آخر تحديث :الجمعة 27 ديسمبر 2024 - الساعة:01:02:13
هزمتني الكشميرية! 
(كتب ماجد الداعري)

بعد أن أعجبتني سماعتها الأنيقة كأناقتها الدائمة بالمستشفى حاولت أن اجمع قواي واتصنع الثقة بالنفس لملاطفتها واختبار مفرداتي الانجليزية المدمرة كإنساني وما اذا كان بإمكانها أن تفهم نطقي للكلمات ام لا، نتيجة الغرسات البلاتينية المزروعة في فمي من جهة،ونتيجة سرعة انجليزية الهنود المتعبة من جهة أخرى،
وبعد أن ألفت وتعودت على رؤيتها مرارا وهي تتردد على قسم الأسنان ومع بعض أطباء الفريق المتخصص بحالتي الموصوفة منهم بالغريبة لشخص بعمري يزرع كامل أسنانه وضروسه في عملية صعبة ومؤلمة ومعقدة.. 
وعلى الفور سلمت عليها ورحبت بها كقاطع طريق يتحلى بأعلى درجات الانضباط والاحترام وبادلتها ابتسامة مدمرة من شخص بلا أسنان و بكامل ثقته بنفسه ووسامته المنعدمة 
وقلت لها:
هاي ويلكم دكتورة 
وفورا ابتسمت من قلبها لي انا الفاقد لكامل أسناني وضروسي ففرحت لانها كسرت عندي حاجز بداية طالما هميت بها وترردت وعلى الفور أشرت لها نحو قلبي  طالبا منها بأن تتأكد لي:
هل مازال قلبي يدق ام لا 
فضحكت وعرفت أنني يمنيا يستجديها لمسة حنان ومواساة
كون الحال شبيه ببقايا الوطن المدمر والمبعثر
وعليه فقد رفعت السماعة على الفور وفتحت زرار جرمتي وأدخلتها بالفعل فوق موضع قلبي وهي تواصل ابتسامتها المرحة بكل لطف وبساطة وانسانية تمنيت لو أن بامكاني أن أوثق مشهدها حتى اهديه لبعض الأطباء والطبيبات ممن يرون أنفسهم أشهر بروفسورات العالم في بلدنا المنكوب بكل العاهات والأزمات والكوارث وفقدان القيم وانتحار الإنسانية..
وما هي إلا لحظات حتى رفعت بعدها طرفي السماعة من اذنيها وحولتها على أذنيا وهي تحاول أن تطمني بأن اسمع بنفسي دقات قلبي الشغالة فيري فيري جود ...
وقبل أن تصرعني بنت الذين بقولها وهي تضحك بكل دعابة ولطافة أيضا قائلة: آن مشكلتي كلها في فمي وفقدان أسناني فقط..
لتتركني في حالة صدمة وهزبمة مدوية استدعتها لعدم تركي مطننا وسط ممر طويل واصطحابي معها الى قسم جراحة وزراعة الأسنان بمستشفى مانيبال لتسأل الجراح السبعيني وفريقة عن مصير اسناني التجريبية المؤقته التي كان مفترض تركيبها اليوم لمدة ستة أشهر حتى الانتهاء من صناعة وتركيب الأسنان النهائية والاستفسار بلساني عن سبب تأخرها 
 قبل ان يأتيها الرد بأن الأسنان مازالت في المصنع وقد تأتي بأي وقت،سواء اليوم الجمعة أو غدا او بعده، لاشكرها وأودعها وأطباء الأسنان وانا مسرور وسعيد بما لمسته والمسه يوميا من مرح ولطافة الهنود وبساطتهم وحسن تعاملهم الإنساني مع الجميع، وقبل أن أعود إلى شقتي بنفسية منهزم سعيد للغاية بهزيمته ولأول مرة، كونها من طبيبة انسانة وبأناقة وجمال كشميرية هندية مكتملة الاوصاف، وسبحان الخلاق الحكيم.

 




شارك برأيك