آخر تحديث :الاحد 14 يوليو 2024 - الساعة:09:47:36
صحف عربية: "النهضة" الإخوانية تسدّ الأفق السياسي في تونس
(الامناء/وكالات:)

لا يزال المشهد العام في تونس يوحي بما هو أقرب إلى "حرب ضد الكل" بين قمم الهرم السياسي، بعد اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد ورئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، في ظل الأوضاع الصحية المتدهورة التي تعيشها البلاد.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الأحد، اعتبرت مصادر أن اللقاء بين الطرفين كان مناسبة للإعلان عن موقف الرئيس الثابت الذي لا يقبل التنازل أو التراجع، فيما تحدثت أخرى عن غياب الرقابة الأمنية والانفلات الذي وصلت إليه الدولة إثر حادثة دخول إرهابي خطير عبر مطار قرطاج.
قضية عادلة
في صحيفة البيان، قال هاشم النويرة "انعقد أخيراً في تونس لقاء بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد ورئيس حركة النهضة الإخوانية الذي يشغل خطّة رئيس مجلس نواب الشّعب، وهو اللقاء الأول منذ ما يزيد على الستّة أشهر، حيث يبدو من خلال التسريبات والمعلومات الشّحيحة أنّ اللقاء كان مناسبة عرض فيها الرئيس رؤيته لحلحلة الأوضاع المتأزّمة في تونس".
وأضاف "جاءت مواقف الرئيس بحسب المعلومات ذاتها واضحة وجليّة، ولم تخرج عن احتمالين اثنين: فإمّا أن تتحمّل حركة النهضة الإخوانية مسؤولية الحكم بصفتها الحزب الفائز في الانتخابات، وتُشكّل بالتالي حكومة جديدة تختار نوعها وتركيبتها ورئيسها وتتحمّل مسؤوليتها بالكامل أمام التونسيين، أو أن يتحمّل رئيس الجمهورية المسؤولية في اختيار الشخصية التي يراها الأكفأ والمناسبة لتشكيل الحكومة".
وأشار الكاتب إلى أن "النهضة الإخوانية" لن تُغامر مطلقاً بإعادة المبادرة مجدّداً إلى رئيس الجمهورية، وعلى الأغلب ستبحث إمكانية تحمّلها مسؤولية الحُكْمِ في ظرف اقتصادي واجتماعي وسياسي وإقليمي مأزوم.
وأوضح أنّ رئيس الجمهورية لا يزال مصرّاً على رفض استمرارِ وضعٍ هجينٍ تتخفّى فيه حركة النهضة الإخوانية وراء لفيف من الأحزاب والشخصيات المغامرة، التي تنتهي صلاحيتها وحتى وجودها بمجرّد انتهاء المصلحة منها.
وتابع "حركة النهضة الإخوانية وشيخها راشد الغنّوشي في وضع لا يحسدان عليه، فإمّا تحمّل مسؤولية الحكم كحزب فائز في الانتخابات في ظرف اقتصادي واجتماعي وسياسي يقود حتماً إلى الفشل والمهلكة السياسية، أو إرجاع الأمر إلى رئيس الجمهورية الذي يبدو أنّه يحتفظ بورقات رابحة للخروج بتونس من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية والصحّية، وهو ما تخشاه الحركة".
خرق أمني
ومن جهتها، لفتت روعة قاسم في صحيفة النهار اللبنانية إلى حادثة دخول إرهابي تونسي المصنف خطيراً إلى الخضراء عبر مطار قرطاج الدولي من دون جواز سفر ولا القيام بالإجراءات الإدارية والأمنية المعمول بها، التي أصابت التونسيين بالصدمة والذهول وهم الذين لم يعتادوا على مثل هكذا اختراقات في السابق.
وقالت إن "المتأمل في الأحداث السياسية والأمنية التي شهدها البلد منذ صعود حركة النهضة الإخوانية إلى الحكم بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عام 2011، لا يستغرب ما حصل في مطار قرطاج الدولي، فقد بات الإرهاب يعيش عصره الذهبي في تونس ويجد حاضنته داخل فئة من الطبقة السياسية، من وزراء حرّضوا في المساجد على ما سموه (الجهاد في سوريا)، ونواب اختلقوا خلافات مع عناصر أمن المطار لتسهيل عبور مشتبه فيهم بالضلوع في عمليات إرهابية، ورؤساء أحزاب سياسية يصرحون من دون خجل أو وجل أن هؤلاء التكفيريين يذكرونهم بشبابهم، وغيرها من الممارسات التي لم يألفها التونسيون في ما مضى".
وأضافت "ما من شك أن عملية العبور لهذا الإرهابي سيتم تجاهلها إعلامياً قدر المستطاع بضغط من التيار الإخواني، حتى تجد مكاناً لها في غياهب النسيان على غرار العديد من الجرائم الإرهابية التي شهدتها تونس في السنوات العشر الأخيرة ومنها ملف الاغتيالات السياسية"، مشيرة إلى أن التحقيق الذي أذنت بفتحه النيابة العمومية حول الموضوع سيتعرض إلى كثير من التعطيل وسيطول به الأمد، بسبب اليد الطولى التي للبعض على فئة داخل الجهاز القضائي.
