آخر تحديث :الثلاثاء 19 مارس 2024 - الساعة:04:47:00
اتهامات للحوثيين بالوقوف خلف الاغتيالات لإحداث فتنة بين الجنوبيين..
صحيفة بريطانية : المناطق اليمنية المحررة تدفع ثمن الفراغ الأمني بموجة من الاغتيالات السياسية
(الامناء/العرب:)

وصف مراقبون موجة الاغتيالات التي ضربت المحافظات اليمنية المحررة وكان آخرها اغتيال القيادي البارز في حزب الإصلاح بتعز ضياء الحق الأهدل بأنها انعكاس لحالة الفوضى الأمنية في المحافظات التي تسيطر عليها الشرعية، وتعبير عن الفشل في إدارة الملف الأمني.

 ولفت هؤلاء المراقبون إلى أن هذه الاغتيالات تمثل أيضا تقاطعا لمصالح قوى محلية وإقليمية ترغب في نقل أدوات الصراع إلى جنوب اليمن مع تحقيق الميليشيات الحوثية تقدما عسكريا في محافظة مأرب آخر معاقل الحكومة الشرعية في شمال اليمن.

وشهدت الفترة الأخيرة سلسلة من عمليات الاغتيال، طالت القائد البارز في مقاومة البيضاء أبوموسى المشدلي الذي قتل نتيجة زرع عبوة ناسفة في سيارته في مدينة عدن، كما نجا محافظ عدن أحمد حامد لملس من عملية اغتيال بسيارة ملغمة استهدفت موكبه وأسفرت عن مقتل أربعة من مرافقيه.

وتباينت التفسيرات المطروحة حول الطرف الذي يقف خلف الاغتيالات، مع توجيه الأطراف المناوئة للحوثيين أصابع الاتهام إلى بعضها بعضا، في الوقت الذي يؤكد فيه مراقبون للشأن اليمني أن الجماعة الحوثية التي تبسط نفوذها الاستخباري على كافة مساحة اليمن هي المستفيد الأول من هذه العمليات من العديد من النواحي، من بينها التخلص من شخصيات سياسية وعسكرية مناوئة لها، وتحويل هذه العمليات إلى مادة للتوتر السياسي والإعلامي داخل معسكر المناهضين للانقلاب.

وأشارت مصادر مطلعة لـ”العرب” إلى أن الجماعة الحوثية هي الطرف اليمني الوحيد الذي يمتلك الإدارة الأمنية والأدوات الاستخبارية القادرة على تصفية خصومها، في ظل الفراغ الاستخباري وغياب أيّ دور ملموس في هذا الجانب للأجهزة التابعة للحكومة المعترف بها دوليا.

وحول الطرف المستفيد من الاغتيالات الأخيرة أشار الباحث العسكري اليمني وضاح العوبلي إلى وجود اختراق حوثي لمناطق الشرعية عبر عناصر تم تجنيدها تسعى لتنفيذ أجندات الجماعة المدعومة من إيران عبر تنفيذ عمليات تصب في اتجاه تأجيج الخلافات في المناطق المحررة، وإيجاد فتنة مناطقية بين الجنوبيين كما حدث مثلا عند محاولة اغتيال محافظ عدن بهدف استخدام هذا الحادث في إعادة تأجيج الصراع الجنوبي وإحيائه وتنشيطه.

وعن تفسيره لدوافع حادثة اغتيال الأهدل الذي قتل بعد خروجه من منزله في تعز أضاف العوبلي “في تعز يبدو أن التقاربات الأخيرة بين المقاومة الوطنية ومحور تعز قد أزعجت الحوثي بشدة، لهذا بدأ بالبحث عن أيّ نقاط ضعف لإفشال هذه التوافقات لأنه يدرك خطر وحدة الأطراف الوطنية وانسجامها عليه، ولهذا كان لا بد من أن يدبر عملية تستهدف في بعدها السياسي فتح ثغرات لإعادة الفرقة والشتات بين المكونات الوطنية وهو ما ترجمته حادثة اغتيال ضياء الحق الأهدل في تعز، لكننا نراهن على الوعي الوطني لإفشال مخطط الحوثي الذي يسعى من خلاله لجر الأطراف الوطنية إلى دائرة الصراع الإعلامي والأمني من جديد وخاصة بين محور تعز والساحل وإعلاميي الجانبين ونشطائهما”.

ويعتبر مراقبون أن إهمال القوى اليمنية المناهضة للحوثي البعد الاستخباري في المعركة ساهم في ترك فراغ أمني هائل في المناطق المحررة، وهو ما سعى الحوثيون منذ وقت مبكر لملئه عبر عمليات تجنيد واسعة ظهرت نتائجها من خلال الفوضى الأمنية التي ضربت المحافظات المحررة وتزايد الاغتيالات التي تحقق عددا من الأهداف الحوثية من بينها تكريس صورة نمطية عن المناطق المحررة بأنها غارقة في حالة الانفلات الأمني في مقابل فرض الحوثيين قبضة أمنية شديدة على المناطق الخاضعة لسيطرتهم، إلى جانب تحقيق أهداف سياسية وعسكرية مباشرة وغير مباشرة من بينها تأجيج الخلافات بين الأطراف المناوئة للحوثي والتخلص من قيادات بارزة لعبت دورا محوريا في مواجهة الزحف الحوثي أو شكلت عائقا أمام مشروعه.

وعن قراءة لموجة الاغتيالات الأخيرة التي طالت شخصيات سياسية وعسكرية في المناطق المحررة أكد الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر في تصريح لـ”العرب” أن الاغتيالات الأخيرة التي تستهدف قيادات ميدانية تحارب الميليشيا الحوثية وبعض من لديه جهود في توحيد الصف الجمهوري لقتال الميليشيا الحوثية يديرها الحوثي، وربما بتواطؤ من قيادات لا تريد أن ترى توافقًا يمنيًا.

واعتبر الطاهر أن اغتيال ضياء الحق الأهدل في تعز لا يبتعد كثيرًا عن محاولة اغتيال محافظ عدن بداية هذا الشهر، وقبل ذلك اغتيال القائد في مقاومة البيضاء، فالبصمات تبدو واحدة، ما يؤكد وجود علاقة وثيقة بين الاغتيالات أو المحاولات، وبين ميليشيا الحوثي التي تستفيد من ذلك بطريقة أو بأخرى.

وتابع  “أعتقد أنها فشلت في عدن من خلال محاولة اغتيال المحافظ أحمد لملس، وكانت النتائج المتوقعة مخيبة لها، لكونها كانت تتوقع المزيد من انقسام طرفي اتفاق الرياض، أما في محافظة تعز فقد اختارت ضياء الحق وهو من الشخصيات القيادية لحزب الإصلاح الداعي لتوحيد الصفوف، وكان يصر على أن يتم إعلان التوافق نهاية أكتوبر الجاري بين محور تعز والمقاومة الوطنية”.

وكشف الطاهر عن وجود معارضة من قبل قيادات إصلاحية في تعز للتوجهات الأخيرة للأهدل “إلا أنه أصر على موقف استمرار التفاوض مع المقاومة الوطنية لتوحيد الجهود، وتكلل ذلك بفتح طريق الكدحة، واتفاقيات أخرى كان من المتوقع الإعلان عنها نهاية الشهر الجاري، ولأنه أصر على ذلك دفع حياته ثمنًا لذلك”.

وعن الأطراف المستفيدة من هذه العملية على وجه التحديد أضاف الطاهر “أصابع الاتهام توجه إلى الحوثيين وجناح معين من حزب الإصلاح الرافض لتوحيد الجهود السياسية والعسكرية لمواجهة المشروع الإيراني، وهم المستفيدون من عدم استكمال حوار التوافق، فالحوثي والجناح الإخواني المحسوب على قطر وتركيا لا يريدان مثل هذا التوافق، لأنه من شأنه أن يقوي الجبهة اليمنية، وقد يتكلل ذلك بتحرير محافظة تعز بشكل كامل، وهذا لا يريده الحوثي ولا المتاجرون بالحرب من الإخوان المسلمين”.



شارك برأيك