آخر تحديث :الجمعة 26 ابريل 2024 - الساعة:20:41:03
صحف عربية: بصمة الإخوان حاضرة في أزمات تونس
(الامناء/وكالات:)

أثارت حالة الانهيار الصحي في تونس تحت وطأة تفاقم أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، تساؤلات حول ما آلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية والصحية في تونس، واستمرار حركة النهضة في محاولات استثمار تدهور الأوضاع في البلاد لتحقيق المزيد من المكاسب لخدمة أهدافها.
وسلطت صحف عربية صادرة اليوم الخميس، الضوء على دور حركة النهضة في تغليب مصالحها السياسية، لجني ثمار المرحلة السياسية السابقة، ما أدى لتدهور سريع للأوضاع في تونس كان آخرها الانهيار في المنظومة الصحية.

الانقضاض على الدولة
ورأى الكاتب في صحيفة "الخليج" كمال بالهادي، أن تونس تتجرّع اليوم خيبات الفقر وانتشار الفيروس، وتعيش على وقع كوابيس الديون والأزمات السياسية التي لا تنتهي.
وقال: "رغم هذه الوضعيات المزرية، فإن أتباع حركة النهضة يطالبون الحكومة ويضغطون عليها من أجل التسريع في صرف التعويضات التي تقدّر بأكثر من مليار دولار عمّا يسمونها حقبة الديكتاتورية، وهم يعلمون أن الدولة تعيش هذه الأيام على وقع جمع المساعدات والتبرعات لمقاومة الجائحة المنتشرة".

وأضاف "حتى نستطيع أن نفهم ما يحدث، علينا العودة إلى عام 2011، حين حلت المنظومة الجديدة محل نظام ابن علي، وبداية فرض سياسة التمكين والتعويض من قبل جماعة الإخوان، لأنها تدرك أن الوضع لن يستمر طويلاً تحت إمرتها، الأمر الذي دفعها إلى التسريع في الحصول على المكاسب والامتيازات، برغم كل الجرائم التي تم ارتكابها منذ 2011، في حق الدولة والوطن والشعب".

وتابع "إنه منطق الغنيمة الذي يكبر كلّما ضعفت الدولة، وانهارت أركانها، وعجزت عن مقاومة المشاريع التخريبية، إنه منطق الغاب الذي يحكمه قانون البقاء للأقوى، ويتم تطبيقه بسياسة الإنهاك المستمر للفريسة، ثم الانقضاض عليها والإجهاز على روحها".
وقال: "في ظل تعطّل البرلمان واستمرار مشاهد العنف داخل قبته، فإن التونسيين يشعرون بأنه لم يعد هناك مجال لترك الأمور بيد هذه الطبقة السياسية التي عبثت بكل شيء، وتقود البلاد إلى المجهول".

وأضاف "الضغط يزداد على منظومة الخراب والفساد في تونس، وأصوات الشعب تتعالى في رسالة شديدة الوضوح هذه المرّة، ولسان حالها يقول إما أن يأتي تحرّك من أي جهة، وإما ستكون الشوارع هي الفيصل بين الشعب وبين هذه الطبقة التي تسعى إلى (لبننة) تونس".

قنبلة التعويضات
وقال الكاتب مختار الدبابي في مقال له بصحيفة "العرب" إن الإسلاميين يتقنون عادة لعبة تشتيت التركيز الشعبي على القضايا المهمّة من خلال خلق قضايا ثانوية يتم جر الناس لمناقشتها وتوليد قضايا جزئية أخرى للابتعاد عن القضية التي تراكم غضبهم أو تدفعهم إلى التحرك الاحتجاجي.

وأضاف "في قمة الغضب الشعبي على ضعف أداء حكومة هشام المشيشي في مواجهة الأزمة الصحية، ألقت حركة النهضة بموضوع الحكومة السياسية مرسلة بإشارات إلى المعارضة بهدف إغرائها بشراكة جديدة في الحكم على شاكلة حكومة إلياس الفخفاخ وإعادة بناء حزام ثوري من حول الرئيس قيس سعيد".

