آخر تحديث :الثلاثاء 20 اغسطس 2024 - الساعة:14:11:56
ما أخذ بالقوة لا يمكن أن يُسترد إلا بالقوة
(الأمناء/ كتب/ ناصر التميمي:)

هكذا قالها الزعيم العربي الراحل جمال عبدالناصر في ستينيات القرن الماضي عقب احتلال صحراء سيناء من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث اعتلى عبدالناصر المنصة في حشد جماهيري كبير وخاطب الأمة العربية بخطاب حماسي رغم الصدمة التي تعرضت لها الأمة العربية والإسلامية بدخول العدو الإسرائيلي إلى الأراضي المصرية والسورية، وقال مقالته المشهورة "ما أخذ بالقوة لا يمكن أن يسترد إلا بالقوة" التي ألهبت الحماس في الشعب العربي جميعاً، ولم تمر سنوات إلا واستعاد المصريون الأراضي التي احتلتها إسرائيل بالقوة مثلما أخذوها بالقوة، استعادها المصريون بالمثل، ونحن في الجنوب احتلت أرضنا بالقوة في عام 1994م من قبل احتلال همجي غجري متوحش مجرد من الإنسانية فعل في شعب الجنوب ما لم يفعله أي احتلال في تاريخ البشرية، لقد حول الوطن الجنوبي إلى حظيرة بعد أن كان من أفضل البلدان في المنطقة العربية خصوصاً والعالم عموماً، لكن وقعنا ضحية الشعارات الزائفة التي كانت تنادي بالوحدة العربية الكبرى التي كان ينادي بها القوميون العرب إلى أن أوقعونا في نفق مظلم أفسد الحياة وحولها إلى جحيم على شعب الجنوب.

لقد خضنا في الجنوب مرحلة كفاحية طويلة جداً بدأناها سليما في عام 2007م وكانت خطوة أولى لإثارة حماس الجماهير المتعطشة لشم نسيم الحرية الذي قطعه المحتل تتلوها مرحلة الكفاح المسلح لإسقاط المناطق الواحدة تلو الأخرى كما فعل أجدادنا في ستينيات القرن العشرين مع المستعمر البريطاني، صحيح نضالنا السلمي طال ضد المحتل اليمني الذي استخدم القوة المفرطة ضد الشعب المسالم وذلك لعدة أسباب أهمها: عدم وجود دولة داعمة لنا بالسلاح والمال لأننا في ذلك الوقت كنا بحاجة ماسة للدعم ولو كان توفر ذلك لحسمنا الأمر عسكرياً قبل عاصفة الحزم؛ لأن الشعب في الجنوب قد وصل إلى مرحلة اللاعودة عن القرار الذي اتخذه في استعادة دولته المسلوبة مهما كانت التضحيات وعدما توفر الدعم إبان عاصفة الحزم نجح أبناء الجنوب في تحويل نضالهم السلمي إلى مقاومة مسلحة أرهبت الأعداء وزرعت في قلوبهم الرعب رغم فارق التسليح والعدد فتم تحرير العاصمة الحبيبة عدن وأغلب أراضي الجنوب من مليشيات الحوثي والهالك عفاش.

وبما أن الجنوب لديه مشروعه التحرري فقد انصدم مع جماعة الإصلاح التي كانت تسيطر على ما كان يعرف بشرعية هادي الذين واجهوا القوات الجنوبية بالسلاح وتركوا المليشيات الحوثية وأعلنوا حربهم على شعب الجنوب، يومها كانت قواتهم تحيط بالعاصمة عدن من كل مكان والقرار الشرعي بيدهم والموقف الإقليمي والدولي إلى جانبهم، حيث كانت توجد النية لديهم باجتثاث المجلس الانتقالي الوليد حينها، لكن قواتنا المسلحة اتخذت القرار الشجاع بتطهير الجنوب من هذه القوى، رغم الموقف الإقليمي والدولي الرافض للعمل العسكري ضد هذه القوات التي يعتبرها شرعية، وبعد أن فرض الانتقالي أمره بحسم المعركة في عدن لصالحه وارتفع شأن الجنوب في المحافل الدولية وأصبح له وزن سياسي كبير وأمر واقع، وتدخل التحالف حينها والرباعية وفرضوا على شرعية هادي أن تجلس مع الانتقالي وجها لوجه رغم تعنتها، وهذه كانت البداية الأولى للاعتراف بالمجلس الانتقالي كممثل رئيسي لقضية شعب الجنوب.

بعد أن فشلت قوى شرعية هادي في إسقاط عدن في مستنقع الفوضى والتصدي لها من قبل القوات الجنوبية ،قامت بتفجير الوضع العسكري في شقرة في محاولة أخيرة منها لإرباك المشهد في الجنوب وفسح المجال أمام المليشيات الحوثية للانقضاض على الجنوب من خلال التخادم المشترك بينهم، وتم إخماد الفتنة التي أشعلتها وقصقصة أجنحتها وإفشال مخططها الظلامي الخبيث المراد تنفيذه للسيطرة على الجنوب مرة أخرى وبنفس الأدوات القديمة الجديدة التي لا يحلوا لها العيش إلا على دماء الأبرياء  والغلابى، لكنهم انصدموا بإرادة شعب الجنوب الفولاذية وقواته المسلحة التي لا تهاب الموت.

