آخر تحديث :الاحد 04 مايو 2025 - الساعة:00:43:43
مسمى حلف قبائل حضرموت .. الدلالات والأبعاد
( كتب | حسن البهيشي )

 

 شكلت التسمية الخاصة بمكون حلف قبائل حضرموت، وتحديدا مفردة (قبائل ) هاجسا يؤرق بعض  فئات المجتمع الحضرمي التى تنظر إلى المسمى من زاوية ضيقة جدا .. وتفسرها تفسيرا سطحيا وفق ثقافة محدودة ، وقناعات خاصة _ وتعاطت مع المسمى تعاطي يفتقر إلى الرصانة ، و بعد النظر و عمق التفكير .. وبالتالى باتت تلك الفئة تحمل إنطباعا سيئا عن مكون الحلف _ وفق الصورة الذهنية المشوشة التى علقت في تفكيرها ونحسها .

علما أن مسمى (القبائل ) ذكر في القرءان الكريم كماهو في سورة الحجرات منسوبا الفعل فيه إلى المولى سبحانه وتعالى . . أي هو سبحانه من سمى الناس وصنفهم إلى قبائل وشعوبا.. وليس البشر هم من اختاروا ذلك لأنفسهم _ فقال سبحانه : ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓا۟ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ (13) الحجرات . فلم يقل سبحانه وكنتم شعوبا وقبائل ، ولم يقل وأصبحتم شعوبا وقبائل .. بل قال وجعلناكم .. فنسب الفعل لنفسه .. وبين أن الحكمة من وراء ذلك هو التعارف _ فمن المستحيل أن تصلح حياة البشر دون تسميات ، وتقسيمات تسهل عليهم التعارف .

وفي تفسير ابن كثير و ضمن الأقوال الواردة في تفسير الآية _أن القبائل : بطون العرب، وأن الشعوب : بطون العجم .. فحكمة المولى سبحانه اقتضت أن يكون الناس شعوبا وقبائل .. والشعوب ، والقبائل _ عرف سائد و طبيعة بشرية .. والنبي عليه الصلاة والسلام ينتمى إلى _ قبيلة .. وكان ينادي .. يا بنى هاشم .. ويا بنى سلمة وغيره .

أما المدلول اللفظي ، والمعنى الحرفي لتسمية الحلف فإنه لاينم أبدا على أن المقصود به فئات حضرمية بعينها دون الأخرى .. فهذا بعيد كل البعد عن مدلول التسمية .. وإلا فإن ذلك  يعني الفشل الحتمى ،  وإنتحار لمكون حلف قبائل حضرموت _ من الوريد إلى الوريد .. و لا يمكن أن ينسجم ذلك حتى مع أبجديات سياسة وأهداف الحلف  .

 فأي مكون سياسي أو تجمع حزبي أو اجتماعى .. نجاحه  يعتمد على حجم التأييد الشعبى و الإلتفاف الجماهيري .. فكيف بمكون فى حجم ومكانة الحلف .. له أن يغفل عن هذا الجانب وهو الذى يسعى لتحقيق أهداف ومطالب محافظة مترامية الأطراف كمحافظة حضرموت تتطلب الأهداف و والمطالب التي يسعى إلى  تحقيقها _ طاقات وجهود كل فرد فى هذه المحافظة فضلا عن كل قبيلة صغيرة أم كبيرة .. فإن ذلك لا يقول به عاقل .. فأبناء حضرموت جميعهم ينتسبون إلى قبائل _ سمر كانوا أو بيض، صغرت قبائلهم أم كبرت ، فالمسمى يشمل الجميع دون استتناء ..  والمطالب والأهداف التي يدعو إليها الحلف تؤكد ذلك، وهذه النظرة الخاطئة لدى تلك الفئات الغالب أنها عن غير قصد .. وبحسن نية ، وسلامة صدر ، ولكن بسبب أو بآخر تعاطت مع المسمى بذلك المنحى .

لكن هناك قوى أخرى وأقلام وأصوات إعلامية .. تحاول توظيف مفردة " القبيلة " الواردة في مسمى الحلف توظيفا سياسيا مغرضا .. في محاولة يائسة وبائسة لخلط الأوراق و تعميق الشقاق .. والتشويش وهز الثقة بين أوساط المجتمع الحضرمي تجاه أهدافهم ومطالبهم المشروعة التى تبناها الحلف _ فتحاول تلك الأقلام أن تعزف على وتر القبيلة فى مسمى الحلف على أنه يرمز إلى الهيمنة والتسلط .. متمترسة تلك الأصوات خلف لا فتة الحرص على سلامة الدولة وسيادتها .

وهو نوع من أنواع ذر الرماد فى العيون ، وإفلاس سياسي .. بعد أن فقدت تلك القوى توازنها ، بسبب الضربات الموجعة التى تلقتها موخرا من قبل الحلف ، وأصابتها فى مقتل .. فباتت تتلمس الأسماء والمفردات لعلها تجد فيها مرادها وبغيتها .. بعد أن باءت كل محاولاتها الأخرى في تقسيم و وتفتيت وحدة الصف الحضرمي بالفشل .

فأبناء حضرموت باتوا يدركون جيدا اليوم أنه لم يعد لديهم وقتا لتضييعه في الإنصات لتلك الأصوات و الإنسياق خلف شعارات ولافتات لاطائل من وراءها .. فقد جربت حضرموت منذ عقود مضت  ذل التبعية ، ومرراة الأقصاء والتهميش  بسبب تلك الشعارات البراقة واللافتات الجذابة، إنه آن الآوان أن تأخذ حضرموت مكانتها الطبيعية ، و موقعها الريادي  و السيادي الذى حرمت منه منذ أكثر من خمسين عاما .




شارك برأيك