- درجات الحرارة المتوقعة اليوم الأربعاء في الجنوب واليمن
- الضالع.. مقتل بائع متجول على يد موظف بمكتب اشغال دمت
- قوات الشرطة العسكرية الجنوبية تضبط عدد من الأسلحة غير المرخصة في مديرية المنصورة
- خبير اقتصادي يصف الحكومة بالفاشلة ويحذر من أزمة اقتصادية عميقة تهدد بوقف الدورة الاقتصادية تمامًا
- تحقيق يكشف تفاصيل جهاز "الأمن الوقائي" وأبرز قيادته وتركيبته وطبيعة تنظيمه
- برعاية المحرّمي وتمويل إماراتي.. تدشين 10 مشاريع في قطاع المياه بمديرية المحفد أبين
- برعاية المحرّمي وتمويل إماراتي.. تدشين 10 مشاريع في قطاع المياه بمديرية المحفد أبين
- المخدرات وتداعياتها على الشباب والمجتمعات.. مؤتمر دولي في عدن يدعو لتحمل المسؤولية التضامنية
- مصدر حكومي: رئيس الوزراء يغادر الى السعودية للتشاور حول الدعم الاقتصادي
- وزير النقل يلتقي سفير بلادنا لدى جمهورية مصر العربية
ألقى عبدالملك الحوثي، زعيم حركة الحوثي اليمنية، في الثامن عشر من يناير، خطبة متلفزة على القناة التلفزيونية التابعة للميليشيا المدعومة من إيران، حيث كان هذا الظهور يهدف إلى معالجة الضربات الجوية المنسقة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على أهداف الحوثيين في اليمن وتصنيف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للميليشيا على أنها منظمة إرهابية عالمية.
وأخفى القيادي الحوثي، الذي أدان التصنيف، رد فعله بحجاب التحدي قائلا “إن هذه الخطوة تأتي فقط في سياق حماية الإجرام الصهيوني وهجماته وغاراته وتصنيفاته، وليست لها أي أهمية” وأضاف “إن هذا العدوان لن يغير موقفنا وإيماننا بدعم الشعب الفلسطيني وأهل غزة واستهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل”. وشددت خطبة الحوثي، التي ركزت بالكامل تقريبا على فلسطين، على التحالف الإستراتيجي للميليشيا مع طهران كجزء من “محور المقاومة”، الأمر الذي عزز موقفها بشأن القضايا الإقليمية.
وترى الباحثة فاطمة أبوالأسرار في تقرير نشره معهد الشرق الأوسط أن هذه العلاقة، التي تعتبر أساسية لفهم تصرفات حركة الحوثيين ورواياتها، تحدد موقعها ضمن المنافسة الجيوسياسية الأكبر في الشرق الأوسط. وبدلا من الحديث عن الرد الدولي على هجمات الحوثيين على السفن، أكد الحوثي على المظالم الأوسع نطاقا بشأن الصراع العربي – الإسرائيلي مع التركيز بشكل خاص على التحالف الدائم بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وقد ورط هذه العلاقة في معاناة الفلسطينيين، مدعيا أن “الولايات المتحدة هي التي تساعد إسرائيل في فظائعها”، مستفيدا من تاريخ من الاستياء وانعدام الثقة في المنطقة.
وسعى الحوثيون، الذين يتمتعون بمهارة في فن التهرب، منذ فترة طويلة إلى الاستفادة من مشاعر ومظالم السكان المحليين في اليمن. وهم يسعون الآن إلى القيام بالشيء نفسه في جميع أنحاء العالم العربي الأوسع، مستفيدين من الدعم واسع النطاق للفلسطينيين في غزة والغضب من إسرائيل والولايات المتحدة.
وقد كثفوا هجماتهم في البحر الأحمر لوقف حركة المرور البحرية المتجهة إلى إسرائيل، وتدخلوا بشكل مباشر في الصراع بين إسرائيل وحماس. ويبدو أن السرد الذي ينشره الحوثي لا يتعلق بقضية الحوثيين بقدر ما يتعلق بمحنة الفلسطينيين، وهو الموضوع الذي يحتكر بشكل متزايد الخطاب في القنوات الإعلامية للجماعة.
ويتمتع قادة الحوثيين بفهم عميق للمواضيع والقضايا التي يتردد صداها في جميع أنحاء العالم العربي، وللجروح والمعارك التاريخية، وللخطاب الدولي لحقوق الإنسان الذي يعارض إيذاء المدنيين.
ويستخدمون هذه المواضيع والسرديات الأكبر بشكل إستراتيجي لتأطير نضالهم المحلي بطريقة تلقى صدى لدى جماهير إقليمية وعالمية أوسع، ويسعون إلى حشد التعاطف والدعم لحركتهم من خارج حدود اليمن. ومع ذلك، فإن هدفهم الأساسي يظل متمركزا حول تعزيز أهدافهم السياسية والعسكرية داخل اليمن، بدلا من الدفاع الحقيقي عن القضايا العربية الأوسع التي يتذرعون بها.
الأطماع الإقليمية
إن استخدام القضايا الإقليمية الأوسع لحشد الدعم يشكل إستراتيجية موثقة جيدا في صراعات الشرق الأوسط.
ويستغل زعيم حركة الحوثي المظالم واسعة النطاق حول الصراع العربي – الإسرائيلي والتحالف الأميركي – الإسرائيلي، مما يورطها في معاناة الفلسطينيين. ويخدم هذا الإطار الإستراتيجي أغراضا متعددة: فهو يضفي الشرعية على تصرفات الحوثيين في عيون المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، ويصرف الانتباه عن القضايا الأكثر إلحاحا المرتبطة بالصراع اليمني وفشل حكم الحوثيين، وربما يوسع قاعدة دعم حركتهم خارج حدود اليمن.
الرسائل والتأثير
إن شعار الحوثيين “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، يلخص أيديولوجيتهم واستعدادهم طويل الأمد لصراع أوسع مع القوى الغربية، وقد استغلوا التوترات الجيوسياسية الحالية كوسيلة لإثارة الصراع. وهذا الشعار ليس بمثابة صرخة حاشدة فحسب، بل أيضا بمثابة إعلان لنواياهم وأهدافهم، ومواءمتهم مع مشاعر أوسع معادية للغرب تتجاوز حدود اليمن، وتأطير نضالهم ضمن سرد أكبر للمقاومة ضد الهيمنة الخارجية.
وفي رسائلهم، يؤسس الحوثيون بشكل فعال روحهم أو مصداقيتهم، من خلال تصوير أنفسهم كمدافعين عن قيم وأشخاص محددين. وغالبا ما يصفون أنفسهم بأنهم حراس السيادة اليمنية وأبطال المهمشين من خلال استخدام الإشارات إلى الرموز التاريخية والدينية، ومواءمة قضيتهم مع الشخصيات والأحداث الموقرة. ومن خلال القيام بذلك، فإنهم لا يؤكدون سلطتهم فحسب، بل يؤسسون أيضا أرضية أخلاقية عالية، ويجذبون إحساس الجمهور بالاستقامة والعدالة.
وتأثير هذا الخطاب على الشعب اليمني متعدد الأوجه. فمن ناحية، يمكن أن يعزز الشعور بالولاء والواجب، وخاصة بين أولئك الذين يشعرون بالتهميش أو الاضطهاد. وقد يتردد صدى الجاذبية العاطفية والأخلاقية في خطابات الحوثيين مع نضالات الشخص اليمني العادي، مما يخلق شعورا بالوحدة والهدف.
وفي الواقع، فإن خطاب الحوثيين وأفعالهم في مهاجمة السفن في البحر الأحمر كان لها صدى لدى بعض خصومهم الأقوياء. وعلى المستوى الدولي، أثارت هذه العقوبات أيضا انتقادات للدول الغربية لإعطاء الأولوية للمصالح الاقتصادية على حياة البشر في الاستجابة للصراعات في اليمن وغزة، مما يضع حماية طرق الشحن التجارية قبل إدارة الأزمات الإنسانية.
ومن ناحية أخرى، يمكن لخطاب الحوثيين أيضا أن يبث الخوف بين السكان اليمنيين المحليين، لاسيما من خلال تشكيل تصورات عن التهديدات والأعداء الخارجيين. يمكن أن يكون هذا الخوف حافزا قويا لحشد الدعم وتبرير تصرفات الحوثيين وسياساتهم.
وتلعب الطبيعة المشحونة عاطفيا لخطابات الحوثيين دورا مهما في حملات التجنيد التي يقومون بها، لاسيما في مناطق مثل الحديدة، القريبة من البحر الأحمر، حيث يشن الحوثيون هجماتهم. ومن خلال تصوير نضالهم على أنه دفاع عادل ضد التهديدات والقمع الخارجي، فإنهم يخاطبون إحساس السكان المحليين بالواجب والقدرة على الصمود ويبررون تدابير مثل التجنيد القسري، بما في ذلك الأطفال.
التحالف مع إيران
عندما يتعلق الأمر بالتضامن مع فلسطين والعداء لإسرائيل، فإن حركة الحوثي تصطف إلى حد كبير مع إيران. ولطالما كان القادة الإيرانيون مؤيدين صريحين للقضية الفلسطينية ومعارضين للسياسات والإجراءات الإسرائيلية في المنطقة. ويشكل هذا الموقف حجر الزاوية في السياسة الخارجية الإيرانية، ويعكس التزاما أيديولوجيا وإستراتيجيا عميقا يتردد صداه مع موقف الحوثيين.
وقد وصف المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي فلسطين بأنها “المؤشر الرئيسي للوحدة الإسلامية”، وهاجم الحكومات العربية التي تسعى إلى “تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني المستبد الغاصب”، وتنبأ بزوال إسرائيل بحلول عام 2040. وعلاوة على ذلك، أكد المسؤولون الإيرانيون في الكثير من الأحيان دعمهم لما يسمونه “جماعات المقاومة”، أو ما يشار إليه بشكل أكثر شيوعا باسم “محور المقاومة”، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وهو ما يتماشى مع إستراتيجيتهم الأوسع لمعارضة النفوذ الأميركي والإسرائيلي في الشرق الأوسط.
ورغم أن العلاقة بين الحوثيين وإيران تقدم مزايا إستراتيجية وعسكرية للحوثيين، إلا أنها تخدم في الغالب طموحات إيران الإقليمية الأوسع. ويضع دعم إيران الحوثيين ضمن محور المقاومة ضد المصالح الغربية والإسرائيلية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تورط الحوثيين في صراعات بعيدة المدى، مما يستنزف الموارد والتركيز من أهدافهم الرئيسية في اليمن.
وأدى التحالف بين إيران والحوثيين، الذي اجتذب تدقيقا دوليا متزايدا وزاد من عزلة الحوثيين، إلى تعقيد موقفهم ومصالحهم على المدى الطويل. وفي مواجهة الضغوط الدولية المتزايدة، من المرجح أن يستمر الحوثيون في استخدام إستراتيجية أتقنوها على مر السنين: شراء المزيد من الوقت مع مضاعفة مطالبهم التي لا يمكن تحقيقها.
ويتماشى هذا النهج مع تكتيكهم التاريخي المتمثل في استخدام الصراع كفرصة لتعزيز وتوسيع نفوذهم. ويشير هذا إلى أن الهدف الأساسي للحوثيين هو تعزيز مصالحهم الخاصة، وضمان بقائهم، وتوسيع نطاق سيطرتهم.
وفي حين تشير المظاهر الخارجية إلى عدم الاكتراث بالضغوط الخارجية، فمن المرجح أن الحوثيين يتنقلون بنشاط في تفاعل معقد بين الحقائق والتصورات الجيوسياسية، ويشكلون استجاباتهم وإستراتيجياتهم في ضوء المشهد الدولي المتطور.
الآثار العالمية
يؤكد تأثير الحوثيين على السياسة الإقليمية والدولية على الحاجة الملحة إلى التصدي بفعالية للتحديات التي يمثلونها. وأجبرت قدرتهم على تعطيل طرق الشحن العالمية وأسواق الطاقة، وخاصة من خلال الهجمات على حركة المرور البحرية في البحر الأحمر، الشركات على إعادة توجيه حركة المرور، ورفع تكاليف الشحن، وأدى ذلك إلى انخفاض كبير في حجم الشحن. ويتعين على المجتمع الدولي أن يتبنى نهجا يقظا تجاه الجماعة، ويدقق في دعايتها وتحولاتها الإستراتيجية بعين ناقدة.
وبينما تتنقل الدول العربية في هذا التوازن الدقيق للدبلوماسية، وتتوخى الحذر بشأن تصاعد التوترات، فإن الحوثيين، مدعومين بالدعم الإيراني، يضعون أنفسهم كقوة منفردة مستعدة لمواجهة تصرفات إسرائيل في غزة من خلال العمل المباشر.
وأصبحت العلاقة بين الحوثيين وإيران عميقة، مما أدى إلى تشابك مصائرهم وطموحاتهم الإقليمية. وفي هذا الفهم يكمن المفتاح لصياغة إستراتيجيات واقعية وراسخة، تهدف إلى تحقيق السلام في مشهد لا يمكن إنكار وجود المحور الحوثي – الإيراني فيه.
وعلى هذا النحو، يعد اتخاذ موقف متوازن تجاه الحوثيين أمرا ضروريا، مع الاعتراف بتعقيد مشاركتهم في الصراع اليمني والتداعيات الجيوسياسية الأوسع. ولا ينبغي لهذا النهج أن يقلل من تأثيرهم أو أن يرد بطريقة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد التوترات دون داع.
وفي حين أنه من الضروري التدقيق في العوامل التي قد تدفع الدعم للحوثيين، بشكل رئيسي من خلال أخذ زمام المبادرة في الحماية من الخسائر الكارثية في الأرواح البشرية في غزة، فمن الأهمية بمكان أيضا محاسبة إيران والحوثيين على المساهمة في الصراع والمعاناة في اليمن.
ولتحقيق هذه الغاية، ينبغي اتخاذ إجراءات أكبر لتمكين الجهات الفاعلة المحلية الملتزمة بالحل السلمي في اليمن والمنطقة. وينطوي ذلك على تقديم الدعم لعمليات الحوار الشامل وتعزيز قدرة هياكل الحكم المحلي. ومن خلال تعزيز شرعية وفعالية الجهات الفاعلة المحلية المعارضة لأساليب الحوثيين العنيفة، يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد في خلق بيئة أكثر ملاءمة للحل السياسي.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن معالجة المظالم المشروعة بين السكان اليمنيين، مثل الصعوبات الاقتصادية، والحرمان السياسي، وعدم الوصول إلى الخدمات الأساسية، يمكن أن تقلل من جاذبية خطاب الحوثيين وتقويض قاعدة دعمهم. ويوفر هذا النهج المزدوج للتدابير الأمنية والتمكين السياسي طريقا لاحتواء نفوذ الحوثيين تدريجيا مع إرساء الأساس للاستقرار طويل المدى في اليمن والمنطقة.