وتابع "في الوقت الذي بدا فيه أن الحكومة السياسية لا تجد أي دعم من أي جهة، وأن حركة النهضة هي فقط من يتفاعل بالتصريحات من مبادرتها، ألقى عبدالكريم الهاروني رئيس مجلس شورى حركة النهضة، بموضوع التعويضات مثل قنبلة لتنفجر في وجه الحركة وقياداتها قبل غيرهم".

وأشار إلى أن دائرة الغاضبين على القيادة الحالية تزداد حتى من داخل النهضة وتشكل تياراً يضغط لأجل وقف مسار التنازلات الذي تسير فيه النهضة، ويدفعها نحو التشدد في الحكومة والعودة إلى ما يعرف بالمسار الثوري.
وأوضح أن حركة النهضة كانت تسعى لتطويق أزمات الداخل من خلال تحريك قضية التعويضات مجدداً، فأشعلت ناراً خارجية تهدد بحريق يطال كل المكاسب التي حققتها من وراء مشاركتها في الحكومات التي تلت الثورة سواء بشكل مباشر أو خفي.
وأضاف "ليست المشكلة في مسار العدالة الانتقالية ولا في التعويضات التي أقرتها هيئة الحقيقة والكرامة، ولكن في التوقيت الذي تزامن مع وضع تواجه فيه تونس أزمة كوفيد – 19 بآليات وإمكانيات محدودة، ما حدا بنصاف بن علية المتحدثة باسم وزارة الصحة إلى إعلان أن المنظومة الصحية في البلاد قد انهارت".

ولفت إلى أنه رغم محاولة بعض قيادات النهضة تلطيف ما حدث، إلا أن ذلك كله لم يشفع لوقف الحملة المضادة التي تصور الإسلاميين في صورة قطاع طرق همهم الوحيد هو تحويل ميزانية الدولة لحسابهم الخاص بقطع النظر عن أوضاع الناس.

إسقاط حكومة الفخفاخ
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اتهام أحد أعضاء حكومة إلياس الفخفاخ، التي أُطيح بها السنة الماضية من تسيير دواليب الحكم في تونس، راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، ورئيس البرلمان، بالإشراف المباشر على إسقاط الحكومة السابقة، التي تم التخلي عنها إثر اتهامها بتضارب المصالح، والاستفادة من المنصب الحكومي لعقد صفقات تجارية مع الحكومة.

وقالت: "سبق أن اتهمت عدة أطراف سياسية معارضة قيادات حركة النهضة بتضييق الخناق على الفخفاخ، الذي اختاره الرئيس التونسي قيس سعيد لتسيير الائتلاف الحكومي، لكن تبقى هناك أسباب أخرى تتجاوز تهمة تضارب المصالح التي كانت وراء الإطاحة بتلك الحكومة".

وقال فتحي التوزري، مدير ديوان إلياس الفخفاخ، في تصريح إعلامي، إن الحكومة السابقة كانت تمثل فرصة حقيقية أمام تونس لتغيير واقعها الاجتماعي والاقتصادي، لكن عدة أطراف سياسية ساهمت في إهدار هذه الفرصة، وهو ما تسبب في الإطاحة بها.
وحول الأسباب الخفية التي دفعت حركة النهضة ورئيسها إلى إسقاط حكومة الفخفاخ، أكد التوزري أن ذاك القرار يعود إلى أن حكومة الفخفاخ لم تكن طيعة، على الرغم من وجود تعاون متواصل بين رئيس الحكومة آنذاك ورئيس البرلمان وبقية الأطراف السياسية.

ولفت التوزري إلى برمجة مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية التي كانت حكومة الفخفاخ تنوي القيام بها، وقال إنها كانت ستلعب دوراً مهماً في تعزيز الثقة بين مؤسسات الدولة، وأنها نجحت خلال فترة عملها في الحد من التأثيرات السلبية لجائحة كورونا.



شارك برأيك