آخر تحديث :الخميس 21 نوفمبر 2024 - الساعة:23:07:54
الشهيد القائد محمد علي صالح الحُميدي إبن الأزارق البار وأسدها  المُهَاب ..وداعاً أيها الثائر المجاهد المغوار
(الأمناء / كتب / عبدالرحمن السبعي :)

سرمدية الفداء والصمود لم أرها باقية مثلما كانت بوجودك أيها  القيادي المَهِيب .. وبرحيلك واستشهادك المُفَاجِئ ياقائد جبهة " باب غَلَق " يامن كُنت حارِسُه الأمين وجدار الصَد الصامد في وجه التحديات، والذي تكسَرَت أمام صموده وثباته قرون الغزاة ومشاريعهم الخبيثة ،كما "هيهَاتَ أن يأتي الزَمانُ بِمِثلِه ، إنَّ الزمانَ بِمثلِهِ لَبَخِيلُ.

 

الشهيد القائد المجاهد المُقَدَم محمد علي صالح الحُميدي  قائد جبهة " باب غلق " في الشمال الشرقي لمحافظة الضالع، مدير إدارة مكافحة  المخدرات أحد الدعائم  القوية والسواعد الجسورة التي كان مشاركاً فيها كتف بكتف مع قائد حزام الضالع  بناء وتأسيس الحزام الأمني للضالع ، وإعادة تفعيل إدارة مكافحة المخدرات بالمحافظة

 

انطلق الشهيد القائد المجاهد  محمد علي  " أبو حمزة " الأزرقي في مسيرة بطولية قيادية استشهادية ، وحارب الحوثيين في مختلف الجبهات، وكان من أعمدة ركائز صمود المقاومة الجنوبية ضد ميليشيات الحوثي في جبهة الضالع في العام 2015 م ، ومن صناع ملحمة الانتصار العظيم ضد المليشيات حينها .

 

وبعد الانتصار العظيم استمر بكفاحه وجهاده مع رفاق دربه ، منتقلاً بين جبهات الضالع المختلفة متقدماً الصفوف الأولى، حيث برز نجم المجاهد  محمد علي في جبهة " الأزارق " حين حاولت المليشيات التقدم من جهة هذه الجبهة وقد سطر بطولات فيها ، وانتقل بعدها في العام 2016  إلى جبهات الفاخر وباب غلق واستمر هناك في كفاحه حتى عام 2018 ، حيث عين في هذا العام قائداً لتلك الجبهة بمساحاتها الشاسعة والكبيرة التي تتمركز بها قوات الحزام الأمني ، وظل قائداً لجبهات باب غلق وعين أيضاً في العام 2022 مديراً لمكافحة المخدرات بالمحافظة، ولكنه ظل دائما مرتبطاّ بالجبهات رغم تعيينه بمكافحة المخدرات، ومع إشتداد المعارك في العام 2024 في جبهات باب غلق تم تعيينه مجدداً ليقود جبهات باب غلق المشتعلة على مدار العام الحالي والأعوام السابقة ؛ حتى ترجل  مستشهداً مقبلاً غير مدبر في فجر يوم الأحد شهيداً مجيداً مجاهداً ضد المليشيات الحوثية.

 

ففي حضرة تابوت العظماء فلتتوشح الشهادة ياشهيدنا المغوار  ، فالشهادة هي تلك الورقة الرابحة التي تتسابق لها أرواح الأبطال المؤمنين بالله تعالى والمدافعين عن حرمة أوطانهم وكرامتها من أن تدوس عليها أقدام الغزاة الحوثيين .

 

كأنني بروحك الطاهرة وهي تُحَلِق وتَطِيرُ  في جوف طَيرِ خُضرِ  تسرح وتسمو وتُحَلِق لِتُستَودَع تحت  قناديل العرش، فهنيئاً لك الشهادة ، ونسأل الله تعالى أن يجعل منزلتك الفردوس الأعلى من الجنة.

 

بالطريقة المعتادة في رحيل العظماء وبفجائية الأقدار وحتمية القضاء المكتوب على كل ذي روح تنبض بالحياة ، هكذا وبدون سابق إنذار  صحونا يوم الأحد الموافق 15سبتمبر على فاجعة الاستشهاد المفاجئ للقائد البطل /محمد علي صالح الحُميدي.. قائد جبهة باب غلق شمال غرب الضالع  ،ومدير إدارة مكافحة المخدرات في الضالع التابعة للحزام الأمني.

 

محمد يا جراحاً يختلف عن باقي الجراح، ودماءك الزكية ستبقى عطراً ومسكاً وأريجاً يفوح في جغرافية المكان كلما تحركت عقارب ساعات الزمان .. ستبقى أنت بهيبتك الأسطورية وشجاعتك المنقطعة النظير في حصد رقابهم ودك أوكارهم  .. ستبقى أنت الكابوس المرعب لهم ولجحافلهم حتى لو  قتلوك  وغادرتنا ، إلا  أنَّهُم يدركون أن الضالع مليئة بجنودك الأوفياء الذين تتلمذوا على دروس فدائيتك وبطولتك ونهلوا  من منبعك النضالي أروع وأبهى مشارب الفداء والتضحيات

 

حرقة القلب على فراقك أيها الصنديد المحارب، والقائد الذي بات ما يقارب تسع سنين وهو يحرس الثغور ويذود بجسده المُنهَك صنوف التعديات ومحاولات الغزو.

