- نفاذ الوقود يخرج محطة كهرباء الرئيس عن الخدمة
- تعرف على سعر الصرف وبيع العملات مساء الثلاثاء بالعاصمة عدن
- سياسي موالي للحوثيين يهاجم جماعته ويكشف الحقيقة بشأن صرف نصف الراتب
- صحيفة أمريكية: الجيش الإسرائيلي وضع خطط لإسقاط مليشيا الحوثي في اليمن
- مصدر يكشف عن الوزارات المشمولة بالتعديل الوزاري.. فمن هم الوزراء الجدد؟
- السلطة المحلية بحضرموت ترحب بالبيان الصادر عن مجلس القيادة بشأن خطة تطبيع الأوضاع في المحافظة
- حيدان يطالب منتسبي الأمن الجنوبيين بتقديم تعهدات ويرسل الرواتب إلى صنعاء دون أي شروط "وثائق"
- مدير فرع الهيئة العامة للاستثمار بلحج ( أ / علاء إبراهيم ) لـ"الأمناء" : 112 فرصة استثمارية واعدة في لحج تنتظر المستثمرين الجادين
- عاجل : اشتباكات مسلحة بين قوات محور سبأ ومليشيا الحوثي في شبوة
- الكثيري يناقش تدخلات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في محافظات الجنوب
بوتين قال وبوضوح: روسيا لم تهزم في سوريا، بل ربحت. والحقيقة أن روسيا فعلاً ربحت في سوريا وتحصلت على كنز ثمين، وتركت لتركيا ما تريد، وأخذت هي ما تريد. تفاصيل كثيرة في صفقة القرن الروسية التركية.
دعونا نبدأ من هذا الخبر الذي كان بعد ثلاثة أيام فقط من سقوط نظام الأسد في سوريا، ونشرته صحيفة Wall Street Journal الأمريكية. ثلاثة أيام فقط لنقل معدات، وجنود، وأنظمة دفاع جوي! هل هذه المدة كافية للقيام بكل هذا؟ بالطبع لا. فالتحضير لمثل هذه العملية يحتاج ليس أياماً أو أسابيع، بل شهوراً، خاصة أن في تفاصيل الخبر ذكرت أن طائرات شحن روسية قامت بنقل معدات دفاع جوي متقدمة، بما في ذلك رادارات لأنظمة الدفاع الجوي S-400 وS-300، من سوريا إلى قواعد في شرق ليبيا يسيطر عليها الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر.
وأظهرت بيانات ملاحية أن طائرات الشحن الروسية أجرت رحلات عدة إلى قاعدة الخادم الليبية، ما يعني أن العملية تمت فعلاً، وأن روسيا نقلت كثيراً من عدتها وعتادها من سوريا إلى ليبيا. أي أن عملية التحضير كانت سابقة.
وبمعنى آخر، موسكو كانت تستعد لمثل هذه الخطوة قبل سقوط نظام الأسد.
وطبعاً على الجانب الآخر، خرج رئيس حكومة غرب ليبيا عبد الحميد الدبيبة مستنكراً ومطالباً روسيا بتوضيحات. فهو يعلم أن تعزيز قوة شرق ليبيا لن يكون لصالحه، ولا لصالح الغرب الليبي الذي كان النفوذ المطلق فيه لتركيا. نعم، لتركيا.
نترك هذا الخبر لخبر آخر، وهو تصريح من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال فيه إن موسكو تتفهم المخاوف المشروعة لأنقرة في سوريا وعلى حدودها الجنوبية. هذا التصريح كان تعليقاً على التحركات التركية تجاه الأكراد في سوريا.
ما يعني أن الوزير الروسي يدعم تركيا في هذه العملية التي ترفضها أمريكا والغرب. وتخيلوا أن روسيا، التي يُفترض أنها خسرت سوريا بسبب دعم تركيا لفصائل المعارضة والثورة، ما زالت صديقة للأتراك، بل وتدافع عنهم وعن تحركاتهم في سوريا!
هل يعقل أن تكون روسيا قد هُزمت فعلاً بسبب الأتراك ومع ذلك تدعمهم وتؤيدهم؟ الحقيقة أن كل المؤشرات والشواهد تقول عكس ذلك تماماً. بل تقول إن كل من تركيا وروسيا ربحتا على حد سواء، وأن التنسيق بين أنقرة وموسكو يصل حد التحالف.
دعونا نستذكر ما جرى على حدود تركيا الغربية في عام 2023، حين قامت أذربيجان باستعادة الإقليم الذي كان يسبب لها الخلاف مع أرمينيا المدعومة روسياً. ولمن لا يعلم، لقرابة ثلاثة عقود، كانت أرمينيا، بفضل الدعم الروسي، تتفوق على أذربيجان، على الأقل في مسألة الصراع حول إقليم قره باغ والسيادة عليه.
لكن فجأة في سبتمبر من عام 2023، رفعت موسكو يدها عن الأرمن، وتقدم الأذريون، ووضعوا يدهم على الإقليم، وأيضاً لصالح تركيا. ومع ذلك اشتدت متانة العلاقات الروسية التركية.
بالنظر لما حصل في سوريا مؤخراً، وحتى ما جرى في أرمينيا، فهذا مؤشر على أن روسيا تظهر وكأنها تتخلى عن مناطق نفوذها في آسيا، بينما الحقيقة عكس ذلك. روسيا تبادل مناطق نفوذ لها بمناطق أخرى ربما بالنسبة لها أكثر أهمية.
لكن عن أي مناطق نتحدث؟ من الواضح أن ليبيا هدف أساسي للروس، وأكثر أهمية حتى من سوريا. فسوريا تحت سطوة الأسد كانت عبئاً على الروس؛ دولة شبه منهارة، باقتصاد منهار، وعملة لا تساوي ثمن طباعتها. كما كانت مقسمة لصالح دول أخرى، أبرزها أمريكا وإيران وتركيا.
في المقابل، ليبيا دولة غنية، على حدود أوروبا الجنوبية، وتمتلك سواحل طويلة ممتدة على المياه الدافئة التي تريدها موسكو. كما أنها أهدأ نسبياً، حتى لو كانت مقسمة. فعدد سكانها القليل يجعل السيطرة عليها أقل تكلفة.
علاوة على ذلك، تمتد ليبيا على مساحات شاسعة توفر ممرات للوصول إلى عمق القارة الإفريقية. ودعونا نخبركم أن هذا ما تريده روسيا: عمق القارة الإفريقية.
هذه استراتيجية بدأت موسكو بتطبيقها في السنوات الأخيرة، وأنشأت لأجلها ذراعاً عسكرية قوية أسمته "الفيلق الإفريقي"، ومقر قيادته في ليبيا. ليس هذا فحسب. الجميع يعلم ما جرى غرب إفريقيا، حيث عززت روسيا نفوذها في ثلاث دول هي النيجر ومالي وبوركينا فاسو بعد طرد الفرنسيين منها، ودعمت تحركات مماثلة في تشاد غرب السودان، جارة ليبيا الجنوبية.
وفي إفريقيا أيضاً، الجزائر تُعد أكبر الدول المتحالفة مع روسيا في القارة السمراء. إذن موسكو تريد إفريقيا. وتركيا قدمت لها أكثر من ليبيا، حيث للأتراك نفوذ قوي في القارة، في دول أخرى غير ليبيا، منها النيجر، التي لروسيا الآن نفوذ قوي فيها.
تركيا سبقت روسيا إلى النيجر، ولها فيها نفوذ عسكري واقتصادي. هذا فضلاً عن التواجد التركي في الصومال ودول شرق إفريقيا المحاذية للبحر الأحمر. وتحديداً، هذه المناطق تريد موسكو دخولها، لأنها توفر فرصاً أفضل للضغط على الغرب.
لذا يمكن القول ببساطة، وبالنظر للعلاقات التركية الروسية وما جرى بينهما في السنوات الأخيرة، أن هناك تنسيقاً وتخطيطاً كاملاً يرافق تحركات البلدين، يصل حد الصفقة. وصفقة تعد مجزية ومربحة للطرفين، حيث تمكنت تركيا من تحجيم أرمينيا، وتعزيز حضورها في أذربيجان، وكذلك في سوريا.
في المقابل، روسيا تسير بخطى ثابتة نحو إفريقيا. وهذا يفسر الثقة التي يتحدث بها بوتين عن انتصاره في سوريا. نعم، هو انتصار للمصالح الروسية الخارجية. أما الأسد ونظامه، فلا قيمة لهم في حسابات أحد.