
يرى سياسيون وعسكريون يمنيون، أن توقيت نشر الفيديو الذي يوثق لحظة استهداف تجمع لميليشيا الحوثي، من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، شخصيًا، يحمل في طياته العديد من الدلالات والأبعاد السياسية والعسكرية، تتجاوز التنفيذ الميداني، فضلًا عن الرسائل واضحة المعالم، متعددة الوجهات المباشرة والضمنية غير المباشرة.
ويأتي الفيديو في ظل تصعيد لافت في العمليات العسكرية الأمريكية ضد معاقل ميليشيا الحوثيين، وتوسع ملحوظ في بنك الأهداف، وباتت الضربات خلال الفترة الأخيرة، ترتكز بشكل دقيق على طبيعة الأهداف المُستهدفة، من منشآت ومعسكرات وتحصينات جبلية وأنفاق وخنادق أرضية، وخلاف ذلك.
وقال المتحدث العسكري باسم القوات اليمنية المشتركة العقيد وضاح الدبيش، إن: "الفيديو الذي نشره الرئيس الأمريكي، له دلالات كبيرة، وأبعاد أمنية وسياسية وعسكرية ودولية مهمة جدًا، تستدعي التوقف عندها، فهو رسالة واضحة ومباشرة، لا تخلو من الرمزية، وقد اختير توقيت نشره بعناية".
وذكر الدبيش، في حديث لـ"إرم نيوز"، أنه: "عندما يقوم رئيس دولة -وليس أي دولة، بل الدولة الأولى في العالم عسكريًا واقتصاديًا- بنشر فيديو عسكري بشكل شخصي، فإن ذلك يُعد تحذيرًا كبيراً".
وأضاف الدبيش: "أما عن توقيت النشر، فهو بالتأكيد لم يكن عبثيًا، فلا مجال للشك في أن رئيس دولة كبرى كأمريكا لن ينشر فيديو عسكريًا في هذا التوقيت تحديدًا، إلا وهو يحمل رسائل واضحة، أولها إلى إيران ثم الحوثيين"، متابعًا: "خاصة في ظل الضغوط المتزايدة على إيران، والضغوط كذلك على الإدارة الأمريكية لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه التهديدات للملاحة الدولية ولمصالحها في المنطقة".
ولفت الدبيش إلى أنه: "من خلال نشر هذا الفيديو، يبدو أن هناك محاولة لإعادة تسليط الضوء على نهج الردع والحسم، وأنه لا بديل عن الحسم في مواجهة هذه التهديدات، كما حدث سابقًا في لبنان وسوريا، وربما يشير ذلك إلى أن هناك حاجة ملحة لتبني سياسات عسكرية أكثر صرامة".
وأضاف المتحدث العسكري أن "الولايات المتحدة، بلا شك، تمتلك مزيدًا من هذه الأدلة، وستقوم بنشرها في الوقت المناسب، ونحن على يقين أن الحوثيين وإيران تلقوا ضربات موجعة، كما أن كل المحاولات التي تقوم بها بعض الدول لإيقاف هذه العمليات، لم تنجح".
من جانبه، يقول وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية المُعترف بها دوليًا أسامة الشرمي إن "نشر الفيديو في هذه المرحلة يحمل عدة دلالات، فكل تجمع حوثي سيكون هدفًا للطائرات الأمريكية، ويؤكد أن الجماعة تحت المراقبة حتى وإن تجمع عناصرها على سفوح الجبال أو في القرى النائية، فهي ليست في مأمن من الاستهداف".
وأضاف الشرمي، في حديث لـ"إرم نيوز": "كما أن هذا سيتسبب بمردود عكسي على عملية التعبئة التي تقوم بها ميليشيا الحوثي، وخاصةً دور الآلة الإعلامية التابعة لهذه الميليشيات في حشد أبناء القبائل، من خلال تجميعهم بالشكل الذي تم تصويره في مقطع الفيديو، وبعد ذلك، يظهر على وسائل الإعلام التابعة للجماعة بأنهم أشخاص ينتمون إلى قبائل يمنية تقاطروا لدعم المعركة أو الإرهاب الحوثي، تنفيذًا لتوجيهات الجماعة".
وكانت تقارير عسكرية يمنية، حصل عليها "إرم نيوز"، في وقت سابق، كشفت أن عدد القتلى من الحوثيين الذين سقطوا على وقع الضربات الأمريكية، منذ منتصف الشهر الماضي، بلغ حوالي (85) شخصًا، بينهم ضباط وقيادات ميدانية من المستوى المتوسط.
واعتمدت الولايات المتحدة منذ إطلاقها العملية العسكرية الثانية ضد ميليشيا الحوثيين في اليمن، استراتيجية تكتيكية مُغايرة لتلك التي اعتمدتها في عملياتها العسكرية الأولى، حيث انتهجت مسارًا تصاعديًا عبر التدرج من الأدنى إلى الأعلى.
وكان مستشار وزير الدفاع اليمني العميد الركن محمد الكميم، كشف في حوار مع "إرم نيوز"، نُشر أمس الجمعة، "عن أن الغارات الجوية، تستهدف مناطق تُضرب لأول مرة، بما في ذلك الجبهات الأمامية"، مشيرًا إلى أن: "التركيز بات أكثر على معاقل الميليشيا الرئيسة في محافظة صعدة".
وبين الكميم أن "واشنطن حرصت على استخدام أسلحة متطورة مثل قاذفات B-52 والطائرات الشبحية F36؛ ما يعكس استعدادها لعمليات أكثر حدّة، إضافة إلى توجيه رسائل ردع مباشرة لإيران خصوصًا مع وصول حاملات عسكرية إضافية للمنطقة".
ولفت مستشار وزير الدفاع اليمني، إلى أن "هناك تصاعدًا تدريجيًا في بنك الأهداف من قبل القوات الأمريكية، من خلال اتباع نسق تصاعدي مثلما حدث في لبنان، حيث بدأ الاستهداف بالمخازن والبُنية التحتية، ثم انتقل إلى القيادات على مراحل حتى الوصول إلى قيادات الصف الأول".
بدوره، نوه وكيل وزارة الإعلام أسامة الشرمي، إلى أن: "الضربات الأمريكية منذ وصول ترامب إلى السلطة، حقيقة، أخذت منحى تصاعديًّا وأثرت بشكل كبير جدًا على ميليشيا الحوثي"، لافتًا إلى أنه: "لولا الدعم الكبير المُخزّن لدى ميليشيا الحوثي القادم من إيران، ربما كانت إمكانيات هذه الجماعة، قد تلاشت بعد أسبوع من بداية العمليات".
وقال الشرمي: "ولكن إيران أيضًا لم يعد لديها أي ذراع في المنطقة سوى جماعة الحوثي، وبالتالي هي تكثف عملية التهريب ودعم هذه الميليشيا وتخزين السلاح في مناطقها، تحديدًا منذ سقوط سلطة بشار الأسد في سوريا، وهزيمة حزب الله في لبنان".
ويتوقع المسؤول اليمني، أن "العمليات ستستمر على هذه الوتيرة وبنفس هذا النمط حتى تقضي على القدرات النوعية التي تمتلكها ميليشيا الحوثي، ومن ناحية أخرى، تقضي على الروح المعنوية لمقاتلي هذه الجماعة، واستغلالهم للقضايا الإقليمية والدولية لتحشيد اليمنيين".