آخر تحديث :الاثنين 24 فبراير 2025 - الساعة:11:48:47
وداعا " جواس " في زمن تعثر عنده العبور
(الأمناء نت /د. محمد الزعوري)

ما للدموع من مآق لتجري عليها ، وما للحزن من مكان يتسع ليحتوي غصص الفؤاد .. وما من جغرافيا ينتسب إليها هذا الإرهاب المتوحش .. فكل شيء صار هلاما يتسع ويتمدد  في فضاء النهايات المرسلة بالفناء والدمار وما زلنا نترقّب  .. 

هنا فقط يتوقف الزمن وتفشل عقارب الساعة عن الدوران ، ويتمزق السكون ومضا يسابق الضوء فتنحني أمامه أنظمة الكون وتتلاشى في اتون ثقب أسود لايشبع من الأشلاء والدماء المسفوكة على قارعة الطرق .. 

زمن تعثر عنده العبور .. وتوقف مُكرهاً عند ضجيج البارود المنفلت ، ليعلن عن تراجيديا اللحظة الماكرة بمشاهد  مريبة تسترجع مآثر لم تكن في شاشة العرض حينما تخلفت تفاصيل البث عن الوصول الى المنابر  وقنوات التراسل المتحيزة .

تلك هي الفاجعة التي كنا ننتظرها .. لكنها مرت عنوة على أشلاء العظماء .. ونثرت من ذوائبها الماكرة رذاذا من بكاء المراياء وحنين المدائن المنهكة ومضت مثقلة بالزهو الفاجر الحقير ..

لحظة أرّخت لنهاية قصة خالدة لبطل لم تنجب الأمهات له مثيل ، ويقينا نعلم الآن إن الفارس ترجل من على صهوة جوادة مودّعا وطنا وشعبا كان لهم حصنا لاينكسر .. ترجل تاركا خلفه تاريخا حيّاً بالمآثر .. وعشقا منثورا في ثرى الجبال السُمر بادلته الوفاء  فشربت من روحه الكثير لكنه ما تخلف عن الركب  .. قصة كُتبت سطورها بصبيب الرصاص المنهمر وما ترجّل لولا الغدر وإرهاب المسوخ وقهر الرجال . 

 لحظة صادمة مرت من هنا كلصٍ يعسُّ في ليلٍ داجي على أطراف أصابعه .. مخلفة ورائها بحرا هائلا من القهر يمزق النفوس .. 

 نم قرير العين " جواس " أنت ورفاقك .. فقد أحييت فينا الكبرياء ، وأشعلت ثورة الكرامة لتقتلع شذاذ الآفاق أينما كانوا فغداً لناظرة قريب ، فلم يحن الوقت للرثاء بعد .. وإن تملكنا الحزن وجفت المآق من الدموع ، وتشبثت في حنايا النفس الكالحة غصة  مجنونة لاتتوقف، فلن نبرح المكان حتى ننتصر ونرفع راية المجد في كل شبر من أرضنا السليبة .. والله غالب على أمره.




شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل