آخر تحديث :الجمعة 19 يوليو 2024 - الساعة:11:03:32
الكلمات الأخيرة لا يسمعها الموتى
(الامناء نت / كتب / احمد السيد عيدروس:)

الموت كان أسرع منَّا فكانت النهاية مؤلمة 

 

عندما يصل الموت إلى شريك حياتك قبل أن يصله حبك تكون النهاية قاسية 

 

لقد تسرب الوقت من بين يديَّ سريعاً

 كما يتسرب الماء من جرةٍ مثقوبة 

كان يحملها مسافر على ظهره وهو يجتاز صحراء الحياة الجافة

 

وكان العطش يلتف حول جوفه ورئتيه وعنقه ويستعد ليشد العقدة الأخيرة ليرديه ميتاً

 وهو ينظر للعطش بإستعلاء لأنه يعتقد أن جرته مملؤة بالماء 

وهي كانت طوال الرحلة تتسرب منها قطرات الزمن

 

 لتتركها له خاوية وقد شُدَّت العُقدة الأخيرة للنهاية المأساوية في رحلة الحياة

 

 ذالك الشريك طوال رحلة عمره كان ينتظر أن يُسقى قطرة عطفٍ واحدة في حياتة 

 

وعندما أتت قطرة العطف تلك كان الموت قد وصل قبلها 

 

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ البداية 

 

قصة قصيرة من روائع الأدب الروسي 

 

 للكاتب "أنطون تشيخوف":

 

فلاح عجوز حمل زوجته المريضة في المقعد الخلفي من العربة التي يجرها حصان هزيل، حملها إلى المدينة البعيدة لعلاجها.

وفي الطريق الطويل، بدأ الرجل يتحدث، 

يفضفض.. كأنما يناجي نفسه، ولكنه في الوقت نفسه يواسي زوجته المريضة التي عاشت معه طوال أربعين عاما في شقاء وبؤس ومعاناة تكد وتكدح، تساعده في الحقل، وتتحمل وحدها أعباء البيت.

 

الآن.. 

 

أحس أنه كان قاسيا معها طوال السنوات الماضية، وأن عليه، الآن، أن يعاملها بلطف ولين، وأن يُسمعها الكلمات الطيبة، 

 

قال لها انه كان قاسيا وإنه ظلمها، وأن الحياة أيضا ظلمتها، لأنه لم يجد الوقت في حياته اليومية ليقول لها كلمة جميلة وطيبة حلوة و عذبة، أو يقدم لها ابتسامة صافية رقيقة كالماء أو يعطيها لحظة حنان!

 

وظل الرجل يتحدث بحزن و أسى، طوال الطريق

 

 والكلمات تحفر لها في النفس البشرية.. مجرى كما يحفر الماء المتساقط على الصخر.. خطوطا غائرة. ليعوضها ـ بالكلمات ـ عما فقدته خلال الأربعين عاما الماضية من الحب والحنان ودفء الحياة الزوجية وأخذ يقدم لها الوعود بأنه سوف يحقق لها كل ما تريده و تتمناه في بقية عمرها…

 

عندما وصل المدينة، نزل من المقعد الأمامي ليحملها من المقعد الخلفي بين ذراعيه

 

و لأول مرة في حياته سيمنحها هذا الحنان والعطف

 

 لكن لقد تأخر كثيرا 

 

فقد فات الأوآن ولن يكون بمقدوره ان يجعلها تحس بحبه

 

 فقد وجدها دون روح

 وجدها قد فارقت الحياة..

 

 كانت جثة باردة.. 

 

ماتت بالطريق.. 

 

ماتت قبل أن تسمع حديثه العذب الشجي٠ إنتهى

 

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

 إنتهى إلى هنا تشيخوف من قصته

 

 لكن في الحقيقة القصة لم تنتهي

 

 فهي ستكرر

 

يجب أن تكون هناك حلول للعجرفة التي يمارسها الزمان ضدنا 

 

لن نصمت سنعيد قرآءتها من جديد 

 

ماذا أراد تشيخوف أن يخبرنا ماذا بين السطور

 

لماذا كان الكاتب الروسي تشيخوف 

يكتب هذه القصة والعبرة تخنقه 

لقد كانت قصة حقيقية بل أكثر من ذالك

 

 فقد كانت ظاهرة تتكرر كل يوم في المجتمعات البسيطة العاملة

 

 حيث يُطحن الشخص بين صعوبة العيش ونفاذ الوقت فليس هناك وقت للإهتمام بالمشاعر 

 

كان تشيخوف يروي تفاصيل دقيقة تتكرر كل يوم أمامنا لكن لا نراها 

 

لماذا تجف الدموع قبل أن نسكبها على فراق من نحب

 

 هل لأننا لا نستحق أن نحزن على من أهملنا تواجده بجوارنا لسنوات

 

 لماذا تخنقنا العبرات عندما نكتب قصصهم للأجيال

لماذا تعود تلك الغصة للحلق عندما نروي قصة لطفل صغير يريد أن ينام أول ليلة له بدون أمه

 

كان تشيخوف يخبرنا أنه أكثر حزناً من ذالك الفلاح 

لأنه يتألم كل يوم في صمت

 

 بينما الفلاح كان جاهلاً طوال أربعين عاماً وأستفاق ذالك الصباح على المأساة فقط

 

 لكن نحن نعيشها كل صباح بكل تفاصيلها دون أن نغير شيء 

 

هل نخجل أن نبوح بما نشعر به طوال حياتنا 

لا أعتقد أنه الخجل من يمنعنا

 

 بل ما يمنعنا هي المعركة التي نخوضها في الحياة للبقاء أقوياء

 أو كي نبدو أقوياء أمام الفراق الآتي لا محالة

 

لماذا لا نستسلم ونخبر الزمن أنه قد ربح المعركة معنا

 

 لكن لا يحق له أن يأسر مشاعرنا تجاه من نحب  

 

 

لا تترك الزمن يسرق منك العمر وانت تحتفظ بقبلة لمن تحب

 

 فقد تفقد تلك القبلة دفئها على جبين جسد فارقته الروح

 

 لن تصل المشآعر التي حبستها في قلبك لشخص احببته بعد ان تركته يرحل دون وداع 

 

لن تسمعك تلك الروح وانت تنتحب وتبكي كطفل على فراقها طوآل الليل 

 

ولن يوآسيك بريق عيونها بعد ان انطفئت تلك العيون وسكن الموت منزلها الجميل 

 

الوردة الجميلة لن تكون جميلة عندما تكون ملقاة على الضريح 

 

ذالك المسكن المريح للروح لا يحتاج للورد

 

فتلك الوردة لن يرى جمالها القلب الذي لم يعد ينبض ولن يصل اريجها 

وعطرها للروح التي تلاشت خلف الغيوم

ولن يحس بدفئها وملمسها الحريري الجسد البارد ٠٠٠٠٠٠٠

 

عليك أن تسبق الموت حتى لا يرسم لك النهاية المؤلمة 

وتكون أسيراً للأحزان القاتلة

 

تلك المشآعر الحزينة سوف تاتي كل مسآء لتنتزع اعترافاً منك بالذنب

 

 وتصدر حكما عليك بالسجن الأبدي بين جدرانها المميتة 

 

ليكن الحب دائماً في المقدمة لا تجعل الموت يفوز بالسباق في الحياة


مباشر انجلترا واسبانيا
مشاهده مباراه انجلترا واسبانيا
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر

شارك برأيك