
على الرغم من التقدم في عدة قضايا حيوية في المفاوضات غير المباشرة، بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، لا تزال التعقيدات في ملف الرواتب تعرقل مسار إحراز اتفاق شامل بين الجانبين.
الرواتب الحكومية يتمتع بها نحو 1.2 مليون موظف حكومي. ومنذ سنوات تعجز الدوائر الحكومية عن دفع رواتب الموظفين.
ودفع انقطاع الرواتب بهؤلاء وأسرهم نحو هاوية الفقر والجوع، ولم يجد أغلبهم حلًا لمواجهة الانهيار الاقتصادي المتلاحق سواء في مناطق سيطرة الحوثي أو مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، إلا بالبحث عن أعمال ووظائف لدى القطاع الخاص.
وتقود السعودية وسلطنة عمان وساطة منذ أشهر، بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، تمهيدًا لاتفاق شامل ينهي أزمة البلاد المستمرة منذ نحو تسع سنوات.
وفي أبريل الماضي، أجرى وفدان أحدهما عُماني والآخر سعودي في العاصمة صنعاء، مفاوضات مع قيادة الحوثيين، تناولت ملفات عدة، أبرزها رواتب الموظفين.
تأتي التحركات السعودية والعمانية، مع استمرار الجهود التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، الرامية إلى توفيق بين وجهتي نظر الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، لحل مختلف الملفات العالقة، خصوصا ملف رواتب الموظفين.
وبعد نقل البنك المركزي إلى عدن، توقف تسليم الرواتب إلى الموظفين المدنيين والعسكريين في المناطق الخاضعة للحوثيين، بينما تواصلت الرواتب في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة.
وتقول جماعة الحوثي إن عدد الموظفين الذين انقطعت رواتبهم في المناطق الخاضعة لها، يزيد عن مليون شخص.
قبيل بروز الوساطة السعودية والعمانية، قادت الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية تحركات دبلوماسية، من أجل حل أزمة الرواتب.
ومن أبرز دوافع الأمم المتحدة لحل هذه القضية، التدهور المعيشي الكبير لأسر الموظفين الذين باتوا يعيشون بلا دخل، ما أدى إلى اتساع رقعة الفقراء.
وعلى مدار هذه المشاورات التي رعتها الأمم المتحدة، تمسكت الحكومة بضرورة تحويل جميع الإيرادات المالية في المناطق الخاضعة للحوثيين، إلى البنك المركزي في عدن، مقابل تسليم رواتب الموظفين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة.
وتقول الحكومة إن إيرادات ميناء الحديدة تكفي لوحدها لسداد رواتب جميع الموظفين في المناطق الخاضعة للحوثيين، فيما تنفي الجماعة ذلك.
وأصرت جماعة الحوثي على أن “الرواتب يجب أن يتم تسليمها في جميع أنحاء اليمن، من إيرادات النفط والغاز التي تتحكم بها الحكومة”.
وخلال الأشهر الماضية، اشترطت جماعة الحوثي أكثر من مرة، تسليم رواتب الموظفين مقابل الموافقة على تمديد الهدنة التي انتهت مطلع أكتوبر 2022، بعد أن استمرت ستة أشهر، منذ أبريل من العام نفسه، وتشترط الجماعة صرف رواتب لكل عناصرها وميليشياتها حسب كشوفات العام الحالي، فيما تطرح الحكومة الشرعية كشوفات 2014.
وتقول المصادر الحكومية إن ملف الرواتب يشهد تعقيدات جديدة إثر رفع جماعة الحوثي سقف مطالبها بهذا الخصوص.
وأفاد مصدر حكومي مطلع على سير المفاوضات التي تتوسط فيها الرياض ومسقط، بأن “جماعة الحوثي وضعت تعقيدات جديدة، بشأن الاتفاق على آلية تسليم رواتب الموظفين في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، والمتوقفة منذ سنوات”.
وأضاف المصدر، مفضلا عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، أن الحوثي “اشترط صرف مرتبات لكل عناصره وميليشياته (مدنيين وعسكريين) حسب كشوفات هذا العام، فيما الشرعية تطرح كشوفات 2014”.
وأشار إلى أن “الحوثي كان سابقا يوافق على صرف الرواتب، بناء على كشوفات 2014 (قبل اندلاع الحرب)، لكنه رفع السقف مؤخرا”.
ولفت المصدر إلى أن “الحوثي رفع سقف مطالبه نتيجة معرفته بالرغبة الصادقة للحكومة الشرعية والتحالف بقيادة السعودية، في إحلال السلام في اليمن”.