آخر تحديث :الثلاثاء 16 يوليو 2024 - الساعة:11:28:25
ثروات الجنوب النفطية والطبيعية.. نقمة أم نعمة؟!
("الأمناء" تقرير/ صالح حقروص:)

في عهد دولة الجنوب العربي كان الاتحاد السوفيتي الحليف الاستراتيجي للجنوب، وساهم في بناء دولة النظام والقانون والمؤسسات، وجعل منها دولة متقدمة في مختلف المجالات، وخاصة في مجال التعليم. وامتلك الجنوب جيشًا يعد واحدًا من أقوى الجيوش العربية بعد مصر والعراق وسوريا التي تم تدميرها وفقاً لمخطط صهيوني أمريكي.

وكانت الدولة الجنوبية تعتمد على كوادر وطنية جنوبية متعلمة في مختلف المجالات تخرجت من أفضل الجامعات في الاتحاد السوفيتي والدول الشرقية والعربية الصديقة، ولكن هذا الحليف السوفيتي كما كان يسميه الرفاق أو المستعمر السابق كما كان يسميه الغرب وحلفائهم في المنطقة العربية كان ليس من مصلحته استخراج النفط والغاز في دولة الجنوب العربي خاصة وأن الاتحاد السوفيتي يعد واحدًا من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم والكشف عن كميات كبيرة من النفط في هذا البلد الصغير الذي كان في الثمانينيات لم يتعدَّ سكانها الأربعة ملايين نسمة لا يخدمه، بل وعند اكتشاف النفط في محافظة شبوة في بداية الثمانينيات وانفجار الآبار وتدفق كميات كبيرة من النفط على سطح الأرض من كثرة الكميات الكبيرة من النفط الموجودة تحت الأرض عمل هذا الحليف على ردم آبار النفط بترسانات من مادة الأسمنت وصب كميات من الأسيد حتى يختفي النفط تحت الأرض، وهو ما نتج عنه استمرار جعل دولة الجنوب دولة فقيرة وذات دخل محدود ولم تتمكن من مجاراة جيرانها دول الخليج التي نجحت في استخدام النفط والغاز للتطوير والتنمية بفضل ثرواتها النفطية المكتشفة.

وبعد الوحدة اليمنية في عام 1990م ودخول دولة الجنوب العربي في وحدة اندماجية مع دولة الجمهورية العربية اليمنية وتأسيس دولة الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م وبدعم غربي، وذلك ليس من أجل الوحدة العربية وإنما من أجل استهداف وتدمير كل جميل في دولة الجنوب العربي، وخاصة القوات المسلحة والتعليم العالي، ونتيجة لتفكك الاتحاد السوفيتي - الحليف الاستراتيجي السابق لدولة الجنوب العربي - في عام 1991م ومغادرة آخر الخبراء السوفيت في عام 1992م، بدأ مسلسل التدمير الممنهج لكل مقومات الدولة الجنوبية من خلال استهداف واغتيال القيادات والكوادر الجنوبية البارزة في العاصمة اليمنية صنعاء من خلال عمليات اغتيال وتصفية منظمة وصولًا إلى شن حربٍ واحتلال الجنوب في عام 1994م، وعندها تم وضع خط أحمر على عدن ومنع السماح للمستعمر الجديد اليمني الشمالي باحتلال الجنوب إلا بعد الموافقة على شروط الغرب، وهي أن يعطى لهم الجنوب لمدة 20 عامًا يتم خلالها تدمير القيم والمبادئ والأخلاق التي يتمتع بها شعب الجنوب العربي، وكذا تدمير التعليم والجيش، وهو ما حصل بالفعل، والاستحواذ على الطبقة العليا من النفط فقط، وعلى أن يتم في عام 2014م القبول بعودة دولة الجنوب العربي وفقاً لمفهوم العولمة الجديد، وتكون دولة حليفة للغرب، وخلال العشرين عامًا سخرت كل ثروات الجنوب العربي في بناء المنشآت والكادر الشمالي وتعليمه في الخارج، حتى أصبحت العاصمة اليمنية صنعاء تشيد فيها الجسور والمباني لم يسبق لها مثيل من قبل، وخلال مدة وجيزة وكل ذلك بفضل ثروات الجنوب العربي التي يتم نهبها من قبل المستعمر الشمالي بينما المواطن الجنوبي ظل يعاني من الفقر والحرمان وخيرات بلاده تذهب لغيره، ولكن عند اقتراب الفترة المحددة لانتهاء الاحتلال الشمالي للجنوب العربي في عام 2014م رفضت قوى الشمال بالسماح باستقلال الجنوب وعودة دولته المستقلة، كونها ترى بأنه أصبحت هذه الثروات بالنسبة لها حياة أو موت، والتخلي عنها أمر لا يمكن قبوله، ونتيجة لذلك انهار التحالف القائم بين الدول الغربية وقوى الشمال، وبدأ الغرب في تنفيذ مخطط جديد يهدف هذه المرة إلى تدمير دولة الجمهورية اليمنية من خلال القيام بدعم الحوثي وتمرده على الدولة ومن ثم قيام ثورة الشباب في فبراير 2011م من أجل تحقيق الهدف المنشود والوصول في نهاية المطاف إلى عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل عام 1990م: دولة الجنوب العربي في الجنوب، تسلم إدارتها إلى أبناء الجنوب، ودولة الجمهورية العربية اليمنية في الشمال ويسلم الحكم فيها للحوثي.

وفي الوقت الذي أصبح فيه قيام دولة الجنوب العربي أمرًا واردًا حدوثه في أي وقت وبشكل رسمي وبمباركة دولية إلا أن الثروات النفطية كانت المعضلة التي تشكل عائقًا أمام قيام دولة الجنوب العربي نتيجة لبروز صراع ومنافسة بين المستعمرين الجدد للجنوب على ثروات الجنوب، وعدم التوصل إلى اتفاق بشأنها، وانقسام المستعمرين الجدد إلى طرفين: طرف يحرص على القيام باستخراج تلك الثروات النفطية وبسرعة من تحت الأرض والاستفادة من عائداتها، بينما الطرف الآخر يرفض قبول ذلك كونه يرى أن خروج هذه الثروات وبكميات كبيرة ليس من مصلحته، وأصبح من المعارضين لقيام دولة الجنوب في الوقت الراهن ويرى بأنه ممكن يسمح بقيامها ولكن في حالة واحدة وهي أن تبقى هذه الثروات النفطية الموجودة تحت الأرض كما كانت في عهد الاتحاد السوفيتي ما لم فإنه لن يسمح بقيام دولة الجنوب العربي مع التلويح بتغذية صراعات وحروب داخلية ستؤدي إلى تأخر قيام دولة الجنوب العربي عشرات السنين.

لقد شكلت الثروات النفطية في بعض الدول مصدر ثراء للحكام والمتنفذين فحرم الشعب فيها من الاستفادة من تلك الثروات وبقيت نسبة الفقر فيها مرتفعة ولم تحقق الإنماء الذي تسمح به تلك الثروة، بل وفي المقابل شكل النفط في بعض المناطق - وما يزال - أحد أسباب الصراعات فيها وسبباً بارزاً في التدخلات الخارجية للتحكم بأسعار النفط من جهة والاستفادة من تلك الثروة من جهة ثانية عبر دخول شركات التنقيب الأجنبية وحصول تلك الدول على امتيازات وعقود تفضيلية.

وللأسف الشديد لم تعد ثرواتنا العربية نعمة بل أصبحت نقمة وكأنها لعنة على الوطن العربي بسبب استغلال المنطقة العربية من قبل الغرب من أجل تحقيق مطامعهم وأهدافهم من خلال هذه الموارد الطبيعية دون الاكتراث بما سيحل بتلك الثروات بعد استنزافها، فقد ارتبط وجود الثروة الطبيعية بتفجر صراعات وحروب أهلية تلهي العالم العربي عن ثرواته لتأخذها الدول الغربية، وليس هذا فقط فلم يقف الطمع بثرواتنا من قبل الغرب بل نلاحظ في السنوات الأخيرة ظهور ميليشيات مسلحة استولت على آبار البترول كما حدث مؤخراً في العراق وسوريا.

والسؤال الذي يطرح نفسه: متى سننعم بخيرات أرضنا؟ ومتى سيستفيد أصحاب هذه الثروات منها؟ وهل أصبحت اليوم ثرواتنا النفطية والطبيعية في الجنوب العربي نقمة أم نعمه؟


مباشر انجلترا واسبانيا
مشاهده مباراه انجلترا واسبانيا
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر
انجلترا ضد اسبانيا بث مباشر

شارك برأيك