آخر تحديث :السبت 28 ديسمبر 2024 - الساعة:20:04:56
النفط الصخري على موعد مع انتعاش حتمي
(الامناء نت| متابعات)

يترقب العالم برمته مصير الأزمة التي تعصف بغالبية شركات النفط العاملة في غير مكان، لا سيما تلك التي تتعامل مع انتاج النفط الصخري، وذلك ضمن سوق متقلبة وهبوط قياسي لأسعار الخام، فيما يتحدث الخبراء عن آفاق مفتوحة لإنتاج النفط الصخري، وذلك بمجرد تحسن الأسعار وعودة الأمور إلى نصابها.

   تقف صناديق الاحتياط ومجموعات استثمارية خاصة مسلحة بأرصدة حجمها 60 مليار دولار على أهبة الاستعداد لتلقف موجودات شركات التنقيب عن النفط الصخري الاميركية حين تعلن افلاسها، ضامنة بنسبة 100% تقريبًا، عودة انتاج اميركا الى الارتفاع فور انتعاش الأسعار من جديد.   

وقال دانيل يرغين، مؤسس شركة آي اتش أس كامبردج انيرجي ريسيرتش اسوشييتس، إن من المحال على منظمة البلدان المصدرة للنفط "اوبك" ان توجه ضربة قاضية الى صناعة النفط الصخري الاميركية بحرب استنزاف حتى إذا افلست اعداد كبيرة من شركات استخراج النفط الصخري خلال الأشهر المقبلة. 

  واشار يرغين الى ان مجموعات تملك قدرات مالية كبيرة مثل بلاكستون وكارلايل ستُقدم على شراء البنية التحتية حين تكون موجودات الشركات المفلسة رخيصة بما فيه الكفاية، ثم تنتظر هذه المجموعات الى ان تعود دورة النفط الى طور الانتعاش.    

مقاومة غير متوقعة

  وقال يرغين لصحيفة الديلي تلغراف: "ان الادارة قد تتغير والشركات قد تتغير ولكن الموارد ستبقى موجودة"، وبحسب تقديرات يرغين فان تنفيذ مشروع نفطي في المياه العميقة يحتاج الى 10 مليارات دولار، و5 الى 10 سنوات في حين ان التنقيب عن النفط الصخري يحتاج الى 10 ملايين دولار و20 يومًا.   

  ويتسبب هبوط اسعار النفط بأزمات اجتماعية واقتصادية لعدد من بلدان اوبك بينها فنزويلا التي قال يرغين "انها مفلسة تماما".   

واعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في منتدى دافوس ان بلاده تبيع النفط مقابل 22 دولارا للبرميل وان نصف هذا السعر يذهب الى تغطية تكاليف الانتاج، واضاف ان من المتعذر تمويل متطلبات الجيش ودفع رواتب الموظفين وادامة الاقتصاد بهذه الموارد.

    وحذر العبادي من ان تنظيم داعش يبقى في منتهى الخطورة رغم طرده من مدينة الرمادي، ولكن حكومته لم تعد قادرة على دفع رواتب ميليشيات الحشد الشعبي التي تقاتل داعش.   

في هذه الاثناء تراقب شركات مثل كي كي آر وواربورغ بينكاس وابولو الوضع عن كثب باحثة عن شركات اميركية لاستخراج النفط الصخري تستحق الشراء حين تعلن افلاسها، ولدى شركات نفطية كبرى مثل اكسون موبل احتياطات مالية كبيرة بل حتى شركة سابك السعودية العملاقة تقضم موجودات شركات نفط صخري اميركية من خلال مشاريع مشتركة، بحسب صحيفة الديلي تلغراف. 

  وقال يرغين، الذين يعتبر مرجعًا في مجال الطاقة، إن شركات النفط الصخري ابدت مقاومة اقوى مما كان متوقعًا منها ولم تبدأ الاستسلام إلا الآن بسبب انهيار اسعار النفط، وذلك بعد 15 شهرا على اغراق السوق بنفط السعودية ودول الخليج الأخرى لطرد الشركات المنافسة.    ولاحظ يرغين ان التقديرات السابقة كانت تتوقع افلاس شركات استخراج النفط الصخري إذا انخفض سعر النفط الى أقل من 70 دولارا للبرميل، في حين ان استخراج النفط الصخري متوسط الكلفة وليس مرتفع الكلفة، واضاف ان شركات النفط الصخري الآن في عين العاصفة وأن 45 شركة نفط صخري مسجلة في البورصة أفلست بالفعل أو تتفاوض مع دائنين، وان مصير شركات أكثر سيتقرر في الربيع حين تدخل السوق المتخمة اصلا بنحو 300 الف برميل اضافية من النفط الايراني.

