آخر تحديث :الخميس 20 مارس 2025 - الساعة:03:59:28
هل تمهّد الضربات الأمريكية لحرب طويلة ضد الحوثيين؟
(الامناء نت/إرم نيوز/أشرف خليفة:)

تثير معطيات المرحلة الراهنة التي يعيشها اليمن، على وقع استئناف واشنطن استهداف معاقل الحوثيين، تساؤلات حول نتائج الضربات الجوية الأمريكية، وما إذا ستحجم الميليشيا وتقوض قدراتها، أم أنها ستمهد لمعركة عسكرية طويلة.

وكانت ميليشيا الحوثيين المُصنفة أمريكيًا "جماعة إرهابية أجنبية"، قد استبقت الضربات الأمريكية بإعلان استئناف عملياتها العسكرية في البحرين الأحمر والعربي، وخصت في إعلانها فقط السفن الإسرائيلية.

وتصاعدت جدية الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لإنهاء التهديدات الحوثية، منذ الأيام الأولى لتولي الرئيس دونالد ترامب السلطة في البيت الأبيض.

وتمثلت تلك الإجراءات بإعادة إدراج الميليشيا مجددا في قوائم الإرهاب، وتدشين ضربات عسكرية مباشرة ضدها، الأمر الذي دفع الحوثيين إلى رفع مستوى التهديدات تجاه الأهداف التي ستشملها هجماتهم البحرية.

فبعد أن خصت الميليشيا في إعلانها استئناف عملياتها ضد السفن الإسرائيلية، ضمت غداة اليوم الأول من عودة الغارات الأمريكية، مصالح واشنطن إلى قائمة أهدافها.

مشهد غامض

وفي هذا الصدد، يقول الباحث والمحلل السياسي، الدكتور ثابت الأحمدي: "بقدر ما يعتري المشهد السياسي الراهن من ملامح تشير إلى جدية المجتمع الدولي في محاولة وضع حد نهائي للحوثي، بقدر ما يعتريه أيضًا من الغموض؛ لأن للاعبين الكبار توجهاتهم الخاصة، ولهم أجنداتهم المتعلقة بمصالحهم التي قد تتقاطع مع مصلحة الشعب اليمني".

ونوه الأحمدي، في حديث لـ"إرم نيوز"، بأن "إدراج الحوثيين في قائمة الإرهاب ليس جديدًا، لا من ترامب ولا من سلفه"، متسائلًا: "لكن ما النتيجة؟".

واستطرد الأحمدي: "على أي حال، ووفق قراءات خفية لتصريحات الساسة الأمريكيين، وآخرها تصريحات وزير الدفاع، فإن الحوثي إرهابي في البحر الأحمر فقط، وليس إرهابيًا تجاه اليمنيين، وإن كان الحوثي إرهابيًا بطبعه وتطبعه عند اليمنيين وغير اليمنيين".

وسلّط الأحمدي الضوء على أهمية ما تراهن عليه السلطة اليمنية المُعترف بها دوليًا، كدلالة مهمة نحو الخروج بمحصلة نهائية ذات قيمة، قائلًا: "في المحصلة النهائية على الشرعية اليمنية، أن تراهن على موقفها، مسنودة بدعم الأشقاء".

واستدرك "وإن كنا نرحب بالموقف الأمريكي، لكنه لا يكفي لوضع حد نهائي وصارم للميليشيا".

وقال: "الأمريكان قد يقولون اليوم نعم لما قالوا فيه بالأمس لا، والعكس صحيح".

مساران للاستهداف

من جانبه، استهل الكاتب الصحفي والباحث السياسي، فؤاد مسعد، حديثه بالإشارة إلى أن "الضربات تأتي تنفيذًا لقرار الإدارة الأمريكية بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، وهذا القرار له تبعات تشمل الجوانب العسكرية والإدارية والاقتصادية".