فعندما رفعنا شعار المقاومة المسلحة استعدنا أغلب أراضي الجنوب من قبل الاحتلال اليمني بعد أكثر من ثلاثين عاما من النعب والسلب والقتل وأعدناها إلى حضنها الحقيقي وتنفس أهلها الصعداء ونسيم الحرية وأشرقت عليها شمس التحرير ،لو لم نرفع البندقية في وجه من احتل أرضنا بقوة السلاح لما تحررت عدن والضالع ولحج وأبين وشبوة وسقطرى واستمررنا في النضال السلمي لما تحقق لنا أي نصر على الأرض لأن هؤلاء القوم لا يؤمنون بالسلمية أبدا، لا من قريب ولا من بعيد، وإنما لا يعرفون إلا لغة القوة وبها تستطيع أن تفرض ما تريد وحتى العالم اليوم لا يعترف إلا بالقوي.

فعندما استجاب الجنوبيون للحوار تلبية لدعوة التحالف العربي وقدموا تنازلات كبيرة من أجل توحيد الجهود وتصويب المعركة نحو المليشيات الحوثية كحسن نية مع أشقائنا في العربية اليمنية، لكن للأسف الشديد ،لم نجد اي تعاون منهم، ولا توجد لديهم نية صادقة لإستعادة وطنهم، مر عام كامل منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي ولم يتغير شيء في ارض الواقع ،وكل ما يخطط لهم العليمي وحاشيته هو كيفية إسقاط الجنوب وإجهاض مشروعه التحرري بحلول منقوصة عبر بعض الأدوات الرخيصة وما كشف عنه المدعو رشاد العليمي في تصريحاته الأخيرة لصحيفة الشرق الأوسط يؤكد أن هناك مؤامرة كبيرة تطبخ بمباركة بعض الدول الإقليمية ضد شريكم الحقيقي وصاحب الانتصارات العسكرية على أتباع الفرس، وكما يقول المثل و"صل الكاذب إلى حد بابه" وفعلاً المجلس الانتقالي الجنوبي أدى ما عليه من التزامات الأشقاء في التحالف العربي وانكشفت المصيدة التي كانت معدة لإيقاع الانتقالي فيها من قبل رئيس مجلس القيادة الذي سجل الهدف في الزاوية التسعين وبه أنهى المباراة وأعلن عن فض الشراكة بين الجنوب والعربية اليمنية، وأعاد الأمور الى المربع الأول، وبهذا يكون الجنوبيون قد أعطوا للأشقاء الفرصة الكافية فرفضوا كل الجهود الهادفة لقتال المليشيات طمعا في حكم الجنوب.

اليوم المجلس الانتقالي أمامه خياران لا ثالث لهما: الخيار الأول استعادة ما تبقى من أراضي الجنوب لاسيما وادي حضرموت والمهرة ومكيراس وكل شبر ما زال تحت قبضة الاحتلال بالقوة مثلما فعل في عدن والضالع وشبوة ولحج ،ولن تستطيع أي قوة الوقوف امامه ما دام شعب الجنوب خلفه وبهذه الخطوة سيأتي العالم أجمع وسيعترف بنا وسيحترمنا مثلما فعل مع الانقلابيين الحوثيين وهنا استدل ببعض الكلام الذي قاله الرئيس علي سالم البيض ذات يوم في مقابلة تلفزيونية عندما فجرنا ثورة 14اكتوبر لم نشاور أحد ويومها كانت كل دول الإقليم والعالم ضدنا وتركناهم ولم نتوسلهم بشيء، وفرضنا أمر واقع في ارضنا بقوة السلاح وطردنا الإستعمار فاعترفت بنا كل دول العالم الواحدة تلو الأخرى ،واذا اردنا الخلاص من هذا الوضع القاتم فعلينا السير على خطى أجدادنا ثوارنا الأوائل.

الخيار الثاني الانسحاب من المجلس الرئاسي والحكومة وإعلان حكم ذاتي في الجنوب وتشكيل حكومة مصغرة لإدارته عندها سنجبر العالم على الإعتراف بنا رغماً عن أنفه وسنقطع الطريق على خفافيش الظلام والمرتزقة والعملاء الذين يتربصون بالجنوب من جميع الجهات، وكلما تقدمنا خطوة أصيب الأعداء بالفشل وكلما تأخرنا خطوة ،سوف تظهر لنا أصوات جديدة ومشاريع تآمرية كثيرة على غرار ما يجري في حضرموت والمهرة من قبل بعض المتآمرين والخونة الذين باعوا انفسهم لأمراء الحروب وعبادة الدولار على حساب قضية شعبهم الصامد، هي خطوة واحدة ستقرب المسافة وستعجل بإستعادة دولتنا المسلوبة وسنقبر مشروع الوحدة الزائفة الى الأبد وسننطلق جمعينا في بناء الدولة واستئصال كل الأمراض والأوساخ التي جلبها عباد الوحدة إلينا وسنرميها في مزبلة التاريخ وسنحرق كل المؤلفات والكتب التي الفها اعداء الجنوب من أتباع العربية اليمنية وزورا فيها تاريخنا العريق الذي تم تحريفه وإفراغه من مضمون محتواه الأصلي .

الوضع المعيشي في الجنوب متدهور والناس قربوا من حافة الهاوية وشبح المجاعة الذي يعدد مستقبل الشعب في ظل صمت التحالف وتجاهل المجتمع الدولي لمعاناة المواطن وفضل الانبطاح والرضوخ لمطالب المليشيات الحوثية واعاد لها الروح بعد ان شارف على السقوط، وأمام هذه الرضوخ الدولي لن يطول صبر شعبنا وقد يدفعه هذا التخبط والتجاهل الدولي الى استعادة ما تبقى من أراضيها بالقوة وقد صدق من قال ما اخذ بالقوة لا يمكن أن يسترد إلا بالقوة.


مباشر انجلترا واسبانيا
مشاهده مباراه انجلترا واسبانيا
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر

شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل