعلم يدرس، ووسائل تعليمية مبهرة، ولعل ما يستدعي الاهتمام أكثر هو تلك الحركة الدؤوبة التي تميز كلية اللغات من نشاط تعليمي لا يستكين ولا يكل، فقد تصادف نزولنا إلى الكلية مع انعقاد الدورة الامتحانية لطلاب البكالوريوس في الكلية فبحثنا عن عميدها، فلم نجده في مكتبه فرأيناه يطوف بين القاعات متابعاً مجريات العملية الامتحانية مذللاً صعوباتها.

ورغم انشغاله ومشاركته في دوام المراقبة بقاعات الامتحانات إلا أنه لم يبخل علينا بتخصيصه جزءاً من وقته للالتقاء بنا، كما شجعتنا ابتسامته وتواضعه أن نمارس فضولنا الصحفي ونسأله عن مجريات واستعدادات الكلية للعملية الامتحانية الحالية، فأوضح لنا أن كلية اللغات بجامعة عدن دشنت امتحاناتها للفصل التكميلي الثاني للعام الجامعي الماضي ولأول مرة باستخدام أحدث التقنيات في كليات جامعة عدن من خلال الشاشات الذكية بحيث يتم عرض أسئلة الامتحانات السماعية والنصية عبر الهاتف الذكي لمدرس المادة وتشغيلها مباشرة وبشكل سري عبر الشاشات الذكية داخل قاعات الامتحانات.

ونوه إلى أن كلية اللغات بجامعة عدن تعد أيضاً أول كلية تقدم كل المواد الدراسية عبر وسائل العرض الحديثة بالشاشات الذكية والتي تعد من أرقى التقنيات التعليمية التي تستخدمها الجامعات المتقدمة في العالم، ووفرت شبكة الإنترنت في المكتبة الإلكترونية للكلية وفي قاعة الأساتذة.

16 إبريل بدء الفصل الثاني

وعن المدة الزمنية للامتحانات، أفادنا د.جمال الجعدني، أن امتحانات الفصل الأول للعام الجامعي الحالي ستستمر خلال المدة (27 مارس – 13 أبريل 2016م)، وذلك بعد 12 أسبوع دراسي فعلي و17 يوماً للامتحانات..، مشيراً أن الكلية بدأت عامها الجديد في الأسبوع الأول من شهر يناير من العام الحالي وانتهت في 24 مارس المنصرم، في حين تبدأ الدراسة للفصل الثاني في 16 إبريل القادم.

وعن الجهود التي بذلت لإعادة الحياة الدراسية لكلية اللغات بعد الدمار الكبير الذي أصابها، حتى بلوغ هذا اليوم من الامتحانات..، قال الأخ/عميد كلية اللغات بجامعة عدن، إن الكلية قامت قبل الحرب ببناء قاعتين وترميم جميع مبانيها وذلك من إيراداتها الذاتية،  إلا أن ذلك أصبح أثراً بعد عين بسبب الحرب ووقوع الكلية  في مرمى المواجهات المسلحة التي تسببت بدمار كبير لمبانيها، وبعد الحرب قامت الكلية بإعادة بناء جميع القاعات المدمرة فيها، وإعادة تأهيل المباني كالمكاتب الإدارية والقاعات الدراسية، كما تم بناء قاعتين دراسيتين جديدتين من إيراد الكلية وبطريقة الآجل والدفع بالتقسيط وذلك لضمان سير العملية الدراسية وعدم ضياع سنة دراسية وتهديد مستقبل الطلاب بالكلية، كما تم شراء جميع الأجهزة وآلات التصوير والكمبيوترات من الورقة إلى القاعة الدراسية ذاتياً..، إلا أن التخفيض للرسوم الدراسية لـ 50% أثر على تسيير أنشطة الكلية وتسديد أقساط أعمال البناء للقاعات الجديدة وإعادة التأهيل للمبنى.

مناشدة الرئيس والحكومة

وعندما سألناه عن أبرز الصعوبات التي تواجه الكلية حاليا، فأكد أن عمادة الكلية وطاقمها سيواجهونها بالعزيمة والعمل، غير أن ثمة قضايا ملحة تحتاج لتدخل سريع من الحكومة، الأولى استكمال البنية التحتية والبشرية للكلية وخاصة بناء قاعتين جديدة، وتوظيف المدرسين المنتدبين بالكلية.

وناشد عميد كلية اللغات بجامعة عدن رئيس الجمهورية وحكومته، سرعة الإيفاء بالوعود التي قطعها مسؤولون عنهم، وذلك ببناء قاعتين دراسيتين وقاعة لمكتبة إلكترونية وقاعة لمكتبة ورقية لما لذلك من حل لمشكلة نقص القاعات الدراسية لاستيعاب المستويات الدراسية الأربعة لمساقات البكالوريوس وبرنامج الكفاءة باللغة الإنجليزية والتوفل لخدمة برامج الدراسات العليا في جامعة عدن.

كما طالب نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء بتعيين جميع المنتدبين بالكلية وعددهم (32 منتدبا) خاصة وأن الكلية لم تحصل على خانة وظيفية أو بعملية الخفض والإضافة لأعضاء هيئة التدريس منذ تأسيسها عام 2013م، كما نطالب بتعيين المتعاقدين بالوظائف الإدارية وعددهم (12 متعاقد) ، علماً أن الكلية تتحمل عبء دفع رواتب المنتدبين والمتعاقدين وبناء القاعات الدراسية وكل الأجهزة والأدوات والوسائل التعليمية بالكلية كاملاً من شراء الورقة إلى تجهيز القاعات بالكراسي والأجهزة وحتى بناء القاعات.

شكر لمن يستحقه

ولم يفت د. الجعدني، في ختام لقائنا معه أن يوجه شكره وتقديره إلى أعضاء الهيئة التعليمية بكلية اللغات وللطاقم الإداري بالكلية وإلى أبنائه الطلاب والطالبات لوقوفهم ومساندتهم لإعادة تطبيع الحياة التعليمية الأكاديمية إلى الكلية..، كما قدم شكره لقيادة جامعة عد ممثلة بالدكتور حسين عبد الرحمن باسلامة لاهتمامه بالكلية وإعادة تأهيلها وسير العملية التعليمية فيها، كما عبر عن تقديره وشكره لشباب المقاومة الذين أسهموا في حماية الممتلكات العامة وحفظ الأمن.

 

 




شارك برأيك