آخر تحديث :الاربعاء 01 يناير 2025 - الساعة:21:43:50
"اليمن 2025: الجنوب على حافة التغيير والشمال يواجه الانهيار – هل من أفق للسلام؟"
(بقلم: وضاح الحريري)

 

 

على مدار سنوات من عملي كصحفي ومراسل ميداني، كنت شاهدًا على التحولات الكبرى التي شهدتها اليمن شمالًا وجنوبًا. هذه التجارب منحتني فرصة قريبة لرصد الأحداث عن كثب، وتحليل تعقيداتها السياسية والاقتصادية. ومع اقتراب العام 2025، يبدو المشهد أكثر تعقيدًا، خاصة فيما يتعلق بمصير القضية الجنوبية ودور المجلس الانتقالي، إضافة إلى تحديات الشرعية في ظل سيطرة الحوثيين على الشمال.

في هذا المقال، أحاول قراءة التطورات واستشراف مستقبل اليمن بناءً على المعطيات الحالية، مع تسليط الضوء على قضية الجنوب وتداعيات انسحاب الرئيس عيدروس الزبيدي من المفاوضات الأخيرة في الرياض. الهدف من هذه القراءة الإعلامية هو تقديم تصور واقعي للأحداث، معتمدًا على الخبرة والمعايشة الميدانية.


---

القضية الجنوبية: بين التصعيد وتعزيز المطالب

القضية الجنوبية ستظل محورًا أساسيًا في الأحداث المقبلة، خاصة مع انسحاب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، من المفاوضات الأخيرة في الرياض.

ما وراء انسحاب الزبيدي من المفاوضات

انسحاب عيدروس الزبيدي جاء نتيجة ما وصفه مراقبون بمحاولات تهميش القضية الجنوبية في المباحثات وإصرار بعض الأطراف على تقديم تنازلات تمس جوهر المطالب الجنوبية. هذه الخطوة تحمل العديد من الدلالات، وقد تسفر عن سيناريوهات مختلفة:

تعزيز الدعم الشعبي للمجلس الانتقالي:
الانسحاب قد يُعتبر رسالة قوية لجماهير الجنوب بأن المجلس الانتقالي لن يقبل بحلول وسطى تضعف موقف الجنوب، مما يعزز التفاف الشعب حول قيادته.

التوتر مع الشرعية والتحالف العربي:
الانسحاب قد يزيد من حدة التوتر بين المجلس الانتقالي وبعض أطراف الحكومة الشرعية، وربما يُحدث تصعيدًا سياسيًا مع التحالف العربي إذا استمر تجاهل مطالب الجنوب.

ضغوط دولية جديدة:
قد يدفع الانسحاب الأطراف الإقليمية والدولية إلى إعادة النظر في منهجية المفاوضات، وربما يتم استحداث مسار خاص بالقضية الجنوبية لضمان عدم تجاهلها مستقبلاً.

احتمالات التصعيد الميداني:
إذا لم تُؤخذ مطالب المجلس الانتقالي بجدية، فقد يلجأ إلى خطوات تصعيدية مثل إعلان قرارات أحادية الجانب، مما قد يؤدي إلى مواجهات مع أطراف أخرى.

---

الأزمة الاقتصادية والسياسية في الشمال: الحوثيون أمام تحديات كبرى

جماعة الحوثي تواجه عامًا مصيريًا في ظل التدهور الاقتصادي والاحتقان الشعبي.

ترسيخ السيطرة:
الجماعة قد تسعى إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية في مناطق سيطرتها عبر استخدام الدعم الإيراني أو فرض إجراءات اقتصادية جديدة، لكنها ستظل تواجه تحديات كبيرة بسبب الأزمة الإنسانية والاقتصادية.

تصاعد الاحتجاجات:
استمرار الضغوط المعيشية قد يدفع المواطنين في الشمال إلى الانتفاض ضد الجماعة، خاصة في ظل تراجع الخدمات العامة وغياب الرواتب.

احتمال التسويات السياسية:
مع الضغط الدولي المتزايد، قد تضطر الجماعة للقبول بمفاوضات تؤدي إلى تسويات سياسية مرحلية، لكنها ستسعى للاحتفاظ بسيطرتها على الشمال.

---

الجنوب: إدارة الدولة ومواجهة التحديات

القوات المسلحة الجنوبية بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي تواجه اختبارات حقيقية في العام الجديد.

الإصلاحات الإدارية والاقتصادية:
المجلس قد يركز جهوده على تحسين الخدمات العامة والبنية التحتية في الجنوب، وهو ما سيزيد من شعبيته ويعزز شرعيته على الأرض.

التحديات الأمنية:
استمرار التوترات مع الحكومة الشرعية أو محاولات اختراق الجنوب من قبل الحوثيين قد يخلق تحديات أمنية إضافية.

الدور الإقليمي:
تعزيز العلاقات مع دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات، سيكون عاملًا حاسمًا في تحقيق الاستقرار وتنفيذ المشاريع التنموية.

---

دور الشرعية: على الهامش أم في قلب الأحداث؟

مع تراجع دور الشرعية خلال السنوات الماضية، تبدو خياراتها في 2025 محدودة.

استمرار التهميش:
قد يظل دور الشرعية رمزيًا، مقتصرًا على المشاركة في المفاوضات الدولية دون قدرة حقيقية على التأثير في الواقع على الأرض، وقد تكون مجرد ورقة تستخدم بيد الأقليم والمجتمع الدولي من أجل مصالحهم.

إعادة التموقع:
في حال حدوث تغييرات داخلية أو ضغوط دولية، قد تسعى الشرعية لإعادة تموضعها عبر التحالف مع قوى جنوبية أو دولية.

العودة الدولية:
الأمم المتحدة والدول الإقليمية قد تحاول إعادة إحياء الشرعية كطرف في تسوية شاملة، ولكن ذلك يتطلب إعادة هيكلتها وتقديم شخصيات جديدة أكثر قبولًا.

---

خلاصة التوقعات: عام من التحولات الكبرى

القضية الجنوبية:
قد تشهد تقدمًا ملموسًا نحو تحقيق مزيد من المكاسب السياسية، لكنها ستواجه تحديات داخلية وخارجية.

الشمال تحت سيطرة الحوثيين:
الاحتقان الشعبي والأزمة الاقتصادية قد يدفعان الجماعة إلى إعادة حساباتها، لكن احتمالات التصعيد العسكري تظل قائمة.

الشرعية:
ستبقى على المحك، إما كطرف رمزي في التسويات الدولية أو عبر تحالفات جديدة تعيدها إلى الساحة.


2025 يحمل في طياته فرصًا للتسوية وإنهاء الصراع، لكنه في الوقت نفسه قد يكون عامًا لتصعيد أكبر إذا ما استمرت الانقسامات الداخلية وتضارب المصالح الإقليمية.


---




شارك برأيك