آخر تحديث :الخميس 25 ابريل 2024 - الساعة:23:05:23
توترات متصاعدة بين إيران وأذربيجان
(الامناء نت / متابعات)

في وقت تُهيمن فيه أخبار الحرب الأوكرانية على عناوين الصحف العالمية، هناك صراع آخر يشتعل فتيله في جنوب القوقاز، حيث تفاقمت الأعمال العدائية بين أذربيجان وإيران على نحوٍ مُتزايد منذ الحرب في ناغورنو قره باخ في 2020 بين أرمينيا وأذربيجان.

أرسلَ الحرس الثوري الإيراني أخيراً كمية كبيرة من المعدات العسكرية والجنود إلى الحدود الإيرانية مع أذربيجان.

ويقول جوليان ماكبرايد، عالم الأنثروبولوجيا والصحافي الأمريكي المستقل، ومؤسس ومدير مبادرة تداعيات الحرب ROW ، غير الحكومية الأنثروبولوجية، في موقع "جيوبوليتكال مونيتور" الكندي: "بعد انتصار أذربيجان الحاسم على أرمينيا، بمساعدة الدعم العسكري من إسرائيل وتركيا، أدركت إيران أن أمنها على طول حدودها الشمالية عُرضةً للخطر، إذ هددَت الحرب بعزلها عن حليف إقليمي أساسي في العاصمة يريفان".

قلق إيراني
وأضاف  "في الوقت الذي بَدَت فيه طهران مُستعدة لقبول حتمية استعادة أذربيجان ناغورنو قره باخ التي أقرتها الأمم المتحدة رسمياً جزءاً من أذربيجان، أثارت إيران، مخاوفَ من التعديَّات الجديدة المُتكررة على طول الحدود الجنوبية لأرمينيا طيلة سبتمبر (أيلول). وهذا الاعتداء المُتجدد لأذربيجان تَسببَ في قلقٍ جسيم، لا من إيران وحسب، وإنما من الولايات المتحدة وفرنسا أيضاً".

وتابع بقوله: "تلك التعديات دَنَت من أحد الخطوط الحمراء لطهران في إعادة ترسيم الحدود الممكنة في منطقة القوقاز، وهي النتيجة التي كثيراً ما يُشار إليها تلميحاً لا تصريحاً في خطابات الرئيسين علييف، وأردوغان عن التوسع التركي. ستُشكل إعادة ترسيم الحدود مشاكل جيوسياسية جديدة لإيران، من بينها تعطيل طريق التجارة القديم العابر لأرمينيا الذي ظلّ معتمداً لآلاف السنين".

وزاد "لم تَخفِ أذربيجان عداءها لإيران منذ حربها في 2020 على أرمينيا، إذ تمادت إلى حد تسليط الضوء على خرائط أذربيجان الكبرى التي تضم أجزاءً من المحافظات الشمالية لإيران، وإيران موطن لنحو 16 مليون أذري، يتمركزون في الشمال الغربي على طول الحدود الأذرية.

تبادل الإهانات الدبلوماسية
وأشار الكاتب إلى تبادل باكو وطهران الاتهامات في العام الماضي، التي تحولت إلى توترات أخطر. وفي أعقاب حرب 2020، أقامت إيران العديد من المناورات العسكرية على طول الحدود بغية ردع أذربيجان. ومن ناحية أخرى، زادت باكو حدة التوتر مع إيران فروّجَت لحركة انفصالية محتملة للأذيين فير إيران.

وذكر الكاتب أنه مع تصاعد الحراك الاحتجاجي في إيران، وتوحيد جميع الشرائح السُكانية ضد الملالي الفاسدين الطغاة، يمكن أن تستميت طهران عبر وسيلة تشتيت وإلهاء، ويُمثل الصراع الخارجي أحد سبل توحيد الدولة كلها ضد عدوٍ مشترك.

