آخر تحديث :الجمعة 22 نوفمبر 2024 - الساعة:17:12:52
"استطلاع" : ثلاثة عقود على غزو الجنوب.. ذكريات الألم وآمال المستقبل وآفاق الاستقلال
(الأمناء / استطلاع مريم بارحمة:)

ثلاثة عقود على الحرب الظالمة التي اجتاحت جنوب اليمن عام 1994، حرب تركت بصمات عميقة من الدمار والتهميش والتسريح والإقصاء والمعاناة في قلوب وعقول شعب الجنوب. تلك الحرب الغاشمة التي لم تكن مجرد معركة عسكرية، بل كانت صفحة سوداء في تاريخ الجنوب، حيث خلفت وراءها آثاراً كارثية لا تزال تداعياتها حاضرة حتى اليوم.

لقد عانى الجنوبيون طويلاً من الظلم والاعتقال والاغتيالات والاخفاء القسري والاضطهاد والتهميش منذ احتلال الجنوب عسكرياً في السابع من يوليو1994م، حيث تعرضت كفاءاتهم للتغييب، وأراضيهم وممتلكاتهم للمصادرة والنهب، وأحلامهم للتدمير. ورغم كل هذه المآسي، لم تنكسر إرادتهم ولم تخفت شعلة مقاومتهم. بل على العكس، ظل أبناء الجنوب متمسكين بحقهم في تقرير مصيرهم واستعادة دولتهم الجنوبية، مؤمنين بعدالة قضيتهم. وظل شعب الجنوب مستمراً في نضاله ضد كل أشكال الاحتلال اليمني وضحى بقافلة من الشهداء الأبرار والجرحى، واستمرت مقاومته تزداد قوة وصلابة، وفي الرابع من مايو 2017م فوض شعب الجنوب المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي. ليصبح لقضيتهم العادلة وحقوقهم المشروعة في استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة حامل شرعي ورسمي أمام العالم.

في هذا الاستطلاع الصحفي، نسعى إلى استعراض ذكريات وشهادات من عاشوا تلك الفترة الأليمة، واستكشاف تأثيرات الحرب الشخصية والوطنية على شعب الجنوب.

 

 

أحداث اليوم الأسود

 

يتحدث الأكاديمي الدكتور يحيى شائف ناشر الجوبعي، رئيس منسقية الانتقالي جامعة عدن، وهو احد الشهود على أحداث السابع من يوليو 1994م، قائلاً:" قد أنسى أي شيء إلا ذلك اليوم الأسود 7/7/1994م الذي أثبت الاحتلال اليمني فيه فعليا بأن ما حصل في 22 مايو 1990م ليس وحدة بل كمين تاريخي مدبر بشكل منهجي مزمن لاحتلال الجنوب، بدأت فصوله من اليوم الأول 22 مايو 1990م حين احتوى الطرف الشمالي على الرئاسة والعاصمة معا وهذا مخالف لمعايير التوازن بين الطرفين وتم إنزال علم الجنوب، ولم يتم إنزال علم الشمال واستمرت فصول مسرحية الاحتلال بطرق وأساليب مختلة وملتوية أدت إلى تدمير البنية المدنية للدولة الجنوبية بكل مكوناتها وإمكانياتها وإحلال البنية القبلية اليمنية محلها بكل إشكالياتها وتكويناتها الدينية والعسكرية والقبلية"، مضيفاً:"  نعم لقد عشت تلك المرحلة وما قبلها وما بعدها رافضاً ومقاوماً بدور متواضع إلى جانب شعبنا الجنوبي الثائر وحركته النضالية المقاومة بكل أشكالها السلمية والمقاوماتية في كل المنعطفات .. تلك المأساة المدمرة لم يكن الهدف منها شعبنا ودولتنا فقط بل كان المستهدف هو الإقليم والمنطقة والمصالح الدولية ذاتها ".

 

نضال ومقاومة مستمرة

 

ويردف الجوبعي:" وما تغير موازين القوى لصالح الجنوب الذي دفع الثمن منذ اليوم الأول للوحدة وما بعده ولاسيما في عام 1994م وما بعده من خلال تصديه عبر الكثير من أشكال النضال منها موج وحتم بقيادة الأخ الرئيس القائد الزبيدي وتاج واللجان الشعبية وتيار اصلاح مسار الوحدة والتصالح والتسامح الجنوبي وملتقى أبناء الجنوب في صنعاء وحركة المتقاعدين الجنوبيين وثورة الحراك السلمي الجنوبي وغيرها، لتتوج بالمقاومة المسلحة في إطار عاصفة الحزم بمباركة دولية وبإسناد عربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة كل ذلك كان خير دليل على الاستيعاب الدولي المتدرج لمشروعية النضال الجنوبي.

