آخر تحديث :الاثنين 15 يوليو 2024 - الساعة:11:38:01
الحرب ومتغيرات الأمر الواقع..
تحليل ..المهام العاجلة للحفاظ على الإنجازات والمكاسب التي تحققت لاستعادة دولة الجنوب
(الامناء نت/خاص:)

قال اللواء ركن طيار قاسم عبدالرب العفيف، في مقال تحليلي له، إن الحرب في اليمن قد أحدثت  تغييرًا جوهرياً في البنية السياسية والقبلية والمجتمعية والدينية على نطاق واسع، وبالذات في جغرافية الجمهورية العربية اليمنية، وكشفت هشاشة الوضع السابق واستقوائه بالقبضة الحديدية التي كانت تحكم منذ أكثر من ثلاثة عقود مضت، وإعادة الوضع السابق إلى المشهد السياسي كما كان، وأصبح محل شك كبير، فلم يعد هناك إمكانية للملمة القبيلة التي تبعثرت واهتزت مكانتها ولم يعد للأحزاب السياسية التأثير السابق نفسه؛ لأنها تشتت وأثبتت فشلها في أداء دورها في المجتمع.

فشل المؤسسات الدينية
ويرى المحلل السياسي قاسم عبدالرب العفيف أن المؤسسة الدينية فشلت في تقديم الإسلام كدين للرحمة والتسامح؛ لأنها خلطت بين الدين والسياسة، وأصدرت فتاوى تناقض أصول الدين والشريعة الإسلامية، وجيشت المجاهدين لأفغانستان وكل بقاع العالم وبعضها تحول لطائفة يرى أنها مختارة وتدعي بحقها الإلهي في الحكم، فأدخلت البلاد والعباد في حرب مدمرة.

من الفتاوي وتجييش المجاهدين إلى التطرف والإرهاب
وقال عبدالرب: "أما المؤسسة الدينية على تنوعها المذهبي فقد أصبحت مشلولة وفشلت في تقديم الإسلام كدين الرحمة والتسامح وخلطت بين الدين والسياسة واستخدمته لأغراض سياسية سلطوية وتورطت في فتاوى تناقض أصول الدين والشريعة الإسلامية وتحول  دورها إلى  تجييش المجاهدين إلى كل بقاع العالم ومنها أفغانستان وغيرها من دول العالم، وبعضها تحول إلى طائفة مختارة تدعي حقها الإلهي في الحكم، وأدخلت البلاد والعباد في حرب مدمرة، ولهذا أصبح من غير الممكن الوثوق بها خاصة والبعض منها لا زال يتبنى مواقف دينية ودنيوية متطرفة بكل ما تحمله الكلمات من معان.. وهذه المواقف المتطرفة لا تتماشى مع الواقع ولا مع الظروف الراهنة، وانتهى بها المطاف عند تبني بعضها الإرهاب كأسلوب – بادعائها - توصيل رسالتها السماوية ضد بني جلدتها.

حرف بوصلة الحرب باتجاه الجنوب
وأضاف المحلل عبدالرب: "ومن هنا أضاعت كل تلك النخب دولة في خضم تلك الصراعات العبثية وتوج بالانقلاب على الجمهورية وزرع نظام ديني مرجعيته إيرانية، ومع الأسف كل الفعاليات الشمالية مجتمعة ممثلة بالشرعية والقوى السياسية والقبلية والدينية الأخرى أضاعت فرصة تاريخية للقضاء على هدا الانقلاب بسبب تشتتها وحرف بوصلتهم  نحو الجنوب وإصرارهم على السير في نفس نهج النظام السابق دون مراعاة للتغيير الهائل الذي نتج عن الحرب وبروز قوى جديدة لها مكانتها على الأرض ولديها تطلعاتها بعد أن قدمت من أجل ذلك تضحيات جسيمة ".

إجماع شعبي يدعم استعادة الدولة الجنوبية 
واستطرد المحلل السياسي عبدالرب بالقول: "فالجنوب كان ولا زال الضحية يتلقى الضربات منذ الغزو الأول عام 1994م حتى الغزوين الثاني والثالث، ولا زال المجتمع الجنوبي متماسكاً، فهو خال من المذهبية وبسبب الحراك الشعبي فقد انتهى دور الأحزاب في الجنوب، وتشكل رأي شعبي عارم يدعم استعادة الدولة الجنوبية وظل متماسكًا، حيث وقف الجنوب متصديا ومدافعا عن الأرض والعرض والدين وانتصر ولن يعود اليمن كما كان قبل الحرب".

انتهاء الوحدة بعد تسليم الجمهورية لطائفة سلالية
ويرى الكاتب أن الوحدة انتهت بغزو الشمال للجنوب في حرب صيف عام 1994م ثم تسليمهم الجمهورية بكل مؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية لحركة طائفية سلالية صغيرة موالية للنظام الملالي الإيراني.
ويسخر الكاتب ممن لا زال يتحدث عن وحدة بعد كل هذا الخنوع والخضوع وقال: "انتهت الوحدة منذ مراحلها الأولى عند ما غدرت نخب صنعاء بشريك الوحدة (الجنوب) ووجهت قواتها لاحتلاله وعبثت بكل شيء فيه وفي الأخير سلمت الجمهورية بكل أجهزتها ومؤسساتها العسكرية والمدنية لحركة طائفية صغيرة موالية لإيران وأدخلت البلاد والعباد في حرب عبثية لا تبقي ولا تذر".
وأوضح عبدالرب أن النخب الشمالية لم تدافع عن الوحدة، ولم يقاوم شعب الشمال عن الجمهورية والوحدة رغم الدعم الهائل الذي قدمه التحالف، وإنما وجهوا بوصلة حروبهم المفتوحة السياسية والعسكرية والأمنية والخدماتية نحو الجنوب.
ويتساءل الكاتب: "الآن من يستعيد صنعاء من النظام السلالي المدعوم إيرانيا حتى يتحدثون عن الوحدة؟ لا الشرعية الشمالية ولا التحالف ولا مجلس التعاون ولا العالم كله! إذن كل البيانات التي تصدر هنا وهناك عن وحدة أراضي اليمن أصبحت كلاماً في الهواء".