وأوضحت "إن ما يحصل في تونس من اختراقات أمنية ومن تسلل للإرهابيين العائدين من سوريا وليبيا يهدد كيان الدولة برمته وينبئ بحصول كارثة كبرى بكل ما للكلمة من معنى، وما لم تتحرك الأطراف الوطنية وأحرار هذا البلد في مختلف المواقع لإيقاف هذه المهزلة، فإن الأمور ستتطور نحو الأسوأ وتخرج عن السيطرة ولن ينفع وقتها الندم".
انسداد سياسي
وبدوره، قال عبدالجليل معالي في صحيفة الرؤية "بعد أشهر من الانسداد السياسي في تونس، قدَّمت حركة النهضة مبادرة خجُولة إلى الرئيس قيس سعيّد، كانت عبارة عن لقاء جمع الإثنين الماضي، القيادي النهضوي السَّابق لطفي زيتون مع سعيّد، غايته ترتيب لقاء مع زعيم الحركة راشد الغنوشي".
وأضاف "قد يبدو عادياً أن يتوسط سياسي من أجل تحريك المياه الراكدة، لكن المطلع على تفاصيل الأزمة يدركُ أن النهضة لم تعد تتحمّل بدورها وضع لا غالب ولا مغلوب".
وأشار الكاتب إلى أن الانسداد السياسي تزامن مع أزمة اقتصادية واجتماعية وصحية عميقة، فرض على حركة النهضة أن تتحرك في كل اتجاه بحثاً عن حلّ يقيها ما قد يترتب عن انفجار اجتماعي لن يسعف أحداً من مآلاته، لكنه سيصوب كل شظاياه صوب الحركة التي تهيمن على الحكم منذ سنوات.
وأوضح "دأبت النهضة على المرابطة في ربوة تتيح لها الحفاظ على الحكم والتملص مما يفرضه ذلك من مسؤولية، ومن المسافة الفاصلة بين الحكم ومسؤولية الحكم استطاعت اختراق كل هياكل الدولة، ولذلك فإن أيَّ حوار مع النهضة وفق شروطها لن يوفر أي حلٍّ للأزمة، بل سيمد طوق نجاة إلى الحركة التي تتقن الانحناء عند العواصف".
وأردف قائلاً "الحوار الذي من شأنه أن يفتح باب أمل أمام التونسيين، هو الحوار الذي يشخص مظاهر التردي تشخيصاً دقيقاً ويحاسب كل من تسبب في صنع الأزمة، ودون ذلك تصبح كل المبادرات الراهنة مجرد إنقاذ للنهضة بدل إنقاذ البلاد".
الدعوة إلى هدنة
وأما أسامة رمضاني فقد تطرق في صحيفة العرب اللندنية، إلى الوضع الصحي الاستثنائي الذي تشهده تونس بعد تفاقم انتشار فيروس كورونا.
وقال "كتب وقيل الكثير عن غياب الرؤية وفتور العزيمة لدى السلطات، في ما يتعلق باستجلاب الكميات الكافية من التلاقيح منذ السنة الماضية، مما يفسر اليوم كون أقل من نصف مليون شخص فقط تلقوا جرعتين من التطعيم من جملة 11 مليون ساكن، كما قيل وكتب الكثير أيضاً عن ضعف البنية التحتية الصحية التي عرتها الجائحة، بنية صحية تتقاطع في كثير من الأوجه مع خارطة الفقر وانعدام التوازن التنموي بين الجهات".
وأضاف "اليوم بدخول سلالات جديدة من كورونا على الخط وتسارع وتيرة الإصابات بنسق يفوق قدرة المسؤولين والخبراء الصحيين على تعهد وعلاج المرضى، أصبحت البلاد على أرض الواقع أمام حالة طوارئ صحية قصوى، حتى وإن كانت الدولة لم تعتمد هذا التوصيف من الناحية القانونية والرسمية، نتيجة تأخير تصويت البرلمان على التشريع المتعلق بالموضوع".
وتابع الكاتب "من الواضح أن الوضع الاستثنائي الحالي يتطلب مقاربة استثنائية تتواءم والظرف الحالي، من جملة ما يمكن أن تعنيه مثل هذه المقاربة الاتفاق على هدنة تضع أوزار الحروب الباردة التي تشق الصفوف، حتى إن كانت هدنة وقتية تؤجل الصراعات إلى حين، إذ ليس هناك اليوم من أولوية سوى العمل على تعبئة كل الإمكانيات للدولة والقطاع الخاص والمجتمع لمقاومة الجائحة".
وأشار إلى أن الهدنة التي تحتاجها البلاد سياسية واجتماعية وكذلك إدارية، إضافة إلى تأجيل الصراع المحموم على السلطة لا بد من تعليق الإضرابات العمالية والاحتجاجات المهنية بضعة أسابيع وأن تتوقف البيروقراطية عن خنق مجتمع مرهق.
وأوضح أن الدعوة إلى هدنة وإلى حشد الجهود ليست ضرباً من ضروب الطوباوية بل هي من إملاءات الواقع، فالحكومة وحدها لن تستطيع مقاومة الجائحة بنجاح، ولن يستطيع المجتمع المدني تعويضها في هذه المهمة، ولن تستطيع الطواقم الطبية رغم كفاءتها وشجاعتها مواصلة حمل كل العبء على أكتافها.



شارك برأيك