آخر تحديث :الاحد 19 مايو 2024 - الساعة:00:28:33
نقل البنوك من صنعاء إلى عدن..  تحدياتٌ وحلولٌ في ظل ضغوط الميليشيا الحوثية
(عدن/ الأمناء/ رصد: رعد الريمي:)

فيم تتمثل أبرز التحديات التي تواجه قرار مركزي عدن بنقل البنوك إلى عدن؟

ألا يعتبر القرار ضربة موجعة لاقتصاد الحوثيين وتعزيزًا للسيادة المالية للشرعية؟

ما أبرز الضغوطات التي تمارسها جماعة الحوثي على البنوك لمنعها من نقل مراكزها إلى عدن؟

ما الإجراءات التي ستتخذ ضد تلك البنوك في حال عدم نقل مراكزها خلال المدة المحددة بشهرين؟

ما المنطلقات التي عبر الانتقالي على ضوئها عن تأييده للقرار؟ وما التسهيلات التي شدد عليها لتنفيذه؟

خبير اقتصادي يفند دوافع قرار البنك المركزي ومغالطات البنوك والحوثي

 

تحتدم معركة البنوك في اليمن بين السلطتين الشرعية والانقلابية، بعد مرور شهرٍ على المهلة التي حددها البنك المركزي في عدن للبنوك التجارية والإسلامية وبنوك التمويل الأصغر لنقل مراكزها الرئيسية من صنعاء إلى العاصمة عدن خلال 60 يوما.

محافظ البنك المركزي أطلق مجدداً تحذيرًا من عواقب الإجراءات التي ستتخذ ضد تلك البنوك الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي في حال تأخرت في نقل مراكزها الرئيسية إلى عدن خلال المدة الزمنية المحددة.

واعتبر خبراء اقتصاديون قرار البنك بمثابة ضربة قاضية لاقتصاد الميليشيا الحوثية وخطوة إيجابية في سبيل تعزيز السيادة المالية للشرعية.

الخبراء أضافوا أن تلك الخطوة ستُربك الميليشيا الحوثية وتُلخبط كل أوراقها، وتُحرّر الاقتصاد من قبضتها، وتُفضح فسادها، وتمنعها من التلاعب بالعملة الوطنية وعقد الصفقات الفاسدة وغسل الأموال.

فيما استبعد آخرون انصياع البنوك الخاصة بصنعاء لتوجيهات البنك المركزي بالعاصمة عدن، معتبرين أن هذا الوضع سيعقد من الوضع الاقتصادي المتأزم أصلاً بسبب حالة الانقسام النقدي القائمة.

وأكدوا أن البنوك الخاصة بصنعاء تواجه ضغوطًا متصاعدة من قبل الميليشيا وتهديدات مماثلة بفرض عقوباتها في حال قامت بنقل مقراتها من صنعاء إلى عدن.

وتواجه عملية نقل البنوك، بحسب اقتصاديين، عددًا من التحديات والعقبات، في مقدمتها، رفض الحوثيين لأي بنك بنقل السيرفرات والأجهزة الخاصة، التكاليف المالية الكبيرة لإنشاء المراكز الرديفة المتعلقة بخدمة تراسل المعطيات، توقعات برفض مسؤولي وموظفي البنوك والعملاء عملية الانتقال لأسباب كثيرة ومتعددة.

 

الانتقالي يدعم جهود البنك

ورحب المجلس الانتقالي الجنوبي بقرار إدارة البنك المركزي في العاصمة عدن القاضي بإلزام البنوك التجارية والمصارف الإسلامية وبنوك التمويل الأصغر بنقل مراكزها الرئيسية إلى العاصمة عدن.

واعتبر المجلس الانتقالي، في بيان صادر عنه، قرار بنك عدن المركزي في سياق جهودها لوضع حد للإجراءات غير القانونية التي أقدمت عليها ميليشيات الحوثي الإرهابية بإصدار عملات غير قانونية واستمرارها في تدمير النظام المالي والمصرفي في البلاد.

وشدد المجلس في الوقت ذاته على أهمية إطلاع الجهات ذات الصلة بالقطاع المالي والمصرفي بمسؤولياتها وتقديم التسهيلات اللازمة لترجمة القرار الصادر عن البنك على أرض الواقع خلال المدة المحددة.

 

مستجد مربك

بالصدد، وبحسب ما نشرت وسائل إعلام محلية حيث أبلغت 3 من أكبر البنوك اليمنية (التضامن، الكريم، التجاري) عدم قدرتها على تنفيذ القرار خلال المهلة المُحددة.

بتصريح حديث لوسائل إعلام عربية تحدث الخبير الاقتصادي وحيد الفودعي وعلق قائلا: "لا بدّ من التأكيد على أنّ قرار البنك المركزي اليمني اتّخذ لمصلحة البنوك اليمنية، خاصةً بعد تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية، وبعد ممارساتها المُدمّرة للقطاع المصرفي، مثل منع التداول بالطبعة الحديثة للعملة في مناطق سيطرتها، وإلغاء الفوائد الربوية، ممّا ألحق أضرارًا جسيمةً بالبنوك".

وأضاف: "في الواقع، تُمارس جماعة الحوثي ضغوطاتٍ هائلةً على هذه البنوك لمنعها من نقل مراكزها، وتتمثل هذه الضغوطات في: مطالبة البنوك بتسليم جميع ودائع العملاء في مناطق سيطرة الحوثيين، والتي تُقدّر بتريليون ريال يمني، كشرطٍ للسماح لها بنقل مراكزها، تهديد البنوك بفرض عقوباتٍ قاسيةٍ في حال قامت بنقل مقراتها إلى عدن".

وكشف الفودعي عن مغالطات الحوثي تجاه مطالبتها كبريات البنوك بنقل الوائع وقال: "لا يعني نقل مراكز البنوك نقل جميع الودائع والعملاء إلى عدن، بل ستبقى هذه الودائع والعملاء في فروع البنوك المُتواجدة في مناطق سيطرة الحوثيين، مع إمكانية مراقبتها حسابيًا من قبل البنك المركزي في عدن، ويتم الايداع والحسب في مناطق الحوثيين بشكل طبيعي جدا".

وقال: "صحيح أنّ هذه الضغوطات تُشكل تحدياتٍ كبيرةً أمام نقل البنوك، ولكنّني أعتقد أنّ البنك المركزي اليمني في عدن مُصمّمٌ على تنفيذ هذا القرار، وذلك للأسباب التالية: تمتع البنك المركزي اليمني بدعمٍ إقليميٍ ودوليٍ كبيرٍ، حيث صدرت بياناتٌ من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية تُؤيّد قراره، يُجهز البنك المركزي حاليًا تعميمًا يُلزم البنوك بإعداد خططٍ مُحددةٍ لنقل مراكز عملياتها إلى عدن".

 وخلص الفودعي في تصريحه بقوله: "وأعتقد أن البنك المركزي اليمني في عدن سينفذ هذا القرار. وأي بنك لا يستطيع أو لا يقدر على نقل عملياته أو مركز عملياته إلى عدن، فسوف تناله العقوبات. أهم هذه العقوبات تبدأ طبعاً تدريجياً، وصولاً إلى حرمانه من نظام "سويفت". وستتحول هذه البنوك إلى مجرد بقالات في صنعاء لا تسمن ولا تغني من جوع".

 

ما مصير المواطن؟

 وقال الفودعي: "لا يمكن أن يتأثر المواطن اليمني جراء هذا القرار. ستبقى التعاملات في المناطق المحررة، وستبقى التحويلات أيضاً في البنوك التي قامت بنقل عمليتها إلى عدن بشكل طبيعي،  يمكن أن تتحول كثير من العملاء من عملاء هذه البنوك التي لم تنقل مراكزها إلى عدن، وسينتقلون إلى بنوك تم نقل عمليتها إلى مركز عملياتها إلى عدن. وستتم الأمور بشكل طبيعي جداً، ولن يتضرر المواطن من هذا الإجراء، بل ستتضرر هذه البنوك فقط، وليس إلا، هذه البنوك التي تمانع في الانتقال إلى عدن، هي مجالس إدارتها. ومن المفارقات العجيبة أن مجالس إدارتها ليسوا متواجدين في صنعاء. بموجب النظام الأساسي لهذه البنوك، أن مجلس الإدارة يجب أن يتواجد في صنعاء، لكن كل مجالس الإدارات الخاصة بالبنوك موجودة في الخارج، وتجتمع أيضاً في الخارج، وتجتمع أيضاً عن طريق الوسائل التكنولوجية المتقدمة بالاتصالات. ولا تستطيع أن تمارس عملها أو تجتمع في صنعاء،  فكيف، طالما وأنك لا تستطيع أن تمارس عملك من صنعاء، فكيف تعارض قرار البنك المركزي في عدن؟!".

