آخر تحديث :الاثنين 23 ديسمبر 2024 - الساعة:01:37:25
صحف عربية : بايدن على خطى ترامب..أمريكا أولاً
(الامناء/وكالات:)

أحدث إعلان أستراليا التراجع عن صفقة الغواصات الفرنسية والدخول في شراكة جديدة مع الولايات المتحدة، صدعاً في العلاقة بين أمريكا وحلفائها الأوروبيين، خاصة أنها جاءت بعد الجدل الذي رافق عملية الانسحاب الأمريكية من أفغانستان ودون تنسيق مع الأوروبيين ما أحدث فوضى كبيرة، وتسبب في انتقادات واسعة للولايات المتحدة وقادة بعض الدول الأوروبية.
وسلطت صحف عربية صادرة اليوم الأحد، الضوء على الأزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، حيث رأت في هذه الخطوة تعزيزاً للأسئلة المطروحة بشأن الخلل في العلاقة بين أمريكا الجديدة وحلفائها.
أزمة ثقة
وقالت صحيفة "العرب" إن فرنسا لا تخفي أنها لم تعد تثق بالولايات المتحدة، لتنضم بذلك إلى دول الخليج التي بدأت بدورها تبحث عن بناء تحالفات جديدة تكون قادرة على تعويض الدور الرئيسي الذي كانت تلعبه واشنطن صلب استراتيجية الأمن الخليجي.
وأضافت "فرنسا تكتشف كما اكتشف الخليجيون أن الولايات المتحدة، أيّا كان الرئيس الذي يقودها، تضع مصالحها وحساباتها كأولوية لها سواء راعت مصالح حلفائها أم لم تراعها، وأن فرنسا اكتشفت بشكل لا يدعو إلى الشك أن الإدارة الأمريكية الجديدة تستهدف مصالحها، وأن صفقة الغواصات ليست إلا واجهة لمعارك نفوذ أخرى خاصة في القارة الأفريقية".
وتابعت "من شأن هذا التوتر بين فرنسا والولايات المتحدة أن يدعم مساعي دول الخليج لبناء تحالف أوروبي – خليجي يكون قادراً على تحقيق مصلحة مشتركة تُوازن بين الأمني والاقتصادي".
اتساع الهوة
من جانبها قالت صحيفة "الخليج" في افتتاحيتها إنه من الواضح أن جدار التحالف الغربي بدأ يتهاوى، ولم يعد قادراً على الصمود، أو حتى على الترقيع بعد اتساع الهوة بين أطرافه في أوروبا والجانب الآخر من الأطلسي.
وأضافت "في حين كانت باريس تعتقد أن الرئيس بايدن سيسعى إلى تعزيز العلاقات بين ضفتي الأطلسي، بعدما سادها اضطراب وعدم ثقة طوال أربع سنوات من عهد ترامب، جاءت طريقة الانسحاب العسكري من أفغانستان، ومن ثم إعلان التحالف الثلاثي الجديد المفاجئ ليضعا مجمل التحالف الغربي في مهب الريح".
وتابعت "تبرير التحالف الجديد بأنه يهدف إلى مواجهة الطموحات الصينية، وأن الولايات المتحدة تعطي هذه المواجهة الأولوية على ما عداها، لم تبتلعه أوروبا التي باتت على يقين كامل بأن العلاقات معها لم تعد أولوية أمريكية".
وقالت إنه يبدو أن بايدن من خلال إعلان التحالف الجديد سعى إلى صرف الاهتمام بأسرع ما يمكن عن الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، والتركيز على مواجهة الصين سعياً لإثبات قوة الولايات المتحدة، كما أن "الصفعة" التي تلقتها فرنسا تعكس رداً أمريكياً على دعوات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المتكررة، والمدعوم من ألمانيا، لتشكيل جيش أوروبي بمعزل عن المظلة الأمريكية.
أمريكا أولاً
وقال الكاتب في صحيفة "أخبار الخليج" عبدالمنعم إبراهيم، إن "الخلاف‭ ‬المحتدم‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬حول‭ ‬الشراكة‭ ‬الأمنية‭ ‬الجديدة‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وأستراليا‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬وما‭ ‬أثاره‭ ‬من‭ ‬غضب‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬وفرنسا،‭ ‬يكشف‭ ‬جوانب‭ ‬أخرى‭ ‬ذات‭ ‬حساسية‭ ‬أوروبية‭ ‬للسياسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬تتصرف‬واشنطن‭ ‬بشكل‭ ‬فردي‭ ‬في‭ ‬مواضيع‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تخطر‭ ‬حلفاءها‭ ‬الأوروبيين‭ ‬بذلك،‭ ‬ما‭ ‬يخلق‭ ‬ارتباكا‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأوروبية‭ ‬للآثار‭ ‬المترتبة‭ ‬سلبا‭ ‬للقرارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأحادية‭ ‬الجانب، ولاحظنا‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح‭ ‬حين‭ ‬سرّعت‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬وتيرة‭ ‬انسحاب‭ ‬قواتها‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬لصالح‭ ‬سيطرة ‬طالبان‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬البلاد‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العاصمة‭ ‬كابول،‭ ‬ولم‭ ‬تسمح‭ ‬أمريكا‭ ‬حتى‭ ‬بتمديد‭ ‬وقت‭ ‬الانسحاب‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬31‭ ‬أغسطس (آب)‭ ‬الماضي.
وأضاف "لم‭ ‬يكد‭ ‬الحلفاء‭ ‬الأوروبيون‭ ‬يخرجون‭ ‬من‭ ‬أزمتهم‭ ‬حول‭ ‬الانسحاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬السريع‭ ‬والفوضوي‭ ‬من‭ ‬أفغانستان‭ ‬حتى‭ ‬وجدوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬أمام‭ ‬أزمة‭ ‬أخرى‭ ‬تسببت‭ ‬فيها‭ ‬أمريكا.
وتابع "لو‭ ‬تأملنا‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬حاليا‭ ‬لوجدنا‭ ‬أن‭ ‬الرئيس جو‭ ‬بايدن‭ ‬فعلا‭ ‬يطبق‭ ‬نفس‭ ‬توجهات‭ ‬سلفه‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬شعار‭ ‬أمريكا‭ ‬أولاً،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يعارض‭ ‬ذلك‭ ‬أثناء‭ ‬حملاته‭ ‬الانتخابية‭ ‬وحرص‭ ‬بعد‭ ‬فوزه‭ ‬على‭ ‬إصلاح‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬الحلفاء‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬وتأكيد‭ ‬دعمه‭ ‬لحلف ‬الناتو‭ ‬أيضا،‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬خيّب‭ ‬أمل‭ ‬الحلفاء‭ ‬سريعاً‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‬،‭ ‬وأيضا‭ ‬عقد‭ ‬الشراكة‭ ‬الأمنية‭ ‬مع‭ ‬بريطانيا‭ ‬وأستراليا،‭ ‬والتسبب‭ ‬في‭ ‬إلغاء‭ ‬صفقة‭ ‬الغواصات‭ ‬الفرنسية‭ ‬لأستراليا‭ ‬ذات‭ ‬الـ‭‬56‭ ‬مليار‭ ‬يورو، ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الأوروبيون‭ ‬عموماً‭ ‬يشكون‭ ‬من‭ ‬تصرفات ‬ترامب الأحادية،‭ ‬وها‭ ‬هم‭ ‬الآن‭ ‬يجدون‭ ‬الرئيس ‬بايدن ‬يمضي‭ ‬بنفس‭ ‬الطريق‭ ‬حاملاً‭ ‬شعار‭ ‬أمريكا‭ ‬أولاً.
طعنة في الظهر
وقالت الكاتب صحيفة "النهار" رندة تقي الدين إنه "رغم أن ترامب كانت تربطه علاقة متوترة مع معظم حلفاء أمريكا في أوروبا باستثناء البريطاني بوريس جونسون، لم تكن العلاقة الفرنسية - الأميركية سيئة، إذ استطاع ماكرون أن يبقي نوعاً ما على علاقة جيدة مع ترامب وبذل جهوداً كبرى لتخطي أسلوب نظيره الأمريكي، لأن فرنسا بحاجة إلى واشنطن، وأعرب ماكرون مراراً عن ضرورة بقاء القوات الأمريكية في التحالف في مالي حيث تحتاج القوات الفرنسية إلى تغطية جوية أمريكية كما في شمال سوريا، وهذا ما حصل في عهد ترامب الذي أعلن مرات عدة عن نيته الانسحاب من كل المنطقة".
وأضافت "أما الآن، ومع سحب صفقة غواصات فرنسية قيمتها 56 مليار يورو لأستراليا وإعلان بايدن عن صفقة بديلة أمريكية - بريطانية لغواصات بدفع نووي لأستراليا، شعرت باريس بالغضب والخيانة من حليفها الأمريكي، مع شيء من الذل، حتى أن لودريان استدعى سفيري فرنسا في الولايات المتحدة وأستراليا، وهي خطوة استثنائية مع الحليف الأمريكي ولكنها تحظى بتأييد شعبي".
وتابعت "اعتبرت فرنسا أن العقد الأمريكي مع أستراليا هو عقد هجومي على الصين، ففي نظر القيادة الفرنسية، تبدي إدارة بايدن اهتماماً بصراعها مع الصين أكثر من علاقتها مع حلفائها الأوروبيين، وبعدما مثّل وصول إدارة بايدن الى الرئاسة خبراً ساراً لماكرون بالنسبة لعودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية المناخ وإلى المفاوضات على الملف النووي الإيراني، ولكن سرعان ما غلبت الخيبة على العلاقة مع الحلفاء الأوروبيين".
وأشارت إلى أن إلغاء العقد الأسترالي تم تلقيه بمثابة صفعة للجانب الفرنسي، لأنه اتفاق بين حكومتين تم التفاوض عليه منذ عهد الرئيس السابق فرانسوا هولاند.
ولفتت إلى أن الأزمة الفرنسية الأمريكية عميقة، ولكن حتى الآن امتنع ماكرون من التعليق عليها تاركاً المهمة لوزرائه، مضيفة "ماكرون مدرك لأهمية العلاقة مع بايدن ولوزن فرنسا وأوروبا في أزمات العالم، لذا القطيعة مع الإدارة الأمريكية مستبعدة، ومن المتوقع أن يبادر الجانب الأمريكي لجعلها غيمة صيف مع فرنسا".




شارك برأيك