- المحمدي يشدد على ضرورة الحفاظ على النخبة الحضرمية ورفض التجنيد العشوائي
- تعرف على سعر الصرف وبيع العملات مساء السبت بالعاصمة عدن
- الوزير عبد الناصر الوالي : الوحدة بين الشمال والجنوب انتهت وتجاوزها الواقع والزمن والتاريخ
- تقرير عبري يكشف أسماء قادة "الحوثي" المتواجدين ضمن قائمة الاستهداف الإسرائيلية
- ناشط موالي للحوثي يفجرها مدوية .. الوزارات في صنعاء تحولت الى مكاتب لنهب المواطنين وابتزازهم
- عاجل : تجدد القصف الجوي على مناطق بشمال اليمن
- نائب مدير المياه يشرف على أعمال الصيانة في خطوط المياه بحقل المناصرة
- فريق من أمن الطيران يطلع على سير الإجراءات الأمنية في مطار سقطرى الدولي
- تنديداً بجرائم الحوثيين وقفة احتجاجية حاشدة في حيس تدعو لتحرك دولي عاجل
- بحضور رسمي وجماهيري.. مديرية المسيمير (الحواشب) تودّع الشهيد البطل عبد العليم حسن الحوشبي
قضيت (7) أشهر عجاف داخل زنزانة انفرادية
سُجنت بمعسكر الشهداء بعتق ثم بمقر قيادة المنطقة العسكرية الثالثة في مأرب
لم أُسجن في سجون رسمية مخصصة للقضايا السياسية والجنائية بل داخل (كنتينر)
بصَّمتُ على (27) صفحة وكنت معصوب العينين لا أعرف محتوى الأوراق
أفرزت حرب 2015م، التي شنتها مليشيا الحوثي، واقعًا صعبًا ومريرًا انعكس على حياة السكان بالشمال والجنوب، وتفاقمت مشكلاتهم ومعاناتهم الإنسانية، وتمثل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومواثيق القانون الدولي الإنساني، ومبادئ قانون حقوق الإنسان، أبرز ملامح هذا الواقع والصراع فتزايدت ظاهرة السجون السرية وحالات الإخفاء والاختطاف والاعتقال التي مارستها مليشيا الإخوان ومليشيا الحوثي خلال السنوات الماضية من عمر الحرب.
وفي محافظة شبوة الصامدة صمود الجبال الشامخة تعرضت حقوق الإنسان لأسوأ أنواع الانتهاكات الممنهجة خلال الأربع السنوات من سيطرة الإخوان على المحافظة في 23 أغسطس 2019م، حيث وثقت الشبكة المدنية للإعلام والتنمية وحقوق الإنسان، الكثير من حالات التعذيب في السجون السرية للقوات الخاصة التابعة لحزب الإصلاح (فرع تنظيم الإخوان باليمن) والتي غيب فيها العشرات من الأشخاص ممن تعرضوا للتعذيب، والعنف النفسي، والجسدي، واللفظي، والتي ستظل آثار جراحها مفتوحة في ذاكرة وقلوب الضحايا وأسرهم لزمن طويل.
بينما تنص المادة "5" من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م على أنه: "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو الخاصة بالكرامة".
وكشف تقرير الشبكة المدنية أن حالات الانتهاكات بشبوة بلغت 700 حالة انتهاك منها 443 حالة تعذيب طالت كل فئات المجتمع منها: 262 حالة من الشباب، وعدد 27 حالة من الأطفال، وعدد 37 حالة من كبار السن، وعدد 17 حالة من الإعلاميين للمدة من يناير 2019- يونيو 2022م.
ويبرز التقرير حقائق ملموسة لنماذج وقصص إنسانية مؤلمة يرويها عدد من الضحايا، ولتسليط الضوء أكثر على معاناة المعتقلين في السجون السرية للقوات الخاصة بشبوة التابعة للمدعو عبدربه لعكب الشريف، كان لنا حوار مع أحد المعتقلين مناضل وقيادي أمضى سبعة أشهر في دهاليز السجون السرية بين محافظتي شبوة ومأرب، إنه المعتقل المناضل الأستاذ حسن بن حسن الطفي، القيادي بالثورة السلمية الجنوبية والمقاومة الجنوبية وعضو المجلس الانتقالي الجنوبي بلحج. بعد الترحيب به ومباركة خروجه من السجون، كان لنا هذا الحوار معه.
