آخر تحديث :الاحد 10 نوفمبر 2024 - الساعة:16:32:10
في يومه العالمي .. جهود جبارة لإنعاش زراعة القطن في بلادنا وإعادته للصدارة من جديد
(الامناء نت/خاص:)

تقرير / محمد النجار 

تَبقى الزراعة هي الثروة المُتجددة في كل العصور والأزمِنه، ويبقى المُزارع هو رأس المال الحقيقي الذي يُعتَمد عليه في توفير الغذاء والمَلبس لسُكان الكُرة الأرضية، لذلك انتعشت في القديم والحديث زراعة و تبادل القطن والحرير بين الدول والممالك، كونها تجارات رِبحيّة تُذِر الدَخل وتَقوم عليها الحِرف والصناعات ويُبنى عليها إقتصادات الدول.

*الذهب الأبيض*

القطن او الذهب الأبيض كما يُطلق عليه، يُعتَبر من المحاصيل النقدية التي تُوَفّر فُرص عمل لعشرات الملايين من المُزارعين في مختلف الدول، بل وتَرفد إقتصادياتها بالعُملة الصعبة، وتُعتَبر الصين والهند والولايات المتحدة الأمريكية في صَدَارة الدول المُنتجة للقطن على مستوى العالم، أما عربياً فتُعتَبر مصر هي الأولى من حيث زراعة القطن طويل التيلة والذي يُعتَبر الاجود عالمياً.

 *القطن يستوطن بلادنا*

 إذا ما عَرّجنا لزراعة القطن في بلادنا، فسَنَجد البدايات الأُولى لتَجربة زراعته كانت عام الف وتسع مئة وسبعة واربعين للميلاد، عندما توقفت صادرات القطن من الهند إلى بريطانيا والدول الأوربية، حينها قررت بريطانيا نقل زراعة القطن من الهند الى اتحاد الجنوب العربي الخاضع لسيطرتها آنذاك، فكانت أوّل تَجربة لزراعة نبتة القطن طويل التيلة في دلتا أبين كون التربة والمناخ مُنَاسِبين لزراعة القطن هُناك.

بعد نَجاح زراعة القطن طويل التيلة قامت بريطانيا بعمل بنية تحتيّة تُساهم في زيادة زراعة القطن، فَعَمَدت على إنشاء سد تحويلي وقنوات مائية في دلتا أبين وبناء مركز للبحوث والدراسات الزراعية أُطلق عليه مركز أبحاث الكود، ليس هذا وحسب بل أقامت أول مَحلج للقطن يقوم بجمع وتنقية القطن وتجهيزه تمهيداً لتصديره للخارج ، وذلك في بداية خمسينيات القرن الماضي حيث كان يُعتَبر أول مَحلج في شبه الجزيرة العربية.

نتيجة للمردود الضخم الذي يوفّره محصول القطن للمزارعين، انتقلت عدوى زراعته إلى محافظة لحج عام 1954 للميلاد، وتحديداً في دلتا تُبن ، بعد ذلك بعامين أُنشئ مَحلج للقطن في صبر إحدى مديريات محافظة لحج، وللتوسع أكثر في زراعة القطن أُنشئت في لحج لجنة لغرض الإنعاش الزراعي وكذا جهاز إداري يضم مُختصين في قطاع الزراعة، وبذلك شَهِدت محافظتي لحج وأبين زراعة محصول جديد تَغنّت به المحافظتين لعقود طويلة.

*شراكة بين بلادنا والصين أَثمرت عن إفتتاح أكبر مصنع للمنسوجات القطنية*

في الثلاثين من نوفمبر عام 1975 للميلاد، كانت العاصمة عدن على موعد مع افتتاح أكبر مُنشأة اقتصادية بعد مصافي عدن، هذه المُنشأة شَكّلت فارقاً في زراعة القطن الوطني، حيث جاءت كثَمَره للشراكة بين بلادنا وجمهورية الصين الشعبية، فلقد تم إفتتاح مصنع الغزل والنسيج بعدن بطاقة إنتاجية سَنَوية قُدّرت ب ٣ ملايين متر من المنسُوجات الجاهزة والمصنوعة من القطن القادم من مَحالج أبين ولحج كَفخر للصناعة والزراعة الوطنية.

منذ بداية زراعة نبتة القطن في بلادنا وحتى كتابة هذه الكلمات، شَهدت زراعة القطن تقدّماً وتراجعاً لأسباب مُختلفة وتَقلُبات عديدة قد لايَسع المجال لذكرها هُنا، إلا أنّ الحروب المتتالية التي شهدتها بلادُنا طيلة الثلاثين العام الماضية كانت أكبر المُسببات لتراجع زراعة القطن بل لإقفال محَالجه وكذلك توقف مصنع الغزل والنسيج في عدن، والذي كان يُعتَبر في يوماً ما أكبر المصانع العُمّالية في الوطن.

*جهود تُبدل لمنح القطن قُبلة الحياة*

في السنوات القليلة الماضية بدأت أُولى محاولات إعادة إنعاش زراعة القطن ومَنحه قُبلة الحياة من قبل قيادة وزارة الزراعة والري والثروة السمكية ممثلة باللواء سالم السقطري، تمثلت تلك المحاولات في توجيه صندوق التشجيع الزراعي والسمكي بدعم الجمعيات الزراعية التي تقوم بدعم مزارعين القطن لتشجيعهم على التوسع في زراعته، الحِفاظ على بَذرة القطن من الإندثار من خلال قيام مركز أبحاث الكود بتخصيص مساحة لزراعتها كان جزء من هذه المحاولات والتي ساهمت بشكل لافت في إعادة افتتاح مَحلج القطن في أبين بعد سنوات من الاغلاق.

لأن زيادة المحاصيل النقدية ومنها القطن تتطلب موارد مائية كبيرة جعلت قيادة الوزارة الحفاظ على مصادر المياه في أعلى هرم أولوياتها، تَبلور هذا في إعادة تأهيل السدود والقنوات المائية في محافظتي لحج وأبين كان ابرزها سد باتيس والبدء بإنشاء سد حسّان كمشروع وطني عملاق، سيحدث عند إكتماله نقلة نوعية زراعية على مستوى أبين والوطن أًجمع.



شارك برأيك