آخر تحديث :الاثنين 23 ديسمبر 2024 - الساعة:16:36:35
صحف عربية : الميليشيات العراقية.. "مقاومة" مأجورة
(الامناء/وكالات:)

يبدو أن العراق بات مقبلاً على فوضى الميليشيات المسلحة مع تنامي قدرتها العسكرية مؤخراً وإقدامها على تكرار عمليات عسكرية غير منظمة تخدم أهدافاً عشوائية، وهو إن صح التعبير مجرد فصل من مسلسل أفول شعارات الجماعات الأيديولوجية، والتحوّل علناً إلى جماعات تستهدف المال والنفوذ بأي طريقة كانت.

وبحسب صحف عربية صادرة، اليوم السبت، لم تعد أوامر المسؤولين الإيرانيين تجد صداها بالكامل لدى الميليشيات الموالية لها في العراق، وهو ما كشفت عنه الزيارات الأخيرة التي قام بها مسؤولو الحرس الثوري إلى بغداد للضغط من أجل التهدئة مع الولايات المتحدة إلى ما بعد المحادثات النووية، إلا أن ردود الميليشيات جاءت عكس ذلك تماماً.

قواعد الاشتباك
من جانبها أوضحت صحيفة "العرب" اللندنية أن أوامر رئيس جهاز الاستخبارات في الحرس الإيراني حسين طائب للميليشيات تقضي بالتهدئة، خلال زيارته لبغداد قبل أيام، لم تلقى آذاناً صاغية، إلا لدى كتائب حزب الله العراق، التي دعا قائدها المعروف بــ"أبو علي العسكري" إلى رفض استهداف البعثات الدبلوماسية داعياً بقية الفصائل إلى ما أسماه "حفظ قواعد الاشتباك وعدم حرق مراحل المعركة مع العدو".

وأكد مراقبون أن الهدف من تصريحات العسكري رفع الحرج عن إيران في العلاقات مع الولايات المتحدة، لكن لا أحد يأخذها على محمل الجد خاصة أن الميليشيات باتت تتعمد التحرك بشكل منفرد، وتنفذ عملياتها في أي وقت دون أن تأخذ في الحسبان ردود الفعل الخارجية، بما في ذلك ما يتعلق بتحفظات إيران نفسها.

وبدا واضحا أن كلام العسكري هو "مناورة ظرفية"، وهو ما يعني أن خيار التصعيد قائم بقطع النظر عما قاله رئيس استخبارات الحرس الثوري. فيما يرى مراقبون أن الهدف الأول للمجموعات الموالية لإيران هو "تفادي خسارة مصداقيتها داخل قاعدتها الشعبية" في العراق بالتزامن مع تراخي قبضة إيران على الميليشيات إلى جانب أن دعمها لم يعد سخياً كما كان في السابق بسبب العقوبات وتأثير الأزمة الاقتصادية والصحية جراء انتشار وباء كورونا، فضلا عن ثقل تكاليف الحرب في اليمن وسوريا، ما جعل قادة الفصائل يرسمون خططاً خاصة لتحصيل دعم إضافي.

الظروف المحيطة
صحيفة "النهار" اللبنانية أشارت إلى أن معادلة الميليشيات المسلحة ومسألة تعاطيها لمجمل الأوضاع والظروف المحيطة حالياً يفرض عليها تحولاً على صعيد الشكل والمضمون معاً، فيما يتندّر العراقيون على "مانشيتات" الأخبار المتكررة، والتي تتحدث عن سقوط صواريخ "في محيط" السفارة الأمريكية، حيث أصبح "المحيط" تدريجياً الهدف الأكثر إصابة بدلاً من الهدف المفترض وهو مبنى السفارة.

ونبهت الصحيفة لمسألة عدم إصابة الفصائل المسلحة أهدافها، يحمل تفسيرين، حيث يعتقد فريق أن أسلحة تلك الفصائل عاجزة بالفعل عن إصابة الأهداف، خاصة مع وجود منظومة "سي رام" المضادة للصواريخ في محيط السفارة الأمريكية، فيما يرى آخرون أن تلك الفصائل تتعمد عدم التسبب بأضرار في مبنى السفارة خشية رد الفعل الأمريكي، وهو ما ظهر جلياً حين لمّحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى إمكانية إغلاق السفارة الأمريكية في بغداد، لتتزاحم تصريحات الساسة القريبين من طهران، ضد قرار الإغلاق.

وأكدت الصحيفة أن زعماء الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، والتي ينضوي كثير منها في هيئة "الحشد الشعبي"، يجرون مناورات بشأن علاقتهم بتلك الهجمات، حيث يسارعون إلى نفي علاقتهم بعمليات القصف حين تعلن السلطات عن سقوط مدنيين، بينما يلتزمون الصمت في حالات أخرى، مع استمرار منصاتهم الإعلامية "الظليّة" أو المباشرة، بمباركة تلك الهجمات وتبنيها. وهو ما يظهر أن تلك الفصائل حين تشكّلها بوصفها جماعات مسلحة، أيديولوجية ومتشددة، بدأت خلال السنوات الأخيرة بالنزوع نحو الابتعاد عن الشعارات الرئيسة، والميل إلى تشكيل اقتصاديات كبرى بالاستفادة من مقدرات بلد "مليء بالأموال" مثل العراق.

نُذر المواجهة
على صعيد متصل تناولت صحيفة "الشرق الأوسط" الانتخابات العراقية المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) القادم، بذكر أن كبار المرشحين لهذه الانتخابات سواء من القوى التقليدية التي تسيدت المشهد السياسي والانتخابي في العراق منذ أول انتخابات تشريعية في البلاد عام 2005 إلى آخر انتخابات مشكوك في كل شيء فيها عام 2018 أم ممن يجربون حظهم للمرة الأولى، رصدوا مبالغ طائلة من أجل ضمان الفوز، في وقت بدأت تتصاعد نذر مواجهة بين واشنطن وخصومها في العراق من الفصائل المسلحة.

وأوضحت الصحيفة أنه وبينما كانت الخشية قائمة أصلاً من "السلاح المنفلت" الذي يخشى أن يهيمن على جو الانتخابات، فإن المخاوف اليوم باتت أكثر وضوحاً من إمكانية حصول مواجهة مفتوحة ما يتعذر معه إجراء الانتخابات أصلاً. الأشهر الطويلة من الحملة الدعائية من شأنها توفير مزيد من الضغوط على الجماهير أو في يوم الاقتراع وذلك لجهة إما منع الناس من الوصول إلى مراكز الاقتراع أو التأثير عليهم بهدف حملهم على الاقتراع لصالح أطراف بالضد من أطراف أخرى.

ونبهت الصحيفة إلى أن "انتشار السلاح المنفلت وتزايد نفوذ الميليشيات، لا يوفران بيئة آمنة لانتخابات نزيهة وعادلة"، فيما يهدد السلاح الجديد عبر الطائرات المسيّرة التي استخدمتها الفصائل في حربها ضد الوجود الأمريكي في العراق بوضع الانتخابات رهن تلك المواجهة. وتتحمل الحكومة مسؤولية تنامي قوة الميليشيات نتيجة لضعف إجراءات الحكومة في وضع حد لممارسات الميليشيات التي لا تلبي مصالح وطنية وإنما تعكس الرغبات الإيرانية التي ترتبط بها هذه الميليشيات لاستخدامها ورقة في مفاوضاتها مع واشنطن حول الملف النووي.




شارك برأيك