آخر تحديث :الاربعاء 28 مايو 2025 - الساعة:15:08:25
قراءة تاريخية في كتاب (بهجة الزمن في تاريخ وتراجم أعلام لحج وعدن)
("الأمناء" تقرير/ عبدالقوي العزيبي:)

تفاصيل الحكم الإمامي الشمالي واحتلاله لمدن الجنوب (عدن ولحج)

يشهد التاريخ على استمرارية أطماع الشمال وشن معارك لاحتلال الجنوب منذ أكثر من (300) عام

معظم تاريخ الجنوب شهد سفكًا للدماء بإيعاز من الشمال لأطماعه بأرض الجنوب

 

"الأمناء" تقرير/ عبدالقوي العزيبي:

لا تزال العقلية والنظرة الشمالية الاستعمارية مستمرة بالعدائية القتالية لشعب الجنوب منذ سنة 1139هـ وإلى اليوم من سنة 1443هـ، أي أكثر من 300 سنة، ولا يزال الشمال متآمراً على احتلال الجنوب - أرضا وإنسانا - والسعي لغرض السيطرة على خيراته وتسخيرها لمصالحهم وكأن الجنوب بنظر عيون الشمال مجرد غنيمة.

وعند قراءة التاريخ نجده خير شاهد على وقائع تاريخية تخلد سفك الدماء الجنوبية من قبل الحكام الشماليين للسيطرة على الجنوب وإخضاعه لحكمهم ذات النكهة العثمانية الفاسدة والإمامية الكهنوتية، والتي كان آخر حروبهم على الجنوب عام 2015م، وهي الحرب التي لم تتوقف حتى اليوم.

 

أطماع الشمال لا تتوقف

ومن خلال قراءة وقائع تاريخية من (كتاب بهجة الزمن في تاريخ وتراجم أعلام لحج وعدن) لمؤلفه/ هاني كرد، نجد هذه الحقيقة التي لا يستطيع أن يتجاوزها أو يتنكر منها التاريخ، فقد أشار المؤلف كرد في كتابه إلى أن الدولة القاسمية حكمت لحج وعدن تقريباً 38 عاما من 1054 وإلى 1092هـ، وهي فترة توالي أئمة اليمن حكمهم على عدن ولحج من خلال إعلان الحروب على أهالي الجنوب والسيطرة على المدن وقتل شعبها ونهب الخيرات.

وذكر المؤلف في سنة 1139هـ عام 1727م، تربع الإمام المنصور الحسين بن القاسم بن الحسين بن أحمد بن الحسن بن القاسم على عرش اليمن، واستولى أخوه أحمد على عدن ولحج من خلال مناوشات ومعارك حتى سنة 1145هـ حين انسحبت العساكر الإمامية من لحج وعدن.

 

السلامي.. شيخ لحج وعدن

وأضاف كرد: "حيث كانت العادة قد جرت على تعيين شيخ في لحج ليساعد نائب الإمام في النظر بشئون الرعايا ويكون بمثابة ضابط اتصال بين الحكام والرعايا، ومن قرية المجحفة كان اختيار الشيخ علي بن عبدالله بن سلام بن علي السلامي شيخاً على لحج، وخلال تولي الشيخ السلامي لم يعجبه تصرفات نواب الأئمة والتي كانت مدعاة للسخط، وحين رأى الشيخ السلامي قسوة نائب الإمام وتعاليه لم يُخفِ نقمته على الأوضاع الشاذة، إلا أن نائب الإمام غضب من الشيخ السلامي وحاول إزاحته عن منصب المشيخة وتعيين بديل عنه، ولكنه فشل في مسعاه نظراً لتعلق الأهالي بشيخهم والذي كان متجاوبا مع مشاعرهم، فما كان من نائب الإمام إلا أن تآمر على الشيخ السلامي والذي لم يلبث أن ذهب قتيلاً، وبعد قتل الشيخ علي السلامي أدرك آل سلام أن شيخ لحج ذهب ضحية غدر نائب الإمام المنصور بالله الحسن بن القاسم بن الحسين بن أحمد بن الحسن بن القاسم، فكان مقتل السلامي هو الشرارة التي أشعلت نيران الحقد الكامن في النفوس، والتف الأهالي حول الشيخ فضل بن علي بن صلاح بن علي السلامي، والذي هو أصلاً من المجحفة واختاروه شيخاً لهم بدلاً عن الشيخ المرحوم علي السلامي".

 

عامل الإمام وسفك الدماء

واعتبر كرد أن عامل الإمام حينما رأى سخط الناس وعضبهم أدرك أن قتل الشيخ علي بن عبدالله السلامي كان خطأً كبيرًا وفاحشاً، فحاول أن يداري الخطأ فأقر تعيين الشيخ فضل بن علي بن صلاح السلامي شيخاً على لحج.

وأضاف: "كان الشيخ فضل السلامي ذكياً في تصرفاته فقد كان يرى البلاد المجاورة لحكم مشيخة لحج تحت قيادة سلاطين وأمراء مستقلين عن سيطرة اليمن، وكان طموحاً بالانفراد بالأمر وتعيين نفسه حاكماً على لحج، ولقد كانت السلطنات والإمارات المجاورة في ذروتها على الحكم الإمامي، والذي أخذ يضعف ويتضاءل وينكمش".

 

السلامي والانقضاض على الإمام

ويقول كرد: "لقد استغل الشيخ السلامي فورة الغضب التي عصفت في نفوس أهالي لحج وأراد أن يحقق أملين في وقت واحد وهما: الخلاص من الحكم الإمامي والانفراد بالسلطة، فبدأ الشيخ فضل السلامي مساعيه بمحالفة جاره السلطان سيف بن قحطان بن معوضة بن محمد بن عفيف سلطان يافع السفلى، وتم الاتفاق فيما بينهما على أن يستلم السلطان سيف العفيفي نصف مدخول عدن سنوياً مقابل مساعدته الشيخ فضل السلامي على الخلاص من حكم الإمام، وبموجب هذا التحالف أعلن الشيخ السلامي عداءه السافر لحكم الإمام ونائبه وانفصاله عن السيطرة الإمامية، وأسوةً بجيرانه أهالي يافع السفلى والعليا والعوالق والضالع والبيضاء وأبين، والذين تم لهم الفوز وانفصلوا عن نفوذ الإمام، وبدأ الشيخ السلامي بتحركاته وكان من التحركات الأساسية الانقضاض على والي الإمام في لحج".

 

استيلاء السلامي على لحج وعدن

كما ورد عن المؤلف كرد بما ذكره السيد شرف الدين حسين بن حسين بن صالح الأهنومي الرسى في كتابه (البراهين المضيئة في السيرة المنصورية)، وأيضاً كما نقله حمزة لقمان حيث ورد في كتاب كرد (وفي شهر ذي القعدة سنة 1144هـ، حصل الغدر من العبدلي فدخل مع جماعته على العامل المتساهل وباشروه بضرب السيوف ولم يكن معه شيء من السلاح حتى الجنبية، ثم إن العبدلي توجه إلى عدن فوجد عاملها هو وجماعته خارج عدن، وكان بينهم وبين العامل موعدا للالتقاء، فلم يشعر العامل إلا وهم يخبطونه بالسيوف حتى برد وكل من عنده شرد، واستولى الشيخ فضل السلامي على بندر عدن وعلى لحج، ولما وصلت تلك الأنباء إلى اليمن اغتاظ المنصور وجهز جيشاً من همدان بقيادة الأمير سنبل الصادق، وكتب الإمام إلى أخيه أحمد بن القاسم يأمره بأن يجهز جيشاً لمساعدة الأمير سنبل فجهز الأمير500 من رجال قبائل حاشد وبكيل).

 

زحف جيش الإمام على لحج

وبعد أن جهز إمام الشمال الجيش اليمني الإمامي زحف هذا الجيش للسيطرة واحتلال لحج في صفر سنة 1144هـ، ووقعت الحرب بين عسكر الإمام ورجال الشيخ فضل السلامي، والذي وجد أنه لا قِبل له في الاستمرارية في القتال فاستسلم الشيخ السلامي، وسلم لحج وعدن للأمير سنبل الصادق.




شارك برأيك
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل