آخر تحديث :السبت 23 نوفمبر 2024 - الساعة:19:38:16
لهذه الأسباب.. لن تستطيع واشنطن إخضاع الحوثيين؟
(الامناء/وكالات:)

رغم أن الضربات الأمريكية والبريطانية على مواقع في اليمن ألحقت أضراراً بتسعين في المائة من أهدافها أو دمرتها تماماً إلا أن الحوثيين ما زالوا يحتفظون بحوالي ثلاثة أرباع قدراتهم من المسيرات والصواريخ.

جاءت هذه الضربات بعد أن حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها إجبار الحوثيين على وقف هجماتهم على حركة الشحن في البحر الأحمر. 

وحذر البيت الأبيض، في بيان مشترك مع العديد من حلفائه في 3 يناير (كانون الثاني)، الحوثيين لوقف هجماتهم التي اعتبرها "غير قانونية وغير مقبولة وتؤدي إلى زعزعة الاستقرار بشكل كبير"، وتوعد بأن الحوثيين سيتحملون " العواقب إذا استمروا في تهديد الأرواح والاقتصاد العالمي والتدفق الحر للتجارة في الممرات المائية الحيوية في المنطقة".


لكن بدلاً من إقناع الحوثيين بالتراجع، أثارت هذه الضربات مظاهرة حاشدة مؤيدة للفلسطينيين في العاصمة اليمنية صنعاء، وفي الوقت نفسه تعهد الحوثيون بالانتقام من أهداف أمريكية وبريطانية. وتتمتع الولايات المتحدة بميزة ساحقة من حيث القوة العسكرية والاقتصادية على الحوثيين، حتى لو أخذنا في الاعتبار الموارد التي يتمتع بها داعموهم الإيرانيون. ومع ذلك فالتهديد باستخدام أعتى قوة عسكرية في العالم لم يكن كافياً لإقناع الحوثيين بالتخلي عن هجماتهم على السفن في البحر الأحمر. لماذا؟ تتساءل الدكتورة دياني فوندشتاين شامبرلين، باحثة مستقلة متخصصة في السياسة الخارجية الأمريكية والأمن الدولي.

تهديدات رخيصة
وقالت شامبرلين: في كتابي الذي حمل عنوان Cheap Threats: Why the United States Struggles to Coerce Weak States (التهديدات الرخيصة: لماذا تواجه الولايات المتحدة صعوبة في إخضاع الدول الضعيفة)، أدقق في الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة تواجه صعوبة في اقناع الدول الضعيفة كالعراق وأفغانستان وليبيا، وأستند  إلى منطق الإشارات باهظة التكلفة، الذي يؤكد أن الإشارات يجب أن تكون باهظة الكلفة على مرسلها لكي تنبئ بفعالية عن مستويات عالية من الالتزام، وفي المقابل فإن الكلام الرخيص لا يمكنه إقناع المستقبِل بأن المرسل يمتلك قدراً كبيراً من العزيمة. بعبارة أخرى نقول إن الإشارات الرخيصة وسهلة الإرسال لا تنقل أي معلومات حول عزم مرسلها أو دوافعه الكامنة".


ورأت الباحثة في تحليل بموقع "ناشونال إنترست": تفشل تهديدات الولايات المتحدة لأن كلفتها متدنية الثمن، بمعنى أن الولايات المتحدة تبنت نموذجاً للقوة العسكرية يجعل استخدام القوة سهلاً وغير مكلف نسبياً، وبالتالي فالتهديد باستخدامها لا يقنع الطرف المستهدف بأن الولايات المتحدة جادة في تحقيق أغراضها.


وتشمل السمات المميزة لهذا النموذج من نماذج القوة الرخيصة الاعتماد على قدرات الضرب عن بُعد والمسيرات، واستخدام جيش يتألف بأكمله من المتطوعين ويكمّله متعاقدون عسكريون، وتمويل العمليات من خلال الإنفاق بالعجز، من ضمن أمور أخرى.


ولا يشك الطرف المستهدف بالتهديد الأمريكي الرخيص في أنه سيتم تنفيذه (بمعنى أنه لا يشك في مصداقية هذا التهديد)، لكنه يشك في استعداد الولايات المتحدة لمتابعة الأمر حتى النهاية بعد فشل القنابل والصواريخ في تغيير سلوك الطرف المستهدف. وبالتالي فأي استراتيجيات أو خيارات تجعل استخدام القوة أسهل أو أقل تكلفة من الناحية السياسية أو تزيل الحواجز أمام استخدام القوة من قِبل الإدارة الأمريكية، فإنها تقوض فعالية التهديدات الأمريكية المراد بها إخضاع الطرف المستهدف.

وتحمل هذه الضربات ضد الأهداف الحوثية في اليمن كل السمات المميزة للنموذج الرخيص للقوة الأمريكية، حيث كانت لم تكبد الضربات عن بُعد  القوات الأمريكية إلا القليل من الخطر، دون أي تلميح باستخدام قوات برية أو إمكانية القيام بذلك فعلاً، كما تم تنفيذها دون موافقة الكونغرس. والواقع أنه عندما سُئل مدير الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي عما إذا كان بايدن سيكون مستعدّاً لاستخدام قوات برية، أكد بقوله: لسنا مهتمين بحرب مع اليمن".

فشل التحذيرات
كل هذه العناصر تجعل تنفيذ هذه الضربات شيئاً سهلاً ورخيصاً على الولايات المتحدة وحلفائها. والواقع أنه يصْعب أن نتصور ضربة يكون تنفيذها أقل صعوبة من هذا، لكن هذا هو بالضبط السبب الذي جعل التحذير الصادر في 3 يناير يفشل في إكراه الحوثيين على التراجع، والسبب الذي سيجعل الضربات الإضافية فاشلة بالطريقة نفسها.


ويشير احتفاظ الحوثيين بمعظم قدراتهم لتهديد حركة الشحن في البحر الأحمر إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها قد يشنون هجمات إضافية. والواقع أن وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أخبر شبكة "بي بي سي" يوم الأحد أن المملكة المتحدة "مستعدة لدعم أقوالنا بالأفعال" إذا تواصلت هجمات الحوثيين.


واختتمت الباحثة مقالها بالقول: "لن تكون هذه الضربات الإضافية الرخيصة أكثر فعالية من الحملات السابقة في إجبار الحوثيين على التخلي عن حملتهم ضد حركة الشحن في البحر الأحمر. ومثلما اضطرت المملكة المتحدة إلى مواجهة حقيقة نفوذها المتضائل في الشرق الأوسط إبان أزمة السويس سنة 1956، حان الوقت لكي تدرك الولايات المتحدة أنها لا تستطيع النجاح في إكراه الأطراف المستهدفة بثمن زهيد".




شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل