- بوادر تسوية سياسية تلوح في الأفق .. هل سيكون الجنوب جزء منها ؟
- مصادر لـ"الأمناء" : مجلس القيادة الرئاسي بكامل أعضائه في عدن خلال أيام
- وثائق تكشف تمرد حيدان على قرار وزارة المالية والرئاسي يلتزم الصمت..
- سر اجتماع غازي عنتاب الذي “أسقط” بشار الأسد .. تفاصيل الساعات الأخيرة
- تحليل خاص بـ"الأمناء":يستعرض آخر تطورات الأحداث في سوريا وانعكاسها على الوضع في اليمن..
- اجتماع يناقش اجراءات تصحيح مسار توزيع وحدات مدينة السلام السكنية في عدن
- عدن.. أول محطة صرف صحي تعمل بالطاقة الشمسية
- تعز.. وفاة شاب متأثرا بانفجار أسطوانة غاز سيارته
- وكيل وزارة النقل يبحث مع مسؤول أممي مشروع الحوكمة البحرية
- اليافعي: مؤامرات سياسية واجهت الشعب الجنوبي بعد تحرير عدن
كيف تخلت إيران عن وكلاءها حين اشتد الخناق عليها ؟
هل يمكن أن يشهد اليمن سيناريو مشابهًا لما حدث في سوريا؟
وكلاء إيران في المنطقة بلا غطاء..
هل اختارت طهران النجاة بنفسها؟
الأمناء / تحليل - غازي العلوي :
على مدار العقود الماضية، اعتمدت إيران على شبكة من الوكلاء في منطقة الشرق الأوسط لتعزيز نفوذها الإقليمي وتوسيع مشروعها الجيوسياسي. هذه الوكالات، التي تشمل جماعات مسلحة ومنظمات سياسية، لعبت دوراً محورياً في تنفيذ أجندة طهران على الأرض. ومع ذلك، برزت في الآونة الأخيرة إشارات تدل على تغير في الاستراتيجية الإيرانية، حيث تراجعت مستويات الدعم والغطاء الذي تقدمه إيران لوكلائها. يثير هذا التحول تساؤلات عميقة: هل تخلت طهران عن وكلائها حفاظاً على بقائها؟ وهل يشير هذا إلى إعادة تقييم لطموحاتها الإقليمية؟
أولاً: شبكة الوكلاء الإيرانيين - نظرة عامة
تطورت شبكة الوكلاء الإيرانيين كاستراتيجية محورية لتعويض القيود المفروضة على طهران، سواء من حيث العزلة الدولية أو القدرة العسكرية التقليدية. تشمل هذه الشبكة:
1. حزب الله في لبنان: الذراع الأكثر نفوذاً لإيران خارج حدودها.
2. الميليشيات الشيعية في العراق: مثل "الحشد الشعبي".
3. الحوثيون في اليمن: الذين وفروا لإيران منصة للضغط على السعودية.
4. الجماعات الفلسطينية المسلحة: مثل حماس والجهاد الإسلامي.
5. الوجود في سوريا: عبر دعم نظام الأسد وجماعات محلية مسلحة.
هذه الكيانات كانت بمثابة أدوات للضغط على خصوم إيران الإقليميين، وتنفيذ عمليات عسكرية غير مباشرة، وضمان نفوذها في المنطقة.
ثانيًا: التحديات والضغوط الداخلية والخارجية على إيران
تعاني إيران في السنوات الأخيرة من ضغوط متزايدة، تشمل:
1. العقوبات الاقتصادية الدولية:
فرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات مشددة، مما أدى إلى تراجع اقتصادي كبير.
تقلصت قدرة طهران على تمويل وكلائها في الخارج.
2. التوترات الداخلية:
اندلاع احتجاجات داخلية واسعة بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
تزايد المعارضة الداخلية ضد توجيه الموارد لدعم الجماعات الخارجية على حساب رفاه الشعب الإيراني.
3. الضغوط العسكرية والسياسية الدولية:
التهديدات الإسرائيلية المتزايدة ضد وكلاء إيران، خاصة في سوريا ولبنان.
التحركات الخليجية والدولية لتقييد أنشطة الحوثيين في اليمن.
ثالثًا: التغيرات في استراتيجية طهران
تشير الدلائل إلى أن إيران بدأت في مراجعة استراتيجيتها الإقليمية، وذلك على النحو التالي:
1. تخفيض التمويل والتسليح:
لوحظ تراجع في الدعم المالي والعسكري الذي تقدمه طهران لوكلائها، خاصة في اليمن والعراق.
أدى هذا التراجع إلى إضعاف قدرة بعض هذه الجماعات على تنفيذ عملياتها.
2. تحولات دبلوماسية:
الاتفاق السعودي الإيراني بوساطة الصين في مارس 2023 فتح الباب أمام تقارب إقليمي.
تراجعت إيران عن التصعيد مع دول الخليج، ما أثّر على مستوى النشاط العسكري لوكلائها.
3. التنسيق مع القوى الكبرى:
يبدو أن إيران تسعى إلى تهدئة الأوضاع في المنطقة كجزء من استراتيجية لاستعادة الاتفاق النووي أو التفاوض على تخفيف العقوبات.
رابعًا: ردود فعل الوكلاء
مع تراجع الدعم الإيراني، أبدت بعض الجماعات تذمرها، وظهرت بوادر تصدعات داخل هذه الشبكة:
1. حزب الله في لبنان:
يواجه تحديات اقتصادية غير مسبوقة.
بدأ يركز على الداخل اللبناني، بدلاً من تنفيذ أجندات إقليمية واسعة.
2. الحوثيون في اليمن:
شهدوا انكماشًا في قدراتهم الهجومية، مما دفعهم إلى التفاوض مع السعودية.
3. الميليشيات العراقية:
تزايد الانقسامات الداخلية بين المجموعات المختلفة بسبب نقص التمويل.
4. الجماعات الفلسطينية:
تراجع الدعم العسكري، مع تحولات واضحة في العلاقة بين طهران وبعض هذه الجماعات.
خامسًا: هل اختارت طهران النجاة بنفسها؟
يبدو أن إيران باتت تدرك أن أولويتها الآن هي حماية النظام من الانهيار الداخلي، وليس متابعة أجندة توسعية مكلفة. وهذا يعكس تحولاً من استراتيجية "الهجوم المتعدد الأذرع" إلى سياسة "الحد من المخاطر". تتضمن هذه السياسة:
تركيز الموارد داخلياً لمعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
خفض التوتر الإقليمي لتجنب مواجهة شاملة.
إعادة بناء العلاقات الدولية بشكل يخفف الضغط عن النظام.
تعكس التحولات الحالية في سياسة إيران الإقليمية واقعاً جديداً، حيث تجد طهران نفسها مضطرة للتراجع عن دعم وكلائها في سبيل النجاة بنفسها. ورغم أن هذا التراجع قد يبدو مؤقتاً، إلا أنه يحمل تداعيات بعيدة المدى على هيمنتها الإقليمية. يبقى السؤال: هل ستتمكن إيران من تحقيق توازن بين البقاء الداخلي والطموحات الإقليمية، أم أن هذا التراجع هو بداية نهاية مشروعها التوسعي؟
هل يمكن أن يشهد اليمن سيناريو مشابهًا لما حدث في سوريا؟
شهدت سوريا خلال العقد الماضي حربًا مدمرة أثرت على البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة، مما أدى إلى تدخلات دولية وإقليمية، وصراع مستمر بين قوى داخلية مدعومة خارجيًا. وعلى الجانب الآخر، تشهد اليمن أزمة سياسية وأمنية منذ سنوات، حيث تسيطر مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء وأجزاء أخرى من البلاد منذ عام 2014. مع تعقيد المشهد اليمني وتصاعد الحديث عن تسويات محتملة، يُثار التساؤل: هل يمكن أن يشهد اليمن سيناريو مشابهًا لما حدث في سوريا؟
أولاً: مقارنة السياقين السوري واليمني
1. التشابهات بين الحالتين
الصراع الداخلي مدفوع بالتدخلات الخارجية:
في سوريا، أدى التدخل الروسي والإيراني لدعم النظام إلى مواجهة مباشرة مع تحالفات دولية أخرى تدعم المعارضة المسلحة.
في اليمن، يدعم التحالف العربي بقيادة السعودية الحكومة الشرعية، بينما تدعم إيران مليشيا الحوثي ماديًا وعسكريًا.
الطبيعة الطائفية والسياسية للصراع:
في سوريا، استُخدمت الانقسامات الطائفية كأداة لتأجيج الصراع.
في اليمن، تلعب الطائفية دورًا رئيسيًا في تعزيز قوة الحوثيين المدعومين من إيران ذات الأيديولوجية الشيعية.
الحالة الإنسانية الكارثية:
كلا البلدين يعانيان من دمار واسع النطاق، وتشريد الملايين، وأزمات إنسانية حادة.
2. الاختلافات الرئيسية
التركيبة الجغرافية والسياسية:
سوريا دولة مركزية ذات بنية مؤسساتية أكثر قوة من اليمن، الذي يعاني من هشاشة مؤسسات الدولة.
طبيعة التضاريس اليمنية والانقسام القبلي تزيد من تعقيد المشهد مقارنة بسوريا.
توازن القوى الدولية:
في سوريا، كان لروسيا نفوذ مباشر على الأرض عبر تدخل عسكري واسع.
في اليمن، رغم الدعم الإيراني للحوثيين، لم تصل إيران إلى تدخل عسكري مباشر مشابه لما قامت به روسيا.
ثانيًا: احتمالية تكرار المشهد السوري في اليمن
1. سيناريو التفكك والاستمرار في الصراع
قد يؤدي الجمود السياسي إلى استمرار الصراع، حيث تظل مليشيا الحوثي مسيطرة على صنعاء بينما تحافظ الحكومة الشرعية على سيطرتها في مناطق أخرى، مما يعزز الانقسام الفعلي للبلاد.
يشبه هذا السيناريو الحالة السورية حيث تسيطر قوى مختلفة على أجزاء محددة من البلاد، مع غياب أي حل شامل.
2. سيناريو التسوية الدولية
قد تسعى القوى الإقليمية والدولية لفرض تسوية سياسية تنهي الصراع، كما حدث في محادثات أستانا بشأن سوريا.
احتمالية نجاح هذه التسوية تعتمد على مدى استعداد الأطراف المحلية والإقليمية للتنازل.
3. سيناريو التدخل العسكري المباشر
على الرغم من أن إيران لم تتدخل عسكريًا بشكل مباشر في اليمن كما فعلت في سوريا، إلا أن أي تصعيد إقليمي قد يدفعها لزيادة دعمها للحوثيين، مما قد يؤدي إلى مواجهات أوسع.
ثالثًا: العوامل المؤثرة في السيناريو اليمني
1. الدور السعودي والإماراتي
التحالف العربي له مصالح استراتيجية في منع إيران من ترسيخ نفوذها في اليمن، مما يجعل أي تسوية تعتمد بشكل كبير على مواقف هذه الدول.
2. الدور الإيراني
إيران تستخدم الحوثيين كأداة ضغط في مواجهتها مع السعودية والولايات المتحدة. نجاح أي مفاوضات مرتبط بمدى استعداد إيران للتخلي عن هذا النفوذ.
3. الأوضاع الداخلية في اليمن
الانقسامات القبلية والجغرافية تعقد أي محاولة لحل شامل، مما يجعل من الصعب تحقيق استقرار طويل الأمد.
رابعًا: الدروس المستفادة من التجربة السورية
أهمية التسوية المبكرة: التأخر في إيجاد حلول يزيد من تعقيد الأزمة، كما حدث في سوريا.
معالجة الجذور الاجتماعية والاقتصادية: لا يمكن تحقيق استقرار سياسي دون معالجة التحديات الاقتصادية والإنسانية.
خاتمة
بينما تبدو بعض ملامح الأزمة السورية حاضرة في المشهد اليمني، إلا أن الخصوصيات الجغرافية والسياسية والاجتماعية لليمن تجعل من الصعب توقع تكرار السيناريو بحذافيره. مع ذلك، فإن استمرار الصراع دون تسوية شاملة يهدد بجعل اليمن ميدانًا لصراع طويل الأمد على غرار ما حدث في سوريا. المطلوب اليوم هو دور دولي وإقليمي أكثر جدية لتحقيق السلام، مع مراعاة مصالح كافة الأطراف والحد من التدخلات السلبية التي تفاقم الأزمة.