آخر تحديث :الاثنين 23 ديسمبر 2024 - الساعة:17:11:35
صحف عربية : أفغانستان تتجه نحو الماضي
(الامناء/وكالات:)

اتسعت نطاق سيطرة طالبان على أفغانستان، مع اقتراب الانسحاب النهائي للقوات الأمريكية والأطلسية من البلاد بعد عقدين من الحرب، وسط ترقب وقلق دولي لما ستؤول عليه الأوضاع في المستقبل.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الإثنين، كشفت مصادر أن قرار الانسحاب الأمريكي من أفغانستان عبرة عن فشل سياسي، فيما حذرت أخرى من الفراغات التي ستترك في البلاد وتحولها إلى أرض مفتوحة للصراعات.

فشل سياسي
في صحيفة العرب اللندنية، قال خير الله خير الله "لم يعد مستقبل أفغانستان معروفاً بغض النظر عن التصريحات المتفائلة للرئيس جو بايدن، فحركة طالبان ستتمكن عاجلاً أم آجلاً من وضع يدها على كلّ أفغانستان، وستكتفي في المستقبل المنظور بمحاصرة كابل في انتظار سقوطها على نحو تدريجي".
وأضاف أنه "في محاولة لرفع معنويات الجنود الأمريكيين، تحدّث بايدن عن انتصار في أفغانستان، نعم، لقد حققت القوات الأمريكيّة انتصاراً عسكرياً مؤقتاً في أفغانستان، لكنها فشلت سياسياً إذ لم تستطع إقامة نظام سياسي قابل للحياة بعد إخراج طالبان من كابل".
وأوضح الكاتب أن هناك مخاوف حقيقية من عودة أفغانستان مأوى للتنظيمات الإرهابيّة من نوع القاعدة وما شابهها، وتساءل قائلاً "لا شكّ أن هذا الانسحاب سيترك فراغا، هل تستطيع حركة طالبان ملء هذا الفراغ، أم ستتحوّل أفغانستان إلى أرض مفتوحة لصراعات ذات طابع إقليمي؟".

وأشار إلى أن هناك دول عدّة تتأثّر بما يدور في أفغانستان، في مقدّمتها باكستان والهند وإيران وتركيا وروسيا والصين، حيث لكلّ من هذه الدول حساباتها التي ستجعل الوضع الأفغاني أكثر تعقيداً في المستقبل، خصوصاً في ظلّ كلام كثير عن تمكّن إيران من إيجاد تحالفات جديدة في الداخل الأفغاني، وعن طموحات تركيّة إلى دور على الأرض يشمل إرسال قوّات لتأمين مطار كابل.

وتابع "الفشل الأمريكي في أفغانستان والعراق واحد، إنّه فشل سياسي، في أساس هذا الفشل العجز عن إقامة نظام جديد قابل للحياة في أيّ من البلدين، على الرغم من تحقيق انتصار عسكري في كليهما، وتدفع إدارة بايدن حالياً ثمن هذا الفشل المزدوج الذي لا تبرير له".

اجتياح لمحورين
وبدوره، قال سام منسى في حصيفة الشرق الأوسط "بعد 19 عاماً على غزو أفغانستان، لا بد من وقفة أمام ما سيترتب على انسحاب أمريكا بالطريقة المستهجنة التي يحصل بها؛ ويلفتنا أمران: الأول هو محاولة طالبان الاستيلاء على مزيد من الأراضي، والأمر الثاني هو توقع استيلائها على السلطة، وعودة نظام الإمارة الإسلامية الطالباني".

وأضاف "صحيح أن واشنطن هي الجهة الأقل تضرراً من الانسحاب، على العكس من دول جوار أفغانستان، إنما الصحيح أيضاً أن غزوها لهذا البلد والحملة الدولية ضد الإرهاب التي قادتها لم تسفر عن أي مكاسب استراتيجية، واقتصرت مآلاتها على نجاحات تكتيكية محصورة ضد القاعدة، ومقتل أسامة بن لادن في مخبئه الباكستاني".

وأوضح أن انسحاب أمريكا ومعها الغرب، سيترك الساحة لاجتياح محورين: الأول تمثله روسيا والصين، وهما دولتان محكومتان بديكتاتوريات، ولو متباينة، جامعها المشترك عداؤها لليبيرالية والديمقراطية الغربية، وهما أقرب الأنظمة إلى الإنسانية.
وأما المحور الشرقي الثاني ستمثله أفغانستان تحت حكم طالبان، وإيران تحت حكم الملالي، إذ يقدم في المحصلة آيديولوجيتين أصوليتين متشددتين عنيفتين، وهذه النماذج مجتمعة غير قادرة على، ولا حتى راغبة في أن تقدم لمجتمعاتها ما تحتاج إليه وما تتطلع إليه.

ولفت الكاتب إلى أن هذا الانسحاب معطوفاً على الانسحابات الأخرى، دليل آخر على فشل الحروب الأمريكية التي تنتهي قبل أن تبدأ، وهذا الفشل ليس فشلاً عسكرياً وأمنياً بقدر ما هو فشل سياسي واستراتيجي، بحيث تبدو المحصلة السياسية لتدخلاتها العسكرية في المنطقة صفراً مكعباً".

دلالات الانسحاب
ومن جهتها، ذكرت انتصار البناء في صحيفة الرؤية أن قوات الناتو أعلنت أنها ستكمل انسحابها من المناطق الأفغانية بحلول 11 سبتمبر(أيلول) المقبل، أي بعد مرور 20 عاماً على الغزو الأمريكي لأفغانستان وانخراطها في حرب ضد جماعات القاعدة وطالبان، التي وصفت بأنها الأطول في تاريخ أمريكا، ولن يبقى إلا بضع مئات من الجنود الأمريكان ومن عدة جنسيات أخرى لحماية مطار كابول، والسفارة الأمريكية في أفغانستان.

وأشارت إلى أن العديد من المحللين من وسائل الإعلام الغربية، وصفوا إعلان انسحاب الناتو من أفغانستان بأنه تسليم رسمي لأفغانستان إلى يد طالبان، بعد حرب دامية راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأفغان والآلاف من الجنود الأجانب والأمريكان بالدرجة الأولى.

وقالت الكاتبة "على الرغم من الاتفاقات الموقعة التي تعهدت بها جماعة طالبان للأمريكان وللحكومة الأفغانية، بالجنوح نحو السلم، إلا أنها شنت عدة هجمات ضارية ضد العاصمة كابول وعدة أقاليم أفغانية أخرى، ما قد يعني أن طالبان تعمل تدريجياً على الحلول محل القوات الأجنبية، وهو ما يخالف اتفاقاتها وما قد ينجم عنه عودة الحرب الأهلية الأفغانية بصورة أشد شراسة ودموية من تاريخها السابق لعقود، كما يتكهن العديد من المحللين".

وأضافت "انسحاب قوات الناتو، وخصوصاً القوات الأمريكية، لا يخلو من دلالات كثيرة حول أهداف الحرب الحقيقية، ومشاريع المرحلة المقبلة لتلك الرقعة الجغرافية، كما لا يخلو من عبر ودروس علاقة القوى الغربية بالجماعات الإسلامية المتطرفة، فالسردية الأفغانية الطويلة لتاريخ الجماعات الجهادية فيها تشير إلى حالة تفاهم صاخب بين الغرب والجماعات المتطرفة، فأغلب تلك الجماعات تأسست بدعم غربي، مثل القاعدة، ثم دخلت في خلاف وحروب طاحنة مع الغرب، ثم انخرط الفريقان في مفاوضات وتفاهمات، انتهت بتصريحات طيبة من كلا الطرفين تجاه الآخر".

دفاع أمريكي
وأما في صحيفة النهار اللنانية، فقد تطرق هشام ملحم إلى دفاع الرئيس بايدن بقوة عن قراره سحب كل القوات الأمريكية من أفغانستان في نهاية الشهر المقبل، رافضاً الطروحات القائلة بأن قوات حركة "طالبان" التي حققت انتصارات ميدانية كبيرة في شمال البلاد، سوف تصبح قريباً في وضع يسمح لها باحتلال العاصمة كابول.
وقال "خطاب بايدن كان واضحاً في مضمونه وقوياً في لهجته، لا بل إن أجوبته الدفاعية خلال فترة الأسئلة والأجوبة التي أعقبت الخطاب، لم تترك أي مجال للشك بأن موقفه نهائي وغير قابل لأي تعديل".

وأضاف "إصرار بايدن على الانسحاب الكامل والسريع، وفي غياب تفاهم سياسي بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية، فاجأ المسؤولين في كابول، وفي الدول المحيطة بأفغانستان، كما فاجأ أيضاً الحلفاء في الناتو الذين أرسلوا قواتهم الى أفغانستان لتحارب مع الأمريكيين لعقدين من الزمن".

وأشار الكاتب إلى أن الانسحاب الأمريكي سوف يخفف من الضغوط على حركة "طالبان" للدخول في أي مفاوضات جدية مع حكومة الرئيس أشرف غاني في كابول، خاصة أنها تواصل تحقيق تقدمها الميداني، موضحاً أنه في حال انهيار السلطة في كابول وسقوط العاصمة في أيدي "طالبان"، سوف يتعرض بايدن للانتقادات من الأفغان المهزومين ومن حلفاء واشنطن في آسيا والشرق الأوسط، بأن واشنطن قد تخلت عن حلفائها الأفغان وتركتهم تحت رحمة أعدائهم.
 




شارك برأيك