كيف نستطيع استعادة دولتنا الجنوبية؟
وبعد أن استطاع الجنوبيون تحقيق كثير من المكاسب السياسية والإنجازات الكبيرة على كافة المستويات السياسية والعسكرية والأمنية والدبلوماسية، وآخرها ما تمخضت عنه زيارة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي إلى الولايات المتحدة الأمريكية ومشاركته في أعمال الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ولقائه بقادة العالم والبعثات الدبلوماسية وصناع القرار الدولي والإقليمي، وتوصيل رسالة شعب الجنوب المطالب باستعادة دولته الجنوبية الفيدرالية المستقلة، يرى الكاتب أن هناك أولويات للحفاظ على هذه المكتسبات تهدف للم الشمل وتوحيد الصف الجنوبي من أجل تحقيق الأهداف المنشودة، وقال:
 "وسنركز على وضعنا في الجنوب بعد التطورات الأخيرة من أجل الحفاظ على الانتصارات والمكتسبات التي حققها شعب الجنوب خلال التسع سنوات من الحرب، ولا شك بأن شعب الجنوب قد قطع أشواطا متقدمة في سبيل استعادة  دولته المحتلة، ولمزيد من التأكيد نطرح التالي:
التركيز على العمل الداخلي وإعطاء ترتيب البيت الجنوبي أولوية قصوى وأن تستفيد النخب الجنوبية الجديدة من أخطاء الماضي وعدم تكرارها لأي سبب كان، وأن نوحد صفوفنا وأن نلتف حول الحامل السياسي على أن يقوم هذا الحامل بتوسيع المشاركة الحقيقية في إدارة المرحلة الانتقالية تحت أي شكل من الأشكال كجبهة وطنية عريضة مثلاً أو غيرها وأن يبنى الكيان السياسي على قواعد العمل المؤسسي وأن نعمق فيه روح القيادة الجماعية عند اتخاذ أي قرار. 
وأن نؤصل بعد ذلك قيمة المسؤولية الفردية عند التنفيذ وأن تظل الأبواب مشرعة للرأي والرأي الآخر داخل الكيان السياسي، وبين أوساط الشعب والمجتمع وإطلاق حرية العقول ليصبح لدينا شعب حر، وأن نبني قوات مسلحة وقوات أمنية جنوبية على أسس وطنية وأسس علمية وعسكرية صحيحة، ونقوم برعايتها لكي تكون حامية للشعب وخادمة لمصالحه ونهتم بتسليحها وتأهيلها  وان نربّط  الانتهازيين الجنوبيين الذي يغازلون القوى اليمنية  والإقليمي والعالم  للانتقاص من هدف استعادة الدولة الجنوبية  ونضع لهم حدا بانهم لا يمثلون إرادة شعب الجنوب ونواصل السيطرة على أرض الجنوب وعلى موارده وأن يكون من يتحمل المسؤولية عليه ان يثبت أنه يمثل  مصالح الشعب الجنوبي من خلال ممارسته العملية  ونحارب الفساد بين أوساطنا ولن نسمح لأحد أن يستغل وظيفته لكي يثري على حساب شعب الجنوب والكثير من المهام الأخرى" .

متغيرات عالمية وتحالفات جديدة
واختتم بالقول: "هناك  متغيرات عالمية ستفرض نفسها على الإقليم ولن تظل الأوضاع كما كانت من قبل وهناك تبادل للأماكن بين القوى العالمية وتبادل حتى بالتحالفات، وعلينا أن نفكر كيف نرسم سياساتنا على هذا النحو المتحول والمتغير، وكيف نربط مصالحنا بمصالح من يقف معنا في هذه الظروف الصعبة.
أما نظل نردد  الشعارات السابقة شعارات الستينيات والسبعينيات فلن تجدي نفعاً على الإطلاق ومن لم يتغير سيأتون من الخارج ليغيرونه وهذا ما حدث بالربيع العربي حين تحطمت دول وتشردت شعوب بسبب الجمود، وهناك ثغرات وظواهر سلبية ظهرت أثناء الممارسات العملية لبعض القيادات وكأنهم لم يستوعبوا الأخطاء التي مر بها سابقوهم ومنها التفرد بالقرار والفساد والإقصاء وتقريب الموالين والمقربين وإقصاء أصحاب المواقف وغير ذلك، فمن يريد أن يستثمر وظيفته لكي يجمع المال لن  يستطيع أن يقنع المواطن الجنوبي الذي يتحمل كل الصعوبات في حياته اليومية بأنه سيقدم له أنموذجا جديدا لدولة جنوبية عادلة مستقرة.
ومن هنا يجب أن يفتش كل قائد ومسؤول صغير أو كبير داخل ضميره: هل هناك ممارسات من هذا النوع يمارسها في سلوكه ومعاملاته اليومية فما عليه إلا أن يعيد النظر إن كان يريد أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه ما لم فالباب الذي سيدخله أضيق من خرم الإبرة".


مباشر انجلترا واسبانيا
مشاهده مباراه انجلترا واسبانيا
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر

شارك برأيك