تعتبر التغذية في المستشفيات من أبرز العوامل الأساسية المساعدة في شفاء المرضى، إلا أن التغذية بعكس ذلك في مستشفى ابن خلدون بمدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج، والذي يعتبر من أكبر مستشفيات المحافظة، حيث يشكو المرضى والمرافقون والممرضون من عدم وجود تغذية صحية ومتنوعة وكافية خلال الثلاث الوجبات اليومية، نظراً لتدهور التغذية عقب حرب 2015 بداخل المستشفى وزيادة التدهور عامًا تلو عام، محملين القائمين على مطبخ المستشفى المسؤولية، وتحديداً منذ مطلع عام 2018 كما أن التغذية غير صحية وكافية ويرفض تناولها بعض المرضى والممرضين.

"الأمناء" قامت بتقصي الحقيقة من خلال زيارة مطبخ مستشفى ابن خلدون دون علم جهات الاختصاص في المستشفى من أجل الحصول على المعلومات بشفافية ومن مصدرها الأساسي.

مخصص التغذية

أوضح لـ "الأمناء" المقاول العواضي "أن مشكلة التغذية ليس هو طرفاً أساسياً في ما هو حاصل فيها من تقصير، مشيراً بأنه يعمل وفقاً لما هو معتمد من مخصص مالي شهري وقدره 3.500.000 ريال يمني، خارج منه مبلغ 120.000 ريال يمني ضرائب، وهو مبلغ معتمد للتغذية في المستشفى منذ مطلع عام 2018م، وإلى الآن في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية وصرف العملة والتدهور الاقتصادي الذي يشهده الوطن".

وأضاف العواضي: "منذ عام 2016 وإلى عام 2018، كان يصرف مبلغ التغذية بشكل غير منتظم بواقع شهري من 4 إلى 5 مليون، وكانت الأسعار آنذاك بعكس ما هو حاصل الآن ومنذ أكثر من عامين". وأردف: "لقد كانت التغذية قبل عام 2018 ممتازة لجودتها وتنوعها، وعقب عام 2018 قمت شخصياً بمتابعة جهات الاختصاص في مكتب الصحة بلحج والمحافظة لغرض زيادة مخصص التغذية نتيجة للمتغيرات في الاسعار وارتفاعها الجنوني، ولكن للأسف لم أجد أي استجابة، ولهذا نعمل في إعداد التغذية بحسب المخصص الشهري، أضف إلى ذلك ما نقوم به من شراء أسطوانات الغاز بأسعار خيالية، وأيضاً صرف أجرة عمال المطبخ، وكل ذلك محسوب من مبلغ المخصص الشهري المعتمد منذ 2018 بمبلغ 3.500.000 ريال يمني خاضع للضريبة".

ثلاث وجبات بمبلغ 900 ريال!

وكشف لـ "الأمناء" المقاول إبراهيم عن إجمالي مبلغ التغذية اليومية التي يتحصل عليها المريض في المستشفى لوجبات الإفطار والغداء والعشاء بمبلغ إجمالي وقدره 900 ريال يمني فقط، مشيراً إلى أن قيمة وجبة الإفطار من روتي وفول بمبلغ 225 ريالا، وقيمة وجبة الغداء من أرز وسمك بمبلغ 450 ريالا، بينما وجبة العشاء من روتي وفول بمبلغ 225 ريالا.

وقال العواضي: "عن نفسي غير راضٍ بهذا الوضع، فكوب الشاي اليوم بمبلغ 200 ريال، بما يعادل وجبة الإفطار أو العشاء، وهذا ظلم فاحش بحق المرضى، ولكن الأمر ليس بيدي ولقد طرقت أبواب جهات الاختصاص بزيادة المخصص، ولا حياة لمن تنادي، وعلى المرضى والمرافقين والممرضين معرفة هذه الحقيقة وعدم تحميلي أي مسؤولية فيما يحدث للتغذية داخل المستشفى".

تنوع التغذية سابقاً  

ورداً على سؤال "الأمناء" أكد المقاول أن التغذية قبل عام 2018 كانت أفضل ومتنوعة صحياً، حيث كانت وجبة الفطور والعشاء عبارة عن روتي وطحينية وجبن وبيض وفاصوليا، بينما وجبة الغداء متنوعة خلال الأسبوع ما بين أرز ودجاج وسمك وعطرية وسلطة، وقال لهذا لا نقدر اليوم توفير مثل هذه التغذية للأسباب المذكورة، فمثلاً كان سابقاً قيمة 10 كرتون دجاج بمبلغ 195 ألف ريال يمني، الآن يتجاوز سعرها مبلغ 350 ألف ريال يمني.

أعذار واهية

واضاف المقاول: "عدم قيام جهات الاختصاص بزيادة المخصص نتيجة لأعذار واهية أوجد وضعاً متدهوراً في التغذية داخل المستشفى، ومن تلك الأعذار عدم وجود ميزانية أو إضافة مالية للمخصص المعتمد من عام 2018، ولقد فضلت جهات الاختصاص الصمت مع الإبقاء على وضع التغذية بهذا الشكل من عام 2018 وإلى اليوم".

التغذية بكشوفات

وعن كيفية التعامل في إعداد وتوزيع الوجبات قال العواضي: "نستلم كشوفات من الأقسام بشكل يومي وبموجب ذلك يقوم الإخوة في المطبخ بإعداد الوجبات، أضف إلى وجبات أخرى للممرضين والحراسة الأمنية وقسم البحث في المستشفى، وأيضاً صرف وجبات لآخرين من الموظفين بشكل غير منتظم وبموجب أوامر إدارية، فنحن ملزمون بتوفير التغذية للمرضى في جميع الأقسام ولمن ورد ذكره. وعن قسم العزل قال المقاول: "في بداية الافتتاح قمنا بتزويد القسم بالتغذية لمدة 40 يوما فقط ".

مطالب مشروعة

وعن مطالب المقاول قال: "نناشد المحافظ ومدير مكتب الصحة والمالية بسرعة النظر بعين الاعتبار إلى مخصص التغذية وزيادة المخصص حتى نتمكن من توفير تغذية متنوعة وصحية للمرضى، كما نناشد المنظمات التدخل ولو بتوفير مؤقت لتغذية جاهزة للمرضى أو للممرضي النوبات، وإلى أن يتم زيادة المخصص المالي".

استياء عام

استياء عام داخل المستشفى وخارجه مما هو حاصل بنظام التغذية غير الصحية وغير الكافية للمرضى، فخلال زيارة "الأمناء" للمستشفى عبّر كثير من المرضى عن الاستياء والرفض لنوعية التغذية كونها لا تحمل مواصفات صحية أو نكهة ذات مذاق فاتح للشهية وتكرارها يومياً، وقال أحد المرضى إن تغذية المساجين قد تكون أفضل من تغذية المرضى في المستشفى!

أين دور المنظمات؟

مرافقون وموظفون قالوا لـ "الأمناء": "يومياً نشاهد سيارات وموظفي المنظمات في فناء المستشفى وكأنه المركز الرئيسي للمنظمات، ومع ذلك يفتقر المستشفى للأدوية والمستلزمات الطبية والتغذية وغير ذلك، وللأسف تواجد المنظمات لإقامة ورش ودورات للآخرين في قاعات المستشفى، وجميعها أعمال قرطاسية لا أثر لها على المجتمع، ولا يلتفتوا بنظرة إنسانية إلى ما يعانيه المستشفى، ومن أبرز ذلك تغذية المرضى، فأين عمل المنظمات الإنساني والإغاثي بداخل المستشفى؟".

900 ريال في اليوم جريمة!

وسخر مواطنون من إجمالي قيمة الثلاث الوجبات اليومية للمريض في ابن خلدون بمبلغ 900 ريال يمني، معتبرين ذلك بمثابة جريمة بحق المرضى، ومجاعة كبيرة وعاملا مساعدا في تأخر شفاء المرضى، على اعتبارها تغذية غير صحية ولا تتناسب طبياً مع حالات المرضى المختلفة في المستشفى.

مناشدات عاجلة

وعبر "الأمناء" ناشد عدد من المرضى والمرافقين وزير الصحة ومنظمة الصحة العالمية والمنظمات الإنسانية التدخل العاجل بدعم التغذية داخل المستشفى، طالما جهات الاختصاص بلحج رافضة زيادة المخصص المالي للتغذية منذ عام 2018 وإلى اليوم.

ين المحافظ؟

"الأمناء" خلال الزيارة استمعت إلى تساؤلات عديدة، من أبرزها: هل يعلم محافظ محافظة لحج والذي يولي اهتمامًا كبيرًا بمستشفى ابن خلدون من خلال دعمه المستمر للمستشفى معنوياً ومالياً، على أن مبلغ 900 ريال يمني هو قيمة الثلاث الوجبات اليومية للمريض داخل المستشفى؟ وإذا كان لا يعلم فما هو موقفه من هذا الوضع الذي يستنكر حدوثه عامة الناس داخل المستشفى؟

ونترك الإجابة للمرضى من خلال زيارة قادمة في حال إذا وجد تحسن فعلي في التغذية وبأمر من المحافظ أو غيره، كواجب إنساني من قيادات السلطة للمرضى وعلى اعتباره حقًا مشروعًا من حقوق المرضى في الحصول على غذاء صحي وبجودة أفضل.