- هيئة المواصفات والمقاييس تشارك في البرنامج التدريبي لاستخدام التقنيات النووية بتونس
- صحة البيئة في المنصوره تتلف 5طن من الطماطم المعلبة فاسدة ومواد غذائية متنوعة
- أسعار الأسماك اليوم الإثنين فى عدن 23 ديسمبر
- الإرياني يحمل المجتمع الدولي مسؤولية محاسبة الحــوثيين على جرائمهم ضد الإنسانية
- تسجيل 800 حالة جديدة بمرض السرطان خلال 2024
- وصول أكثر من 18 ألف طن من لقاحات تطعيم الأطفال إلى عدن
- نتنياهو يتوعد الحــوثيين
- مقتل ثلاثة عناصر حوثية أثناء زراعتهم حقل ألغام في مارب
- الاتجار بنساء اليمن... أحلام تتحول إلى كوابيس
- الشتاء يزيد من مخاوف اهالي لحج من انتشار مرض الملاريا والحميات
عندما تنهار الدول، تتبدل ملامح الحياة اليومية وتتغير الأوضاع بشكل جذري. الفوضى والاضطراب يسودان المشهد، ويصبح الرعب هو السائد بين الناس. في ظل غياب النظام والاستقرار، يلوذ الناس بالطوائف بحثاً عن الأمان والانتماء. هذا التحول يعكس فقدان الثقة في الدولة والمؤسسات التي لم تعد قادرة على توفير الحماية والرعاية.
في هذه الأوقات العصيبة، تبدأ العجائب بالظهور، وتنتشر الشائعات كالنار في الهشيم. الإشاعات تصبح هي الوسيلة الرئيسية لنقل المعلومات، حيث يفتقد الناس المصادر الموثوقة، ويغلب على الجميع الحذر والخوف. يصبح من السهل أن يتحول الصديق إلى عدو، والعدو إلى صديق، في ظل تضارب المصالح والخوف من المجهول.
عندما تنهار الدول، يعلو صوت الباطل ويخفق صوت الحق. تسيطر قوى الظلام والانتهازية على المشهد، مستغلةً حالة الفوضى لتحقيق مكاسب شخصية. تظهر على السطح وجوه مريبة، بينما تختفي الوجوه المؤنسة التي كانت تمثل الأمل والاستقرار. هذا التحول يعكس انعدام الأمان وفقدان الثقة في المستقبل.
في ظل هذه الظروف، يصبح الانتماء إلى القبيلة أشد التصاقاً. يعود الناس إلى روابطهم الأساسية، حيث يجدون فيها الأمان والتضامن. أما الانتماء إلى الأوطان، فيصبح ضرباً من ضروب الهذيان، في ظل غياب الدولة التي تمثل هذا الوطن. تتحول الأوطان إلى مفاهيم مجردة، تفتقر إلى الدعم المادي والمعنوي.
يضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء. أصحاب الحكمة والعقلانية يجدون أنفسهم مهمشين، وسط أصوات تصرخ بالشعارات الفارغة والخطابات الرنانة. في هذه البيئة، يصبح من الصعب الوصول إلى حلول عقلانية ومستدامة، وتزداد الفوضى والاضطراب.
الإمبراطورية الرومانية في أواخر عهدها، تفككت الروابط الاجتماعية والسياسية، وظهرت الطوائف والمذاهب المختلفة، مما أدى إلى ضعف الدولة وسيطرة البربر على أجزاء كبيرة منها.
الدولة العباسية في مراحلها الأخيرة، انقسمت البلاد إلى دويلات صغيرة، وعمت الفوضى والاضطرابات، وأصبح الولاء للقبيلة والعشيرة يفوق الولاء للدولة المركزية.
العبر المستفادة
من دراسة هذه الظواهر التاريخية، يمكننا استخلاص العديد من العبر:
1- أهمية الوحدة الوطنية: الحفاظ على تماسك الدولة يتطلب تعزيز الوحدة الوطنية على حساب الانتماءات الضيقة.
2- قوة المؤسسات: بناء مؤسسات قوية ومستقلة قادرة على مواجهة الأزمات والحفاظ على الاستقرار.
3- العدالة الاجتماعية: تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين لمنع التوترات والانقسامات.
4- الحكم الرشيد: أهمية الحكمة والعقلانية في القيادة، والاستماع لأصوات الحكماء بدلاً من الانسياق وراء الشعارات الفارغة.
إن انهيار الدول ليس مجرد حادثة تاريخية، بل هو درس يتكرر في كل العصور، يحمل معه تحذيرات وعبر للأجيال القادمة. علينا أن نتعلم من أخطاء الماضي ونعمل بجدية للحفاظ على استقرار دولنا وتعزيز وحدتها، حتى لا نقع في نفس الفخاخ التي وقعت فيها الأمم السابقة. فقط من خلال التماسك الوطني، وبناء المؤسسات القوية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، يمكننا ضمان مستقبل مستقر وآمن لأجيالنا القادمة.