وقال مسعد، لـ"إرم نيوز": "من خلال الضربات الأولى ضد الميليشيا تبين أن هناك استهدافا واضحا في مسارين، أولهما المستودعات ومخازن الأسلحة والمعامل الخاصة بالطائرات المسيرة، وثانيهما يشمل القيادات الحوثية بالتركيز على مقرات ومناطق وجودها"، لافتًا إلى أن "هذه مقدمات، ويمكن أن يكون أثر الضربات أكثر وضوحًا إذا استمرت وتواصلت بهذه الوتيرة".

ويرى مسعد بأن "ميليشيا الحوثيين تحاول جاهدة الاستفادة من هذه الضربات بصرف الأنظار صوب مغامرات جديدة تحت عنوان مناصرة غزة، وهو شعار مخادع مضلل؛ لأن التصعيد الحوثي الأخير جاء بعد يوم واحد من تهديد الإدارة الأمريكية لإيران"، وفق تعبيره.

وأوضح أن هذا الأمر "يعني أن الحوثيين يتحركون وفق مصالح وأجندة طهران مهما حاولوا تغليف تصرفاتهم بالقضية الفلسطينية وغيرها من القضايا العادلة".

التهديد الإقليمي

بدوره، يقول رئيس مركز "أبعاد" للدراسات والبحوث السياسية والاستراتيجية، عبد السلام محمد: "انتقل الحوثيون من التهديد المحلي في اليمن، إلى التهديد الإقليمي والدولي، ليُثيروا القلق من وجود ميليشيا مدعومة من إيران قرب باب المندب، خاصة عندما قرر الحوثيون إغلاق البحر الأحمر بحجة الدفاع عن غزة".

ويضيف محمد، لـ"إرم نيوز"، أن "الأمريكيين درسوا كيفية كبح نفوذ إيران في هذه المنطقة، أولا لإضعاف إيران بشكل أساسي، وثانيًا لمنع تهديد خطوط الملاحة الدولية، إضافة إلى التصدي لتهديد البوارج والقطع البحرية الأمريكية، ومع ذلك فإن الصراع السياسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي أدّى إلى تأجيل تنفيذ هذا المخطط".

 وتابع محمد: "أما العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، فقد كانت غير فعالة، نظرًا لأن الحزب الديمقراطي كان ينظر إلى الحوثيين على أنهم مستقلون عن القرار الإيراني، ونتيجة لذلك، تم إلغاء تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، لكن عندما جاء ترامب أعادهم إلى هذا التصنيف، ليبدأ معها البنتاغون في تنفيذ خططه".

ويُرجّح محمد بأن "تحقق هذه الضربات مصالح أمريكية من خلال إنهاء تهديد الحوثيين لدول البحر الأحمر"، متسائلًا "لكن هل ستقضي على الحوثيين تمامًا؟".

ويلفت إلى أن "هناك أكثر من سيناريو قد ينتج عن ذلك، إذ يكمن السيناريو الأول في أن يتراجع الحوثيون ويقبلوا بإنهاء الانقلاب، وتسليم السلطة للدولة اليمنية، أما السيناريو الثاني فقد يلجأ إليه الحوثيون من خلال التصعيد عسكريًا على المستوى المحلي، سواء باتجاه التقدم الميداني صوب مأرب أو باتجاه مناطق أخرى، خاصة أنهم الآن في وضع حصار بسبب تراجع الموارد التي كانوا يعتمدون عليها".

أما السيناريو الثالث، وفق محمد، وهو الأرجح، يتمثل في أن "يستمر الحوثيون في القتال والمواجهة، حيث إن طبيعة حركتهم ونشأتهم (الراديكالية) لا تسمح لهم بالانخراط في العمل السياسي أو تقديم التنازلات".

ولفت إلى أنه "لم يسبق للحوثيين أن تراجعوا خطوة واحدة لصالح أمن اليمن، بل استغلوا القضايا الإنسانية والوطنية والإسلامية والعربية، لتحقيق مصالحهم التوسعية، التي تتماشى مع المصالح الإيرانية في المنطقة".




شارك برأيك