 

محمد  ياشهيدنا المغوار ستبقى غُصَة وجع في حلقي وحلوق الرفاق .. ستبقى أنين وتنهيدات عميقة في صدور كل المحبين.. أظلمت دياري وأرضي والبلاد توشحت سواداً  واكتست حُزنَاً في أجمل موسم تزينت به الأزارق من شرقها إلى غربها بأبهى حُلَةً من الزروع والثمار اليانعة.

 

غصة وجع تخنق الأنفاس وبقايا ذكريات خالدة تعانق الخيال والوجدان، حكايتها أنت يا محمد بكل تاريخك الحافل بالفداء والمجد والبطولة والتضحيات .. حكايتها دماء وجراحات مثخنة تقاسمها جسدك الفدائي ذات أيام ليكون سوراً منيعاً للوطن وصمام أمان للبلاد من تهافت الأعداء وأطماعهم .. بقايا ذكريات حكايتها أوجاع ومآس كبيرة لعل أبرزها  فقدان والدك العقيد برصاصات غدر  تعمدتها  نفس جبانة، وعلى تلك المأساة لم يقف رصيد النضال لتلك الأسرة الكريمة  والمعطاءة ؛ وإنما ظلت تدفع فاتورة النضال باستمرار .  

 

ودعتك الله يا قنديل الثبات والشموخ وسيف النضال وإيقونة الفداء والإستبسال .. ودعتك الله يارمز البطولة والمجد والتاريخ .. ستبقى أيها الشهيد القائد حاضراً في قلوبنا  بسمو أخلاقك وماهية تضحياتك وذات النفس العزيزة والسامية عن نزواتها ورغباتها ، والتي كانت دوماً تطفو على القاع نحو الأهداف النبيلة وأبجديات المناضلين الأحرار.

لم تكن آخر  الراحلين يا ذراعي وكتفي ورفيق السلاح .. لكننا نعاهد الله أننا مشاريع تضحية وقرابين فداء  لديننا ووطننا  على نفس الدرب الذي سلكته أنت.

على غفوة الرحيل المفاجئ ومأساة الفراق المؤلم أتذكر حياتك النضالية وحيثيات الصمود والبسالة والتضحيات التي سطرتها بندقيتك في مختلف جبهات القتال، فيجثو في فؤادي الألم ويفترش شغاف القلب كلما لاحت أطياف ذكرياتك العابرة في خيالي .. هم هكذا العظماء يتركون بصمات عظيمة في القلوب وندوبا تختلج الأفئدة ،ولايشفيها أحد سوى الله تعالى.

 

فقدناك يا محمد  ولواعج الفقدان تيار يُكهرِب الأعصاب والدماء ويشحن نياط القلب .. فقدناك كفقدان القمر في ليلة البدر  ، كيف لا نفتقدك ، وانت أنت الذي كنت حاضراً في عقولنا ووجداننا، وأنت أنت الذي بعثت في نفوس جنودنا العزائم وجعلتهم يبددون ظلام وكهنوتية الغزاة على وهج رصاصات بندقيتك الثائرة في وجوه الغزاة . .  فقدناك يا طيف الذكريات وياغضنفر البلاد وحامي حماها.

محمد يافقيدنا وشهيدنا وقائدنا حياً وميتاً، ستبقى ورب الكعبة حاضراً في كل خفقة قلب ورعشة إحساس ودقيقة زمن .. ستبقى حاضراً في صفحات التاريخ والمجد .. ستبقى عنوان مجد وقصة بطولة وتضحية تتدارسها الأجيال جيلاً بعد جيل، وستبقى تراتيل بطولاتك ومآثرك الحربية إنجيلاً نستلهم به طريقنا إلى أن نرى بزوغ فجر الانتصار الكامل وإلى أن نلمح براميل الحد الفاصل تعود على الحدود  بكل فخر واعتزاز .

 

الشهيد القائد/ محمد علي صالح الحُميدي  إبن الأزارق البار وأسدها  المُهَاب لقد  تركت لنا إرثاً تاريخياً حافلاً  بالعطاء والفداء والسلوك القويم .. تركت لنا أخلاقيات قائد تجسدت قيمها ومعانيها  في شخصك الطيب  فكانت رمزية فداء  وإيقونة نضال .

أمتطيت صهوة المجد والفداء فارساً مغواراً  شجاعاً كريماً  ففاضت روحك الطاهرة إلى بارئها ، وإننا  على طريقة فدائيتك وبطولاتك العظيمة سنمضي بنفس الخطوات للدفاع عن الوطن وغلق الأبواب والأسوار  الحصينة للحفاظ عن أمن واستقرار  بوابة الضالع التي تساقطت أمامها  آلاف وألاف من جثث وأشلاء  الغزاة المعتدين .

 نستلهم من فيض عطائك النضالي أن الدفاع عن الوطن يهون أمامه كل غال ونفيس ولو كانت أرواحنا ، وستبقى ببطولاتك وفدائيتك حاضرة في عقول وقلوب محبيك ورفاق دربك وسوف تتدارسها الأجيال جيلاً بعد جيل.

 

وأخيراً نستودعك الله أخي وقائدي الشهيد ..  يرحمك الله رحمة الأبرار ، ونسأل الله أن يسكنك الفردوس الأعلى من الجنة ..   فسلاماً ثم سلاماً على روحك الطاهرة إلى مرقدك في قبرك ، ونَم هانِئَاً ليس عِندِي ما أََبُوحُ بِه .. مات الكَلَامُ على جُفنَيكَ مُنتَحِرَا ..  فسلاماً على روحك.



شارك برأيك