آخر تحديث :الاثنين 15 يوليو 2024 - الساعة:01:15:24
مخاوف محلية ودولية من مخاطر التلوث البلاستيكي (القاتل الصامت) للإنسان والحيوان والبيئة "لحج أنموذج"
(الأمناء / تقرير / عبدالقوي العزيبي :)

التلوث البلاستيكي خطر كارثي وقاتل عابر للقارات

عجز حكومي بحظر تصنيع المواد البلاستيكية

آلاف الأطنان من النفايات البلاستيكية تهدد بكوارث بيئية في لحج

محافظة لحج تشهد انتشارًا مخيفًا للمخلفات البلاستيكية داخل مدنها وقراها

 

يعاني الإنسان من مخاطر متعددة في هذه الحياة لا تقتصر على الإرهاب فقط، بل هي أكثر خطورة من الإرهاب كونها تهدد حياة الإنسان اليومية ومستقبل الأجيال القادمة، وتستخدم يومياً في متطلبات الأسرة ومستلزماتها المنزلية، كما تعد خطراً قاتلاً على الحيوانات والطيور والتربة والبيئة، وهذه الأخطار الكارثية لا يسلط عليها الأضواء ولا تحظى بتوعية إعلامية ونزولات ميدانية من قبل جهات الاختصاص بمحاضرات توعوية ولو على مستوى المدارس.

 وفي هذا التقرير تتطرق "الأمناء" إلى خطر التلوث البلاستيكي وعواقبه الوخيمة على الصحة والاقتصاد والتنوع البيولوجي على المناخ والبيئة وتهديده لليابسة والمسطحات المائية، نظراً لزيادة تأثير النفايات البلاستكية على البيئة كون المواد البلاستكية لا تتحلل إلا بعد مرور آلاف السنين، حيث إن البلاستيك يتم صناعته من المواد المستخرجة من النفط وهي "البتروكيماويات" ومن المكونات الأخرى التي تختلف بحسب نوع البلاستيك، كما يوجد نوعان من البلاستيك، الأول البلاستيك "البتروكيماوي" وهو المصنع من البوليمرات والإضافات الكيميائية الأخرى، بينما النوع الثاني هو البلاستيك "الحيوي" وهو المصنع من الخامات النباتية مثل النشأ والسكريات والسليلوز وغيرها، وأثره لا بقل خطورة من النوع الأول.

 

جهود الحكومة:

وتسعى الحكومة في بلادنا إلى منع استخدام واستعمال المنتجات البلاستكية بهدف الحفاظ على صحة الإنسان والكائنات الأخرى، وتواجه تلك المساعي تحديات كبيرة في مجابهة هذا الخطر القاتل ببطء وفي صمت، إلا أنه للأسف نجد أن محافظة لحج تشهد انتشاراً كبيراً لمخلفات القمامة ومن أبرزها مخلفات بلاستيكية منتشرة داخل المدن والقرى وعلى الطرقات، كما أن مقالب القمامة تفتقر إلى الاشتراطات الوقائية للحفاظ على سلامة الإنسان والحيوان والتربة والبيئة، بينما السلطات المحلية والمجتمع المحلي غير مدركين بخطورة هذا الخطر الكارثي، وأن المواد البلاستكية لا تتحلل إلا بعد مرور حوالي 500عام، كما يلاحظ استخدام الأكياس البلاستكية في أسواق بيع القات وما تحتويه تلك الأوراق النباتية من مبيدات كيميائية قد تتفاعل مع المادة البلاستيكية وحدوث الضرر على الصحة، أيضاً بعض المطاعم تبيع الأطعمة وهي حارة في الأكياس أو الأواني البلاستكية وهذا يشكل خطرًا على الإنسان صحياً بحسب الدراسات العلمية.

 

جهود البيئة:

وتقوم الهيئة العامة لحماية البيئة وفروعها ببذل جهود كبيرة بالاهتمام بالحد من تلوث الأراضي والبحار والمحيطات من المخلفات البلاستكية، وتنفذ الهيئة حملات توعية ووقفات عديدة في هذا الاتجاه، وأيضاً عمل المسوحات البيئية وتفعيل لائحة الرسوم البيئة لتحقيق توازن بين البيئة والتنمية الاقتصادية، بهدف توفير الحماية الصحية بشكل عام.

 

جهود متواصلة:

ومن جهته يبذل مدير عام فرع الهيئة بلحج لحماية البيئة المهندس فتحي الصعو، جهوداً متواصلة للحفاظ على البيئة وتفعيل الإيرادات المالية البيئية وعطفاً على ذلك فقد وجه محافظ محافظة لحج مذكرة إلى مدراء عموم المديريات بالمحافظة بتاريخ 4/10/2023، بتسهيل عمل فريق البيئة وحمايته أمنياً وحث المدراء بتوجيه كافة المنشآت الصناعية بدفع الرسوم المالية البيئية بموجب قرار وزير المياه والبيئة رقم127 لسنة2021م.

 

أضرار البلاستيك:

وتحدث المواد البلاستيكية آثارًا ضارةً بتلوث الأراضي والمجاري المائية والمحيطات والكائنات الحية من خلال ابتلاعها للنفايات البلاستيكية أو بتعرضها للمواد الكيميائية التي تحدث اضطرابات في الوظائف البيولوجية مما ينتج في معظم الحالات أثرًا ضارًا في الغدة الدرقية للإنسان، فنجد الأضرار على اليابسة بتعلق الأكياس بكل ما تصادفه في طريقها فتشوه المنظر العام وتحدث إعاقة لنمو النباتات وتلتهمها الحيوانات كغذاء، وعن أضرار الأكياس على الحيوانات تحدث نفوقًا الكثير من الحيوانات والتأثير على الإنتاج الحيواني، أما الأضرار على المسطحات المائية تشير دراسة إلى وجود حوالي 14 مليون طن من البلاستيك ينتهي مسارها إلى البحار والمحيطات مما يلحق الضرر بالحيوانات البحرية بموتها ونفوق حوالي مليون طائر بحري وحوالي 100 ألف من الثديات، بالإضافة إلى الضرر الذي تحدثه بالشعاب المرجانية.

 

البلاستيك والسرطان:

وتؤكد دراسة علمية عن احتمالية تعرض الكثير من المنتجات البلاستكية كمعلبات الأغذية والمشروبات والأطباق القابلة للتخلص منها والتي جميعها تحتوي على مواد كيميائية ولهذا قد تؤدي إلى حدوث السرطان.

 ويرى "محمود الأبوعيش" الباحث في الأورام السرطانية، أن الأبحاث حذرت من أن المواد البلاستكية قد تحرر مواد كيميائية إذا تم خدشها أو تسخينها بدرجة حرارة معينة، مثل ثنائي الفينول ما يؤدي إلى الإصابة بالسرطان لدى الأشخاص.

 

قلق دولي:

وتشير دراسة صادر عن شركة "ماكينزي" بوصول حجم المواد البلاستكية التي يرمى بها في المسطحات المائية إلى 28 مليون طن سنوياً في عام2025، مما يهدد حوالي99% من الطيور البحرية عام 2050 نتيجة ابتلاعها البلاستيك.

وفي دراسة أخرى وجد أن نصف حجم البلاستيك الذي يحدث تلوث المحيطات مصدره كلٌ من دول الصين وإندونيسيا والفلبين وفيتنام وسريلانكا، ويرى "إريك سولهيم" رئيس برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن الصين هي الوحيدة التي تعمل على التغيير في الوقت الراهن بعكس بقية الدول الأخرى.

كما أن الاتحاد الأوروبي يرغب أن تكون جميع العبوات البلاستكية قابلة للتدوير أو الإعادة في الاستخدام بحلول عام 2030، كما وعد رئيس وزراء بريطانيا على أن يكون عام 2043 عام التخلص الكامل من النفايات البلاستكية، ونظراً لزيادة الضغوطات السياسية والعامة فقد تعهدت شركات دولية كبرى مثل كوكا كولا ويونيليفر بتعزيز الجهود لإعادة التدوير للمواد البلاستيكية.

 

البلاستيك والأشجار:

ويوصف الدكتور أحمد توفيق - أحد مستشاري البيئة والتغيرات المناخية - أن التلوث البلاستيكي هو خطر عابر القارات، واضاف عن اكتشاف باحثين من سويسرا مؤخرا مؤشرات لأول مرة تفيد بامتصاص الأشجار للبلاستيك من التربة وتخزينه في أنسجتها، بما يرفع التساؤلات بشأن مخاطر انتقال تلك الجسيمات إلى البشر عبر الخضروات والغلال.

 

حظر البلاستيك:

ولقد تمكنت حكومات بعض دول العالم من حظر استخدام الأكياس البلاستكية غير القابلة للتحلل مثل إيطاليا كأول دولة أوروبية، وكذلك دول أخرى مثل الصين وبنجلاديش والنيبال وجنوب أفريقيا وكينيا وأوغندا، وجاءت عملية الحظر لحماية الإنسان والبيئة.

وفي خاتمة هذا التقرير نرى أن المواد البلاستيكية قاتل صامت ببطء، مما يتوجب على المواطن كمستهلك لهذه المواد الاستشعار بحجم خطورتها وأن المواد البلاستكية مواد غير آمنة على حياة الإنسان والحيوان والبيئة، ولابد من تقليص استخدام البلاستيك في التعامل اليومي واستبدال عنه مواد أخرى قماشية أو كرتونية، والسعي المتواصل بالابتعاد عن استخدامه ولو تدريجياً وعدم الإدمان على استعمال المواد البلاستيكية لما لها من أضرار كارثية على البيئة والغلاف الجوي وصحة البشر والحيوانات والنباتات، كما يتطلب من الحكومة السعي الجاد من خلال التوجه بحظر استخدام المواد البلاستكية وأسوة بدول العالم.


مباشر انجلترا واسبانيا
مشاهده مباراه انجلترا واسبانيا
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر

شارك برأيك