آخر تحديث :السبت 19 اكتوبر 2024 - الساعة:02:31:32
علاقة الإخوان المسلمين بإيران: تحالفات تكتيكية وطعنة للدول العربية
(الامناء نت/وكالات:)

منذ تأسيس جماعة *الإخوان المسلمين* في مصر عام 1928، كانت الجماعة تسعى لبناء علاقات مع مختلف الأطراف الإسلامية، بما في ذلك إيران. ورغم الاختلاف المذهبي بين الطرفين، إلا أن جذور العلاقة بين الإخوان وإيران تعود إلى ما قبل *الثورة الإيرانية* في عام 1979. مع مرور الوقت، تطورت هذه العلاقة إلى تحالفات تكتيكية، لكنها في الوقت ذاته تمثل طعنة للدول العربية التي تعادي إيران وتسعى إلى مواجهة نفوذها الإقليمي.

تعود العلاقة بين الإخوان وإيران إلى *أربعينيات القرن الماضي، حينما التقى **حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، بالإيراني الشيعي **نواب صفوي، مؤسس حركة **فدائيان إسلام*. كان هذا اللقاء في القاهرة نقطة تحول في العلاقة بين الجماعتين السنية والشيعية، حيث رأى الطرفان أن هناك قواسم مشتركة تجمع بينهما، خاصة في قضايا مقاومة الاستعمار البريطاني في المنطقة.

*نواب صفوي* كان من القيادات الشيعية الإيرانية المؤثرة في تلك الفترة، وكان يحمل أيديولوجيا مشتركة مع البنا فيما يتعلق بضرورة إقامة دولة إسلامية والتصدي للنفوذ الغربي في المنطقة. ورغم أن اللقاء بين البنا وصفوي لم يفضِ إلى تحالف سياسي مباشر، إلا أنه أسس لأرضية فكرية مشتركة بين الإخوان والحركات الإسلامية الإيرانية، مما مهد للتقارب الذي حدث لاحقًا بعد الثورة الإيرانية.

بعد *الثورة الإيرانية* في عام 1979، وجدت جماعة الإخوان المسلمين في إيران نموذجًا جديدًا للنظام الإسلامي الذي طالما سعت إليه. رغم أن النظام الإيراني كان شيعيًا، إلا أن الإخوان أبدوا إعجابهم بفكرة الدولة الإسلامية التي أطاحت بنظام الشاه، الذي كان حليفًا للولايات المتحدة. اعتبرت الجماعة أن ما حدث في إيران يمثل انتصارًا للإسلام السياسي، حتى وإن اختلفت المذاهب.

بدأت إيران بدورها تسعى إلى توظيف الإخوان في استراتيجيتها للتوسع الإقليمي، حيث دعمت بعض فروع الإخوان في المنطقة كجزء من سياسة تعزيز نفوذها في العالم العربي. في هذه الفترة، ظهر التعاون بين إيران وحركات إسلامية مثل *حماس* و*حزب الله*، حيث قامت إيران بتقديم الدعم المالي والعسكري لهذه الحركات التي تتبنى فكر الإخوان.

على الرغم من التحالفات الظاهرة بين إيران والإخوان، إلا أن هذا التعاون يُنظر إليه من قبل الدول العربية، وخاصة الدول التي تعادي إيران مثل *السعودية* و*مصر، على أنه **طعنة في الظهر. هذه الدول ترى في إيران تهديدًا لاستقرارها، نظرًا لتدخلاتها في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية ودعمها للحركات الشيعية المسلحة مثل **حزب الله* و*الحوثيين*.

تحالف الإخوان مع إيران يُعتبر بالنسبة للدول العربية غير المتوافقة مع السياسة الإيرانية في المنطقة تعزيزًا لنفوذ الأخيرة في المنطقة، حيث تُستخدم هذه الجماعات الإسلامية كأدوات لتقويض الأنظمة السياسية القائمة في الدول العربية السنية. على سبيل المثال، دعمت إيران *حماس* في مواجهتها مع إسرائيل، وفي نفس الوقت كان هذا الدعم يزعج الأنظمة العربية التي ترى في تحالفات كهذه تهديدًا لاستقرار المنطقة.

رغم أن الإخوان المسلمين يرفعون شعارات الوحدة الإسلامية، إلا أن تحالفاتهم مع إيران تعكس ازدواجية واضحة في مواقفهم. ففي الوقت الذي يتحدثون فيه عن التصدي للنفوذ الإسرائيلي، يقيمون تحالفات مع إيران، الدولة التي تنخرط في صراعات مع بعض الدول العربية. هذا التحالف أثار انتقادات واسعة في الأوساط العربية، حيث يُنظر إلى الإخوان على أنهم يسعون إلى تحقيق مكاسب سياسية على حساب استقرار المنطقة.

الدول العربية التي تتأذى من ساسية إيران في المنطقة ترى في تحالف الإخوان مع طهران دعمًا لأجندات إيرانية تهدف إلى توسيع نفوذها الإقليمي على حساب الأمن العربي. وفي الوقت نفسه، فإن الإخوان يرون في إيران حليفًا قادرًا على تقديم الدعم المالي والعسكري، خاصة في ظل الضغط الذي يتعرضون له بعد أحداث ما يسمى الربيع العربي. 

العلاقة بين الإخوان وإيران تكشف عن مدى *براغماتية الطرفين* في بناء تحالفاتهما. على الرغم من الخلافات المذهبية والأيديولوجية، فإن كلا الطرفين يسعى إلى تحقيق مصالحه الخاصة، حتى لو كانت على حساب الوحدة العربية أو استقرار المنطقة. إيران تسعى من خلال هذا التحالف إلى توسيع نفوذها في العالم السني، بينما يحاول الإخوان استغلال الدعم الإيراني للبقاء في الساحة السياسية.

هذا التحالف يضع الإخوان في موقف صعب، حيث يتهمهم خصومهم السياسيون بأنهم يساهمون في زعزعة استقرار العالم العربي عبر تحالفهم مع إيران. ورغم أن الإخوان يحاولون تصوير هذا التحالف على أنه تحالف تكتيكي يهدف إلى مواجهة القوى الغربية، إلا أن الحقيقة هي أن هذا التحالف يضر بمصالح الدول العربية التي تقاوم النفوذ الإيراني في المنطقة.

العلاقة بين الإخوان المسلمين وإيران هي علاقة قائمة على *المصالح المتبادلة*، وليست على تحالفات استراتيجية دائمة. كل طرف يسعى إلى استخدام الآخر لتعزيز نفوذه، في حين أن الدول العربية التي تعادي إيران ترى في هذا التحالف تهديدًا مباشرًا لاستقرارها وأمنها.

الإخوان يدركون أن تحالفهم مع إيران قد يؤدي إلى مزيد من العزلة عن العالم العربي، لكنه في الوقت نفسه يمنحهم قدرة على الاستمرار في مواجهة الأنظمة السياسية التي تعاديهم. ومع استمرار الصراعات الإقليمية في سوريا واليمن والعراق، ستظل العلاقة بين إيران والإخوان تشهد تقلبات وتغيرات بناءً على التطورات الجيوسياسية.


 



شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل