آخر تحديث :الاربعاء 27 نوفمبر 2024 - الساعة:14:42:44
تقرير : الاصطياد غير القانوني في مياه الجنوب.. الأكبر عالميًا
(الأمناء/ تقرير: رعد الريمي:  )

الغوري: سفن اصطياد إيرانية وتايلندية وصينية ومصرية تُمارس نشاطًا غير قانوني في سواحلنا

200 مركبة بحرية إيرانية تمارس الصيد بشكل غير قانوني في مياهنا الإقليمية والصومال

كفاين: الاصطياد غير القانوني في سواحل حضرموت تسبب بنفوق مئات الأطنان من أسماك التبانة

ثروات الجنوب من الأسماك والأحياء البحرية جعلها محل أطماع الداخل والخارج

 

يتمتاز الجنوب بشريط ساحلي كبير بطول يصل إلى 1689 كيلومتر، وامتداد من أقصى حدوده في محافظة المهرة المجاورة لسلطنة عمان شرقا، وحتى باب المندب وجزيرة ميون غرباً، وحول جزر أرخبيل سقطرى جنوباً.

وتعتبر المنطقة البحرية الواقعة بين سواحل محافظات عدن، ولحج، وأبين، وشبوة، وحضرموت، والمهرة، وأرخبيل سقطرى - المياه الإقليمية للجنوب بحدود 12 ميلاً بحرياً من خط الأساس، وما تبقى من تلك المسافة البحرية يدخل ضمن المنطقة الاقتصادية للجنوب.

وتحفل هذه المساحات المائية في بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر بثروة هائلة من الأسماك والأحياء البحرية، ما جعلها محل أطماع الداخل والخارج، ومرتعًا خصبًا لأعمال التجريف والاصطياد السمكي غير القانوني منذ عقود.

وفي هذا التقرير سنورد إفادات مسؤولين حكوميين، بالإضافة لخبراء وصيادين محليين، حول نشاطات اصطياد غير مشروعة في المياه الإقليمية للجنوب تمارسها جهات أجنبية ومحلية منذ سنوات طويلة وحتَّى اليوم. 

ويرصد التقرير ما نشرته المؤسسات العالمية في هذا الشأن، وفي مقدمتها منظمة مراقبة الصيد العالمية. 

 

ثروة بحرية:

شرح الخبير وعضو اللجنة الاقتصادية العليا في المجلس الانتقالي الجنوبي الدكتور عادل إبراهيم الغوري حجم الثروة البحرية التي يتمتع بها الجنوب، والأهمية التي يشكلها قطاع الصيد البحري بالنسبة للاقتصاد الوطني.

وقال الغوري: "تعتبر سواحل خليج عدن والبحر الأحمر وبحر العرب من أغنى السواحل بالأسماك والأحياء البحرية المتنوعة؛ ويعود ذلك إلى عوامل مناخية وجيومورفولوجية توفر ظروفًا مواتية لتكاثر الأسماك".

وأضاف: "تمتاز مياه المنطقة الاقتصادية الخالصة للجنوب (EEZ) بالتنوع الكبير للأسماك والأحياء البحرية لأكثر من 500 نوع من الأسماك السطحية والأحياء البحرية الأخرى، بالإضافة إلى الموارد القاعية (رأسيات الأرجل، والقشريات، وجمبري الأعماق، وشروخ الأعماق)".

 وقبل الأزمة الحالية، أشارت التقديرات إلى أنَّ إنتاج اليمن من الأسماك والأحياء البحرية بلغ سنويا حوالي 200 ألف طن، حيث تم تصدير ما بين 40% إلى 50% من هذا الإنتاج، ما أدر عائدات تقدر بحوالي 300 مليون دولار.

 

اصطياد جائر:

روى الصياد الجنوبي محمد صالح أحمد (37 عاماً) مشاهداته لسفن اصطياد كبيرة صادفها وهو يمارس صيد الأسماك في خليج عدن.

وقال: "شاهدت العديد من السفن والقوارب الأجنبية التي تصطاد في خليج عدن. تكثر هذه السفن في أعماق البحر، حيث تتواجد أنواع من الأسماك مثل (الثمد) الذي يتوفر في مناطق عميقة نذهب إليها كصيادين يمنيين مرخص لنا ممارسة هذا النشاط".

محمد هو أحد الصيادين المحليين المسجلين ضمن "جمعية صيادي صيرة" في عدن الذين التقيناهم في مركز الإنزال السمكي في مديرية صيرة. لقد تشابهت روايات هؤلاء الصيادين حول هذه الأنشطة في مياهنا الإقليمية. 

وحدَّد الصيادون أماكن تواجد سفن الاصطياد في خليج عدن وسواحل شقرة في محافظة أبين، وأيضاً بالقرب من محافظة المهرة، ومحيط جزيرة سقطرى، وباب المندب.

 

نشاط غير قانوني:

عضو اللجنة الاقتصادية العليا عادل الغوري أكَّد إفادات الصيادين فقال: "فيما يخص وجود سفن اصطياد أجنبية فإنَّنا نؤكد أنَّ هناك سفن اصطياد إيرانية، وتايلندية، وصينية، ومصرية، تُمارس نشاطا غير قانوني".

وتعمل هذه السفن دون ترخيص من الحكومة الشرعية، وفقا لـ المهندس نائل سعيد أحمد، مدير عام الموانئ السمكية ومراكز الإنزال في عدن ولحج وأبين في الهيئة العامة للمصايد السمكية في خليج عدن التابعة لوزارة الثروة السمكية.

وقال مسؤول حكومي: "من جانبنا في الحكومة، لم نمنح أي تراخيص لأي سفن أو قوارب أجنبية لتمارس عملية الاصطياد في المياه الإقليمية؛ ولا توجد أي سفينة مرخصة منذ عام 2014".

وطبقًا لمصادر خاصة في وزارة الثروة السمكية، استقبلت الحكومة اليمنية ورئاسة الجمهورية في عام 2019 العديد من التقارير حول عمليات الاصطياد غير المشروعة، إلا أنَّه لم يتم اتخاذ إي إجراء حيال ذلك. 

وفي يونيو 2020، قالت منظمة مراقبة الصيد العالمية إنَّ "ما يقرب من 200 مركبة بحرية إيرانية تمارس الصيد بشكل غير قانوني في الصومال والمياه الإقليمية اليمنية، تم رصدها بين يناير 2019 – أبريل 2020". لافتة إلى أنَّ هذا "من المُحتمل أن يكون أحد أكبر عمليات الصيد غير القانوني التي تحدث في العالم".

وقالت المنظمة إنَّ حجم المشكلة لم "يكن معروفا حتى بدأت سفن الصيد في المنطقة مؤخرًا في استخدام نظام التعرف التلقائي (AIS)، وهو نظام لتجنب الاصطدام ينقل باستمرار موقع السفينة في البحر".

وأشارت إلى أنَّ "تحليل هذه البيانات قد حدَّد أسطولا من السفن الإيرانية في الغالب تعمل على نطاق واسع في المناطق الاقتصادية الخالصة الصومالية واليمنية، وفي أعالي البحار المجاورة. كما تم تحديد مجموعة فرعية أصغر من السفن التي ترفع أعلام الهند وباكستان وسريلانكا في هذه المناطق، بالإضافة لسفن وشباك صيد مجهولة".

 

سواحل اليمن تواجه الدمار:

وفي تقرير، قالت "مجموعة الأزمات الدولية" إنَّ سواحل اليمن تواجه الدمار والاستغلال المفرط، حيث أدَّى الافتقار إلى الرصد وإنفاذ القانون إلى "زيادة ممارسات الصيد غير القانوني والمضايقات".

ولم تقتصر عمليات الاصطياد الجائر على الجهات الأجنبية فقط، بل شملت أيضاً قوائم من الصيادين المحليين المخالفين. 

 

الأسباب والحلول:

أرجع الخبير عادل الغوري أسباب ازدهار عمليات الاصطياد السمكي الجائر إلى ضعف الحكومة وغياب دور الإدارة العامة للرقابة والتفتيش البحري في وزارة الثروة السمكية.

وقال الغوري: "للأسف الشديد هذه الإدارة دون ميزانية بحسب معلوماتي، وأصبح من الصعب عليها كجهاز للرقابة والتفتيش البحري القيام بواجبها. غياب الميزانية وعدم إعطاء الصفة الضبطية للمراقبين والمفتشين البحريين سهل كثيرًا من عمليات الصيد الجائر والاستنزاف السمكي".

وأردف: "بالإضافة لذلك، لا توجد غرفة عمليات مجهزة بالأجهزة الخاصة بالاتصالات الحديثة والمراقبة البحرية، كما أنَّ جهاز الرَّقابة والتفتيش البحري عاجز عن التواصل مع الهيئات العامة للمصايد السمكية في عموم المحافظات الساحلية".

ولفت الغوري إلى "افتقار الدولة للقوارب المجهزة بالأجهزة الملاحية والاتصالات للقيام بعمليات الدوريات البحرية وحماية الشريط الساحلي، ومحاربة الصيد الجائر، ومنع صيادي الصيد التقليدي من استخدام طرق اصطياد خارج النطاق القانوني".

 

شحة الإمكانات الرقابية على القوارب:

وأشار الخبير إلى مخالفة أنشطة الاصطياد الراهنة للقانون رقم (2) لعام 2006 الخاص بتنظيم الصيد وحماية الأحياء المائية.

وأضاف: "لا يستطيع جهاز الرَّقابة والتفتيش البحري الكشف عن قوارب وسفن الصيد في مياهنا الإقليمية، ولا حتى التنسيق مع الجهات الأمنية في خفر السواحل. للأسف الشديد فإنَّ الوزارة ليس لديها أي اشتراك دولي لمراقبة السواحل والمياه الإقليمية".

وأقر مدير الإدارة العامة للرقابة والتفتيش البحري في وزارة الثروة السمكية، أحمد فدعق، بضعف وقلة إمكانيات هذا الجهاز الحكومي المهم.

وقال فدعق: "نحن نُعتبر الجهة الحكومية المشرفة بشكل عام على جميع الهيئات العامة للمصايد السمكية في المحافظات، ونعاني من نقص حاد في الإمكانيات المالية واللوجستية، حيث لا يوجد لدينا سوى جهاز بسيط محدود الإمكانات للرقابة على القوارب التي تصطاد بشكل رسمي من قبل الجانب اليمني".

وأضاف: "إنَّه جهاز مرتبط عبر الأقمار الصناعية نتعقب من خلاله القوارب المرخص لها من قبلنا".

 

مصادرة 43 سفينة إيرانية:

نائب مدير مصلحة خفر السواحل في عدن، العقيد فضل المرش، قال: "إنَّ ما يجري في المياه الإقليمية لجنوب اليمن من عمليات اصطياد سمكي جائرة بات يتفاقم بشكل واضح مؤخراً".

وأضاف: "كان هناك مشروع لتعزيز عمليات المراقبة والتدقيق في المياه الإقليمية لبلادنا، بدعم ألماني قبل سنوات عبر قوارب حديثة تقوم بدوريات متواصلة وكذلك زرع أجهزة ترصد واستشعار في البحر، لكنَّ هذا المشروع لم يتم".

وزعم المسؤول أنَّ قوات خفر السواحل طاردت بعض السفن المنخرطة في هذا النشاط غير القانوني. وأضاف: "عندما كنا نكشف سفينة تابعة لدولة أجنبية تقوم بعملية اصطياد جائر ونحاول ضبطها، لكنها تغادر المياه الإقليمية لبلادنا بسرعة نحو مياه إقليمية أخرى".

وأضاف: "لقد أفقدنا هذا مشروعية ضبطهم أو تسجيل مخالفة عليهم". وفي يناير 2019، زعم وزير الثروة السمكية السابق فهد كفاين، في تصريحات صحفية، أنَّ "اليمن صادر 43 سفينة إيرانية تصطاد في المياه اليمنية خلال السنوات الثلاث الماضية".

 

 

آثار وتداعيات:

وفقا للخبير عادل الغوري، هناك آثار سلبية وخيمة لأنشطة الاصطياد الجائر غير القانونية في المياه الإقليمية لجنوب اليمن، بدءاً من تهديد وتجريف البيئة البحرية والإضرار بها مروراً بالانعكاسات الخطيرة على الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي.

وأشارت الوزارة في تقرير لها إلى أنَّ الاصطياد غير القانوني "يعمل على تقويض مصايد الأسماك المستدامة والصيادين الملتزمين بالقانون والمجتمعات التي تعتمد على هذه المصائد". بالإضافة إلى "التسبب بوقوع خسائر عالمية تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات كل عام".

وفي 3 نوفمبر 2018، قال وزير الثروة السمكية اليمني السابق فهد كفاين، لوكالة سبأ، إنَّ "الاصطياد غير القانوني في سواحل حضرموت تسبب في نفوق عشرات الأطنان من أسماك التبانة في سواحل المكلا".





شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل