- مجلس القيادة الرئاسي يوجه بإصلاحات شاملة لتحسين كفاءة مؤسسات الدولة
- الولايات المتحدة تطلب وقف أنشطة الحوثيين في العراق
- مدير عام المنصورة يؤكد على ضرورة تشغيل خزان المياه البرجي بكابوتا المتوقف عن العمل منذ 2004م
- مؤسسة سلام وبناء تدشن دورة تدريبية لتعزيز التعاون بين المحامين ووحدة الابتزاز الإلكتروني بالمكلا
- اختتام مخيم أحور الطبي في أبين: 200 عملية ناجحة لإزالة المياه البيضاء وزراعة العدسات
- ضبط كمية كبيرة من المخدرات داخل أسطوانة غاز بالمهرة
- تعميم مهم من البنك المركزي لشركات الصرافة
- محافظ حضرموت يطلع على خطة عمل مكتب الزراعة والري بساحل حضرموت للعام 2025م
- سقطرى.. فريق التواصل يزور إدارة الأمن ومصلحة الهجرة والأحوال المدنية
- الهجرة الدولية: نحن بحاجة إلى 181.5 مليون دولار للمساعدات الإنسانية باليمن
تثير التطورات الجارية في البحر الأحمر خلال الأسابيع الماضية على خلفية استمرار الهجمات الحوثية ضد السفن منذ نوفمبر 2023، وما أعقبها من شن الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات ضد أهداف حوثية في اليمن منذ الثاني عشر من يناير 2024، العديد من التساؤلات حول أدوار القوى الدولية والتنافس بينها في هذه المنطقة الإستراتيجية.
ويرى الدكتور أيمن سمير الخبير في العلاقات الدولية في تقرير نشره معهد المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة أن من ضمن هذه التساؤلات، هل استثمرت الولايات المتحدة في هجمات الحوثيين على السفن التجارية والحربية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب منذ أول هجوم على السفن التجارية المتجهة من وإلى إسرائيل في التاسع عشر من نوفمبر الماضي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هي أهداف واشنطن مما يمكن تسميته بـ”العسكرة الجديدة”؟ وهل هذه الأهداف تتعلق فقط برسالة ردع لحلفاء إيران في المنطقة، أم أن الأمر يتعلق بإعادة التموضع الأميركي في الإقليم، وقطع الطريق أمام ما يُسمى بـ”المقبولية الصينية” التي تزداد يوماً بعد آخر في المنطقة منذ أن توسطت بكين في المصالحة بين السعودية وإيران في العاشر من مارس 2023؟ وإلى أي مدى يهدف تشكيل واشنطن لتحالف “حارس الازدهار” في التاسع عشر من ديسمبر الماضي، ثم تأسيس الاتحاد الأوروبي “قوة أسبيدس” في التاسع عشر من فبراير الماضي، إلى وضع التجارة الصينية مع أوروبا تحت سيطرة وهيمنة القوة الغربية؟ وما هي خيارات بكين للرد على تلك الخطوة الأميركية؟
أهداف أميركية
ربما استغلت الولايات المتحدة هجمات الحوثيين على الملاحة البحرية في البحر الأحمر لتحقيق مجموعة من الأهداف التي ليست لها علاقة بحرية الملاحة، ومنها ما يلي:
1- استكمال السيطرة على المحيط البحري لـ”القوة البحرية المشتركة”: هذه هي أكبر قوة بحرية على وجه الأرض تغطي 3.2 مليون ميل بحري من المياه الدولية، وأسستها الولايات المتحدة منذ عام 2002 تحت مظلة الأسطول البحري الخامس الذي يقع مقره في مملكة البحرين، وتشارك فيها 39 دولة.
ويغطي نطاق عمل هذه القوة البحرية (The Combined Maritime Forces) مساحة تبدأ من الساحل الغربي للهند حتى البحر الأحمر. وفي الوقت الحالي تعمل تلك القوة تحت قيادة الجنرال براد كوبر، وهو قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية، والأسطول الخامس للبحرية الأميركية المعروفة باسم “نافسنت” (NAVCENT).
ولهذا فإن قوتي “حارس الازدهار” و”أسبيدس” سوف تبقيان في المنطقة حتى بعد نهاية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ووقف الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وسوف تُضاف الأصول العسكرية الجديدة لهاتين القوتين إلى الأصول الأميركية والغربية الموجودة بالفعل في المنطقة منذ تأسيس واشنطن لـ”قوة المهام المشتركة 150″ (CTF 150) التي تعمل خارج مياه الخليج في المحيط الهندي وبحر العرب وقرب الساحل الشرقي لأفريقيا، وتضم نحو 15 سفينة.
وجاء بعدها تأسيس الولايات المتحدة لـ”قوة المهام المشتركة 151″ (CTF 151) التي تعمل في مساحة إقليمية واسعة، وأدت دورا كبيرا في تجفيف منابع القراصنة بالقرب من الساحل الصومالي، ثم أسس البنتاغون “قوة المهام المشتركة 152” (CTF 152)، ومجال عملها الرئيسي في الخليج العربي، ولها إسهامات كبيرة في مجال الأمن البحري والتدريب وبناء القدرات.
وتمنح كل هذه القوات الفرصة للأسطول الأميركي لمراقبة أي نشاط صيني في المنطقة التي يمكن أن تنشط فيها أيضا روسيا وإيران. وهذه الأصول العسكرية الغربية الجديدة تعزز الحضور الأميركي في منطقة المحيط الهندي، وغرب خليج ملقا، وصولا إلى الساحل الشرقي لأفريقيا، وهي منطقة تنافس شديد بين الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والآسيويين من ناحية، والصين من ناحية أخرى.
2- تعزيز الجوانب العسكرية لقوة المهام المشتركة “153”: تشكلت هذه القوة (CTF 153)، في إبريل 2022، وتضم 39 دولة بهدف الحفاظ على الأمن البحري في البحر الأحمر وباب المندب، لكن تلك القوة كانت تحتفظ فقط بمعدات عسكرية خفيفة لمواجهة القرصنة أو التهريب. ووجدت الولايات المتحدة في الهجمات الحوثية على السفن التجارية القادمة والمتجهة إلى إسرائيل في الفترة من التاسع عشر من نوفمبر 2023، وحتى الإعلان عن “حارس الازدهار” في التاسع عشر من ديسمبر من العام الماضي، فرصة لتقوية وتعزيز “القوة 153” بالسفن العسكرية العملاقة، واستحضار أشكال القوة والردع إلى البحر الأحمر بما فيها أنظمة الدفاع الجوي والبحري كافة، وهي مكتسبات عسكرية ما كان لواشنطن أن توفرها في ظروف تختلف عن الظروف الناتجة عن الهجمات الحوثية على السفن. وتحققت كل هذه الأهداف في تحالف “حارس الازدهار” الذي يعمل ضمن نطاق عمل “القوة 153″، ولهذا تضمن هذا التحالف العسكري سفنا وفرقاطات لديها أنظمة دفاع جوي.
3- تضييق مساحة العمل أمام القاعدة البحرية الصينية في جيبوتي: لم يترك نطاق عمل القوة البحرية المشتركة الأميركية، الذي بات يضم كلا من البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب، بجانب كل من المياه الدولية المحيطة بالخليج العربي، وجزءا كبيرا من المحيط الهندي غرب السواحل الهندية وحتى الصومال وشرق أفريقيا، مساحة للمناورة أمام الجيش الصيني في القاعدة الصينية في جيبوتي. فمنذ أغسطس 2017، عندما جرى تأسيس القاعدة البحرية الصينية في جيبوتي، كانت الولايات المتحدة تشكو من هذه القاعدة، وتعتبرها خطرا على قاعدتها في ليمونيه المجاورة. وتشكل إضافة المزيد من الأصول العسكرية للبحرية الأميركية والغربية بالقرب من القاعدة الصينية الوحيدة في المنطقة، ضغطا إضافيا وتحجيما هائلا لقدرات هذه القاعدة.
4- قطع الطريق أمام المناورات الصينية المشتركة مع روسيا وإيران: ستشكل الأصول العسكرية الجديدة للغرب، سواء “حارس الازدهار” أم “قوة أسبيدس”، حلقة من النار في مواجهة تنامي المناورات المشتركة التي تجمع الصين وروسيا وإيران في المنطقة، خاصة مع عزم بكين وموسكو وطهران على إجراء مناورات مشتركة في العشرين من مارس 2024.
5- هيمنة أميركية على طرق نقل البضائع الصينية: تنظر واشنطن إلى هيمنتها على البحر الأحمر عسكريا بأنها سوف تؤثر سلبا في خصمها الصين في أربعة محاور رئيسية هي:
أ- حرمان الصين من استغلال العقوبات على روسيا، بعد أن خلصت التقييمات الأميركية إلى أن الصين وراء عدم كفاءة العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو منذ فبراير 2022، وأن بكين باتت أكبر المستفيدين من النفط والغاز الروسيين الرخيصين اللذين يمران من البحر الأحمر في طريقهما إلى الصين، وتعتبر واشنطن أن هيمنتها الكاملة على الممرات البحرية التي تنقل الطاقة الروسية إلى الصين، ضربة مزدوجة لكل من موسكو وبكين.
ب- وفقا لوزارة التجارة الصينية، فإن 60 في المئة من صادرات الصين من البضائع إلى أوروبا تستخدم البحر الأحمر، وبالتالي فإن السيطرة العسكرية على هذا الممر الإستراتيجي تجعل تلك التجارة تحت مراقبة الولايات المتحدة.
ج- توصيل رسالة أميركية لدول الشرق الأوسط مفادها أن واشنطن هي الفاعل الرئيسي الأمني والإستراتيجي في المنطقة، وذلك ردا على بعض الدعوات التي تطالب بتغيير التحالفات من الغرب إلى الشرق وبصفة خاصة ناحية الصين.
د- إضعاف مبادرة “الحزام والطريق”، لأن هجمات الحوثيين وتصدي الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لها وحدهم يوضح ذلك بشكل مباشر أن الصين لن تكون قادرة في المستقبل على حماية “الحزام والطريق”، إذ تستورد بكين أكثر من 46 في المئة من النفط من الشرق الأوسط، كما أنها تصدر إلى أوروبا أكثر من الولايات المتحدة. وهذا ما قد يعرقل الدعوات الصينية نحو عالم متعدد الأقطاب، لأن سيطرة واشنطن، وهيمنتها الكاملة على الممرات الملاحية في الشرق الأوسط، تؤكد أنها لا تزال تمسك بخيوط القيادة الدولية للعالم الذي تشكل بعد الحرب الباردة.
خيارات الصين
على الرغم من أن الميزان العسكري في البحر الأحمر وبحر العرب يميل بقوة لصالح الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، فإن الصين تملك سلسلة من الخيارات، منها الآتي:
1- المزاحمة العسكرية: يتجلى ذلك في مجموعة من الخطوات الصينية، ليس فقط من خلال تعزيز وجودها العسكري في قاعدة جيبوتي لتكون قريبة من الأصول العسكرية الأميركية، بل أيضا أرسلت بكين في الرابع والعشرين من فبراير الماضي “الأسطول 46 الجنوبي” إلى منطقة البحر الأحمر، وهو الأسطول الذي تحرك من ميناء تشانجيانغ بمقاطعة قوانغدونغ جنوب الصين، ويتكون من مدمرة الصواريخ الموجهة “جياوتسوه”، والفرقاطة “شيويتشانغ”، والتي تحمل نحو 150 صاروخ سطح – سطح، بالإضافة إلى منظومات دفاع جوي ضد المُسيّرات والصواريخ المجنحة، كما تضمن نحو 750 ضابطا وجنديا مع سفينة الإمداد الشامل “هونجهو” التي تحمل على ظهرها عددا من المروحيات.
2- دبلوماسية ناعمة: نجحت الدبلوماسية الصينية في بناء قواعد راسخة لها خلال الأزمة الحالية في البحر الأحمر وباب المندب. وقامت هذه الدبلوماسية على مجموعة من المسارات، منها تأكيد حرية الملاحة، لكن دون إدانة الحوثيين، حتى تحتفظ بكين بمساحة من المناورة معهم ومع إيران، وهو ما أثمر عدم مهاجمة الحوثيين لأي سفينة عرّفت نفسها بأنها تابعة للصين، كما لم يُسجل هجوم حوثي على السفن المتجهة إلى آسيا، ودفع هذا النجاح الدبلوماسي الصيني مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان لكي يطلب من وزير الخارجية الصيني وانغ يي، في اجتماع بانكوك في السادس والعشرين والسابع والعشرين من يناير الماضي التدخل لدى طهران لإقناع الحوثيين بوقف استهداف السفن الإسرائيلية والأميركية والغربية.
وعلى الرغم من أن الصين أصبحت تشكو من ارتفاع تكاليف نقل بضائعها، وزيادة التأمين على البضائع، فإنها تؤكد أن كل ما يجري في محيط البحر الأحمر هو نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وعندما تتوقف هذه الحرب سوف تتوقف بالتبعية هجمات الحوثيين على السفن، مع تأكيد بكين الدائم على ضرورة احترام الأمن المشترك للبحر الأحمر، واحترام سيادة الدول المُطلة عليه وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهذا يعني أن الصين ترفض ضمنيا الهجمات الأميركية والبريطانية على الحوثيين التي بدأت منذ الثاني عشر من يناير الماضي.