آخر تحديث :الخميس 21 نوفمبر 2024 - الساعة:23:49:34
مخطط إعادة احتلال الجنوب.. قراءة في التحديات وأدوات المواجهة
(الأمناء / استطلاع/ مريم بارحمة:)

تتصاعد الأنباء التي تتحدث عن مخطط خبيث من قبل قوى الاحتلال اليمني لإعادة احتلال الجنوب، ومن خلال هذا الاستطلاع الصحفي، نسعى إلى تقديم قراءة معمقة لتوجهات الرأي العام من النخب الجنوبية عن التهديدات على الجنوب، ونسلط الضوء على الأدوات التي تستخدمها جماعة الإخوان المسلمين والحوثي لإثارة الفوضى في الجنوب. ودور المجلس الانتقالي في التصدي لهذه المخططات، ونقيم استجابة الأجهزة الأمنية في مواجهة التحديات الراهنة.

 

-تاريخ الاحتلال اليمني

 

 تحدث الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي د. يحيى شائف ناشر الجوبعي قائلاً:" لن نسمح باستعادة قوى الاحتلال اليمني للجنوب. إن  هاجس الاحتلال اليمني للجنوب ليس وليد الصدفة بل هو قائم منذ القدم ولا زال ؛ ففي العام 1918م ومع ولادة النظام العالمي الجديد حينها غير الإمام يحيى اسم مملكته الهاشمية إلى المملكة اليمنية بهدف احتلال الجنوب بحجة الوحدة اليمنية، لكنه فشل بفضل المقاومة الجنوبية لهذا المشروع الخبيث بهدف احتلال الجنوب وعلى غرار الإمام تبنت حركة المقاومة ضد الإمام في المملكة المتوكلية اليمنية  نفس المشروع اليمني للإمام بهدف احتلال الجنوب باسم الوحدة اليمنية وخاصة عندما حان استلام الجنوبيون لاستحقاقهم النضالي في عام 1967م، لكنهم فشلوا بفضل مقاومة المارد الجنوبي المتجذرة في عمق الموروث الجنوبي الأصيل. ورغم فشلهم إلا أنهم تمكنوا من احتلاله في العام 1994م، عندما انقلبوا عن مشروع الشراكة بين اليمن والجنوب واستبدلوه باحتلالهم الخبيث للجنوب بحجة ضم الفرع إلى الأصل. وهنا سقطت علناً وبالدليل القاطع كل حججهم الوحدوية وأعلن المارد الجنوبي مقاومته لهم إلى اليوم ولا زال وسيستمر حتى استعادة الدولة الجنوبية"، وبعد الاحتلال مباشرة تشكلت جبهة موج في الخارج؛ لرفض الاحتلال اليمني للجنوب وعلى إثرها تشكلت حركة حتم بقيادة القائد عيدروس الزُبيدي متبنيه الكفاح المسلح لتقرير مصير الجنوب، واستمرت في نضالها مهيئة الظروف لتنامي الوعي الجنوبي المقاوم فسهلت من مهمة التحركات الشعبية الجنوبية الرافضة للممارسات الاحتلال اليمني في الجنوب ولاسيما تحركات اللجان الشعبية المحمية من حركت حتم التي كسرت حاجز الخوف ونتج عنها ميلاد جبهة تاج لتحرير واستقلال الجنوب في الخارج بالتزامن مع نضال جبهة حتم المسلحة في الداخل وهو ما سهل من مهمة تشكيل ملتقى أبناء الجنوب في صنعاء. وبفعل استمرار المقاومة المسلحة لحركة حتم على الأرض بقيادة القائد عيدروس الزُبيدي والنضال السري في الداخل لجبهة تاج تعزز الوعي الجنوبي الرافض للاحتلال اليمني مسقطا كل محاولات قوى الاحتلال اليمني الهادفة إلى تمزيق الصف الجنوبي .

 

-ميلاد حامل سياسي جنوبي

 

ويردف د. يحيى الجوبعي:" وحين تمادى الاحتلال اليمني في ضرب النسيج الاجتماعي الجنوبي تبنى الحراك الجنوبي خطة النضال السلمي والدفاع عن سلمية النضال وكان لحتم التي حافظت على كيانها بدهاء بقيادة القائد عيدروس الزُبيدي دورًا كبيرًا ومميزًا في الحفاظ على سلمية الثورة الجنوبية، وحين تبنى الاحتلال تصدير الإرهاب إلى الجنوب كان لحتم دورًا مشرفاً وهاماً، كما كان لقيادة الحراك الجنوبي برئاسة الرئيس علي سالم البيض دورًا مشرفًا ومهماً في ذلك، كما كان لقيادة الثورة السلمية  في الداخل وهم رموز كبيرة وكثيرة ومشرفة ومهمة. وعندما اسرف الاحتلال اليمني في قمع الثورة الجنوبية بكل المحافظات، ولاسيما حين وصل به الغرور إلى ارتكاب مجزرة كبيرة بحق تجمعات العزاء السلمية وضربها بالمدفعية الثقيلة بهدف القضاء على القائد شلال ورفاقه القادة من كل محافظات الجنوب ليصبح ضحيتها العشرات من الجنوبيين في جريمة استنكرها العالم كله، وبفضل هذه التضحية الجسيمة دخل ولأول مرة مصطلح حركة الحراك الجنوبي في وثائق مجلس الأمن الدولي ليؤسس لميلاد حامل سياسي جنوبي".

 

 

ثبات وتصدي الجنوبيون

 

ويواصل د. يحيى الجوبعي حديثه :" مما جعل الاحتلال اليمني يتجه إلى محاولة إسقاط الجنوب عن طريق تجييش قوات إرهابية إخوانية وحوثية وغيرهم في محاولة لإسقاط العاصمة عدن والجنوب تحت شعار قادمون يا خيبر، وعندما تصدى لها شعب الجنوب بكل قواه السلمية والدفاعية من كل محافظات الجنوب، وكان للمجلس الانتقالي بقيادة الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ولقواتنا المسلحة والأمنية دورًا دفاعيًا عن الجنوب والحفاظ على شعبه بكل فئاته متجاوزين كل الجراح ".

 

-محاولة تحويل الهدف السياسي للثورة الجنوبية

 

ويقول د. يحيى الجوبعي:" واخيرًا حاول الاحتلال اليمني خائبًا تصدير أزماته إلى الداخل الجنوبي مستغلاً الوضع المأساوي الذي صنعته قواه المتشرعنة التي تخصصت في صناعة الأزمات بالجنوب من حرب الخدمات إلى انهيار العملات ورفع الأسعار مستغلة حالة الإفقار جنوباً وموظفة خلط الأوراق بهدف تحويل الهدف السيادي للثورة الجنوبية المعمد بدماء مئات الشهداء إلى هدف سياسي حقوقي عادي؛ إذ وظف الاحتلال كل قدراته الإعلامية والاستخباراتية والمالية بهدف تمزيق النسيج الاجتماعي الجنوبي وصولا إلى تدمير حامله السياسي وقياداته النضالية وثورته السلمية وقواته المسلحة والأمنية فبأت محاولته بالفشل الذريع بفضل الله ثم بفضل صمود شعبنا الجنوبي بكل شرائحه السياسية والاجتماعية والثورية والمقاوماتية في كل محافظات الجنوب وبفضل مجلسنا الانتقالي برئاسة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وبفضل تماسك وثبات ورزانة قواتنا المسلحة والأمنية الجنوبية البطلة".

 

-مخطط مراكز القوى المتطرفة والإرهابية

 

بدوره الأكاديمي د. حسين العاقل، عضو هيئة التدريس جامعة لحج، يتحدث عن الأدوات الأكثر استخدامًا من قبل جماعة الإخوان المسلمين والحوثي لإثارة الفوضى في الجنوب، قائلا:" مما لا شك فيه أن مراكز القوى المتطرفة والإرهابية في اليمن وحلفائها المتورطين في تأسيس حزب الأخوان المسلمين في الوطن العربي بكل هيئاته التنظيمية والسياسية، كانت تعتقد بأن أراضي محافظات الجنوب هي الوطن البديل لجحافل العناصر الإرهابية وفرقها المتعددة، وبالذات العائدة من افغانستان. حيث منحهم ومكنهم الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح تكريماً لدورهم الفاعل في كارثة احتلال أراضي الجنوب عام 1994م، من الهيمنة والاستحواذ على مناطق مختارة في أراضي حضرموت وشبوة وأبين لإقامة معسكراتهم ووعدهم بإنشاء الدولة أو الإمارة الإسلامية في عدن، هذا ما كان مخطط له ومدعوم لوجستياً من معظم البلدان الإسلامية. ونتيجة التحولات السياسية ومستجدات الأحداث التي شهدتها محافظات الجنوب عسكرياً في هزيمة المشروع الحوثي الايراني، وقيام المجلس الانتقالي الجنوبي الذي استطاع بدعم دول التحالف العربي، من تحرير معظم أراضي محافظات الجنوب، فقد وجدت تلك القوى الإرهابية نفسها بعد أن خسرت مشروعها، في حالة ضياع وشتات تهيم على وجهها خارج حدود الجنوب، ولم يتبقى لها سوى تمركزها الاحتلالي في وادي وصحراء حضرموت، وهي تعيش حالة حصار نفسي لأنها تدرك بأنها لا تمتلك أي مبررات لبقائها".

 

-تعزيز دور المجلس في المواجهة

 

وتحدث الأستاذ صالح بلال، رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر شبوة الشامل قائلاً:" المجلس الانتقالي الجنوبي يواجه تحديات كبيرة تديرها منظومة الاحتلال اليمني المتجددة هذه المنظومة التي تتغير أدواتها ولا تتغير أهدافها وهي وجهين لعملة واحدة سواءً سلطة أمر واقع، أو معارضة فهي تتصارع فقط على نصيب كل منها في السيطرة على الجنوب، أما الاهداف فهي موحدة لكل اطراف منظومة الشمال التي تضم كل طيفه السياسي والقبلي والاجتماعي.

والمطلوب من المجلس الانتقالي الجنوبي مواجهتها من خلال:

-الحفاظ على ورقة الشارع الجنوبي ومنع أي تصرفات أو قصور يضعف الحاضنة الشعبية للمجلس. 

-رفع مستوى الثقة بين المجلس وحاضنته من مختلف فئات المجتمع.

-تحديد الأولويات التي يجب على الانتقالي عدم السماح لأي شريك محلي أو اقليمي بالمساس بها.

-تقييم الأداء لصف القيادي الأعلى والوسطي وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب.

-وضع معايير وضوابط للهجرة الداخلية والعمالة من محافظات الشمال.

-تنظيم عمل المنظومات الدولية واخضاعها للعمل وفق الاحتياجات المخططة من قبل دوائر المجلس وسلطاته المحلية. 

 

 

-الاهداف السياسية والاستراتيجية

 

ويتحدث عميد ركن د. محضار محمد السعدي، ضابط قيادة في حرب 2015م، عن استجابة الأجهزة الأمنية في الجنوب للمخططات التي تهدف لزعزعة الاستقرار، قائلاً:" جملة النشاطات والجهود والمهام والمسؤوليات الأمنية والعسكرية تأتي وفقًا والأهداف السياسية والاستراتيجية للقوى السياسية الموجهة لوظيفة وجهود القوات الأمنية والعسكرية، وبالتالي إن عدم الوضوح لهذه الاهداف السياسية الاستراتيجية لقونا السياسية وقاعدته الجماهيرية، وعدم التمسك بها بجدية، وكذلك عدم وضوح الاستراتيجيات والعقيدة التي تناضل وتقاتل من أجلها قواتنا المسلحة والأمن يؤديان إلى تشتت الجهود الأمنية والعسكرية عند القوات المسلحة واختراق الأمن والاستقرار، ولا يمكن ان نضمن أمن قول وفعل في ظل تعدد الاستراتيجيات والعقائد ".

 

-تأثير مباشر مع صانعي القرار

 

ويتحدث الأستاذ صالح بلال، عن الخطوات الضرورية لتعزيز موقف الجنوب سياسيًا وعسكريًا في هذه المرحلة، قائلًا:" سياسياً: ضرورة أن يكون لدى المجلس تأثير مباشر مع صانعي القرار اقليماً ودولياً من خلال:

-تفعيل دور منظمات المجتمع المدني الجنوبي في كشف دور المنظمات التي تعمل لصالح المحتل وتنقل للإقليم والمجتمع الدولي صورة مشوهة على الوضع في الداخل الجنوبي.

-كشف الاضرار المادية والمعنوية التي يعاني شعب الجنوب وما ألحقه التخادم بين أطراف الاحزاب والشرعية اليمنية مع مليشيات الحوثي، وأحجام الشمالين عن مواجهة سلطة الأمر الواقع بالشمال، ونشر جرائمها ضد المدنيين في الجنوب والشمال.

-تفعيل العمل الدبلوماسي الخارجي واختبار الكادر المؤهل والقادر على فهم العمل مع الدول ومصالحها التي من خلالها يتم التأثير في قرار تلك الدول لصالح الجنوب.

-العمل على تفعيل هيئات ومؤسسات المجلس، واشراك الكفاءات والتواصل مع كل الطيف السياسي الجنوبي

وعسكريا: العمل على هيكلة الوحدات العسكرية والأمنية؛ لتصبح تمثل الوطن الجنوبي من المهرة إلى باب المندب.

-استيعاب الكفاءات من الضباط والمتخصصين في الجيش والأمن الجنوبي ضمن وحدات الجيش والأمن.

-تفعيل مؤسسات الجيش والأمن بما يضمن وحدة القرار والانضباط العسكري.

-منع الوحدات العسكرية من التدخل في مهام الأمن مع وجود التنسيق للدعم وقت الطلب.

-رفع المستوى المعيشي لأفراد الجيش والأمن واستمرار دفع مرتباتهم.

-حسم ملف الفساد في الأراضي وعدم استخدام القوات الجنوبية لحماية هوامير الأراضي.

-تحريك ملفات القضايا الجنائية والدفع بالمحاكم لتسريع الفصل فيها.

-احالة القيادات التي ثبت تورطها في قضايا مدنيه أو جنائية للمحاكمة وفق القانون".

 

-استراتيجيات مواجهة الاحتلال

 

ولخص المهندس عبدالجبار السقطري، عضو المجلس الاستشاري للمجلس الانتقالي الجنوبي، استراتيجيات مواجهة مخططات الاحتلال اليمني من خلال :

-تعزيز التعاون بين القوى الجنوبية

-تنظيم حملات توعية

-تقوية المؤسسات الأمنية

-تشجيع الحوار بين الأطراف المختلفة

-تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية

إن تطبيق هذه الاستراتيجيات بشكل متكامل يعزز من قدرة المجتمع الجنوبي على مواجهة المخططات المحتملة ويقوي نسيجه الاجتماعي".



شارك برأيك