آخر تحديث :الاحد 22 ديسمبر 2024 - الساعة:21:43:33
صحف عربية: تونس تبدأ عشرية جديدة في ظل تحديات جمة
(الامناء/وكالات:)

تبدأ تونس عشرية جديدة في ظل منظومة سياسية تواجه تحديات كبيرة على كافة الصعد.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الخميس، يواجه الرئيس التونسي قيس سعيد والحكومة الجديدة تحديات لا يقل شأنها عن تحدي ما بعد 2011، ففي حال لم تؤد الإجراءات والتغييرات إلى تيسير حراك اجتماعي حقيقي تستفيد منه معظم شرائح الشعب التونسي، سيطيح مستوى الإحباط بأي مشروع سياسي يمكن أن يُطرح على المواطن التونسي.
مرحلة انتقالية
يقول أسامة رمضاني في صحيفة النهار اللبنانية "من الإجحاف الزعم أن لا تغيير حصل منذ الموجة الاحتجاجية العارمة التي أطاحت النظام السابق سنة 2011، فمن الأكيد أن تونس خرجت من منظومة سياسية مبنية على مركزية القرار وسلطوية الحكم، ودخلت مرحلة جديدة مبنية على تنظيم جديد لا يعطي السطوة لسلطة واحدة، ولكنه كان يجعل الكلمة الفصل فعلياً للبرلمان الذي أقل ما يقال فيه إنه فشل في رهان قيادة البلاد إلى بر السلام".
ويضيف "ضاعت الأولويات بسبب قصر نظر أصحاب القرار والماسكين بالسلطة، وكانت الخيبة الكبرى ليس فقط على صعيد الانتقال السياسي، بل على صعيد المسارات الانتقالية الأخرى الموازية للمسار السياسي، إذ لم يحدث الانتقال الاقتصادي والاجتماعي الكفيل بخلق ما يكفي من الثروة والإنتاج ومن مواطن الشغل التي تستجيب لطلبات الشباب العاطل من العمل، وتطلعات بقية شرائح المجتمع إلى مستوى معيشة أفضل".
ويوضح أن اهتمام الطبقة السياسية سواء منها النخبة الحاكمة أم الفئات المعارضة، لا يزال مركزاً على مكانها في منظومة الحكم وعلى الشكل الذي يجب أن تأخذه هذه المنظومة، حيث يرى الرئيس قيس سعيد وأنصاره أن المنظومة السياسية السابقة قد فشلت وحان الوقت لاستنباط بديل لها قبل الانطلاق في الإصلاحات الجوهرية اللازمة، فيما يرى الصف المقابل أن الحل في العودة بسرعة إلى المسار البرلماني واجتناب ما يراه خطر تجميع السلطات في يد واحدة.
ويردف الكاتب "قد لا يكون هناك حل سوى الرجوع إلى الشعب، سواء عن طريق الاستفتاء أم تنظيم انتخابات أم كليهما، والأمل فقط في أن لا تطول مدة الحسم حتى تنكبّ البلاد على أولوياتها المرجأة، وحتى لا يملّ الناس أصوات خبراء القانون والمحللين السياسيين وهم يؤوّلون فصول الدستور فيما تتفاقم الأوضاع".
ويتابع "الرهان اليوم أن تشكل التحديات المطروحة أولويات المرحلة لأصحاب السلطة خلال السنوات المقبلة، قد تكون هناك شروط ظرفية لا بد من استيفائها قبل البدء في مرحلة البناء، بما في ذلك استخلاص الدروس من التجارب السابقة، لكن الأهم هو الانطلاق في أقرب الآجال نحو إنجاز مختلف المسارات الانتقالية المترابطة، على أساس الأولويات التي تفرض نفسها بإلحاح بالنسبة إلى الفترة المقبلة".
100 يوم على الإصلاح
ومن جهتها، ترى أوساط سياسية مطلعة في صحيفة البيان أنّ الفترة المقبلة في تونس ستكون حاسمة باتجاه تنفيذ خارطة طريق الإصلاح السياسي، على ضوء ما سيفرزه الحوار الوطني المقرّر إجراؤه بين فئات الشعب، لاسيّما الشباب، وسيُبعد منه المفسدون.
وتقول "فيما تتولى حكومة نجلاء بودن، فتح الملفات المعقدة بشكل جديد في إدارتها عبر التنسيق المباشر بين الوزارات، لاسيما فيما يتصل بمحاربة الفساد، ومحاصرة شبكاته، والبحث عن موارد مالية للخزينة العامة بهدف تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة، يقود الرئيس سعيد حملته للتعجيل بفرض التحولات التي يهدف من ورائها لتغيير ملامح الواقع، من خلال حرصه على تفعيل مؤسسات الدولة خاصة الأمن والقضاء وأجهزة الرقابة والدبلوماسية الاقتصادية، بما يساعده على توفير آليات التأسيس للمرحلة القادمة".
ووفق تقرير الصحيفة "يعيش الإخوان في تونس نهاية لم تخطر على بالهم حتى في أسوأ الكوابيس، إذ تتم حركة اجتثاث عميق ولو كان بطيئاً لتيار الإخوان من مؤسّسات الدولة، وذلك بقطع الطريق أمام كل مخططات التمكين القائمة منذ 10 سنوات، وتحويل حركة النهضة لكيان معزول سياسياً واجتماعياً ومتصدع من داخله وفاقد للأمل في استعادة النفوذ".
وبحسب مراقبين للصحيفة، فإنّ حركة النهضة اختارت القبول بالأمر الواقع بعد تأكدها من أنّ التيار الإصلاحي يتجاوز قدرتها على الوقوف أمام تدفقاته الهائلة، لاسيما في ظل اتساع دائرة التأييد الشعبي للرئيس سعيد، وتراجعها عن دعوات سابقة لتأليب الشارع، فضلاً عن مخاوفها الجدية من إصدار أحكام قضائية ضد قائماتها المنتخبة في البرلمان المعلق.
وأشاروا إلى أنّ العام المقبل سيكون حافلاً بالأحداث السياسية الكبرى، ومنها الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والقانون الانتخابي الجديد، والإعلان عن اعتماد نظام سياسي جديد، والاتجاه نحو انتخابات برلمانية وبلدية مبكّرة، لافتين إلى أنّ النظام السياسي المعتمد قبل 25 يوليو(تموز) الماضي، ذهب إلى غير رجعة، وأن المنظومة السياسية التي حكمت البلاد خلال 10 سنوات انتهت ولم يعد لها أي أثر في الشارع.
إصلاحات جذرية
وبدوره، قال مختار الدبابي في صحيفة العرب اللندنية "يخصّص الرئيس التونسي قيس سعيّد جل وقته لقضايا السياسة والسياسيين، ويريد أن يفتح ملفات حيوية داخل قطاعات فعالة مثل القضاء، هذا مهمّ ولكنه ليس كل المطلوب، فالشارع الذي انتفض يوم 25 يوليو(تموز) الماضي ضد حكومة هشام المشيشي وطالب بمحاسبة الحزب الرئيسي المسيطر عليها، أي حركة النهضة، رفع شعارات رئيسية تخص الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وهو الملف الذي فشلت فيه كل حكومات ما بعد الثورة".
وأضاف "إذا كانت حكومة المشيشي والحكومة التي قبلها التي رأسها إلياس الفخفاخ قد برّرت إغفال هذا الملف بسبب وباء كورونا، فإن تراجعه سيكون فرصة وتحدّياً للرئيس وحكومته وإصلاحاته".
وأوضح "صحيح أن الناس لا تزال تتفهم بعد مئة يوم على إجراءات 25 يوليو(تموز) الماضي، أن التركة كبيرة وأن الفساد يغطي على كل شيء في مؤسسات الدولة، لكن الوقت يغيّر النفوس، وخاصة لدى الفئات الفقيرة التي اتسعت دائرتها سواء في المدن أو في الأرياف".
ولفت الكاتب إلى أنه من الضروري أن توجد دائرة في الدولة مهتمة بالملف الاقتصادي والاجتماعي، والأمر هنا بالتأكيد لا يعني المتابعة الشخصية وإقرار مساعدات ظرفية للفئات الضعيفة، فهذا إجراء غير فعال من ناحية أنه يرهق كاهل الدولة إنْ تحوّل إلى تقليد في كل مناسبة دينية، ومن ناحية فهو لا يحل مشاكل الفئات الضعيفة التي تحتاج إلى حلول دائمة، فضلاً عن أن الإجراء لا يستطيع أن يصل إلى كل الناس المستحقة، فدائرة الفقر تتوسع بشكل مستمر في ظل ارتفاع الأسعار وعجز إجراءات الدعم الحكومية عن سدّ هذه الفجوة.
وتابع "من واجب الحكومة أن تخرج للناس وتقدم المعطيات الدقيقة حول ميزانية الدولة ومدى قدرتها على إخراج البلاد من الأزمة، وتضع أهدافاً بمدى قريب ومتوسط وبعيد حتى يكون الناس على بيّنة من مستقبلهم وحتى لا ينقلبوا عليها بشكل سريع ويصنفوها مثل الحكومات التي سبقتها كحكومة عاجزة".
واختتم مقاله بالقول "الصدمة التي كانت مطلوبة لإسقاط المنظومة السابقة قد حصلت، والآن من المهم أن تخبر الحكومة التونسيين بكل التفاصيل حتى يضعوا أقدامهم على الأرض، فتونس في وضع صعب ولا تستطيع أن تستدين من المؤسسات الدولية المانحة بسهولة، وهي بحاجة إلى إصلاحات جذرية وعاجلة لتسوية وضعها".




شارك برأيك