آخر تحديث :الجمعة 19 يوليو 2024 - الساعة:20:35:01
التغييرات في الكتب المدرسية في شمال اليمن
(الأمناء نت / كتب / ليالي نبيل)

 

تشكل التغيرات في الكتب المدرسية في شمال اليمن على غرس افكار مغايرة تخدم طرف من الاطرف في البلد مدمرة لعقول الاطفال تعمل على خدمة مصالحهم الشخصية والسياسية والتي تميل الى تعزيز القمع الديني وتكريس فكرة تجانس الهوية. 

هذا مغاير تماما لما تهدفه اسس مناهج التعليم المعاصر بين دولة لاخرى، وقد اختلف علماء التربية في نظرتهم إلي مفهوم المنهج الدراسي، مما أدى إلي ظهور عدة تعريفات لهذا المفهوم التربوي في فترة زمنية قصيرة، بدأت في أوائل القرن العشرين ويرجع التفاوت في التعريفات إلي التطور في ميادين العلوم والتربية وعلم النفس، ومطالب المجتمع المتغيرة والمتجددة ورغم تعدد تعريفات المنهج الدراسي وتنوعها إلا انه من السهل تصنيفها إلي مجموعتين كبيرتين هما المنهج القديم والحديث.

تمثِّل الكتب المدرسية الشكل الرئيسي لبث الروح امجتمعية، وتُستغل بوصفها تدخلا واسع النطاق بين «الثقافة المقبولة» للسلطة والطلاب ويفترض في الكتب المدرسية أن تكون ذات صلة بالواقع وأن تكون محل ثقة المجتمع. اما التعليم ذو التوجه السياسي، فإنه غالبا ما يكون إقصائيا؛ وذلك أنه يفشل في تمثيل الهويات الوطنية الجماعية المختلفة، وقد يكون من شأن التعبئة السياسية من خلال التعليم أن تؤدي إلى تعزيز الانقسام الاجتماعي، وتؤدي في نهاية المطاف إلى العنف ضد مجموعات معينة، وزيادة العنف ذي الصيغة البنيوية الشاملة، والعنف البنيوي هو حالة تكون فيها القوى غير المتكافئة والقمعية والعنصرية كامنة في بنيات المجتمع المختلفه،ان العنف ليس استجابة طبيعية لحالة لاختلاف المجتمعي، ولكنه نتيجة من نتائج انعدام الإطار القيمي الجامع ولمراوغة النخب الاجتماعية والسياسية التي يفترض فيها أن تكون المبادرة إلى إصلاح النظم التعليمية،فعلى سبيل المثال، وكما لوحظ في أماكن أخرى، فإن تدريس مادة التاريخ للتلاميذ يمكن أن يكون وسيلة من وسائل إنشاء صورة معينة بخصوص الهوية الذاتية أو بناء مجتمعات متخيلة اعتمادا على سرديات تقدّم بخصوص الآخر،ويمكن تعزيز ذلك من خلال التأكيد على ..الهويات الطائفية التي تقدم صوراً سلبية ونمطية عن الآخر، وتطبيع تفوُّق مجموعات معينة أو كونهم ضحايا.

واشار تقرير صادر من المركز اليمني لسياسيات،بعنوان «انتبه! قد يكون ابنك الشهيد التالي»: تغييرات في الكتب المدرسية في شمال اليمن>>،إلى ان لطالما تم التلاعب بالتعليم بشكلٍ عام لإفادة السلطات السياسية، لأنه يُعتبَر أداة أيديولوجية للتلقين ووسيلة يمكن التلاعب بها لترسيخ القيم، وتشجيع مواقف معينة إما للتغاضي عن العنف وإما زيادة تفاقمه،و يمكن أن يتجلَّى هذا المعنى بوضوح من خلال ما تقوم به المناهج من بناء ذهني لصورة معينة للهوية وتقويض صور أخرى. فالتغييرات الجديدة في الكتب التي نتناولها في هذه المقالة تميل إلى تعزيز القمع الديني وتكريس فكرة تجانس الهوية، فهنالك حذف متعمد لبعض الأحداث والأماكن والشخصيات، مع استبدالها بأخرى تناسب السردية الهوياتية التي يقدمها الحوثيون ،على سبيل المثال، ذُكر علي بن أبي طالب وفاطمة30 مِرارًا وتكرارًا، بينما حُذفت شخصيات إسلامية أخرى أو تم تقديم دورهم في التاريخ الإسلامي على أنه أقل أهمية، مثل عائشة زوجة الرسول، وأبي بكر، وعمر بن الخطاب، الذين يتبعهم ويحترمهم أهل السنة. بالإضافة إلى ذلك، هناك تركيزٌ على مثالية آل البيت واحترامهم في جميع الكتب المدرسية للصفوف الابتدائية. على سبيل المثال، ينص نصٌّ إسلامي للصف التاسع على أن السؤال الأول الذي يسأله الله يوم القيامة هو ..هل تحب آل البيت؟. كما يؤكد نص آخر على أن اتِّباع آل البيت فرض ديني. 

ان المدارس ليست كيانا ثابتا، فهي المظهر الحقيقي للديناميكيات المجتمعية، وهي واحدة من الأماكن، جنبا إلى جنبٍ مع المساجد والجامعات، التي يتجمع الناس فيها من مختلف الأحياء، وهي مواطن صناعة الأفكار والسلوكيات والشخصيات،وفضلًا عن ذلك، يوفِّر التعليم فرصة لتعبئة الناس، وهو مجال قابل للاستثمار أو الاستغلال وتجنب ان تكون انتهاكات اليوم مولدة لصراعات الغد؛ وحتى لا يحدث ذلك فإنه لا بد من أن تصاغ المناهج الدراسية بطريقة تجعل الماضي يتصالح مع الحاضر والمستقبل، ولإقناع الأحزاب السياسية بتجنب التلاعب بالتعليم سياسيا وأيديولوجيا، فإنه يجب العمل على الحفاظ على تاريخ وثقافة وهوية وكرامة جميع الأحزاب السياسية والمجموعات الجهوية والطائفية المختلفة، بالإضافة إلى ذلك، يجب توثيق انتهاكات حقوق الإنسان من دون تلاعب لتمكين العدالة الانتقالية التي يمكن أن تنطوي آلياتها على إعادة ذاكرة مجتمعية متماسكة.

وقد اوصى التقرير في ختامه الى عدة توصيات هامة وجب الاهتمام والتركيز لها أهمها يجب أن تكون دروس وكتب تعليم السلام جزءًا من التعليم اليمني، وأن ينشر، بالتوازي مع ذلك، ما تنطوي عليه التقاليد الإسلامية والقبلية من توجيهات ووصايا تحث على المصالحة والسلام وإن من شأن تقديم دروس عن السلام في المدارس أن يعزز السلام والمصالحةالمجتمعية، وأن يقلل من تأثير الكتب المدرسية المؤدلجة سياسيا، أن استخدام مصادر تعليمية بديلة وإنشاء منهجيات تعلُّم غير تقليدية في اليمن من شأنه أن يقلل من التأثير السلطوي للكتب المدرسية، وهذا بدوره سيتيح فرصًا لزيادة جودة المهارات والمعرفة التي يتلقاها الأطفال، اضافة إلى أن ندرج التعليم في محادثات السلام. يجب ألا تقلل مبادرات السلام من قوة التعليم في توجيه السلام. سيؤدي تضمين التعليم في محادثات السلام إلى الضغط على جميع وكلاء الحرب لتحييد هذا القطاع الحساس، الأمر الذي يمكن أن يخلق أرضية مشتركة للسلام في جميع أنحاء البلاد.


مباشر انجلترا واسبانيا
مشاهده مباراه انجلترا واسبانيا
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر

شارك برأيك