    تغيير عالمي

  وكان نمو صناعة النفط الصخري مدفوعا بقروض متاحة بوفرة وبأسعار فائدة منخفضة، ونزلت الفأس على رأسها حتى قبل ان يقرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع اسعار الفائدة في كانون الأول (ديسمبر)، ويجري الآن تداول سندات النفط الصخري بمستوى الركود الذي يقل عن 50 سنتا على الدولار حتى للشركات ذات المخاطر المتوسطة.  

ولكن حتى إذا افلست عشرات من شركات النفط الصخري فان هذه الصناعة ستبقى حية بعد حدوث طفرة كمية في التكنولوجيا غيَّرت بنية الكلفة تغييرا لا رجعة فيه، وارتفع انتاج البئر اربعة اضعاف منذ عام 2009 ومن الشائع الآن حفر آبار متعددة في موقع واحد، فيما تشير التحليلات إلى طفرة أخرى في الانتاج.  

  وقال يرغين ان عودة سعر النفط الى ما بين 50 و60 دولارا ستعيد معها الكثير من الانتاج، وان حوض بيرميا غرب تكساس قد يكون أكبر حقل نفطي في العالم بعد حقل الغوار في العربية السعودية.    واعتبر جو مين، نائب مدير صندوق النفط الدولي، ان النفط  الصخري الاميركي احدث تغييرا في ميزان القوى في سوق النفط العالمية وليس هناك الكثير مما يمكن ان تفعله اوبك في هذا الشأن.   

والسؤال هو ما إذا كانت حتى صناعة النفط الصخري الاميركية كبيرة بما فيه الكفاية للتعويض عن النقص المتوقع في امدادات النفط حين ينهار الاستثمار العالمي في مشاريع التنقيب والاستخراج، وقال يرغين: "ان الانفاق الذي كان مخططا للفترة من 2015 الى 2020 انخفض 1.8 ترليون دولار بالمقارنة مع ما كان متوقعا عام 2014". 

  تقلبات حادة 

  في هذه الأثناء يزداد الطلب على النفط بوتيرة متسارعة وسيحتاج الاقتصاد العالمي الى 7 ملايين برميل اضافية في اليوم بحلول عام 2020.  ويعني نضوب الحقول الموجودة لأسباب طبيعية فقدان 13 مليون برميل اخرى بحلول عام 2020.    وما يزيد الوضع تعقيدا ان الطاقات الانتاجية الاحتياطية بلغت مستوياتها القصوى تقريبا ولا يمكنها ان تزيد الانتاج أكثر من 1.5 مليون برميل في اليوم في وقت تضخ السعودية وروسيا ودول أخرى بأقصى طاقتها، فيما قال يرغين ان سوق النفط ستكون مختلفة تماما قبل نهاية العقد الحالي. 

  ولاقت هذه التحذيرات اصداء واسعة في دافوس من خبراء في صناعة الطاقة، وقال فاتح بيرول، رئيس وكالة الطاقة الدولية، ان تعليق المشاريع النفطية الجديدة يمهد الأرض لزيادة قوية في الأسعار.    وتوقع وزير النفط النيجيري آيب كاتشيكو حدوث تقلبات حادة في سوق النفط، وقال ان الانتاج في الوقت الحاضر لم يعد مجديا للعديد من البلدان النفطية "وسنرى براميل كثيرة تغادر السوق، وفي النهاية ستعود الأسعار الى الارتفاع في حركة مقلوبة"، كما ودعا اوبك الى عقد اجتماع طارئ لبحث مبرر وجودها في هذا الوضع.  

  وكانت السعودية أوضحت ان اوبك لا يمكن ان تخفض انتاجها لتثبيت الأسعار ما لم توافق روسيا ايضا على مثل هذا التخفيض، وهذا امر صعب لأن الشركات الروسية ليست مسؤولة إلا امام مساهميها، على ما يُفترض، ويضاف الى ذلك ان دول الخليج على اقتناع بأن روسيا مارست الغش حين توصلت الى اتفاق معها في المرة السابقة عام 1998. 

  وقال يرغين ان الذين يراهنون على اوبك للاسراع بانقاذ الوضع سيُصابون على الأرجح بخيبة أمل، واضاف: "ان هذا لن يحدث إلا إذا ازدادت الأزمة تفاقما".




شارك برأيك