آخر تحديث :الثلاثاء 14 يناير 2025 - الساعة:12:32:48
طمس وفقدان للهوية وضياع للمعالم..
لمصلحة من يتم التعمد في نسيان أهم وأبرز الصروح الثقافية المعرفية والتاريخية بعدن ؟
(الأمناء/ تقرير/هاشم بحر:)

تاريخ الجنوب وعدن شاهد على مر الأزمنة بعلامات فارقة شكلت رونقا وضاء في مختلف الأنشطة والمجالات منها معالم وصروح وعانى الجنوب من الطمس والاهمال والضياع والسلب والنهب لمقدراته وثرواته ومؤسساته ومعالمه لاسيما بعد الوحدة المشؤومة وظلت في طي النسيان وغياهب الضياع ومنها من لم يسلم حتى بعد حرب الحوثي الغاشمة وقضت على ما تبقى منها .. من تلك المعالم : مكتبة الاكليل والمكتبة الوطنية والمتحف العسكري والتي ظلت هامدة بعد خفت بريقها وضاع رونقها بسبب الإهمال والطمس وفقدان الهوية ونستعرض هذه الثلاثة المعالم كنموذج لمعرفة ما عاناه ويعانيه الجنوب وعدن من إهمال لمعالمها التاريخية والفنية والمعرفية.

مكتبة الاكليل

الواقعة في مدخل كريتر بجانب مبنى شركة التأمين وإعادة التأمين والتي تعتبر من أقدم وأعرق المكتبات في تاريخ عدن والتي تميزت بالمطبوعات والكتب لدور النشر العربية والاجنبية والتي تم إعادة تأهيلها في عام ٢٠٠٥م وظلت تؤدي دورها ولكن مع مرور الوقت خفت بريقها تدريجيا حتى تعرضت الاقتحام من قبل أسرة شرذت أثناء فترة الحرب الحوثية واضطرت للسكن في المكتبة التي تتبع هيئة الكتاب المدرسي خوفا من العيش في العراء والتشرد..  فلماذا لم يتم الاهتمام بهذا المعلم وحل الإشكالية العالقة بينها وبين الأسرة وتعويضهم سكن لائق والاهتمام به كصرح ثقافي ومعرفي.

المكتبة الوطنية

 مكتبة الفقيد باديب ( المكتبة الوطنية ) والتي أفتتحت عام 1980 من القرن الماضي كهدية من دولة الكويت الشقيقة، كان التصميم الرائع للمكتبة والتي بنيت على أنقاض مدرسة يهودية، يوفر للقارئ كل أجواء القراءة ، بل والاستمتاع بها وتم  رفدها بكتب ومراجع و مجالات مختلفة ثم جلبها من الخارج وبعضها نقل من مكتبة مسواط ومكتبة الجيش البريطاني إلى مكتبة باديب خدمة للقراء والباحثين والذين قصدوها من داخل الوطن وخارجه.

ظلت مكتبة باديب تؤدي دورها على أكمل وجه، إلا أن حرب عام 1994 مثلث صفحه حزينه في تاريخها، فالانفلات الأمني الذي عقب الحرب مثل أرض خصبة لنهب المكتبة، لكن أكثر ما أضر المكتبة هو نهب منظومة التكيف المركزي لها، وهو أكثر ما تحتاجه الكتب والمصنفات لإطالة عمرها وحفظها من التلف، وظلت المكتبة تعاني الإهمال لسنوات مثلها مثل كل المقومات والمرافق والمؤسسات الثقافية والعلمية والحضارية، فأنطفأت أنوار المكتبة العريقة ودفن شعاعها العلمي والحضاري والثقافي.

وظلت في عمق النسيان مهملة دون الاهتمام بها ناهيك عن الاشتباكات  أثناء حرب 2015 ومابعدها، و نهبت جميع محتوياتها من الكراسي والطاولات والالات تصوير وأجهزة كمبيوتر والتكييف، أما كتبها فبعثرت بالأرض في منظر يبعث في النفس الاشمئزاز والحسرة الأمر الذي جعل المكتبة تغلق أبوابها في وجه القراء ، والباحثين.

المتحف الحربي

الواقع في كريتر والذي يعد من أهم وأبرز المعالم التاريخية والفنية كواجهة من واجهات الحضارة في تاريخ الجنوب عامة وعدن خاصة تعرض بدوره ولازال للإهمال والنسيان في ظل صمت رهيب دون إعادة النظر لمثل هذه المعالم التي كانت لها بصمات في التاريخ العدني العريق.

و يعود تاريخ المتحف الحربي إلى 1918، حيث كان مدرسةً (إقامة) للتعليم الابتدائي. وبعد الاستقلال عن بريطانيا، حُوِّلت المدرسة في 22 مايو 1971 إلى متحف مخصص للتراث العسكري اليمني، بناء على القرار الصادر عن الرئيس سالم ربيع علي آنذاك، وكان المتحف يتألف حينذاك من 7 صالات، وبعد الوحدة اليمنية دُمج هذا المتحف مع المتحف الحربي بصنعاء ضمن إدارة جديدة، ثم جرت له عملية ترميم وتجديد في 1998، ليُفتَتح مرة أخرى في 2001م ومن أبرز مقتنياته كانت تتمثل بالأسلحة القديمة، وصور الثوار، ومعروضات عن تاريخ اليمن العسكري، ومراحل التطوير الحديث الذي شهدتها القوات المسلحة اليمنية. ويحتوي المتحف كذلك على نظام إلكتروني لتخزين وعرض المعلومات عن تاريخ الثورة اليمنية ومراحلها المختلفة بالصورة والتاريخ والحدث. وتحتوي معروضاته على صور وأعمال يدوية صنعها الإنسان من الحجارة قبل 6 آلاف عام قبل الميلاد.

وهكذا حتى جاءت حرب ٢٠١٥م وقضت على البنية التحتية ونهبت محتويات المتحف والمقتنيات ولم تتبقى غير أنقاض جدران خاوية على عروشها.

 

دعوات لمن يهمه الأمر

 

لمصلحة من يتم التعمد في نسيان أهم وأبرز الصروح الثقافية المعرفية والتاريخية ؟ ومن يقف وراء التعمد في أن تظل هذه المعالم هامدة دون أن يحرك احدا ساكنا ازاءها؟

لذا لابد من توجيه دعوات ورسائل عاجلة لأعلى سلطة في القرار إعادة النظر بهذه الصروح الثقافية المعرفية والفنية وانتشالها من أنقاض الإهمال والنسيان وإعادة البريق والرونق لها وإيجاد فرص التعاون من المنظمات للاشتراك بدعم إعادة تأهيل هذه المعالم .




شارك برأيك