- متى وأين تم اعتقالك؟
- تم اعتقالي في 19 يونيو 2021م من قبل جنود تابعين للقوات الخاصة في نقطة تسمى الخبية بشبوة على الطريق الرابط بين العاصمة عدن وشبوه وحضرموت.
- متى أطلق سراحك؟
- أطلق سراحي في 10 يناير 2022م بعد قضائي سبعة أشهر عجاف داخل زنزانة انفرادية ابتداءً بمعسكر الشهداء بمدينة عتق وانتهاءً بمقر قيادة المنطقة العسكرية الثالثة بمحافظة مأرب.
وكان معي زميلي وصديقي حسين علي حمزة الذي تم إطلاق سراحه قبل خروجي بثلاثة أشهر تقريبًا.
- كيف كان الوضع داخل المعتقل؟ وكيف كان يتعامل معكم الجنود؟
- في الحقيقة أولًا لم يتم إيداعنا في السجون الرسمية المتعارف عليها والمخصصة لأصحاب القضايا السياسية والجنائية، بل تم إيداعي في البداية داخل (كنتينر) أو بمعنى آخر داخل حاوية معدنية مساحتها مترين ونصف في مترين ونصف وكانت مليئة بالقمامة ومن ثم تم نقلنا إلى مكان آخر في منطقه تسمى عين بامعبد، أنا وزميلي، ووضعوا كل واحد مننا بزنزانة لوحده، ومن ثم قاموا بنقلي أنا إلى مكان آخر أسوأ من ذي قبل.
المكان كان عبارة عن مستودع فيها بعض بقايا الحديد الخردة وكان بداخله شخص مسجون وينام فوق الأرض دون فراش وكان المكان مظلما ولا توجد به أي فتحة للتهوية ماعدا هواء يسير يدخل من تحت الباب.
وفي اليوم الثالث تم نقلي إلى عتق مقيد الأيدي معصوب الأعين، وتم سجني في معسكر الشهداء داخل غرفة صغيرة ثلاثة متر في مترين ونصف، لا يوجد فيها أي شباك ولا فتحه تهوية بالباب وتركوني داخلها لأربعة أيام أنا وشخصين آخرين وكنت أنام فوق البلاط لعدة أيام، من ثم أتوا لي بقطعة فراش مقطع ومتسخ وقاموا بنقل الشخصين الآخرين من عندي إلى زنزانة أخرى وتركوني لوحدي في زنزانة انفرادية من نهاية يونيو 2021م إلى نهاية ديسمبر 2021م بعدها تم نقلي إلى مأرب.
خلال فترة بقائنا بالسجن في شبوة قاموا بالتحقيق معي مرات عديدة تم تبصيمي على 27 صفحة وكنت معصوب العينين لا أعرف ما محتوى الأوراق تلك.
وكان المحققون يقتادوني في الأسابيع الأولى لاعتقالي أحيانًا مرتين وأحيانًا ثلاث مرات بالليلة الواحدة ابتداءً من الساعة العاشرة والنصف ليلاً وتنتهي الساعة الثالثة فجرًا.