 

موقف حوثي متعنت

 

 ميليشيا الحوثي وصفت القرار الحكومي بالخطوة التصعيدية ومحاولة للهروب مما أسمته استحقاقات السلام مطالبة السعودية بالتدخل لمنع تخريب خارطة الطريق التي تسير عليها المشاورات بين الحوثيين والرياض، ثم عادت الجماعة مهددة بفرض عقوبات على البنوك التي ستستجيب لقرار الحكومة فيما تتحدث مصادر عن إبداء الحوثيين استعدادهم للسماح بتصدير النفط مقابل تراجع الشرعية عن هذا القرار اقتصاديون يرون أن هذا القرار واحد من أهم القرارات التي اتخذتها الشرعية خلال فترة الحرب وان تنفيذه سيمثل ضربة كبيرة لاقتصاد الحرب الذي تديره الميليشيا.

 

الحوثيون و استغلال الحدث لمصالحهم

بالصدد أوضح أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة عدن، الدكتور محمد جمال الشعيبي، أنه وبعد مرور نصف المدة على قرار البنك المركزي بنقل مراكز البنوك من صنعاء إلى عدن، يتأكد عدم استجابة مليشيات الحوثي، ووضعها اشتراطات مقابل ذلك، وتساءل عما إذا كانت الحكومة الشرعية سوف ترضخ لتلك الشروط من عدمه.

وقال الدكتور الشعيبي: "بعد انتصاف مهلة الستين يوما، وإبلاغ ثلاثة بنوك تجارية كبرى في صنعاء، الحكومة الشرعية والبنك المركزي، بعدم قدرتها على نقل مراكزها الرئيسية إلى العاصمة عدن، تؤكد لنا هذه الأخبار حقيقة ما نشير إليه دائماً، أن مليشيات الحوثي لا تسعى إلى تطبيع الأوضاع الاقتصادية، ولا إلى تحييد القطاع المصرفي عن الصراع، ولا إلى تحقيق مساعي إحلال السلام، طالما وهي المستفيد الأول من الحرب".

وأوضح بأن المليشيات مستفيدة من الحرب من خلال استمرار سيطرتها على مقدرات الدولة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، إلى جانب ابتزازها المؤسسات المالية والمصرفية، والتجار والمستوردين من القطاع الخاص، واستحداث منافذ جمركية بين المناطق المحررة ومناطق سيطرتها، وتسخير كل تلك الموارد والإتاوات في سبيل تمويل مجهودها الحربي وإثراء قيادتها وعناصرها على حساب المواطنين، وفي ظل تنصلها من القيام بأي التزامات تقديم نفقات عامة (خدمية أو تنموية)، واستمرار امتناعها عن دفع مرتبات موظفي القطاع العام".

وأضاف في تعليق: "كما يعزز صحة هذا الكلام الأخبار والتقارير التي تؤكد أن الجماعة لا تمانع نقل البنوك التجارية مقراتها الرئيسية إلى العاصمة عدن بشرط تسليمها كافة الودائع لديها الخاصة بالعملاء في المناطق الشمالية والبالغة قرابة ترليوني ريال، أي ما يقرب من 3.8 مليار دولار، حسب أسعار الصرف في صنعاء".

 

تعميم جديد

وأمس الأول الخميس أصدر وكيل المحافظ للرقابة على قطاع البنوك تعميمًا بعد انتهاء نصف المدة المحددة في قرار البنك المركزي، وطالب البنوك المعنية إفادته بالخطوات والإجراءات التي اتخذتها البنوك لنقل مقراتها إلى العاصمة عدن مع اقتراب المهمة التي حددها بشهرين وشارفت على الانتهاء.

وطالب البنك بسرعة استكمال نقل مراكز العمليات لتلك البنوك خلال الفترة المتبقية، مهدداً باتخاذ الإجراءات القانونية في حال عدم التنفيذ.

 

تساؤل حول استعداد الشرعية للرضوخ لاشتراطات الحوثيين

وفي سياق تعليقه لفت أستاذ الاقتصاد الدكتور محمد جمال الشعيبي "أن هذه الجماعة لا تفوت أي حدث أو فرصة دون أن تسخر مخرجاتها في سبيل تحقيق مصالحها الخاصة".

وقال الدكتور الشعيبي: "ولكن السؤال الأهم الآن: هل الحكومة الشرعية على استعداد للرضوخ لهذه الاشتراطات وقبول الدفع، نيابة عن البنوك الخاصة في المحافظات الشمالية؟".



شارك برأيك