آخر تحديث :الاحد 14 يوليو 2024 - الساعة:19:14:43
"المجلس الرئاسي" بين مخاوف الجنوبيين وأجندة الشماليين
(الأمناء/ رعد الريمي:)

ما أسباب مخاوف الجنوبيين من تحالف الرئاسي مع الأطراف الشمالية المشاركة في اتفاق الرياض؟

لم لم تنصب الجهود العسكرية والسياسية للمجلس الرئاسي في تحرير شمال اليمن من الحوثيين؟

لماذا تلاشت مواقف القوى الشمالية في إطار الرئاسي بخصوص تحرير الشمال من الحوثي؟

لماذا أهمل الرئاسي الجوانب الاقتصادية والتنموية والخدمية بعدن؟

لماذا لم يعلن الرئاسي وممثلو الشمال استراتيجيتهم بتحرير صنعاء؟

 

في 7 أبريل الماضي، أعلن الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي عن تشكيل مجلس قيادة رئاسي مكوَّن من ثماني شخصيات عسكرية وسياسية جنوبية وشمالية، ونقل صلاحياته كافة وصلاحيات نائبه الذي أقاله في ذات اليوم، علي محسن الأحمر، إلى المجلس الجديد.

مثَّل المجلس الرئاسي - الذي شُكل برعاية سعودية وإماراتية ودعم دولي معلن - أبرز متغير سياسي شهدته الأزمة اليمنية منذ أعوام طويلة، فلقد نفخ هذا المتغير روح الحياة السياسية في أطراف شمالية ضعيفة أو عديمة الحضور على أرضها، وشكل تحالفاً طارئاً يجمعها بالطرف الأقوى في جنوب اليمن، المجلس الانتقالي الجنوبي.

 

مخاوف الجنوب

 ومع ذلك، تبرز المخاوف في جنوب اليمن من التحالف الذي خلقه المجلس الرئاسي مع الأطراف الشمالية، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين الجنوب والشمال من انقلاب الأخير على أي صيغ توافق أو شراكة حقيقية، كما حدث قبيل حرب اجتياح الجنوب في 1994. 

ويتفق كثير من المحللين والسياسيين القريبين من الأطراف الشمالية المشاركة في مشاورات الرياض والحاضرة في المجلس الرئاسي، على أنَّ التوجه والجهود العسكرية والسياسية المفترضة من قبل المجلس الرئاسي، وبالأخص الجانب الشمالي منه، يجب أن تنصب نحو شمال اليمن الخاضع للحوثيين.

ويرى هؤلاء أنَّ جهود المجلس الرئاسي فيما يخص الجنوب يجب أن تركز على الجانب الاقتصادي والتنموي والخدمي، لا سيما العاصمة عدن، نظراً لكون المدينة أصبحت نقطة الانطلاق نحو شمال اليمن وعاصمة القرار كما يصفها البعض. 

وبالفعل، سارعت بعض الأطراف الشمالية منذ الوهلة الأولى لتشكيل المجلس الرئاسي لإرسال رسائل إيجابية تعكس تفهمًا محتملاً لطبيعة المتغير الجديد والأولويات التي يجب أن تصب جهودها نحوها، لكنَّ هذه الرسائل تظل بالنسبة لكثير من الجنوبيين غير كافية أو ضامنة ما لم تقترن بالنشاط على أرض الواقع.

 

خلو خطاب العليمي من مفردة "الوحدة"

كما تجدر الإشارة إلى أنَّ أول خطاب للواء رشاد العليمي، عضو المجلس الرئاسي الذي يشغل حالياً موقع رئيس المجلس، في 8 أبريل، خلى من مفردات الحفاظ على الوحدة اليمنية. 

 

وقال الرجل المقرب من السعودية في بيان نقلته "سبأ" إنَّ المجلس يهدف إلى "معالجة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية شمالاً وجنوباً، دون تمييز، وفي كل المناطق اليمنية دون استثناء".

 

الأطراف الشمالية 

بالنسبة للصحافي والسياسي اليمني نبيل الصوفي "ليس هناك قوى حالياً تمثل الشمال".

وقال الصوفي: "للأسف، كل القوى تدعي أنَّها تمثَّل الجمهورية اليمنية، وهي الحالة التي انتهت داخل الشمال، وبسبب انتهائها هربت كل هذه القوى بعد هزيمتها على يد الحوثي". 

وأضاف: "كان يمكن تفهم أداء هذه القوى، إذا كان الحديث عن الجمهورية اليمنية هو حديث يستنفر التحرك شمالا ضد الحوثي، لكن على مدى سنوات الحرب فإنَّ كل الحشد باسم الجمهورية اليمنية لم يكن سوى صدى قادم من أزمة وحرب 1994 التي انتهت ظروفها جنوبا".

وتابع: "هناك فرضية شعاراتية يقولون عبرها إنَّ الحديث عن تمثيل الشمال، هو قبول بتشظي الجمهورية اليمنية، وهو حديث كاذب ومخادع ويؤكد فقط أنَّ قوى الشمال تريد مشاركة الحكم جنوبا بدعوى الجمهورية اليمنية والوحدة، وتترك الشمال للحوثي بحجة أنَّ الحوثي سيزول وهو حالة غير دائمة".

وأشار الصوفي إلى أنَّ "الحديث عن تمثيل الشمال، هو حديث عن ضرورة تحديث معركتنا شمالاً: ماذا تعني؟ ما هي قواتها؟ وأهدافها؟ وقضيتها؟ إنَّها ليست حرب سلطة وانقلاب فقط، بل حرب هوية وطنية وقومية ودينية" - حدَّ وصفه.

أما السياسي الكويتي، أنور الرشيد، فقد شكك بتوجهات القوى الشمالية المنضوية في إطار المجلس الرئاسي فيما يتعلق بتحرير أراضيها من الحوثيين.

وقال الرشيد: "مع الأسف الشديد لم أرَ أي موقف جدي من القوى الشمالية المنضوية في إطار المجلس الرئاسي فيما يتعلق بعملية تحرير الشمال من جماعة الحوثي وعودة الحكومة لصنعاء. لا أظن بأن ذلك من ضمن أجندتهم لا خلال الفترة الحالية ولا القادمة".

وتابع: "في الحقيقة إن لم يُعلنْ المجلس الرئاسي وتحديداً ممثلي الشمال استراتيجيتهم فيما يتعلق بتحرير صنعاء من الحوثي فإن الأزمة ستستمر إلى ما لا نهاية والخاسر الأكبر في كل ذلك الجنوب وقضيته".

"يجب ضبط إيقاع العملية السياسية خاصة وأنَّها مزمنة"، شدَّد السياسي الكويتي، وأضاف: "على أعضاء المجلس الرئاسي أن ينتبهوا جيداً بالذات في الشهرين القادمين لِمَا لهما من أهمية استراتيجية تُنبئ عما هو مخفي من أجندات للسيطرة على الجنوب تحت شعار الشرعية".

 

العدو المشترك 

وحول طبيعة المجلس الرئاسي ومشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي فيه، قال القيادي بالمجلس، منصور صالح، إنَّ "مشاورات الرياض خرجت بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي ليتولى مهمة إدارة الملفين العسكري والاقتصادي".

وأضاف صالح، في حديث: "ملف الحرب يتطلب توجها سريعا أما بوقفها والتوجه نحو السلام إذا تجاوبت مليشيا الحوثي، أو توحيد الجهود والجبهة العسكرية المناوئة للحوثي وحسم المعركة عسكريا".

وعن مشاركة قوات المجلس الانتقالي في المعركة شمالاً، أوضح أن "المجلس الانتقالي أعلن موقفه منذ البدء من مسألة معركة تحرير محافظات الشمال بأنَّه سيكون مساندا وداعما لأي قوات يمنية جادة وصادقة في قتال الحوثي وتخوض حربا حقيقية ضد المليشيات الحوثية".

لكن، بالنسبة للقيادي الجنوبي فإن "معركة تحرير الشمال بدرجة أساسية هي مهمة القوات الشمالية التي ينبغي أن تتحرك من مواقعها خاصة تلك المرابطة في مناطق وادي حضرموت ومحافظة المهرة فهي قوات كبيرة ومجهزة".

كما أنَّ هذه القوات – وفقاً لمنصور صالح - "لم يسبق لها أن دخلت أي معركة خلال السنوات الثمان الماضية، ما يعني أنَّها ستكون أكثر حماسا وقدرة على خوض هذه المعركة؛ لا سيما وأنَّ معظم منتسبيها ينتمون لمحافظات تسيطر عليها مليشيات الحوثي ولديهم أسباب كافية لقتاله".

 

واحدية المعركة 

واتفق السياسي والأكاديمي اليمني، محمد جميح، مع الصوفي وصالح على أنَّ المعركة اليوم يجب أن تتوجه نحو صنعاء. 

وقال جميح: "أنا أعتقد أنَّ على القوى المنضوية تحت مجلس القيادة الرئاسي شمالية أو جنوبية أن تتحد فيما بينها تحت مظلتي وزارة الدفاع والداخلية؛ وأن تعمل على واحدية المعركة وهذا هو الأساس في هذه المعركة، ومعركتنا هي باتجاه صنعاء وليس باتجاه عدن".

وأضاف: "أتصور أنَّه ينبغي أن تتجه المعركة باتجاه صنعاء. لا تمييز في وجهة نظري بين الألوية المنضوية تحت قيادات شمالية أو تلك التي يقودها جنوبيون، فلقد نص اتفاق الرياض، ومشاورات الرياض الأخيرة، على واحدية المعركة".

وبالنسبة لجميح، هناك "خيار وحيد" أمام المجلس الرئاسي في حال تعنت الحوثيين ورفضوا السلام: "فرض استخدام القوة، لا لاجتثاث الحوثي ولا أحد يريد أن يجتثه كمكون اجتماعي ومذهبي، لكن من أجل إرغامه للجلوس إلى مائدة المفاوضات".

 

المخاوف الجنوبية 

ويعتبر محمد جميح أنَّ "مخاوف الجنوبيين من العملية السياسية المقبلة في إطار المجلس الرئاسي مٌستبعدة؛ ومستمسك ذلك أن الجنوبيين اليوم يمتلكون قوة كبيرة". وعبَّر عن أمله "أن يبرز الصوت الجنوبي ضمن القيادة الواحدة".

وأضاف: "هذه المرة الأولى التي يمثل فيها الجنوب بالنصف، ليس على مستوى الحكومة فقط، وإنما على مستوى القوة الفعلية لإدارة الحكم في البلد".

وتابع: "أنا لا أشارك الرأي المشير إلى أن مجلس القيادة الرئاسي سيُعد سيطرة الشماليين على الجنوب؛ وإنما أقول بأنَّ المأمول هو إعادة سيطرته الشرعية على كافة الأراضي المحررة في الشمال وإخضاعها لقراره من عدن".

وفي وقت سابق، كان القيادي البارز بالمجلس الانتقالي الجنوبي ناصر الخبجي قد صرَّح أنَّ عنوان العلاقة التي تجمع المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم مع الأطراف الشمالية هو "حلفاء لتحرير الشمال لكن غير شركاء في الجنوب".



شارك برأيك