آخر تحديث :الاثنين 23 ديسمبر 2024 - الساعة:01:37:25
صحف عربية : مؤتمر بغداد يبحث مآسي المنطقة ويتناسى آلام العراق
(الامناء/وكالات:)

حقق مؤتمر بغداد للتعاون والمشاركة الذي عقد أمس بحضور عربي وإقليمي ودولي النتائج المرجوة منه على المستوى الإقليمي دون الخوض في تفاصيل الأزمة العراقية الراهنة، ودور الميليشيات الإيرانية التي تزاحم الجيش العراقي ورئيس الحكومة للتحكم بمصير البلاد وبدعم من إيران.
ووفق صحف عربية صادرة اليوم السبت، فإن القمة ربما تخدم أجندة الكاظمي في البقاء على رأس الحكومة في مرحلة قادمة، لكنها لم تخدم العراق بشكل واضح.
خطر الميليشيات
قالت صحيفة "العرب" اللندنية في تقرير لها، إن مؤتمر بغداد لم يخدم العراق بشكل واضح، مشيرين إلى أن المتحدثين في المؤتمر تجنبوا الإشارة إلى الأزمة الأمنية التي يعيشها العراق وخطر الميليشيات على علاقاته الخارجية، ونفوذ إيران المتزايد، والتدخل التركي في الشمال.
وأشار هؤلاء المراقبون إلى أن القمة لم تكن كما سعى الكاظمي لتسويقها كحدث لخدمة العراق بل لقاء بأجندة خارجية هادفة إلى إذابة الجليد بين إيران ومحيطها العربي برعاية من فرنسا التي تقدم نفسها كعرّاب لإخراج إيران من أزماتها في العراق ولبنان والتخفيف من حالة العداء الإقليمي لها، وهو ما يفسّر حضور الرئيس إيمانويل ماكرون كطرف وحيد من خارج المنطقة وحماسه للقمة وتحركاته اللافتة فيها.
وقالت مصادر عراقية متابعة، إن القمة من البداية كان الهدف منها هو إضفاء غطاء إقليمي على التقارب الإيراني – السعودي الذي شهد أولى لقاءاته في العاصمة العراقية بغداد، وهي أجندة تصب في صالح باريس وطهران بالدرجة الأولى واكتفى رئيس الوزراء العراقي بدور الواجهة، أي التحرك لعقد القمة ورعايتها.  وأرسل وزير الخارجية الإيراني إشارة إلى رغبة بلاده في دعم مسار التهدئة الإقليمية بقوله "نريد تحقيق السلام عبر الحوار والثقة المتبادلة لدول المنطقة، وتحقيق سياسة حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لتحقيق الأمن المستدام والتنمية المستدامة".
عودة العراق
يقول الكاتب السياسي إياد أبو شقرا في مقال له بصحيفة "الشرق الأوسط"، اليوم، مع قمة بغداد، أو "مؤتمر بغداد للتعاون والمشاركة"، يتطلّع العراق، بدعم دولي إلى استعادة المكانة التي تليق به عربياً وإقليمياً. غير أن القوى الدولية الداعمة - على ما يبدو - ما زالت راغبة في تجهيل الفاعل لدى البحث عما يحتاج إليه العراق في مرحلة العودة إلى مكانته المستحقة. وكحال التعامل مع الحالتين السورية واللبنانية – بل واليمنية أيضاً – لا يظهر أن ثمة رغبة في تسمية الأشياء بأسمائها... لا عند الولايات المتحدة المستعجلة على سحب قواتها من العراق رغم ما حدث في أفغانستان، ولا بالنسبة لفرنسا التي يشارك رئيسها إيمانويل ماكرون شخصياً في القمة.
ويضيف أبو شقرا، الحقيقة أنه لا علاجات سحرية من دون تحديد سبب العلة، ولا شفاء يُرتجىَ من الحلول المُجتزأة وتجهيل الفاعل والسير قُدماً بتجارب "انتخابية"... وكأن الديمقراطية الحقيقية يمكن أن تتحقق عبر اقتراع يُجرى في ظل هيمنة سلاح ميليشياوي ذي ولاء خارجي. من ناحية ثانية، إيجابية هذه المرة، يؤمل أن تشكل القمة بالفعل مناسبة لتخفيف التوترات العربية. وهذا أمر مطلوب وضروري لاحتواء الاستغلال الخارجي المتفاقم في المنطقة، وسط طموحات "المثلث" غير العربي (إيران وإسرائيل وتركيا) الذي تسعى القوى الكبرى كل لحساباتها الخاصة إلى استرضائه في كل مناسبة.
قمة مهمة
يصف الكاتب السياسي ماهر أبو طير في مقال له بصحيفة "الغد" الأردنية، رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بالسياسي الفريد من نوعه في العراق والعالم العربي، إذ شهدت بغداد في فترة رئاسته، تحركات عربية وإقليمية، تعيد للعراق موقعه الإقليمي الأساس، على مستوى القمم الثلاثية الأردنية العراقية المصرية، وقمة جوار العراق.
ويضيف أبو طير، أنه برغم أن قمة بغداد يوم أمس جمعت الأضداد، من دول الجوار، في بغداد، إلا أنها كانت قمة مهمة، لاعتبارات كثيرة، تتجاوز بكثير الصراعات الداخلية في العراق، والتغول الإقليمي على هذا البلد، والإشكالات المرتبطة بحالة الاحتقان الداخلية، والفساد، وقرب موعد الانتخابات البرلمانية الشهر المقبل، وهي انتخابات إذا جرت في موعدها سوف ترسم خريطة العراق.
وقال الكاتب، ما هو أكثر أهمية هنا، يرتبط بعدة نقاط، أولها أن العراق الذي تمكن من جمع كل هذه الأطراف، معاً، جمع أولاً إيران وخصومها، في موقع واحد، وثانيها أن العراق يسترد مكانته الإقليمية برغم ظروفه الداخلية الصعبة، وثالثها، أن القمة قد توطئ لتحسن علاقات بعض الدول العربية، مع تركيا، أو إيران، ورابعها أن توقيت القمة يأتي حساسا للغاية، وله تأثيرات داخل العراق على المستوى المحلي، ويؤثر على تنافس أطراف كثيرة، وخامسها، أن ملف سوريا، ما يزال معلقاً، ولم تتمكن بغداد من دعوة السوريين، لاعتبارات مختلفة، وهذا الوضع قد يدفع باتجاه معالجة متأخرة للملف السوري، وسادسها، أن المنطقة العربية-الإقليمية يجب أن تعيد كل حساباتها التي باتت ثقيلة جداً، وتؤثر على الأتراك إلى حدود حمراء لا يتم تخطيها في العالم العربي، إذا أريد ترتيب كل أوراق المنطقة بشكل طبيعي.
وأضاف قائلاً، إن ما بعد قمة بغداد، أو قمة جوار العراق، أهم أيضاً، من ذات القمة، إذ إن القمة قد تكون فتحت بوابات للتهدئة في الإقليم، إذا قررت أطراف كثيرة في المنطقة، استثمارها من أجل البناء عليها لاحقاً، وعدم الخروج منها بعد انتهاء أعمالها، وكأن شيئاً لم يحدث في العراق.
محطة أولى
صحيفة "أخبار الخليج" قالت في كلمة لها، إن مؤتمر بغداد، ربما يكون محطة أولى لوضع خريطة جديدة لدول المنطقة ترسمها تفاهمات مشتركة تتعلق بالأمن والاقتصاد، وتتأسس على الإنجازات التي تحققت في الحرب على الإرهاب. والعراق الذي كان ساحة المعركة الرئيسية ضد تنظيم داعش الإرهابي، ها هو يحتضن المؤتمر الطموح، وفي ذلك دعم ووقوف إلى جانبه لاستكمال مراحل استعادة الاستقرار واستكمال بناء مؤسسات دولته، حتى يتعافى نهائياً ويؤدي دوره الإقليمي والعربي بعد عقود من انعدام الاستقرار. وهذه المعاني ترجمها القادة الحاضرون في بغداد بكلمات صادقة، إلى العراقيين بمختلف أطيافهم ليتّحدوا ويبنوا مستقبلهم معاً، من أجل أن يعود بلدهم إلى وضعه الطبيعي في قلب المنطقة وليس على هامش التطورات.
وأكدت الصحيفة، أنه يحق لشعوب المنطقة جميعها أن تتفاءل وأن تستبدل حقبة التوتر والخلافات بعهد واعد يشرق من بغداد، فالمكان له دلالاته التاريخية والحضارية، والمستقبل كالماضي لن يكون إلا مشتركاً وجامعاً لا مفرقاً. وقد تكون هذه هي رسالة المؤتمر الإقليمي الذي نثر زخات من التفاؤل، وأعاد إلى الأذهان الكثير من العلامات المضيئة، فـ"عاصمة الرشيد وبيت الحكمة" يمكن أن تلعب هذا الدور، وتكون جسراً للتواصل والتعاون من أجل مستقبل للمنطقة ينبض بالخير والسلام.
 




شارك برأيك