آخر تحديث :السبت 29 مارس 2025 - الساعة:14:58:35
القائد العنيد.. جهود العميد وجدي باعوم لتحقيق الأمن والاستقرار في شبوة
(بقلم/ محمد عبدالله رويس)

 

منذ أن تولى مهام قيادته، لم يُبالِ العميد وجدي باعوم بالأخطار التي تحيط به بقدر حرصه على أن تنعم محافظة شبوة بالأمن والأمان والاستقرار. يُجسد هذا القائد نموذجًا للإرادة الصلبة والطموح، فمنذ بداية مشواره في السلك العسكري والأمني، تميز كشاب طموح يحمل عزيمةً لا تُكسَر.  

تخرّج من كلية الشرطة وعمل في أقصى الحدود الشرقية بالمهرة، مُتقبّلاً واجباته برضىً تام، واعياً أن هذه التجارب ستصقل مهاراته وتُثري خبراته. أينما حلَّ، نسج علاقات وطيدة مع المجتمع، مما أكسبه احترام الأهالي وتقديرهم. بلغ تقدير أهالي المهرة له مبلغًا جعلهم يسافرون مسافات طويلة من المهرة إلى شبوة لحضور حفل زفافه، تعبيرًا عن وفائهم لهذا الضابط الذي ترك أثرًا في قلوبهم.  

انضم إلى "النخبة الشبوانية" منذ تأسيسها، وبفضل مؤهلاته العلمية ومهاراته القيادية الفذة، نال ثقة القيادة التي منحته قيادةَ اللواء الرابع. عند وصوله إلى شبوة، كانت العاصمة عتق تعاني انفلاتًا أمنيًا خطيرًا وتحديات إرهابية تهدد بإسقاطها. لكن خلال أيام قليلة، نجح في نشر قواته وتأمين المدينة. كان صاحب المبادرة في قرار منع حمل السلاح داخل عتق، والذي لقي إشادةً واسعةً من المواطنين، إذ ساهم في خفض معدلات الثأرات القبلية وإنهاء نزيف الدماء بعد تحرير المدينة من مليشيات الحوثي عام 2015.  

مثّلت النخبة الشبوانية نموذجًا يُحتذى في الانضباط والولاء وخدمة المواطنين، كونها قواتًا من أبناء المحافظة الذين يعرفون هموم المجتمع ويُقدّمون التضحيات في مواجهة الإرهاب. لم يتبعوا سياسة المُهادنة التي انتهجها السابقون، بل خاضوا معارك ضارية وحققوا انتصاراتٍ غيّرت المشهد الأمني.  

عندما اندلعت الأزمة السياسية عام 2019 بين الانتقالي والشرعية، انحاز العميد باعوم إلى المشروع الجنوبي، وقاتل بشجاعةٍ لم تُثنِها النتائج المؤقتة. أعاد تنظيم قواته المبعثرة ووحّدها، رغم القرارات الجائرة التي صدرت بحقه ومحاولات خصومه تصفيته أو تشويه سمعته بحملاتٍ إعلاميةٍ مغرضة. لكن ذلك زاده إصرارًا على مواصلة مشواره.  

عاد إلى شبوة ليقود قواته في معارك تحرير بيحان من الحوثيين، بالتعاون مع قوات العمالقة الجنوبية والمقاومة الجنوبية، حتى تحقق النصر. بعد التحرير، واصل عمله الدؤوب لإعادة انتشار القوات، مُتحملًا مسؤوليةً مزدوجة: تأمين المدن وحماية الحدود والجبهات في أطراف شبوة.  

*الانحياز للشرعية ومواجهة التمرد*  
عندما بدأت ملامح التمرد على السلطة المحلية في أغسطس 2022، بقيادة قوات أمنية وعسكرية موالية للإصلاح، أدرك العميد وجدي خطورة المخطط. حاول جاهدًا منع إراقة الدماء، لكن إصرار المتمردين على إشعال الفتنة دفعه للانحياز لشرعية المحافظ بن الوزير والدفاع عنها بكل قوة. كانت معركةً شرسةً، لكن إرادة القائد المنتصر حوّلت الهزيمة المتوقعة إلى نصرٍ ساحق.  

*الانتصار بالإنسانية*  
بعد إخماد التمرد، قدم العميد باعوم درسًا في النبل الإنساني: أصدر قرارًا بالعفو عن الجنود والضباط المتمردين، رافضًا سياسة الانتقام أو الاعتقالات التعسفية. لم يُفتح ملف انتهاكات الماضي، بل اختار طيَّ الصفحة بكل ما حملته من آلام، مؤمنًا بأن المستقبل يُبنى بالتسامح والعبرة من الدرس.  

هكذا، لم يكن انتصاره عسكريًا فحسب، بل انتصارًا على الذات، وتأكيدًا على أن القيادة الحقيقية تُقاس بأخلاقها لا بقوتها. العميد وجدي باعوم.. قائدٌ كتبت إرادته ملحمةً للأمن، وسطرت إنسانيته دستورًا للعفو حين يمتلك المنتصرون الحق في العقاب.  




شارك برأيك