
شن الطيران الأمريكي ضربتين جويتين نوعيتين استهدفتا موقع "سنترال الاتصالات والبث الأرضي" في جبل واقر، شرق مديرية المراوعة بمحافظة الحديدة، في عملية وُصفت بأنها ذات أثر استراتيجي بالغ في مسار الصراع مع ميليشيا الحوثي.
ويُعد الموقع المستهدف من أبرز مراكز الاتصالات والسيطرة التقنية في اليمن، حيث يتمتع بأهمية استثنائية بالنسبة للحوثيين من حيث البنية التحتية المرتبطة بالتنسيق العسكري، وربط القيادات الميدانية، إضافة إلى دوره في البث الإعلامي.
ووفقاً لمصادر استخباراتية، يضم الموقع محطات تشويش ومراكز توجيه اتصالات وبنية متكاملة للبث المركزي، ما يجعله ركيزة أساسية في شبكة القيادة والسيطرة (C2) الخاصة بالجماعة. ويُتوقع أن يؤدي استهدافه إلى اضطرابات مباشرة في الاتصالات المشفّرة وتأخير في إصدار التعليمات واستقبال التقارير من الميدان.
الهجوم على جبل واقر لم يكن منفصلاً عن سياق عمليات مشابهة، إذ سبقته ضربات على أبراج اتصالات في محافظة عمران وموقع استراتيجي في جبل المنار بمحافظة إب، في مؤشر واضح على تغيير في نمط الاستهداف. فبدلاً من التركيز فقط على القدرات الهجومية للحوثيين، بدأت الضربات تتجه نحو شل منظومة القيادة والتحكم والتنسيق، وضرب البنية التحتية التي تربط المركز بالفروع.
وتشير التحليلات إلى أن هذه العمليات لا تستهدف فقط قدرات الجماعة الداخلية، بل تسعى أيضاً إلى تقليص قدرتها على التنسيق مع الحلفاء الإقليميين، وإضعاف شبكات الدعم اللوجستي والفني الخارجي. ويأتي هذا التوجه في ظل تنامي دور الحرب الإلكترونية والاستطلاع الإشاري (SIGINT)، ما يجعل مثل هذه المواقع مكشوفة وأكثر عرضة للاستهداف.
ورغم أن التأثير المباشر للضربات قد لا يظهر بشكل فوري، إلا أن مؤشرات الخلل في التنسيق العملياتي، وتراجع وتيرة الهجمات، أو حتى اضطرابات في الخطاب الإعلامي للجماعة، قد تبدأ بالظهور تدريجياً خلال الفترة المقبلة.
يرى مراقبون أن ضربة جبل واقر، وغيرها من العمليات المشابهة، لا تُعد مجرد ضربات تكتيكية، بل هي استهداف مباشر لعصب القيادة والتحكم، بهدف إرباك البنية الذهنية والتنظيمية للحوثيين وتعطيل قدرتهم على التخطيط وإدارة العمليات.
ومع استمرار هذا النهج، تبدو الحرب مقبلة على مرحلة جديدة تتجاوز الردع العسكري المباشر، نحو تفكيك البنية التحتية الحاكمة لصنع القرار داخل الجماعة، في محاولة لعزل الحوثيين إلكترونياً ومعلوماتياً، وشل مراكزهم العصبية من الداخل.