 

ثمرة السلسلة النضالية

 

ويضيف د. الجوبعي :" وأثمرت هذه السلسلة النضالية بالتفويض الشعبي الجنوبي للقائد عيدروس قاسم الزبيدي لتشكيل حامل سياسي للثورة الجنوبية تمثل في قيام المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الأخ الرئيس عيدروس قاسم رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ".

 

حماية وصيانة المصالح

 

ويكمل حديثه د. الجوبعي، قائلاً :" بفضل كل تلك التضحيات أصبح المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الاخ الرئيس الزبيدي هو القوة التي يعول عليها الكل ولهذا فالالتفاف حول المجلس الانتقالي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي هو التفاف مشروع لحماية وصيانة المصالح الجنوبية والخليجية والعربية والإقليمية والدولية " .

 

محاولة غرس اليمننه

 

بدوره الأستاذ سالم صالح الدياني، عضو فريق الحوار الوطني الجنوب، قال:" عمل نظام الاحتلال اليمني منذُ الوهلة الأولى لإعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو1990م على تجريف الهوية الوطنية الجنوبية في كافة المناحي حيث جلب مسميات أطلقها على المدارس والمساجد وقام بهدم بعض المعالم التاريخية في العاصمة عدن والمدن الأخرى في الجنوب وأعاد بناءها وفق النمط الخاص بهم، ولم يسلم من ذلك حتى دور العبادة المساجد حيث جرى تغير مسمياتها واطلق اسماء بعض أئمة الزيدية عليها بل وصل تبجح نظام صالح وزبانيته إلى اطلاق اسم 7 يوليو على بعض المدارس".

 

محاولات إضعاف الجنوب

 

وقال الأستاذ صالح علي صالح بلال، عضو الجمعية الوطنية :" تمر الذكرى ال 30 لإعلان حرب قوى الاحتلال اليمني ضد شعب الجنوب، ونجح هذا المشروع التآمري بتحويل مسار هوية الجنوب إلى اليمننة ، ثم تلتها صراعات عدة منها: 1969م و 1978م و 1986م، وغيرها من الصرعات البينية التي قضت على الصف القيادي الأول بهدف إضعاف الجنوب واحتلاله واستعماره ونهب ثرواته وتدمير قواه العسكرية والسياسية". 

 

تحديات كبيرة

 

ويكشف الأستاذ بلال التحديات الرئيسية التي يواجهها الجنوب حالياً، وكيفية التغلب عليها، قائلاً:" لقد نجحت القوى الحية الجنوبية في التصدي لهذا المشروع التأمري سواءً في عهد الجمهورية في الجنوب أو في مقاومة الغزو الهمجي الذي قاده منظومة دولة الشمال مضافاً إليها قوى الإرهاب الديني وإرهاب الدولة والقبيلة وتعددت المقاومة الشعبية سلماً وحرباً" .

وحدة الإدارة السياسية

 

بدوره الأستاذ محمد عبدالله الموس، عضو اللجنة التنفيذية لحزب رابطة الجنوب العربي الحر، قال :" الإرادة الشعبية الجنوبية هي التي عبرت عن نفسها منذ انتفاضتها في العام 1997م في حضرموت وكان على رأس من جرى اعتقالهم هو الاستاذ علي عبدالله الكثيري رئيس الجمعية الوطنية وعدد من رفاقه، وهذه الإرادة الشعبية هي صانعة انطلاق الحراك الجنوبي المنظم الذي انطلق من عدن في 7 يوليو 2007م وكل تلك الانطلاقات لم تكن تحت وصاية من أي نوع. وعلى الرغم من التباينات التي عصفت بالنخبة الجنوبية خلال الفترة من 2009م إلا ان الشارع الجنوبي ظل موحداً ولم يتأثر بالتباينات النخبوية"، مضيفا:" هذه الارادة الشعبية الجنوبية هي اليوم تمثل الحاضنة الشعبية الجنوبية للمشروع الوطني الجنوبي الذي يحمله المجلس الانتقالي الجنوبي، وقد عبرت هذه الارادة الشعبية عن ذلك الالتفاف في فعالية 4 مايو 2017م ذلك اليوم الذي مثل توحيد النخب الجنوبية تحت ضغط الحاجة الوطنية الجنوبية ومتطلبات إنجاز المشروع الوطني الجنوبي المتمثل في التحرير والاستقلال وإقامة دولة الجنوب الفيدرالية على كامل تراب الجنوب العربي من المهرة إلى باب المندب" .

