آخر تحديث :السبت 23 نوفمبر 2024 - الساعة:10:18:29
صحيفة دولية : صراع مالي بين صنعاء وعدن على جثة الاقتصاد اليمني
(الامناء/العرب:)

شهد الشق المالي من الصراع الدائر بين جماعة الحوثي والسلطات اليمنية المعترف بها دوليا تصعيدا جديدا يخشى مراقبون أن يزيد من تعميق الأزمة الطاحنة التي يواجهها الاقتصاد اليمني وما تجرّه وراءها من أزمة إنسانية آخذة في الازدياد والتوسّع.

وتمثّل هذا التصعيد في القرار الذي اتّخذه البنك المركزي التابع للشرعية اليمنية مؤخّرا بوقف التعامل مع مجموعة من المصارف بسبب عدم الالتزام باقتصار تعاملاتها المالية على الشبكة التابعة له وإنهاء تعاملها مع الحوثيين.

ورغم وجاهة السبب الذي قدّمه البنك لاتخاذه ذلك الإجراء والمتمثّل في منع استفادة جماعة الحوثي من الموارد المالية للسلطة الشرعية، إلاّ أنّ القرار واجه انتقادات حادّة من داخل المناطق التابعة للحكومة اليمنية.

وقال مختصون في الشؤون الاقتصادية والمالية إنّ القرار ارتجالي ولم يراع التبعات الاقتصادية والاجتماعية المترتّبة عليه.

كما لم يراع القرار، بحسب منتقديه، مصلحة المصارف وشركات الصرافة التي تسهم قدر المستطاع في تنشيط الحركة الاقتصادية والمالية الضعيفة أصلا في مناطق الشرعية.

وقال هؤلاء إنّ قرار المركزي يعقّد مهمة التجار والمتعاملين الذين تمكّنوا رغم الصعوبات الكثيرة من الحفاظ على حدّ أدنى من الصلات التجارية بين مختلف مناطق اليمن وضمان قدر من تدفّق السلع بينها.

أما بشأن دور تلك المصارف في تسريب العملة الصعبة لمناطق الحوثيين، فشككّ المختصون في توفّرها أصلا في مناطق الشرعية بسبب عدم وجود موارد حقيقية لها بعد توقّف تصدير النفط وأغلب فروع التجارة مع الخارج ما عدا الشق المتعلّق بالاستيراد، وهو عامل مساعد على استنزاف رصيد العملات الأجنبية.

ويستدل المعترضون على القرار الأخير للبنك المركزي اليمني بأنّه لم يدخل أي تحسن على الوضع المالي والاقتصادي في مناطق الشرعية. فالعملة المحلية واصلت تدهورها والنشاط الاقتصادي واصل ركوده في ظلّ تراجع كبير في وتيرة الاستهلاك بسبب الارتفاع المشط في الأسعار.

ووصف صحافي يمني مختص في شؤون الاقتصاد ما يجري من صراع مالي بين الشرعية والحوثيين، بإنّه صراع على جثة الاقتصاد اليمني الميت.

ويرى محللون اقتصاديون أنّ الأجدر بطرفي الصراع أن يحيّدا قدر الإمكان الجوانب الاقتصادية والمالية من صراعهما وذلك مراعاة لمصالح السكان المتواجدين في مناطق سيطرة كل منهما.

وكان البنك المركزي اليمني في عدن قد أعلن قبل أيام عن وقف التعامل مع البنوك وشركات الصرافة المخالفة لتعليماته وبينها خمسة من أكبر البنوك والمؤسسات المصرفية والمالية في البلاد.

كما وجه البنك بإيقاف التعامل مع ثلاث عشرة شركة صرافة في محافظة مأرب في شمال شرق البلاد على خلفية مخالفة للتعليمات.

وأوضح مسؤول رفيع في البنك أن أسباب إيقاف التعامل مع البنوك الخمسة وشركات الصرافة في مأرب هي عدم التزامها بتعليمات البنك المتعلقة بحصر تحويل الأموال على الشبكة الموحدة لتحويل الأموال التي يشرف عليها البنك في عدن واستمرار تلك المنشآت بالتعامل مع شبكات تحويل الأموال إلى مناطق الحوثيين.

وقال المسؤول إن البنك أوقف عمليات تحويل الأموال عبر مختلف شبكات الصرافة من المناطق المحررة في جنوب اليمن إلى مناطق سيطرة الحوثيين بالشمال.

وأشار إلى أن وقف عمليات تحويل الأموال إلى مناطق الحوثيين جاء بسبب منع الجماعة المتحالفة مع إيران لشبكات شركات الصرافة في صنعاء من الربط مع الشبكة الموحدة الخاصة بالتحويلات المالية التابعة للبنك المركزي في عدن.


وجاء الإجراء الذي أقدم عليه البنك المركزي في وقت واصلت قيمة العملة اليمنية هبوطها الحاد لتصل إلى أدنى مستوى على الإطلاق أمام الدولار والعملات الأجنبية في مدينة عدن، حيث اقترب سعر الدولار من حاجز 1700 ريال.

واعترضت جمعية البنوك اليمنية على قرار البنك المركزي وعدّته تصعيدا خطيرا لا مبرر له من شأنه أن يجر القطاع المصرفي إلى أتون الصراع السياسي المحتدم في البلاد ويسبب المزيد من التعقيدات والعراقيل أمام وحدات النشاط الاقتصادي الساعية إلى الاستفادة من الخدمات المصرفية في تسيير نشاطها.

وحذّرت في بيان من أن إيقاف التعامل مع البنوك الخمسة الكبرى سيجعل عملية الوصول إلى الخدمة المصرفية أمرا أكثر تعقيدا وأعلى تكلفة، وهو ما سيؤثر سلبا على حركة النشاط الاقتصادي في البلاد ويُسبب المزيد من المعاناة للمواطنين.

كما دعت الجمعية في بيانها إلى التوقف عن إصدار القرارات الارتجالية ذات الآثار الضارة بالنشاط المصرفي والمقوضة لوحدته وتماسكه، مشيرة إلى أن مثل تلك القرارات لن تخدم مصالح القطاع ولن تحقق المصلحة العليا للبلاد بأي شكل من الأشكال، ولن ينتج عنها سوى المزيد من الانشقاق في بنية النظام المصرفي اليمني والمزيد من العراقيل والأعباء على الاقتصاد الوطني والمزيد من الصعوبات في الظروف المعيشية للمواطنين.




شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل