- د . عبدالجليل شايف: مشروع الوحدة اليمنية انتهى والجنوب ليس قضيته استعادة الدولة الجنوبية فقط
- استمرار الأعمال الإنشائية لمدرسة النقوب في نصاب بتمويل إماراتي
- الرئيس الزُبيدي يُعزَّي في وفاة المناضل حداد باسباع
- قيادة اللواء الثاني دعم واسناد تنفي اشاعات انسحاب اللواء من وادي عومران
- أبرز اللقاءات والتحركات الدبلوماسية للرئيس القائد عيدروس الزٌبيدي مع سفراء دول العالم
- وزير الدفاع يترأس اجتماعاً موسعاً بساحل حضرموت ويشيد بالإنجازات العسكرية
- وفد الوزارة يتفقد عدد من المشاريع المدارسية في مديرية خنفر بمحافظة أبين
- الكويت: نؤكد دعم جهود السلام في اليمن
- إحباط محاولة تسلل للحوثيين في تعز
- دهس طالب جامعي في إب
يواجه حزب الرئيس اليمني الأسبق المؤتمر الشعبي العام في محافظة مأرب شرقي اليمن مصيرا مشابها لمصيره في العاصمة صنعاء حيث تحوّل إلى كيان ثانوي ملحق بجماعة الحوثي وفاقد للفعل والتأثير بعد أن أصبح من بقي من أعضائه هناك منخرطين في إضفاء نوع من الشرعية على الجماعة وسياساتها، ومشاركين بشكل ثانوي في حكومتها الموازية غير المعترف بها دوليا.
وتعرّضت محاولة لإعادة ترميم الحزب وجمع شتاته في مأرب قادها أحمد علي نجل الرئيس صالح إلى اعتراض شديد وصارم من قبل قيادات مؤتمرية محلية ربطت مصالحها بمصالح قيادات حزب الإصلاح المسيطر عمليا على المحافظة الغنية بالنفط وذات الموقع الإستراتيجي كبوابة شرقية لصنعاء، وكان يؤمل أن تكون منطلقا لمعركة استعادتها من أيدي الحوثيين.
وسعى أحمد علي بمساعدة قيادات مؤتمرية مناهضة للإخوان والحوثيين على حدّ سواء مؤخّرا لإنشاء مكتب وقيادة جديدين لحزب المؤتمر في مأرب لكنّ القيادة المحلية للحزب تصدّت لتلك المحاولة وشنت حملة منسّقة مع حزب الإصلاح لإحباطها.
وأقام المعترضون المؤتمريون رفضهم للفكرة على اتهامات لأصحابها بالسعي لتقسيم الحزب رغم أنه منقسم بالفعل وعديم التأثير في مأرب التي تحوّلت إلى ما يشبه الإمارة الخاصة بحزب الإصلاح ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن ومعقلهم الرئيسي البديل عن مختلف مناطق شمال اليمن التي طردوا منها على أيدي الحوثيين.
وعادة ما يثير أي تحرّك لتوحيد حزب المؤتمر في مأرب استنفار حزب الإصلاح الذي لا يقبل بنشوء أي مركز للقوة والقرار منافس له في المحافظة.
ولم يمنع كون الخطوة المنسوبة لنجل الرئيس صالح أحمد شأنا مؤتمريا خالصا، من تدخّل حزب الإصلاح وشنّه هجوما لاذعا على الرجل وابني عمّه عمار وطارق صالح.
وقال رئيس حزب الإصلاح في مأرب مبخوت بن عبود الشريف في “رسالة” عبر تويتر “إلى الإخوة الكرام أحمد وعمار وطارق.. ماهكذا تورد الإبل. مأرب ليست صنعاء.. اضبطوا البوصلة”.
وردّا على ذلك نشر الناشط المؤتمري كامل الخوداني تعليقا عبر منصة إكس اعتبر فيه أنّ “ما كتبه مبخوت بن عبود الشريف وهو قيادي معروف من قيادات الصف الأول للتجمع اليمني للإصلاح وأحد قيادات مأرب وممن يتحكمون بقرارها وإدارتها، يحتاج لتوضيح”.
وتوجّه بالخطاب إلى قيادات الإصلاح في مأرب قائلا “لدينا معركة مصيرية ولسنا في موقع يحتاج إلى المزيد من التشرذم والتمزق وترك الأصوات النشاز تخترقنا وتمزقنا أكثر مما نحن فيه”، مضيفا “أَسكتوا هذه الأبواق”.
وغير بعيد عن موقف حزب الإصلاح، أعلنت القيادة المحلية لحزب المؤتمر تمسّكها بالرئاسة الحالية لفرع الحزب في مأرب، ولم تستثن الاستنجاد بالسلطة المحلية بقيادة المحافظ الإخواني سلطان العرّادة لوقف محاولة تغييرها.
وأصدرت بيانا أكّدت فيه “أنّ القيادة الشرعية لفرع المؤتمر الشعبي العام بالمحافظة هي القيادة المنتخبة من قواعد وأعضاء الحزب برئاسة الشيخ عبدالواحد القبلي بن نمران ومقرها في عاصمة المحافظة ولا تتغير إلا بانتخابات شفافة عبر صناديق الاقتراع لأعضاء الحزب وفقا لمرجعيات الحزب واللوائح المنظمة”.
ونسب البيان لقيادة المؤتمر في مأرب محاولة “لملمة صفوف الحزب من قيادات وقواعد”، وذلك على الرغم من الاتهامات الموجهة من قبل مؤتمريين للقيادة نفسها بتقسيم الحزب في مأرب وإضعافه ورهنه لسلطة الإخوان والتخلّي عن موقعه ومكانته في إحدى أهم المحافظة التي تمثل موطئ قدم السلطة الشرعية بشمال البلاد.
وفي مقابل ذلك وجه البيان الاتهام لمن يحاولون تغيير هذا الوضع بـ”إحداث مزيد من التشظي للحزب”، محذّرا “من التعاطي مع هؤلاء المنتحلين لصفة قيادة فرع المؤتمر بالمحافظة”.
وترتقي محاولات ترميم ضفوف حزب المؤتمر الشعبي العام في الوقت الحالي إلى مرتبة الضرورة القصوى لانتشاله من الزوال والانقراض اللذين يتهدّدانه بشكل جدّي.
ويعيش الحزب منذ سنوات وضعا شاذا بعد أن قاد البلاد لفترة طويلة نسبيا ولعب دورا في بنائها حيث انقسمت أغلب قياداته بين الولاء لأحد طرفين كلاهما معاد له، فقسم موال لجماعة الحوثي المسؤولة عن مقتل زعيمه علي عبدالله صالح ومعاونه عارف الزوكا سنة 2017، وقسم آخر موال لجماعة الإخوان المسلمين وممثلها المحلي حزب الإصلاح الذي كان وقف أصلا وراء إشعال احتجاجات شعبية أفضت إلى انتزاع السلطة من حزب المؤتمر وإدخال اليمن ككل في فترة من الاضطراب وعدم الاستقرار.
وعلى هذه الخلفية استنجدت قيادة المؤتمر في مأرب بالسلطة الإخوانية في المحافظة، وطلبت في بيانها من المحافظ وعضو مجلس القيادة الرئاسي “سلطان العرادة والأجهزة الأمنية ضبط الاشخاص المنتحلين لصفة قيادة المؤتمر وإغلاق مقرهم وفقا للقانون وإعمالا لمسؤولياتها وواجباتها الدستورية والقانونية في حماية الحياة الديمقراطية والصفات الاعتبارية المؤسيسية الحزبية وحتى لا تتحول العملية السياسية والعمل الحزبي إلى فوضى تنعكس على كافة مناحي الحياة السياسية والاجتماعية في المحافظة وتخلق صراعات تؤثر على الأمن والاستقرار، وتفويتا للمخطط الهادف الى تمزيق وحدة الصف السياسي والنسيج المجتمعي بالمحافظة”.
كما دعا البيان من سماهم “قواعد وأنصار الحزب لعدم الانجرار وراء أصحاب المخططات التي تهدف إلى تمزيق وحدة المؤتمر الشعبي العام في مأرب وجرهم الى أنشطة مشبوهة تهدد كيانهم الحزبي القانوني وأمنهم واستقرارهم وتنعكس على أمن واستقرار المحافظة ووحدة صفها لإسقاطها في يد العدو المتربص بها والذي فشلت كل وسائله في إحداث اختراق وإسقاط لها كما في المحافظات الواقعة تحت سيطرته”.
ويشير البيان بالعدوّ إلى جماعة الحوثي التي ماتزال تحاول السيطرة على مأرب نظرا لموقعها الإستراتيجي وغناها بالنفط.
ويسيطر حزب الإصلاح على مأرب ويؤثر الحفاظ على سلطته الكبيرة هناك ولا يوفّر في سبيل ذلك عقد تفاهمات جانبية مع جماعة الحوثي التي سبق لها أن فشلت في اقتحام المحافظة بسبب المقدّرات التي سخّرتها السعودية قائدة التحالف العسكري في اليمن لمنع سقوط مأرب في يد الجماعة.
وبعد مضي قرابة العشر سنوات من سقوط العاصمة اليمنية صنعاء في أيدي الحوثيين والتي مرّت عبر سلسلة من الهزائم لقوات الإخوان أبرزها هزيمتها في معركة محافظة عمران شمالي العاصمة والتي قتل فيها القائد العسكري الكبير حميد القشيبي، بدأت تتّضح ملامح “كيان” فريد في مأرب يرى متابعون للشأن اليمني أنّه يحمل جميع مواصفات “دويلة” خاصة بجماعة الإخوان المسلمين ممثلة بذراعها المحلّية حزب التجمّع اليمني للإصلاح المسيطر بشكل رئيسي على زمام الحكم في المحافظة.
وكثيرا ما تمّ النظر إلى مأرب بما تعيشه من حالة استقرار وازدهار فريدين باعتبارهما نقطة قوّة للشرعية اليمنية ومرتكزا أساسيا لها خصوصا وأنّ المحافظة من مناطق الشمال القليلة التي لم تخضع لسلطة الحوثيين، لكنّ سياسيين يمنيين يحذّرون من أنّ مأرب قد تتحوّل إلى مأزق للشرعية ذاتها، إذا تمسّك الإخوان بسلطتهم هناك ورفضوا التنازل عنها لأي طرف في نطاق ما قد يتمّ التوصّل إليه من حلّ سياسي للصراع اليمني.
وبدأت أوساط سياسية يمنية لا تتردّد في استخدام عبارة “إمارة مأرب” للتعبير على الكيان الإخواني الجاري تأسيسه هناك.
وسبق للباحث السياسي سعيد بكران أن على تفرّد الإخوان بحكم مأرب وإدارتهم المؤسسات هناك بما فيها الأمن والقضاء بشكل مستقل، بالقول عبر منصّة إكس إنّ حزب الإصلاح يقيم في مأرب “إمارة انفصالية”.
وتمتلك مأرب الغنية بمخزونات النفط والغاز الكثير من مقوّمات الحكم الذاتي التي تدعّمت خلال السنوات الأخيرة مستفيدة من تهريب جزء هام من مقدّرات الدولة العسكرية والمدنية إليها بعد أن سقطت باقي مناطق شمال اليمن بما في ذلك العاصمة صنعاء بأيدي الحوثيين.
وتدفق على المحافظة عدد كبير من الكوادر والكفاءات في مختلف المجالات والتي سبق لها أن عملت في مؤسسات الدولة في مرحلة ما قبل غزو الحوثيين لصنعاء في خريف سنة 2014. وتواصل ذلك التدفّق بعد ذلك عندما تحوّلت مأرب إلى نقطة جذب، ليس فقط للسكان النازحين فرارا من الحرب، ولكن أيضا لرؤوس الأموال وأصحاب المشاريع وخصوصا من المنتمين لجماعة الإخوان والمعروفين بنشاطهم الكبير في مجال الأعمال والاستثمار.
وأضفى ذلك حركية خاصة على الحياة الاقتصادية في المحافظة ساعدت على إرسائها حالة الاستقرار التي أشرفت على تأمينها الكوادر الأمنية والعسكرية التابعة لحزب الإصلاح، ورفدتها السلطة الشرعية بجزء هام من المقدّرات الموضوعة بين يديها خصوصا من قبل المملكة العربية السعودية، التي احتاجت سنة 2020 لتوظيف قدرات عسكرية هامة في المحافظة لجعلها جدار صدّ بوجه الحوثيين الذين كانوا قد شنوا حينها حملة عسكرية واسعة النطاق في محاولتهم السيطرة على مأرب والاستيلاء على مقدّراتها شديدة الأهمية في الحفاظ على تماسك سلطتهم في المناطق التي يحتلونها.
وتستفيد مأرب اليوم وأكثر من أي وقت مضى من مساعدات خارجية وتدفقات مالية يصل بعضها عبر قنوات شرعية ويصل البعض الآخر بعيدا عن إشرافها وتأتي من دول معنية بإنجاح تجربة حكم الإخوان في المحافظة مثل قطر وتركيا، وكذلك من فروع التنظيم الدولي للإخوان وخصوصا في الدول الغنية مثل الكويت.