آخر تحديث :الجمعة 19 ابريل 2024 - الساعة:01:16:01
لحظات من تحرير وادي عومران.. وإصابة القائد حمصان
(الأمناء نت / كتب / أحمد العبادي)


كان الجند، يتقدمون نحو مواقع القاعدة في وادي عومران، يخترقون حواجز الألغام، بعزيمة تناطح الجبال. صوب أوكار التنظيم الإرهابي. لقد عزمت القوات الجنوبية على تطهيره من براثن الإرهاب مسبقا في قرار إعلان عملية "سهام الشرق"، وتحرير أبين من التنظيم بشكل دائم وأبدي.

ومع تقدم القوات في وادي عومران.. دوى صوت قوي عمّ الأرجاء، لم يتضح مصدره ما هو،  قنبلة هاون، أو لغم أرضي. ام صاعقة نزلت من السماء. المهم أنها أمطرت على الجنود من حيث لا يدرون. وغطّت السماء سحابة سوداء كثيفة  تصاعدت من وسط الانفجار. فتوقف الجنود. حتى تصفى هذه الغيمة. وآخرون انتشروا خوفا من حادثة مماثلة تستهدف تجمع آخر.

سمعتُ أصوات الجنود وهم ينادون بهلع، استهدف القائد حمصان، ومن سوء الحظ كان غبار السحابة قد اعمى بصيرتهم ولم يتمكنوا من معرفة من استشهد ممن تبقى. لحظات وانجلت السحابة. تلاشت بالسماء ثم سارع الجنود نحو مكان الانفجار.

  يبحثون بين الأشجار والحجارة عن الضحايا، بقلق بالغ، فعثروا على جثة شهيد، بلا رأس ومع الأسف لم يتمكنوا من معرفته. وبقى جندي عنده. ثم ذهبوا مسرعين صوب جثة أخرى مرميه بين الأحجار . فجأة جاءت صيحة من أحد الجنود  زلزلت تراب وادي عومران تحت عناصر تنظيم القاعدة. "استشهد القائد حمصان".

وجثى الجندي على ركبتيه لم يستطع النظر في وجه قائدة وهو في تلك الحالة، هرع الآخرون نحو الجندي فاذا بجثة حمصان أمامهم احتضنوا قائدهم بقوه، ولاحظوا فيه قليل من حياة. عرق ينبض وصوت يئن بهدوء: "حسبي الله ونعم الوكيل". وغفى حمصان في حضن الجندي. ثم بادرت سيارة إسعاف في نقلة إلى أحد المشافي.

قام الجنود متماسكون، كل واحد منهم يشد من عزيمة الآخر، معنويات صلبة وحديد، وآخرون يحوقلون، في موقف أخوي نبيل؛ لتشدهم جثة أخرى مرمية في البعيد. هرعوا نحوها أنها جثة زميلهم الحارس الشخصي للقائد حمصان، لم يتبقى منها سوى النصف. جندي مقطوب الرجلين، ووجه متفحم. لكن صوته لم يموت. كان يصدر تمتمات يعلم الله ماذا يقول.
 
فاحتضن أحد الجنود  ما تبقى من جثة زميلة المتفحمة، شدّني موقف الجندي وهو يحتضن نصف جثة، يمسح الغبار من على وجه زميله برفق كأنه لا يريد إيذاءه، وقد فعل التنظيم به ما فعل. كانت التمتمات الناتجة عنه هي الأخيرة للفظ الأنفاس. طرح الجندي رأس زميله في حضنه يحثه على الثبات، ويلقنه الشهادتين، قل: "اشهد ان لا إله إلا الله وان محمد رسول الله". ثم سكتت تمتات الجندي المجهولة، وفاضت روحه إلى الإله. 

ثم جاء صوت جندي آخر من أقصى وادي عومران، عادت أصداه من الجبال والسهول المحيطة بالوادي، صوت شجي على غير العادة يزف بشرى، صوت أطرب مسامع الجنود المشاركين في عملية تحرير وادي عومران، عكس المشهد، واعاد زخم المعنويات. كانت صرخاته تتوالى: "الله اكبر" "عناصر القاعدة يفرون". "وادي عومران تحرر". كان عناصر التنظيم الإرهابي يجرون ذيول الهزيمة نحو البيضاء. والقوات الجنوبية تمشط في الأوكار، وتتمركز في مواقع جديدة لحماية الوادي. فانتهى المشهد بفرح ممزوج بدمع ودم جنوبي خالص.



شارك برأيك