 

محطات تقييمية

 

بينما العميد ركن علي عبدالله بامعيبد، رئيس الإدارة السياسية للمجلس الانتقالي مديرية غيل باوزير محافظة حضرموت، يوضح مدى أهمية إحياء ذكرى حرب صيف 1994م في الوعي الجنوبي بقوله :" حقيقة أن حرب صيف 1994م لم تكن حدث عابر بل كانت سلسلة من الأحداث وهي الرد العملي على العواطف الجياشة التي يكنها الجنوبيين لقوى الشمال حيث كشفت المستور وما مدى الحقد والكراهية التي تميز بها الشمال ضد أبناء الجنوب العربي في الوقت استهدفت مقومات الدولة الجنوبية والتدمير الممنهج لمقدرات شعب الجنوب تمكنت أيضا من تشويه الهوية حيث سخرت كل أقلامها لإقناع البعض من الجنوبيين باليمننة، إلا نها فشلت فشلاً ذريع في الوقت الذي وحدة كل القوى المعادية للجنوب قوى الإسلام السياسي والقوى الراديكالية والقطاعات القبلية وإصدار الفتاوى الشيطانية الأمر الذي شكل نقطة تحول في الوعي المجتمعي الجنوبي، مما مكن النخب الجنوبية من صياغة المواقف الفيزيولوجية للمجتمعات المحلية الجنوبية في الريف والمدينة مع احتساء رشفة الوداع للوحدة المشؤم".

 

احتلال بأبشع صوره

 

بدورها الأكاديمية الدكتورة ذكرى محمد الأديب، أستاذ مساعد بكلية الآداب، جامعة عدن، تضيف، قائلة :" مجرد الحديث عن ذكرى حرب صيف 1994م يتبادر إلى الذهن كل ما تم ذكره من مساوئ وحشية لا تنسى إلى يومنا هذا خاصة لكل من عاشها بكل تفاصيلها المؤلمة إقصاء وتهميش وتنكيل ونهب وسلب والأسوأ فتاوى التكفير التي أخذوها ذريعة لاجتياح الجنوب حينها وقتل شعبه ظلما وعدوانا بدون أي شعور بمشاعر الإنسانية وكل ما تم كان فقط لأجل ثروات يزخر بها جنوبنا الحبيب؛ ليجعله محط أطماع كل قوى الشر في الداخل والخارج وكأن لسان حالهم يقول إن كل ما هو في الجنوب يعتبر حق مشروع لهم بالقوة والطغيان، رغم شرعية أهل الأرض بها وليس هم" .

 

دروس وعبر

 

وتستعرض الأستاذة ضياء الهاشمي، نائب رئيس الدائرة السياسية في الامانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوب ، الدروس التي تعلمها شعب الجنوب من حرب 1994م ومدى تأثيرها على رؤية شعب الجنوب للحياة ومستقبل الجنوب، قائلة:" نعم هناك العديد من الدروس التي تعلمها شعب الجنوب من حرب صيف 1994م واهمها:

-أن الجنوب الذي دخل في وحدة بمحض إرادته كشريك لا يراه الطامعون من قوى 7/7 إلا مغنم وفيد، وأنه لا وجود للدولة الجنوبية بعد أن توحدت معهم وأنها أصلاً فرع قد عاد إلى الأصل، ولأجل ذلك شنت الحرب وهنا كان ولابد أن يأخذوا العبرة بأن الهوية الجنوبية شنت عليها حرب عسكرية ضروس لطمسها ناهيك عن الحروب الاجتماعية وغيرها. فاستوجب على كل جنوبي وجنوبية أن يدافعوا عن هوية الإنسان الجنوبي كتاريخ وحضارة وهوية.

 -اللحمة الجنوبية التي لطالما راهن اعداء الجنوب عليها فكانوا دائما ما يعيرون الجنوبيين بأنهم احتلوا الجنوب بمساعدة الجنوبيين، ولكن المتتبع اليوم يرى كيف أن كافة الحدود الجنوبية أصبحت سداً منيعاً من أي اجتياح وذلك لأمان كل محافظات الجنوب أن تأمين حدودها يعني تأمين دولة الجنوب القادمة بحول لله وقوته، فنجد كل جبهاتنا الحدودية كل يوم تتصدى لهجمات الحوثي وقبله القوات الحوثيعفاشية.

 - أن الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي وتحت حماية قواته المسلحة الجنوبية مكسب عظيم لا يمكن التفريط فيه مهما بلغ تربص المتربصين ومن يأججون الشارع بالشائعات والاخبار المفبركة التي تنشرها مطابخ متخصصة في تأليب الرأي العام واللعب بالأدمغة.

 

 




شارك برأيك