- هل كنتم تحصلون على طعام جيد وتنامون جيدًا؟
- الطعام كان سيئا جدًا، كانوا لكل سجين عدد من حبات الخبز (المسمى كدم) يتم رميها على الأرض بجانب باب الزنزانة، بالإضافة إلى كيس يحتوي على بازيليا مليئة بالزيت والفلفل (البسباس) ويستمر هذا الطعام لمدة شهرين فطور وعشاء، ثم يتم استبدال البازيليا بالفول المدمس المغرق بالزيت والفلفل. أما الغداء فكان عبارة عن قليل من الرز وربع حبة دجاج فقط طوال فترة الاعتقال، أما بالنسبة للنوم فكانت الغرفة حارة جدًا، ويوجد بها مئات الصراصير بمختلف أنواعها بالإضافة إلى البعوض الكثيف والذباب المزعج كما يوجد بالزنزانة كشاف ضوء قوي يظل شغالًا على مدار 24 ساعة ليلًا ونهارًا، كما أن المحققين طوال الليل يظلون ذاهبين وراجعين لأخذ المساجين إلى مقرات التحقيق، فحتى في الفترات التي لم يتم التحقيق بها معي كنت أسمع أبواب الزنازين المجاورة وهي تفتح وتغلق كل ليلة عندما يأتي الجنود لاقتياد المعتقلين الآخرين للتحقيق معهم، كما كنت أسمع أحيانا أصوات صراخ من بعض المساجين الذين يتعرضون للضرب، فكان يأتي الجنود لضرب بعض المعتقلين دخل الممر الفاصل بين الزنازين التي كنا معتقلين فيها، هذا بالنسبة لمحافظة شبوة، أما محافظة مأرب فكان الوضع أسوأ بكثير فكان السجن هناك عبارة عن حمام ضيق جدًا يبلغ طوله 200 سنتيمتر وعرضه 80 سنتيمتر، وكان مقسوما إلى قسمين بحبتين من البلك (البردين)، والقسم الأول عبارة عن خمسين سنتيمترًا موضوع فيه (مرحاض) كرسي عربي لقضاء الحاجة والقسم الآخر 150 سنتيمتر موضوع فيه فراش قذر يستخدم لنوم السجين وفي سقف الحمام توجد كاميرا مراقبة فيديو تراقب المعتقل طوال 24 ساعة، وبالنسبة للطعام بمأرب كان عبارة عن حبتين من الكدم فطور وعشاء فقط، والغداء حبتين كدم وقليل من الرز المخصص للنازحين وبدون أي شيء.
- هل كانوا يسمح لكم بتغيير ملابسكم في السجون السرية؟
- بالنسبة للملابس لم يسمح لنا بتغيير ملابسنا طوال سبعة أشهر عجاف، كما لم يسمح لنا بحلاقة رؤوسنا أو حلاقة اللحية، وكنا نعاني لأشهر حتى يسمح لنا بقص أظافرنا التي كانت تكبر وتصبح مزعجة جدًا لنا، هذا بالنسبة لي أنا شخصيًا، وربما كنت أنا أفضل من غيري بكثير فهناك من المساجين من سمعت أنهم تعرضوا للضرب المبرح والتعذيب بالعصا الكهربائية، والسجن تحت الأرض في غرفة مظلمه قذرة تسمى الضغاطة.
- خلال فترة اعتقالكم هل سمحوا لكم بالزيارة؟ وهل قامت أي منظمات حقوقية محلية أو دولية بزيارتكم وتقييد ما تعرضتم له من انتهاكات؟
- سمح لي بزيارة واحدة فقط في الأسبوع الأول لاعتقالي تم السماح لشقيقي حسين بزيارتي برفقة اثنين من أصدقائي وكانوا حينها مسئولين بالشرعية ولهم مكانتهم واحترامهم عند الحكومة، أحدهم العميد خالد ديان أركان لواء حرب المتمركز بالحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، والشخص الآخر الأخ هاني اليزيدي مأمور مديرية البريقة السابق.
وزيارتهم كانت بغرض التوسط لإطلاق سراحي ولكنهم لم يتمكنوا من إطلاق سراحي حينها، رغم أنهم حصلوا على توجيهات بإطلاق سراحي من مدير أمن شبوة حينها العميد عوض الدحبول وأحد وكلاء المحافظة لا أذكر اسمه، إلا أن المدعو عبدربه لعكب، رفض تلك الأوامر، وقال يريد أمرًا من المحافظ وكان حينها المحافظ بن عديو.
- كيف تم إطلاق سراحك؟
- عندما تم إقالة المحافظ محمد صالح بن عديو واستبداله بالأخ عوض بن الوزير أصدر ابن الوزير أوامر للمدعو عبدربه لعكب يطلب منه إطلاق سراحي إلا أن لعكب رد عليه برسالة خطية ينفي فيها وجودي عنده بسجن معسكر الشهداء، ويؤكد أنه تم تسليمي للاستخبارات العسكرية بالمحافظة، وبعد البحث والتحري من قبل أخي العزيز العميد خالد ديان في مختلف سجون شبوة لم يتم العثور عليَّ لا في الاستخبارات العسكرية، ولا في سجون الأمن السياسي.
بعدها قام بالتواصل مع رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية بالجمهورية الأخ أحمد محسن اليافعي، ووكيل الأمن السياسي الأخ شعفل اليافعي، والتواصل مع وزير الشباب والرياضة الأخ نايف البكري وإبلاغهم بأن الأخ حسن الطفي غير موجود في أي سجن من سجون شبوة، وهذا مؤشر يدل على أن القوات الخاصة ربما قامت بتصفيته جسديًا، وعليه فإنهم يرجون منهم إبلاغ رئيس الجمهورية ونائب رئيس الجمهورية إما أن يعطوا توجيهاتهم للمدعو عبدربه لعكب بإظهار الأخ حسن حيًا أو يسلموا لهم جثته إذا كانت ميتًا، أما بعدها ستكون لنا خياراتنا المفتوحة، طبعًا الوزراء المذكورين بالإضافة إلى الأخ المحافظ ابن الوزير قاموا بجهود وضغوط شديدة جدًا على المدعو عبدربه لعكب، للكشف عن مصيري وبعد 48 ساعة اعترف لعكب بأنه قام بنقلنا إلى محافظة مأرب، وحينها أتى الأخ القائد العميد خالد ديان إلى مأرب وبعد تواصله مع الوزير البكري ورئيس الاستخبارات العسكرية أحمد اليافعي الذين قابلوا نائب رئيس الجمهورية حينها علي محسن الأحمر وطلبوا منه شخصيًا إصدار توجيهات للسلطات في مأرب بإطلاق سراحي، وفعلًا أصدر التوجيهات بذلك وتم إطلاق سراحي في 10 يناير 2022م من مأرب. طبعًا خلال تلك الفترة قام المئات من زملائي في محافظة حضرموت ولحج وعدن وزملائي المعتقلين - الذين تم الإفراج عنهم- وناشطون سياسيون في المجلس الانتقالي الجنوبي محافظة شبوة، قاموا بالكتابة والمناشدة وتسليط الأضواء عن قضية اعتقالي وتوضيحها للرأي العام، ولو لم يحصل هذا كله لربما كنت لازلت في السجون أو تم تصفيتنا خلف القضبان.
كما أن الشبكة المدنية لحقوق الإنسان فرع شبوة كتبت وتابعت واجتهدت في تسليط الأضواء على قضيتي شخصيًا، وكذلك على قضايا باقي المعتقلين وبعد خروجنا من السجن، قامت الشبكة المدنية لحقوق الإنسان وعبر مركزها الرئيسي في العاصمة عدن وبتوجيهات من رئيسها الدكتور محمود شائف بمقابلتنا وتوثيق كل ما تعرضنا له بأفلام وثائقية بالصوت الصورة، وعملوا لنا مؤتمر صحفي بالعاصمة عدن بتاريخ 29 سبتمبر 2022م، وشاركنا أنا وبعض المعتقلين في السجون السرية بشبوة.
- في ختام هذا الحوار هل من كلمة توجهها؟ ولمن؟
- في الختام نوجه الشكر والتقدير لكل من حمل على عاتقه مسئولية البحث والمتابعة عننا وكل من كتب وتحدث عنا وجعل قضيتنا قضية رأي عام وحاضرة في وجدان الجميع.
كما نشكر المجلس الانتقالي الجنوبي ابتداءً من الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي الذي اهتم وتابع قضيتي منذ اعتقالي إلى يوم الإفراج عني، كما أشكر رئيس وأعضاء المجلس الانتقالي بمحافظة حضرموت على كل الجهود التي قاموا بها من أجلي، وأشكر محافظ شبوة الأخ عوض بن الوزير على استقباله لنا بعد خروجنا مباشرة من السجن بمأرب، وكذلك رئيس انتقالي شبوة العميد علي الجبواني على استضافته لنا، كما أشكر أبناء شبوة جميعًا من وكيل محافظة ومدير عام عتق وأخص بالشكر الشيخ عبدالله بنان، وحسن سالمين، والأسير الشاب عبدالرحمن شيخ باحاج، وكل أبناء شبوة الذين غمرونا بأخلاقهم الكريمة ومواقفهم العظيمة والذين كانوا لنا نعم الأهل ونعم السند والعون أثناء فترة اعتقالنا الطويلة.