- عدن بلا كهرباء.. بلا حكومة.. بلا أمل .. أطفأ الله من أطفأ نورها
- عاجل : شهداء وجرحى في هجوم حوثي بالضالع
- رئيس هيئة العمليات يزور مقر هيئة العمليات المشتركة في عدن
- القاضي الصبيحي: لا أحد فوق القانون والرقابة على السجون مسؤوليتنا.. ولا تهاون مع الانتهاكات (حوار)
- ميليشيا الحو_ثي تفرج عن الإعلامية سحر الخولاني بعد 5 أشهر من الاختطاف
- الكثيري يشدد على ضرورة بلورة حلول عاجلة لوقف الحرب وإيجاد مخرج للوضع الاقتصادي المتردي
- ضبط عنصرين حوثيين في المهرة قادمين من إيران
- محكمة المضاربة ورأس العارة تصدر حكمها في قضية قتل بمحافظة لحج
- المحكمة الابتدائية للمنطقة العسكرية الرابعة تصدر حكما بإعدام مدان بجريمة قتل
- الانتقالي يدعو الأشقاء في السعودية والإمارات للتدخل العاجل وإنقاذ عدن من كارثة إنسانية (بيان)
تحكمت الحرب بمسار تنقلات الرئيس الجنوبي علي سالم البيض ، الذي انتقل من عدن الى المكلا بناءا على رأي جامع بضرورة وجوده بالمكلا عقب مرور بضع أسابيع على الحرب وذلك لترتيب وضع الجبهة الشرقية ومنع سقوطها اثر التمدد العسكري الكبير للقوات الشمالية الغازية بمناطق الوسط الجغرافي الجنوبي بمحافظات لحج وأبين وشبوة.
فقد أستغل رئيس نظام صنعاء علي عبدالله صالح وحلفاءه من قبائل الشمال والجناح المتأسلم سياسيا ممثلا بعبدالله حسين الاحمر وعلي محسن الاحمر والزنداني والانسي والديلمي وصعتر..الخ ، استغل الخصومات التي كانت ظاهرة أو كامنة تحت الرماد بين عدة مكونات جنوبية بمحافظتي أبين وشبوة وعدن أو ببعض مناطق ردفان وحضرموت..الخ، وقيادة الدولة الجنوبية والحزب الاشتراكي نتيجة تداعيات أحداث 13 يناير 1986م المؤسفة وماقبلها وماتلاها من حملة دعائية ممنهجة وشرسة ضد دولة وقيادة الجنوب ، لتكون تلك المناطق وجزء من مكوناتها الاجتماعية بيئة غير مقاومة للاجتياح والاحتلال العسكري الشمالي للجنوب ، وهو ماشكل عاملا مساعدا للتقدم السريع للقوات الغازية داخل أراضي الجنوب.
واستنادا لمعطيات الوضع العسكري لمسار الحرب فقد أتفق على توزيع المهام القيادية بين الرئيس ونائبه ، وتولى نائب الرئيس الجنوبي عبدالرحمن الجفري إدارة الجبهة الغربية والعاصمة عدن ، على ان يتولى الرئيس علي البيض الجبهة الشرقية وإدارتها من مدينة المكلا.
غادر البيض عدن بمعية عدد صغير من المسؤولين ، وفيما هو يستعد للتوجه الى المكلا تطلبت الحاجة لوجود صحفي يغطي نشاطاته خاصة وان السكرتير الصحفي الخاص بالرئيس حينها (د. عبدالله الحو) كان في رحلة علاجية بالاردن ليعود لاحقا الى المكلا..، فتم الاتصال بالاستاذ عبدالرحمن عمر عبدالرحمن السقاف مسؤول وكالة الأنباء بعدن وبدوره اقترح صحفيا من وكالة الانباء لمرافقة الرئيس الى المكلا فتم استدعاء الصحفي حسن قاسم الصحفي بوكالة الأنباء، وتم على عجل التجهز للرحلة على متن طائرة حلقت من مطار عدن لتحط بركابها بمطار الريان بالمكلا.
وجد البيض عقب وصوله الى المكلا وضعا عسكريا وإداريا واقتصاديا وسياسيا هشا يفتقر لمقومات خوض حرب ومواجهة اعتداء عسكري ضخم وغاشم.
فالجبهة الشرقية تفتقر لقوات عسكرية جنوبية يعتد بها ، وتفتقر لامكانيات إدارة الحرب ومتطلباتها واستمراريتها ووضعا داخليا مخلخلا غير منظما وتشوشا لدى الرأي العام الاجتماعي الجمعي للواقع ولتحديات الحرب ومخاطرها على الجنوب وسبل مواجهتها.