فقد استغلّ الخميني على النحو نفسه غزو صدام حسين للإلهاء وتعضيد أركان حُكمه، إذ أصدر أوامره بإعدام آلاف المنشقين خلال الثورة الثقافية، وقد يسعى خلفه خامنئي إلى الاقتداء به.

ورغم أن الرئيس الأذري إلهام علييف رسّخَ حُكماً استبداديّاً مُتشدداً منذ أن تقلَّد منصبه في 2003، إلا أنه يتمتع بموجة جديدة من الشعبية نظراً لانتصارات أذربيجان على أرمينيا.

كانت خسارة حرب مرتفعات ناغورنو قره باخ في التسعينيات ذلاً قوميّاً كبيراً، ومصدراً أساسياً لكراهية الأرمن في المنطقة، حسب الكاتب.

ولطالما استغلّ علييف الصراع القائم بين الشعبين لتعزيز حكمه المُتشدد، لدرجة أنه جاوزَ المدى وجعلَ ضابطاً قطّع أرمنيّاً إرباً أثناء نومه في مناورة برعاية حلف شمال الأطلسي بطلاً قومياً بعد ترحيله إلى أذربيجان في 2021.

مخاوف من الحرب
أرسلَ الحرس الثوري الإيراني أخيراً كمية كبيرة من المعدات العسكرية والجنود إلى الحدود الإيرانية مع أذربيجان، ما زادَ المخاوف من حرب مُحتملة. فأي نزاع صريح بين أذربيجان وإيران يُحتمل أن يكون كارثياً على أسواق الطاقة العالمية، ناهيكَ عن تسببه في أزمة إنسانية إذ يعيش عشرات الملايين على الحدود الفاصلة بين الدولتين.

ويقول الكاتب: "كانت إيران معزولة دولياً بعد الثورة الإيرانية، وعولت على دولٍ ديكتاتوريّة مثل كوريا الشمالية، وسوريا، والاتحاد الروسي لتبقى وتصمد. ومن ناحية أخرى، نجد أن أذربيجان، رغم خضوعها لحكم استبدادي وراثي، طورت علاقاتها الدولية أضعافاً منذ أن استقلالها عن الاتحاد السوفيتي".

وأبرمَ الرئيس الأذري الحالي اتفاقية دفاع مُشترك مع تركيا، واتفاقية عسكرية مع إسرائيل.

وأجبر الغزو الروسي لأوكرانيا أيضاً الاتحاد الأوروبي على البحث عن مصادر بديلة للطاقة، وسرعان ما فضّلت أوروبا باكو للحصول على الغاز حتى 2027.

عزّزَت هذه الجهود الدبلوماسية الوضع الدولي لأذربيجان فإذا اندلعت حرب بينها وبين إيران، فسيكون بوسعها الاعتماد إلى حدٍ ما على غطائها الدبلوماسي بفضل لمكانتها بصفتها مزوداً بديلاً رئيساً للطاقة، وفق الكاتب.

ومع ذلك، وفي ظل قدرات الصواريخ الباليستية المتطورة لإيران وطائراتها دون طيار التي اختبرت في سماء المعارك، يفتقر الجيش الأذري للقدرات التي تسمح له بالدفاع عن نفسه ضد الضربات المحتملة من إيران.

وإذا اندلع صراع، فيمكن أن تُشعل اتفاقية الدفاع المشترك مع تركيا فتيل حرب إقليمية وكارثة إنسانية أخرى.

واستشرافاً للمستقبل، يقول الكاتب، إن من المتوقع أن تستمر التلاسنات الدبلوماسية بين إيران وأذربيجان، التي تعود بالنفع على النظامين المُستبدين في البلدين.

ولكن، لا يزال هناك خطر تصاعد تستحيل السيطرة عليه، واندلاع حرب إقليمية لا يريدها الطرفان، ولا يستطيعان تحمل كلفتها.







شارك برأيك