بدأ علي سالم البيض وفور وصوله بلملمة شعث الإدارة ومحاولة ترتيب إيقاع عملها نحو هدف التصدي لتحديات معركة خطيرة تشن على الجنوب في ظل هامش ضيق جدا من الامكانيات بمختلف الصعد.. ، وبفريق عمل غير كفؤ لمثل هكذا تحديات بل بفريق مترهل الفعل والتفكير..، حتى ان بيئة العمل الشخصية والعامة للرئيس كانت زاخرة بالضغوط المختلفة ولم تكن مناسبة لهكذا مهام متعددة ومعقدة.
أتخذ الرئيس الجنوبي من فيلا الحسيني قبالة الفندق بمنطقة خلف بالمكلا مقرا له وهي فيلا صغيره ويحيط بها حوش صغير وتقع مباشرة قبالة الطريق الاسفلتي للشارع وخلف الفيلا يقع جبل المكلا ، وبجواره منازل لمواطنين..، وموقع وحجم الفيلا كان باعتقادي غير مهيأ أبدا ليكون مقرا لادارة دولة.
وكانت الاجراءات الامنية لتأمين الفيلا أقل من العادية وكأن البلاد لاتعيش في وضع حرب وصراع مسلح ودامي.
وكان الرئيس علي البيض قد جعل من مكان سكنه وإقامته مقرا لعمله أيضا ، فكان يلتقي بالقيادات السياسية والعسكرية والمدنية والوجاهات الاجتماعية في صالة الاستقبال وبمكتبة داخل الفيلا ، كما ألتقى بمندوب الامم المتحدة الاخضر الابراهيم ، وكذا بموقع الشركة النفطية بمنطقة جول مسحة وهي عبارة عن كرفانات باللون الأبيض متعددة الاستخدامات.
وألتقى علي البيض كذلك بالشخصية الجنوبية الكبيرة عبدالقوي مكاوي، وبوزير خارجيته عبدالله الاصنج...الخ.
وكان يجري اتصالاته بعدن وبالمحافظات وبالخارج من الفيلا ، وألتقى فيها كذلك بالصحافيين العرب والاجانب ، وببعض الشخصيات والمسؤولين الانتهازيين الذي كانوا ياتون اليه للحصول على طلبات مادية وعينية شخصية لهم (.....)، ممن يمارسون الانتهازية والابتزاز المبطن وخاصة عندما وصلت بعض المساعدات البسيطة والمحدودة من سيارات رباعية الدفع وأسلحة خفيفة واغذية من جهات داعمة من دول شقيقة.
ومايستحق الذكر هنا ان هذه الفيلا شهدت تصوير بيان استقلال الجنوب واستعادة الدولة التاريخي في 21 مايو 2994م.
حيث تم تسجيل البيان وتصويره نحو الساعة السادسة والنصف مساء 21 مايو بوجود عدد من القيادات السياسية، وكذا عدد من الصحفيين من المكلا منهم محمد قاسم المفلحي أو ممن رافقوا البيض برحلته من عدن الى المكلا كالصحفي حسن قاسم ومصورا من تلفزيون عدن هما عاطف سالم وفضل العبدلي ومصوران فوتغرافيان هما ناشر سيف ، ولبيب العبسي، وسكرتارية مكتب الرئيس محمد عبدالله حسن اليافعي وأخرين.
وقد تم إجراء مونتاج سريع لشريط التسجيل بعد إعادة تكرار تصوير بعض تلاوة فقرات فيه..، وتم إرسال نسخة من شريط التسجيل VHS الى مطار الريان بالمكلا ليلا ليتم ارسال الشريط عبر طائرة نقل عسكرية "انتينوف"، الى عدن .. ، لتصل الطائرة نحو الساعة ال11 ليلا الى عدن، ويكون بإستقبالها محافظ عدن انذاك العميد صالح منصر السييلي الذي أخذ الشريط شخصيا إلى مبنى تلفزيون عدن بمديرية التواهي ليبث بيان الاستقلال لجمهورية اليمن الديمقراطية (لم يشر البيان لإضافة مسمى الشعبية)، وقد كانت رحلة نقل الشريط من المكلا الى عدن محفوفة بالمخاطر..، فقد تم تأخير إقلاع الطائرة لنحو ساعتين أو أكثر من مطار الريان حتى تم اشعار برج المراقبة بالريان بتوقف القصف عن مطار عدن وجاء الاذن بإمكانية الطيران من المكلا ومجازفة الهبوط بمطار عدن رغم عدم القدرة على التكهن بسلامة الطيران بأجواء المطار مديرية خورمكسر بعدن أو عدم تكرار القصف لمطار عدن أثناء هبوط الطائرة.
واحدث بث البيان من تلفزيون عدن صدى شعبي كبير رغم مأساوية الموقف العسكري ودخول عدن بدائرة الحصار الناري .. ، إلا ان أبناء مدينة عدن عبروا عن فرحتهم بصورة عفوية كبارقة أمل للانفكاك عن كابوس نظام صنعاء ومايمثله من قيم اجتماعية وثقافية وفكرية..إلخ، مقيتة ومتخلفة لمجتمع الشمال والتي استحال على الجنوبيين قبولها.
لم تنم عدن يومها وكان يوما يوما بلا ليل.
وكان حال مدينة المكلا مشابهة لعدن .. ، وبث تلفزيون المكلا البيان وتلقفه الناس بالفرح والامال.
وقد جاهد الرئيس الجنوبي لتأسيس وضعا إداريا وعسكريا متماسكا وسعى لتنميته وتطويره في سباق مع الوقت وفي محاولة لكبح مخاطر الاقتراب العسكري المتسارع على الجبهة.
لقد تم بعد مضي نحو أسبوعين على وجود الرئيس بالمكلا تركيب صحن ستلايت (دش)، للاتصال الهاتفي بنظام الثريا عبر الاقمار الاصطناعية ، ماساعد على إجراء الاتصالات بعيدا عن مراقبة وهيمنة شبكة الاتصالات بصنعاء التي قطعتها بعد برهة.
كما تم بعد ذلك تركيب هاتف اتصالات ثريا أخر بمكتب الإعلام بقصر القعيطي بالمكلا لتسهيل إتصالات الصحافيين العرب وارسال الاخبار.
أجرى البيض الكثير من اللقاءات مع شرائح مختلفة من المجتمع بحضرموت ، وألتقى بوفود وشخصيات من محافظات جنوبية عدة ، كما أجرى لقاءات مع شخصيات من محافظة مأرب الشمالية ممن أعلنوا تأييدهم للقيادة الجنوبية ورفضهم للحرب التي شنها نظام صنعاء ضد الجنوب.
ومايلاحظ هو عقد الرئيس علي البيض لقاءات بعدد محدود من الاعلاميين ولم ينظم أي لقاءات موسعة مع الاعلاميين بالمكلا ..، ويبدو ان ضعف التواصل مع الاعلاميين من قبل علي البيض، وعدم تدارس رؤية إعلامية واضحة لتنشيط دور الجبهة الاعلامية وتوفير الاحتياجات الكافية لها..، أدى الى ضعف دور الإعلام في القيام بدوره بالحرب وبتعبئة الرأي العام وتوعيته في هكذا ظروف خطيرة وحاسمة بالجنوب.
وخلال الايام الاخيرة للرئيس الجنوبي في المكلا بدأنا نرى تحسنا في تسليح حراسات علي البيض وبحملهم أسلحة الكلاسنكوف المزودة بالقوادف الصغيرة وبزيادة عددهم ، وبارتفاع حسهم الامني.
غير ان تحليق طائرة حربية شمالية فوق أجواء المكلا وقصفها بالقذائف لمنطقة قريبة جدا لمقر سكن علي البيض بفيلا الحسيني بمنطقة خلف رفع المستوى الامني ومؤشر الحذر..، ما أدى الى إتخاء القرار بترك فيلا الحسيني بالمكلا والانتقال الى مكان سري بعيدا عن الأعين.
ويبدو ان الرئيس علي سالم البيض استشعر بحدسة وخبرته ان ثمة اختراق امني في المكلا مكن الطيران الشمالي التابع لنظام صنعاء من معرفة إحداثيات مقر مسكنه وعمله بالمكلا.
وتم عقب ذلك نصب مدفعي رشاش مضاد للطيران عيار 23 ملم، وراء فيلا الحسيني مباشرة واسفل الجبل..، وتم اخلاء الفيلا الى واجهة لم يعلن عنها.
ومجددا فان مسار الحرب حدد تنقلات الرئيس الجنوبي..، حيث أنتقل وبسرية تامة بعد القصف الجوي قرب فيلا الحسيني الى مديرية الغيل بعيدا عن المكلا واتخذ من قصر الباغ القديم والمتواضع مقرا جديدا له لادارة الوضع عسكريا ومدنيا بحضرموت والجبهة الشرقية للحرب ، إضافة لقيادته للجنوب برمته.
وللعلم فان قصر الباغ بمدينة الغيل يعد من القصور الحضرمية الاثرية؛ ويقع غرب مدينة غيل باوزير وبناه السلطان عمر بن عوض القعيطي في العقد الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي ليكون سكنا صيفياً له.
..
....
يتبع.....
في الحلقة التاسعة...